لجريدة عمان:
2025-04-17@14:27:17 GMT

الأفكار الضالة في عصر التكنولوجيا

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

لم يكن الأمر مستغربا أن تتعرض بلادنا لمثل هذه الهجمات من الأفكار الضالة المنحرفة عن الفطرة والمشترك الإنساني في حادثة الوادي الكبير، فنحن نعيش أزمنة صعبة في منطقة تعج بالاضطراب السياسي والفكري وصراعات المصالح المعقدة، بل إن هذه الأفكار والأيديولوجيات والدول الرامية لزعزعة أمن المجتمعات، وضرب السلم الأهلي وتقويض الحكومات ونشر الفوضى والدمار والخراب ربما ستتزايد حدة وحضورا على المستوى الإقليمي والدولي.

لقد أتاحت مختلف التقنيات وتكنولوجيا الاتصالات مخارج جديدة لأصحاب الفكر الضال والمنحرف لاستغلال تلك المنصات بهدف استقطاب وتجنيد المغرر بهم من مختلف الفئات المجتمعية والتعليمية والعمرية حيث نجد أمثلة كثيرة في التنظيمات الإرهابية على وجود فئات متعلمة ومتخرجة من جامعات عريقة، ينتمي بعضها لأسر ثرية للغاية، وبالتالي فإن السقوط في فخ الأفكار الضالة والمنحرفة ليس حكرا على مجموعة أو أفراد أو طائفة أو مذهب أو عرقية أو جنسية أو دولة.

ولعله من المفيد التعريج على التحول التاريخي في الحياة الإنسانية فيما يخص البعد التقني والتكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي خاصة لدى ما يسمى الآن بالجيل زد (Generation Z) والذين يعرفهم البعض أنهم الجيل الذي ولد في أواخر التسعينات أو مطلع القرن الواحد والعشرين، إذ يشير الكاتب جوان هاديت في كتابه «الجيل القلق» إلى التحولات في حياة هذه الشرائح من «الطفولة المتمحورة حول اللعب» إلى «الطفولة المتمحورة حول الهاتف» والتي يقصد بها ارتباط حياتهم المباشر معظم الوقت بكافة أنواع الأجهزة الإلكترونية الشخصية التي تملأ وقت هؤلاء الناشئة والمراهقين والشبان بما فيها الأجهزة المحمولة واللوحية والألعاب الإلكترونية المرتبطة بالإنترنت والهواتف الذكية وتطبيقاتها المتعددة.

في ذات السياق، يشير موقع ( whatsthebigdata.com ) أن الجيل المذكور يقضي نحو سبع ساعات يوميا على الشاشة وتصفح الهواتف الذكية معظمها على تطبيقات التواصل الاجتماعي وشبكات البث التلفزيوني.

وفي وثيقة للمفوضية الأوروبية نشرت على موقعها في الانترنت بتاريخ 7 فبراير 2024، تناولت التحديات المتزايدة حول مكافحة التطرف خاصة بين تداخل وصعوبة الفصل بين البعد المتصل بالإنترنت وخارجها والذي أفضى إلى جعل الانترنت مصدرا رئيسيا للتهديد والمخاطر وكذلك عنصرا ضروريا للجهود الاستباقية والحمائية، منبها أن الانترنت رغم فوائدها الجمة إلا أنها تعتبر الوسيلة الأكثر أهمية لدى الإرهابيين لبث وإيصال المواد الدعائية والمحتوى المتطرف والذي أصبح مصدرا رئيسيا للجنوح نحو التطرف والأفكار الضالة ومصدر إلهام لشن الهجمات العنيفة. وأضاف أن الخطوط الفاصلة بين المنظمات الإرهابية بما فيها المنظمات اليمينية واليسارية والفوضويين والمنظمات الجهادية والأيديولوجيات الأخرى، من المرجح أن تصبح أكثر ضبابية وتشويشا في المستقبل. وقد لوحظ ظهور مشتركات ونقاط تلاق في أوساط المنظمات الإرهابية والعنيفة والمتطرفة على مختلف الأطياف الأيديولوجية في دول الاتحاد الأوروبي.

يلفت التقرير أيضا إلى مسألة ظهور أنماط جديدة من العنف المتطرف مثل العنف الذي يستهدف الأنظمة والحكومات، والذي لا يعزى أو يرتبط بأيديولوجيا معينة ويستمد دوافعه غالبا من نظريات وأدبيات المؤامرة، إلى جانب تزايد التهديد الذي يشكله النشطاء المنفردون (يسميهم البعض بظاهرة «الذئب المنفرد» وهم أشخاص يقومون بهجمات بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، كما يطلق هذا الوصف أيضا على هجمات فردية تنفذها مجموعات صغيرة من شخصين إلى خمسة كحد أقصى) أو الخلايا الصغيرة .

وتبرز مع هذه الظواهر أسئلة جوهرية حول ما الذي يغري كوادر وشرائح تلقت تعليما نوعيا وتحمل شهادات علمية رفيعة ومن جامعات مرموقة وتشغل وظائف مجزية أن تنزلق لمثل هذه المنزلقات الخطيرة والانتماء لتنظيمات دموية عنيفة تحكمها ثقافة الموت والإقصاء؟ مضحية بكل شيء بداية بالنفس والأسرة والوطن وكل ما يشكل خطا أحمر في حياة الإنسان السوي.

من الملفت أن دراسة أجراها البنك الدولي قبل سبع سنوات (شملت وثائق مسربة تعود لتنظيم داعش) نشرت على صحيفة الجارديان بتاريخ 5 أكتوبر 2016 حول التنظيم، أشارت أنه لا توجد علاقة واضحة مؤكدة بين الفقر والمستوى التعليمي عندما يتعلق الأمر بالنزوع للتطرف، بل إن نسبة كبيرة بحسب التقرير عندما تم سؤالها من قيادات التنظيم حول طبيعة العمل أو النشاط الذي يرغبون في القيام به، تبين أنه كلما كان المستوى التعليمي للمجندين مرتفعا كلما أظهروا ميلا أكثر لتولي مسؤوليات ضمن المستويات الإدارية والعمل كمقاتلين انتحاريين، مشيرا أن مجندي التنظيم القادمين من إفريقيا وجنوب وشرق آسيا والشرق الأوسط كانوا الأكثر تعليما بمراحل قياسا بغيرهم. كما تظهر البحوث اللاحقة أن دوافع المجندين والمتطوعين للانضمام لمثل هذه التنظيمات الإرهابية تتسم بالتعقيد وتختلف من منطقة صراع وأخرى. بالمقابل فإن عددا كبيرا من المنضمّين لتنظيم داعش أتوا من دول غربية ديموقراطية متقدمة ويتمتعون بحقوق سياسة عالية.

وبحسب دراسة قام بها إفرايم بنمليكا (Efraim Benmelecha,b) واستبان إف كلورك (Esteban F. Klorc,d) بعنوان «ما الذي يفسر تدفق المقاتلين الأجانب إلى تنظيم داعش؟» أشارا إلى أن نحو ثلاثين ألف مقاتل أجنبي تدفقوا إلى سوريا والعراق للانضمام الى تنظيم داعش لغاية ديسمبر 2015. ورغم أن غالبية المجندين جاؤوا من الشرق الأوسط والعالم العربي إلا أن العديد من مقاتلي داعش قدموا من الدول الغربية بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي (فرنسا - 1700 مقاتل) و(ألمانيا - 760مقاتلا) و(بريطانيا - 760 مقاتلا) والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزلندا إلى جانب روسيا (2400 مقاتل) وبضع مئات من أندونيسيا وطاجيكستان.

ويخلص التقرير إلى أن جاذبية التنظيم في أوساط المجندين الأوروبيين تعزى إلى صعوبة اندماج أجيال من الشبان المسلمين والتماهي مع طبيعة الحياة في الغرب والإحساس بالعزلة في المجتمعات الأوروبية حيث ينجح التنظيم في استمالتهم عبر آلته الدعائية المعقدة والمتقدمة إضافة إلى استغلال تطبيقات التواصل الاجتماعي للدفع بهم نحو التطرف.

ورغم كل الدراسات المنشورة في هذا الجانب، يصعب الوقوف على ماهية الأسباب التي تدفع أشخاصا على قدر عال من التعليم والتجربة الحياتية إلى الانزلاق لمثل هذا المنزلق الخطير والتحول لآلة قتل دموية لا تفرق بين عدو أو صديق، ويحتاج الأمر إلى مساهمات عميقة من ذوي الاختصاص من علماء النفس والاجتماع والجريمة والقانون والطب لتبيّن هذا التعقيد المروع وطرق احتوائه.

ومن الأهمية البالغة، الخروج من حادثة الوادي الكبير بالعبر والدروس وتسليط الضوء على مواطن الوهن والضعف والقوة في هذا المنعطف التاريخي في المشهد العام بالبلاد، وحتما فإن هناك الآلاف من الأسئلة حول ما حدث ومآلاته ومسبباته وجذوره وتداعياته على الوطن، وبلا شك فإن الأجهزة الأمنية والعسكرية العمانية، وكما عهدها العمانيون ستظل العين الساهرة والقلعة الصامدة على أمن الوطن، وستقوم بدورها المنشود في الرد على كل حاقد وعابث ومتربص، ويؤمل أن تنطلق المراجعات الشاملة من جنبات الوادي الكبير إلى الوطن باتساع أرجائه ومؤسساته وتحدياتها وطموح أبنائه وعزيمة قيادته.

يحيى العوفي كاتب ومترجم عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأفکار الضالة

إقرأ أيضاً:

أمانة التنظيم المركزية بـالجبهة الوطنية تختار 7 قيادات لتفعيل العمل بالمحافظات

القاهرة - مصراوي:

عقدت أمانة التنظيم المركزية بحزب الجبهة الوطنية اجتماعًا ناقشت فيه الهيكل التنظيمي ومهام القيادات التنظيمية المركزية والإقليمية، بهدف تعزيز الانضباط الحزبي وتفعيل دور الأمانات بالمحافظات، وإعداد السياسات والخطط التنظيمية العامة، ومتابعة القطاعات وأداء أمانات التنظيم بالمحافظات، وتم وضع آليات العمل الداخلي للأمانة.

يأتي ذلك استعدادًا للاستحقاقات السياسية المقبلة.

وقسمت الأمانة، برئاسة أمين التنظيم أحمد رسلان، الجمهورية إلى سبعة قطاعات جغرافية، يُكلَّف مسؤول عن متابعة كل قطاع من قبل أمانة التنظيم المركزية، بهدف تعزيز الانضباط الحزبي، وتفعيل دور الأمانات، وضمان تنفيذ التوجيهات المركزية بكفاءة وفعالية على مستوى الجمهورية، وذلك سعيًا لتطوير العمل الحزبي وتلبية تطلعات المصريين واحتياجاتهم من الحزب.

وتم تشكيل القطاعات من:

الخضر إبراهيم: مسؤول متابعة القاهرة الكبرى

اللواء محمد الزياتي: مسؤول متابعة محافظات غرب الدلتا

النائب السيد حجازي: مسؤول محافظات وسط الدلتا

النائب إبراهيم الرفيع: مسؤول متابعة محافظات شرق الدلتا

النائب محمد مصطفى سليم: مسؤول متابعة محافظات جنوب الصعيد

النائب خالد فهمي: مسؤول متابعة محافظات وسط الصعيد

الدكتورة سارة جاد المولى: مسؤولة متابعة محافظات شمال الصعيد

وقررت الأمانة أن تكون أبرز مسؤوليات متابعي القطاعات: التنسيق المباشر مع الأمانة العامة، ومتابعة تنفيذ الخطط والتكليفات الصادرة عن أمانة التنظيم المركزية داخل المحافظات، ورفع تقارير دورية عنها، ورصد التحديات والمعوقات التي تواجه العمل التنظيمي، ورفع تقارير شهرية مكتوبة تتضمن تقييم الأداء، ونسب الإنجاز، والمقترحات التطويرية لكل محافظة داخل القطاع، والإشراف على تنظيم الفعاليات المركزية داخل القطاع بالتنسيق مع الأمانة العامة للحزب.

اقرأ أيضًا:

د. علي جمعة: برنامجي الرمضاني لا يغير ثوابت الدين.. وهذا موقفي من الجهاد المسلح ضد إسرائيل (حوار)

تحذير من الشبورة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس الأربعاء (بيان بالدرجات)

ماذا قالت وزيرة التخطيط أمام البرلمان؟.. 20.4 تريليون جنيه قيمة الناتج المحلي الإجمالي للعام المقبل

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

حزب الجبهة الوطنية أمانة التنظيم المركزية بالجبهة الوطنية تعزيز الانضباط الحزبي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة بالأسماء.. تشكيل هيئة مكتب أمانة القبائل والعائلات بحزب الجبهة الوطنية أخبار ننشر تفاصيل اجتماع لجنة التعليم المركزية بحزب الجبهة الوطنية أخبار وفاة شقيقة الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي أخبار الجبهة الوطنية يناقش خطة العمل وتطوير الأداء الإعلامي أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

أمانة التنظيم المركزية بـ"الجبهة الوطنية" تختار 7 قيادات لتفعيل العمل بالمحافظات

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

أكبر طرح للوحدات السكنية.. ننشر أسعار شقق جنة والإسكان الحر (150 ألفًا مقدم حجز) دعم مشترك بمختلف الأصعدة.. نص البيان المصري الكويتي المشترك بعد زيارة الرئيس السيسي 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • بتكلفة تجاوزت مليار دولار .. العراق يعيد الحياة لمعمل دمره داعش
  • هيكل لـ سانا: إلغاء التراخيص والرسوم يخفف الأعباء ‏عن الشركات الناشئة، ويخلق بيئة أكثر ديناميكية لريادة الأعمال، تُمكّن ‏الأفكار الجديدة من أن ترى النور بسرعة، لتحل المشكلات وتنافس محلياً ‏وإقليمياً
  • ألف جندي فقط..أمريكا تتجه لتقليص وجودها العسكري في سوريا
  • أمانة التنظيم المركزية بـ"الجبهة الوطنية" تختار 7 قيادات لتفعيل العمل بالمحافظات
  • أمانة التنظيم المركزية بـ «الجبهة الوطنية» تختار 7 قيادات لتفعيل العمل بالمحافظات
  • أمانة التنظيم المركزية بـالجبهة الوطنية تختار 7 قيادات لتفعيل العمل بالمحافظات
  • تحرير شاب عراقي مختطف منذ 11 عاماً
  • السجيني: مشهد الكلاب الضالة في الشوارع لا يليق.. فيديو
  • رئيس جهاز الأمن الوطني: تسليم السجناء العراقيين في مخيم الهول ضرورة أمنية
  • مفتي القاعدة السابق يتحدث عن انتقال التنظيم للسودان وخروجه منه