ترجمة: بدر بن خميـس الظّفـري -

على الرغم من أن الزيادة في استخدام الذكاء الاصطناعي في التطبيقات الصناعية والتجارية سيؤدي إلى زيادة في الإنتاجية والنمو الاقتصادي، إلا أنه سيفضي أيضا إلى فقدان الكثير من الوظائف على المدى الطويل. وهذه القضية ذات أهمية كبيرة للصين.

فمن المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي لثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى 18.

5 تريليون دولار هذا العام، إذ تم توظيف أكثر من 740 مليون شخص بحلول نهاية عام 2023. ومع عدد سكان الصين الحالي الذي يزيد عن 1.4 مليار نسمة، تشهد البلاد بالفعل انخفاضا في معدل نمو السكان، فمن المتوقع أن يقلّ عدد سكان الصين إلى حوالي 1.3 مليار نسمة بحلول عام 2050، ويرجع ذلك أساسًا إلى تدني معدل الخصوبة في البلاد، والذي انحدر إلى ما دون معدل الإحلال. وهذا يعني عدداً أقل من المواليد الجدد في مقابل الوفيات.

وعلى الرغم من انخفاض عدد سكانها على المدى الطويل، ستظل الصين تمتلك لسنوات قادمة أعدادا هائلة من القوى عاملة، ولذلك ستحتاج البلاد إلى توفير ملايين فرص عمل كل عام لاستيعاب تلك القوة العاملة الكبيرة. وهنا يصبح تأثير الذكاء الاصطناعي عاملا حاسما.

من التأثيرات المتوقعة لزيادة تطبيق الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات ذات الصلة، بما فيها الروبوتات، في شتى قطاعات الاقتصاد هو فقدان الوظائف الحالية، خاصة وأن المهارات والخبرات التقليدية ستستبدل بالتكنولوجيا المتطورة. ومع ذلك، فإن فقدان الوظائف يجب أيضًا مقارنته بالوضع الذي سينشئ المزيد من فرص العمل الجديدة.

كيف سيتوفر المزيد من الوظائف الجديدة في اقتصادٍ تقوم فيه التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي بجميع الوظائف تقريبًا؟ هناك إجابتان على هذا السؤال. الأولى هي أن زيادة تطبيق الذكاء الاصطناعي والتقنيات ذات الصلة من شأنها أن تزيد الإنتاجية ويكون لها تأثير إيجابي على نمو الناتج المحلي الإجمالي. وسيؤدي ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى زيادة موارد البلاد وتعزيز قدرة الحكومة على الاستثمار بشكل أكبر في عدة قطاعات.

وستساعد هذه الاستثمارات الجديدة على توفير المزيد من فرص العمل. على سبيل المثال، إذا ضُخّت مزيدٌ من الاستثمارات في إنشاء مؤسسات لتدريب الأشخاص على مهارات الذكاء الاصطناعي، فستُوفِّرُ فرص عمل جديدةً لتشغيل هذه المؤسسات وإدارتها. وفي الوقت نفسه، سيكون هناك طلب كبير على المتخصصين الذين يمكنهم تعليم الناس مهارات الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن يتزايد عدد هؤلاء المتخصصين بسرعة، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى توفير فرص ووظائف جديدة للناس.

والإجابة الثانية هي النظر في التغيرات الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد واحتياجاته الخاصة في إطار استعداده للتحول الاجتماعي والاقتصادي. هناك عدة عوامل مهمة في هذا الصدد، أهمها المتطلبات التي يجب أن تُقـَدّمَ للسكان عند وصولهم إلى سن الشيخوخة في الصين. ومع تقدم عدد أكبر من الأشخاص في السن، سيحتاجون إلى توفير نطاق واسع من الدعم يجب أن يقدمه أشخاص تدربوا على مهارات محددة. وقد بدأت بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالفعل في الطلب الشديد لهذه الاحتياجات، فهي تعاني من نقص في الأشخاص المدربين بقدرٍ كافٍ لرعاية المسنين والعجزة. وهذا هو القطاع الذي سيشهد نموا هائلا في فرص العمل الجديدة.

وإلى جانب التحول الرقمي، ستكون هناك أيضًا زيادة كبيرة في الطرق التي يستثمر بها الناس مدخراتهم ويديرونها. وبمرور الوقت، سوف ينمو الاعتماد على الأدوات المالية المرتبطة بأسواق الأسهم والديون، وستبرزُ هذه الأدوات باعتبارها أهم مصدر للدخل لدى كثير من الناس، خاصة أولئك الذين ليس لديهم وظائف مكتبية أو صناعية ثابتة. من المحتمل أن يكون هناك طلب كبير على الأشخاص الذين يمكنهم تقديم المشورة للناس حول أفضل الطرق لإدارة مدخراتهم واستثماراتهم من خلال الخيارات المالية المختلفة.

في الوقت نفسه ومع بدء تزايد عدد الأشخاص الذين يمارسون العمل من المنزل أو في مواقع نائية، ستزداد بشكل كبير الخدمات المتعلقة بظروف عملهم عبر الإنترنت والتطبيقات، مثل خدمات توصيل الطعام وغيره، مما يوفر المزيد من فرص العمل.

ومع حدوث هذه التغييرات، من المهم أن تستعد الجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى للتأقلم معها. وينبغي للجامعات أن تتيح مزيدا من الدورات التدريبية لمهارات محددة مثل تعلم الذكاء الاصطناعي، ورعاية المسنين، وتقديم المشورة بشأن الاستثمارات المالية وخدمات البيع بالتجزئة.

تقوم الجامعات بدور مهم للغاية في دعم التحول القائم على الذكاء الاصطناعي، فهذه الجامعات إن لم تخرّجْ عددًا كافيًا من الأشخاص للقيام بالوظائف الجديدة، فقد يتوقف النمو في الذكاء الاصطناعي بسبب انتقادات توجه إليه لأنه يتسبب في فقدان الوظائف. ويتعين على دولة مثل الصين أن تضمن عدم حدوث ذلك.

أميتيندو باليت رئيس أبحاث التجارة والاقتصاد في معهد دراسات جنوب آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی المزید من فرص العمل

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يكشف مخاطر أمراض القلب عبر مسح شبكية العين

في خطوة واعدة نحو تحسين تشخيص أمراض القلب، نجح باحثون من جامعة “ملبورن” الأسترالية في دمج تقنية مسح شبكية العين المدعومة بالذكاء الاصطناعي داخل عيادات الطب العام، بهدف الكشف المبكر عن مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

وأظهرت الدراسة، التي قادتها الباحثة ويني هو، أن هذه التقنية غير الجراحية توفر تقييماً سريعاً وفعالاً لمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية. وشارك في الدراسة 361 مريضًا تتراوح أعمارهم بين 45 و70 عامًا، حيث خضعوا لتقييم تقليدي للمخاطر، ثم تم مسح شبكية كل منهم باستخدام كاميرا متخصصة، ليقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل الأوعية الدموية وإصدار تقرير فوري حول حالتهم الصحية.

وقارن الباحثون نتائج المسح الشبكي مع مخطط منظمة الصحة العالمية لتقييم مخاطر القلب، فوجدوا تطابقًا بنسبة 67.4% بين التقييمين. كما أظهرت التقنية نتائج مختلفة لدى بعض المرضى، حيث صنّفت 17.1% منهم ضمن فئة المخاطر الأعلى مقارنة بالمخطط التقليدي، بينما قُدّرت المخاطر بنسبة أقل لدى 19.5% من المرضى.

وبلغت نسبة نجاح التصوير 93.9%، ما يدل على إمكانية تصنيف معظم المرضى بناءً على الفحص البصري فقط. كما أعرب 92.5% من المشاركين و87.5% من الأطباء العامين عن رضاهم عن التقنية، مؤكدين إمكانية تبنيها في المستقبل لتعزيز الرعاية الصحية الوقائية.

هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الطب، مما قد يسهم في تقليل الوفيات المرتبطة بأمراض القلب عبر التشخيص المبكر والتدخل السريع.

مقالات مشابهة

  • مايكروسوفت.. شركة رائدة في قطاع المعلوماتية عند منعطف الذكاء الاصطناعي
  • قمة الذكاء الاصطناعي في رواندا تحدد مسار القارة التكنولوجي
  • مايكروسوفت توسّع ميزات الذكاء الاصطناعي في أجهزة Copilot Plus بمعالجات Intel وAMD
  • الذكاء الاصطناعي يكشف مخاطر أمراض القلب عبر مسح شبكية العين
  • 3 وظائف فقط ستنجو من سيطرة الذكاء الاصطناعي
  • مايكروسوفت.. قصة نجاح من الحوسبة إلى الذكاء الاصطناعي والسحابة
  • تحديات جوهرية تواجه تطور الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي واغتيال الخيال
  • عملاق التكنولوجيا في العالم.. يكشف عن ثلاث وظائف فقط ستنجو من سيطرة الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يتقن الخداع!