موقع 24:
2024-12-27@05:35:16 GMT

"بثوث" الفتنة

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

'بثوث' الفتنة

"بثوث" الفتنة هذه هي الغزو الأشد فتكاً وتدميراً، بعدما تم تفكيك الجيوش وتمزيق الأوطان وهدم الأركان.

آثار الغزو العسكري والاحتلال تنمحي بمرور الوقت بعد أن يتم تحرير الأرض واستعادتها

هذه البثوث أشد فتنة من الغزو والاحتلال لأنها تهدم الأوطان من الداخل

مرت الأسبوع الماضي الذكرى الثالثة والثلاثون لاحتلال دولة الكويت من قبل نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وهي ذكرى أليمة على النفوس لا نحب استرجاعها، لأنها كانت واحدة من كبرى الفتن التي مرت بها الأمة العربية في القرن الماضي، وأدت إلى تمزيق الوطن العربي وانقسام حكوماته وشعوبه بين مؤيد ومعارض لغزو دولة عربية شقيقة ومجاورة، واحتلال أرضها على مدى سبعة شهور كانت من أصعب الفترات التي مرت على أبناء الأمة العربية، وشعوب الخليج العربي على وجه الخصوص، حتى تم تحرير الكويت في فبراير من سنة 1991م، واستعاد الشعب الكويتي وحكومته وطنهم، ليترك الغزو والاحتلال جرحهما الغائر، وينعكس أثرهما على الأمة العربية وبلدان الوطن العربي كافة حتى يومنا هذا.

لقد كانت بحق فتنة كبرى إلى درجة أننا نحن، الذين عاصرناها وعشنا أحداثها يوماً بيوم ولحظة بلحظة، ما زلنا غير مصدقين ما حدث، وما زالت عقولنا غير مستوعبة أن تقوم دولة عربية بغزو واحتلال دولة عربية، ولكن هذا هو ما حدث للأسف، وستظل ذاكرة الذين عاصروا تلك الأحداث وعاشوها محتفظة بتفاصيلها، على أمل أن تتضاءل هذه الذكرى عاماً بعد عام، ويزول أثرها السيء بمرور الأيام، وتغدو حدثاً تاريخياً سيئاً لا أكثر لدى الأجيال القادمة من أبناء الأمة الذين لم يعاصروا أحداثها ولم يعيشوها، مثل كل الأحداث التي لم نعاصرها نحن ولم نعشها، مما تزخر به كتب التاريخ وتتناقله ألسنة الرواة الذين عاصروها ورووا عنها أو كتبوا، واختلف الناس فيها أو اتفقوا، تبعاً لميولهم ومعتقداتهم وأفكارهم، فلا الشعب الكويتي يستحق ما حدث له، ولا الشعب العراقي يستحق أن يتم تلطيخ تاريخه بهذا الفعل المشين.

ولعل من رحمة الله بالأمة أنه لم تكن هناك وسائط تواصل اجتماعي وقتها، وإلا لكانت هذه الوسائط زادت من تمزيق الأمة التي كان كيانها تمزق فعلاً، ولولا وقفة قادة دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية، ووقوفهم إلى جانب الحق الكويتي، ومساندة بعض الدول العظمى لهذا الحق، لكان نطاق الكارثة اتسع، ولغرقت المنطقة في الدماء زمناً لا يعلم إلا الله مداه ومنتهاه.

واليوم، وبعد مرور 33 عاماً على هذه الذكرى الأليمة، تعود وسائط التواصل الاجتماعي لتذكي نيران الفتنة التي كنا نتمنى لو أنها قد انطفأت إلى غير رجعة، ويعود التراشق بالكلمات والألفاظ المهينة والجارحة ليأخذ موقع التراشق بنيران المدافع والبنادق وقصف الطائرات، ذلك أن ما يتم قصفه من الأعراض وما يتم تقطيعه من صلات القربى والدم والرحم بين أبناء الأمة خلال "بثوث" وسائط التواصل الاجتماعي هذه الأيام يفوق ما خلفه الغزو العسكري والاحتلال من خسائر في الأرواح والممتلكات والأموال.

آثار الغزو العسكري والاحتلال تنمحي بمرور الوقت بعد أن يتم تحرير الأرض واستعادتها، ولكن آثار قصف الأعراض وتقطيع أواصر الدم والقربى بين أبناء الأمة الواحدة تبقى زمناً طويلاً، وتزداد اشتعالاً بفعل ما يُصب عليها من زيوت في "البثوث" التي تبحث عن زيادة المتابعين والمشاهدات و"التكبيس" لرفع تصنيف حسابات أصحابها، وإضافة المزيد من الأموال إلى أرصدتهم، وهم جالسون على الأرائك في بيوتهم، أو نائمون على أسرّتهم، يرفعون من يؤيد آراءهم ويقمعون من يعارضها، وينزلون من يختلف مع هذه الآراء ويكتمون أصواتهم ويحظرونهم.

هذه "البثوث" أشد فتنة من الغزو والاحتلال لأنها تهدم الأوطان من الداخل، وتدق أسافين بين أبناء الأمة الواحدة، بل بين أبناء الوطن الواحد أحياناً، وخاصة إذا ما تطرقت إلى العِرق أو الطائفة أو الدين.. ويصبح الأثر أكثر خطورة إذا نبشت أحداث الماضي ونكأت جروحاً لم تندمل بعد، وأثارت جدلاً عقيماً لن يثمر اتفاقاً وحتى لو استمر أكثر من مئة عام، وهذا هو أغلب ما نشاهده في هذه "البثوث" المنتشرة في وسائط التواصل الاجتماعي، حيث إن أغلب النقاشات تنتهي بألفاظ بذيئة وشتائم صريحة وتنمّر من قبل صاحب البث ومن يؤيدونه وطرد الطرف المستضاف، وهو الطرف الأضعف لأنه لا يملك التعبير عن رأيه إذا ما قرر صاحب البث إخراجه، أو "تنزيله" أو كتم صوته.

ومع ذلك فإن الأمر لا يخلو من "بثوث" نظيفة ومتوازنة، ولكنها قليلة وضائعة وسط هذا السيل الطاغي من "البثوث" الرديئة السيئة والمسيئة، كما أنه لا يخلو من وجود عقلاء يدخلون بعض "البثوث" بغرض تهدئة النفوس، ولكنهم غالباً لا يجدون من يصغي إليهم وسط هذا الهيجان والصراخ والعصبية الطاغية، وغالباً ما يتم طردهم بناء على طلب المشاركين في البث، أو أنهم يخرجون بإرادتهم بعد أن ييأسوا من إيصال صوتهم.

"بثوث" الفتنة هذه هي الغزو الأشد فتكاً وتدميراً، بعدما تم تفكيك الجيوش وتمزيق الأوطان وهدم الأركان.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بین أبناء

إقرأ أيضاً:

العدوان على غزة يدخل يومه 447 والاحتلال يعرقل المفاوضات

سرايا - في اليوم الـ447 للعدوان على غزة، قالت وزارة الصحة في القطاع إن الاحتلال ارتكب 3 مجازر خلال الـ24 ساعة الماضية، وصل منها للمستشفيات 23 شهيدا و39 مصابا، ليرتفع بذلك عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 45 ألفا و361 شهيدا، و107 آلاف و803 مصابين.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة إسرائيلي بجروح خطيرة في عملية دهس قرب تجمع غوش عتصيون الاستيطاني جنوب بيت لحم بالضفة الغربية، إذ استدعى جيش الاحتلال الإسرائيلي مزيدا من القوات إلى المنطقة على الفور.

سياسيا، نقلت صحيفة معاريف عن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ قوله إن “حياة المحتجزين في خطر وأدعو القيادة للتوصل إلى صفقة تبادل”.

وفي وقت سابق، قالت المقاومة الفلسطينية إن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير بشكل جدي، مشيرة إلى أنها أبدت مسؤولية ومرونة، لكن الاحتلال وضع شروطا جديدة أدّت إلى تأجيل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا.

إقرأ أيضاً : الداخلية السورية تنشر تفاصيل جديدة حول "كمين طرطوس"إقرأ أيضاً : أرتال إدارة الأمن وقوات الشرطة السورية تنتشر في المدن السورية بهدف ضبط الأمن والاستقرارإقرأ أيضاً : صحيفة: أسماء الأسد مريضة بشدة بسرطان الدم وفرصتها للنجاة 50%



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #المنطقة#الصحة#اليوم#غزة#الاحتلال#الرئيس#القوات#القطاع



طباعة المشاهدات: 434  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 26-12-2024 08:37 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
حظر استضافة العرّافين والمنجمين في الفضائيات والاذاعات في مصر مصر تلغي ظهور المنجّمين في البرامج .. ما مصير ليلى عبد اللطيف؟ كيت تعانق مريضة سرطان لمدة 20 عاماً بعد قداس عيد الميلاد كيف أتخلص من “وسواس النظافة”! صرف رواتب لموظف في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بقيمة... بالفيديو .. 3 وفيات وإصابتين إثر حادث تصادم... صرف رواتب لـ 3 مؤذنين متغيبين عن عملهم بقيمة مالية... "بمئات الآلاف" .. "سلطة إقليم... بالوثائق .. تجاوزات إدارية ومالية بـ "عشرات... الداخلية السورية تنشر تفاصيل جديدة حول "كمين...أرتال إدارة الأمن وقوات الشرطة السورية تنتشر في...صحيفة: أسماء الأسد مريضة بشدة بسرطان الدم وفرصتها...عقبات أجلت اتفاق غزة .. وتبادل اتهامات بين حماس...الإمارات وتركيا تؤكدان دعم استقرار سورياالشرع: المقاتلون الأجانب في سوريا يستحقون مكافأةأردوغان يزور دمشق الاسبوع المقبل .. سيقابل الشرع...استدعاء سفير الفاتيكان لدى إسرائيلسوريا .. بدء عملية أمنية في حمص ضد عناصر النظام... رنا رئيس تكشف حقيقة صلتها بماجد الكدواني هنا الزاهد تعلق على تعاونها الأول مع كريم عبد العزيز سلمى أبو ضيف تشن هجوماً عنيفاً على السوشيال ميديا:... رنا رئيس تكشف حقيقة صلتها بماجد الكدواني ياسمين صبري تحاول جذب انتباه فنان عالمي بالبيجاما والشجرة .. محمد صلاح يهنئ متابعيه بعيد الميلاد .. صورة ليفربول يخشى على أمواله من صلاح .. والضمان "ورقة" البحرين تتغلب على العراق بثنائية في كأس الخليج منتخب السعودية يحقق فوزا دراماتيكيا على اليمن في خليجي 26 الأهلي المصري يقترب من ضم تريزيجيه "لا يُعاني نفسياً" .. تأييد حكم الإعدام على "سفاح التجمع" في مصر دراسة تكشف .. أمر خطير جدا ينتظرنا بسبب تغير المناخ رسميًا .. "النسر الأصلع" الطائر الوطني في الولايات المتحدة كارثة بيئية في البحر الأسود: تسرب نفطي ضخم يهدد الحياة البرية عالم مصريات ألماني يكشف أسرار مقبرة عمرها 4000 عام مسبار باركر يصل لأقرب نقطة للشمس عشية عيد الميلاد محكمة إيطالية تغرّم شركة أوبن إيه آي 15 مليون يورو الاحتفال بالطلاق .. عادة غريبة تنتشر في الجزائر "رد بطريقة قاسية على ابن عمه .. ماذا تريد؟" .. إيلون ماسك يتجاهل عائلته البريطانية صور مروعة لرجل أشعل امرأة داخل المترو .. ووقف يشاهد ببرودة

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • الفتنة تطل برأسها
  • اليمن ينطلق في جهاده العظيم المساند للأحرار من ثوابت الإسلام المحمدي
  • الجامعة العربية تحذر من إشعال الفتنة في سوريا وترفض التصريحات الإيرانية المُزعزعة للسلم الأهلي
  • عشرات الشهداء بغزة والاحتلال يواصل استهداف مستشفى كمال عدوان
  • الجامعة العربية تحذر من إشعال الفتنة في سوريا
  • لمنع الفتنة .. قرار هام من وزارة الإعلام السورية
  • العدوان على غزة يدخل يومه 447 والاحتلال يعرقل المفاوضات
  • سوريا ما بعد الفتنة!
  • أبناء مدينة الحديدة يعلنون الجهوزية لمواجهة أعداء الأمة
  • وقفة لمكاتب الشباب والإعلام ووكالة سبأ بأمانة العاصمة إعلانا للجهوزية ونصرة لفلسطين