موقع 24:
2024-11-08@16:51:04 GMT

"بثوث" الفتنة

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

'بثوث' الفتنة

"بثوث" الفتنة هذه هي الغزو الأشد فتكاً وتدميراً، بعدما تم تفكيك الجيوش وتمزيق الأوطان وهدم الأركان.

آثار الغزو العسكري والاحتلال تنمحي بمرور الوقت بعد أن يتم تحرير الأرض واستعادتها

هذه البثوث أشد فتنة من الغزو والاحتلال لأنها تهدم الأوطان من الداخل

مرت الأسبوع الماضي الذكرى الثالثة والثلاثون لاحتلال دولة الكويت من قبل نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وهي ذكرى أليمة على النفوس لا نحب استرجاعها، لأنها كانت واحدة من كبرى الفتن التي مرت بها الأمة العربية في القرن الماضي، وأدت إلى تمزيق الوطن العربي وانقسام حكوماته وشعوبه بين مؤيد ومعارض لغزو دولة عربية شقيقة ومجاورة، واحتلال أرضها على مدى سبعة شهور كانت من أصعب الفترات التي مرت على أبناء الأمة العربية، وشعوب الخليج العربي على وجه الخصوص، حتى تم تحرير الكويت في فبراير من سنة 1991م، واستعاد الشعب الكويتي وحكومته وطنهم، ليترك الغزو والاحتلال جرحهما الغائر، وينعكس أثرهما على الأمة العربية وبلدان الوطن العربي كافة حتى يومنا هذا.

لقد كانت بحق فتنة كبرى إلى درجة أننا نحن، الذين عاصرناها وعشنا أحداثها يوماً بيوم ولحظة بلحظة، ما زلنا غير مصدقين ما حدث، وما زالت عقولنا غير مستوعبة أن تقوم دولة عربية بغزو واحتلال دولة عربية، ولكن هذا هو ما حدث للأسف، وستظل ذاكرة الذين عاصروا تلك الأحداث وعاشوها محتفظة بتفاصيلها، على أمل أن تتضاءل هذه الذكرى عاماً بعد عام، ويزول أثرها السيء بمرور الأيام، وتغدو حدثاً تاريخياً سيئاً لا أكثر لدى الأجيال القادمة من أبناء الأمة الذين لم يعاصروا أحداثها ولم يعيشوها، مثل كل الأحداث التي لم نعاصرها نحن ولم نعشها، مما تزخر به كتب التاريخ وتتناقله ألسنة الرواة الذين عاصروها ورووا عنها أو كتبوا، واختلف الناس فيها أو اتفقوا، تبعاً لميولهم ومعتقداتهم وأفكارهم، فلا الشعب الكويتي يستحق ما حدث له، ولا الشعب العراقي يستحق أن يتم تلطيخ تاريخه بهذا الفعل المشين.

ولعل من رحمة الله بالأمة أنه لم تكن هناك وسائط تواصل اجتماعي وقتها، وإلا لكانت هذه الوسائط زادت من تمزيق الأمة التي كان كيانها تمزق فعلاً، ولولا وقفة قادة دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية، ووقوفهم إلى جانب الحق الكويتي، ومساندة بعض الدول العظمى لهذا الحق، لكان نطاق الكارثة اتسع، ولغرقت المنطقة في الدماء زمناً لا يعلم إلا الله مداه ومنتهاه.

واليوم، وبعد مرور 33 عاماً على هذه الذكرى الأليمة، تعود وسائط التواصل الاجتماعي لتذكي نيران الفتنة التي كنا نتمنى لو أنها قد انطفأت إلى غير رجعة، ويعود التراشق بالكلمات والألفاظ المهينة والجارحة ليأخذ موقع التراشق بنيران المدافع والبنادق وقصف الطائرات، ذلك أن ما يتم قصفه من الأعراض وما يتم تقطيعه من صلات القربى والدم والرحم بين أبناء الأمة خلال "بثوث" وسائط التواصل الاجتماعي هذه الأيام يفوق ما خلفه الغزو العسكري والاحتلال من خسائر في الأرواح والممتلكات والأموال.

آثار الغزو العسكري والاحتلال تنمحي بمرور الوقت بعد أن يتم تحرير الأرض واستعادتها، ولكن آثار قصف الأعراض وتقطيع أواصر الدم والقربى بين أبناء الأمة الواحدة تبقى زمناً طويلاً، وتزداد اشتعالاً بفعل ما يُصب عليها من زيوت في "البثوث" التي تبحث عن زيادة المتابعين والمشاهدات و"التكبيس" لرفع تصنيف حسابات أصحابها، وإضافة المزيد من الأموال إلى أرصدتهم، وهم جالسون على الأرائك في بيوتهم، أو نائمون على أسرّتهم، يرفعون من يؤيد آراءهم ويقمعون من يعارضها، وينزلون من يختلف مع هذه الآراء ويكتمون أصواتهم ويحظرونهم.

هذه "البثوث" أشد فتنة من الغزو والاحتلال لأنها تهدم الأوطان من الداخل، وتدق أسافين بين أبناء الأمة الواحدة، بل بين أبناء الوطن الواحد أحياناً، وخاصة إذا ما تطرقت إلى العِرق أو الطائفة أو الدين.. ويصبح الأثر أكثر خطورة إذا نبشت أحداث الماضي ونكأت جروحاً لم تندمل بعد، وأثارت جدلاً عقيماً لن يثمر اتفاقاً وحتى لو استمر أكثر من مئة عام، وهذا هو أغلب ما نشاهده في هذه "البثوث" المنتشرة في وسائط التواصل الاجتماعي، حيث إن أغلب النقاشات تنتهي بألفاظ بذيئة وشتائم صريحة وتنمّر من قبل صاحب البث ومن يؤيدونه وطرد الطرف المستضاف، وهو الطرف الأضعف لأنه لا يملك التعبير عن رأيه إذا ما قرر صاحب البث إخراجه، أو "تنزيله" أو كتم صوته.

ومع ذلك فإن الأمر لا يخلو من "بثوث" نظيفة ومتوازنة، ولكنها قليلة وضائعة وسط هذا السيل الطاغي من "البثوث" الرديئة السيئة والمسيئة، كما أنه لا يخلو من وجود عقلاء يدخلون بعض "البثوث" بغرض تهدئة النفوس، ولكنهم غالباً لا يجدون من يصغي إليهم وسط هذا الهيجان والصراخ والعصبية الطاغية، وغالباً ما يتم طردهم بناء على طلب المشاركين في البث، أو أنهم يخرجون بإرادتهم بعد أن ييأسوا من إيصال صوتهم.

"بثوث" الفتنة هذه هي الغزو الأشد فتكاً وتدميراً، بعدما تم تفكيك الجيوش وتمزيق الأوطان وهدم الأركان.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بین أبناء

إقرأ أيضاً:

شغب إسرائيلي في أمستردام.. والاحتلال يرسل مهمة إنقاذ إلى هولندا (شاهد)

أثار مشجعو فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم الإسرائيلي، منتصف ليل الجمعة، فوضى وأعمال تخريب في العاصمة الهولندية أمستردام عقب المباراة التي جمعت فريقهم مع "نادي أياكس أمستردام" الهولندي ضمن الدوري الأوروبي.

وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، بأن توترا تصاعد بين مشجعي "مكابي تل أبيب" ومؤدين لفلسطين بعد أن قام مشجعو الفريق الإسرائيلي بإنزال تمزيق العلم الفلسطيني من على إحدى المباني واستفزوا سائقي سيارات الأجرة الهولنديين من أصل عربي.

مشجعون إسرائيليون لفريق كرة القدم "مكابي تل أبيب" في #أمستردام بهولندا يقومون بتمزيق العلم الفلسطيني عن الأبنية مما تسبب بردة فعل غاضبة من مؤيدي فلسطين وتحولت الأمور إلى مواجهات عنيفة وضرب مبرح.#Amsterdam pic.twitter.com/fqmuqzkC1C — جنان سوريا (@jenansyria9) November 8, 2024

فيما أظهرت مقاطع مصورة متداولة على منصات التواصل الاجتماعي قيام عدد كبير من المشجعين الإسرائيليين بترديد شعارات معادية للعرب وفلسطين.

وعلى إثر ذلك وقعت اشتباكات بالأيدي بين الطرفين.

وقبل انطلاق المباراة، أظهرت مقاطع مصورة أخرى استفزاز المشجعين الإسرائيليين، الجماهير الهولندية بالمدرجات، عبر رفضهم الوقوف دقيقة صمت حداداً على ضحايا فيضانات فالنسيا الإسبانية، بل وأشعلوا الألعاب النارية خلال الدقيقة وبقية الجماهير صامتة.

فيما اعتبر ناشطون هذا السلوك ردا على موقف إسبانيا المعترف بدولة فلسطين والمندد بالإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة في غزة والرافض لبيع وشراء الأسلحة مع إسرائيل.

من جانبها، ادعت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان لها، "إصابة 10 إسرائيليين وفُقدان الاتصال باثنين آخرين بعد تعرضهم في أمستردام بعد انتهاء المباراة".

وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن 5 مشجعين إسرائيليين أصيبوا في العاصمة الهولندية أمستردام، خلال أعمال الشغب.

من جهتها، ذكرت القناة 14 الإسرائيلية أنه تمت إحاطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته غدعون ساعر بشأن الحادثة.

وقال ساعر إن "إسرائيل تتعامل مع الجهات المعنية في هولندا بشأن ما وصفه بالاعتداء على إسرائيليين في أمستردام".

وبحسب تقارير إعلامية، تعرض مشجعون إسرائيليون إثر المباراة لهجمات من قبل مؤيدين للقضية الفلسطينية.

من جانبها، قالت شرطة أمستردام إنها نشرت قوات إضافية في العاصمة، بعد إشارات على حدوث توترات في مناطق عدة.

The Full Story of What Happened in Amsterdam between Maccabi Tel Aviv Fans and Pro-Palestine pic.twitter.com/CiISfUHskj — Ryan Rozbiani (@RyanRozbiani) November 8, 2024

وقال قال مكتب رئاسة الوزراء الاحتلال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر بإرسال طائرتين إلى هولندا لإجلاء مشجعين إسرائيليين.

وقال الجيش الجمعة إنه يستعد لنشر مهمة إنقاذ على الفور بالتنسيق مع الحكومة الهولندية.

وأضاف "ستُنشر المهمة باستخدام طائرات شحن وستشمل فرقا طبية وأخرى للإنقاذ".

مقالات مشابهة

  • خبير أمن إقليمي: الشعب المصري أحبط محاولات جماعة الإخوان لزرع الفتنة
  • عاجل - "ضربني وبكى سبقني واشتكى".. مشجعو إسرائيل يشعلون فتيل الفتنة في أمستردام باستفزازات متعمدة.. ودعوات عالمية لدعم فلسطين ورفض الاعتداءات
  • 17 شهيدا في غزة والاحتلال يواصل حصار وتدمير شمال القطاع
  • 35 يومًا والاحتلال يواصل حرب الإبادة والحصار على شمالي القطاع
  • شغب إسرائيلي في أمستردام.. والاحتلال يرسل مهمة إنقاذ إلى هولندا (شاهد)
  • مجزرة وسط غزة والاحتلال يتحدث عن قتال عنيف شمالي القطاع
  • بالوقائع.. سجل جرائم التنظيم الإرهابي ضد الأقباط والكنائس
  • إصابات برصاص الاحتلال في جنين.. والاحتلال يواصل اقتحامه
  • 8 شهداء بالضفة والاحتلال يقتحم جنين وسلفيت
  • حرب الإبادة تتواصل والاحتلال يشدد حصاره على شمال القطاع