موقع 24:
2025-04-10@21:16:35 GMT

"بثوث" الفتنة

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

'بثوث' الفتنة

"بثوث" الفتنة هذه هي الغزو الأشد فتكاً وتدميراً، بعدما تم تفكيك الجيوش وتمزيق الأوطان وهدم الأركان.

آثار الغزو العسكري والاحتلال تنمحي بمرور الوقت بعد أن يتم تحرير الأرض واستعادتها

هذه البثوث أشد فتنة من الغزو والاحتلال لأنها تهدم الأوطان من الداخل

مرت الأسبوع الماضي الذكرى الثالثة والثلاثون لاحتلال دولة الكويت من قبل نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وهي ذكرى أليمة على النفوس لا نحب استرجاعها، لأنها كانت واحدة من كبرى الفتن التي مرت بها الأمة العربية في القرن الماضي، وأدت إلى تمزيق الوطن العربي وانقسام حكوماته وشعوبه بين مؤيد ومعارض لغزو دولة عربية شقيقة ومجاورة، واحتلال أرضها على مدى سبعة شهور كانت من أصعب الفترات التي مرت على أبناء الأمة العربية، وشعوب الخليج العربي على وجه الخصوص، حتى تم تحرير الكويت في فبراير من سنة 1991م، واستعاد الشعب الكويتي وحكومته وطنهم، ليترك الغزو والاحتلال جرحهما الغائر، وينعكس أثرهما على الأمة العربية وبلدان الوطن العربي كافة حتى يومنا هذا.

لقد كانت بحق فتنة كبرى إلى درجة أننا نحن، الذين عاصرناها وعشنا أحداثها يوماً بيوم ولحظة بلحظة، ما زلنا غير مصدقين ما حدث، وما زالت عقولنا غير مستوعبة أن تقوم دولة عربية بغزو واحتلال دولة عربية، ولكن هذا هو ما حدث للأسف، وستظل ذاكرة الذين عاصروا تلك الأحداث وعاشوها محتفظة بتفاصيلها، على أمل أن تتضاءل هذه الذكرى عاماً بعد عام، ويزول أثرها السيء بمرور الأيام، وتغدو حدثاً تاريخياً سيئاً لا أكثر لدى الأجيال القادمة من أبناء الأمة الذين لم يعاصروا أحداثها ولم يعيشوها، مثل كل الأحداث التي لم نعاصرها نحن ولم نعشها، مما تزخر به كتب التاريخ وتتناقله ألسنة الرواة الذين عاصروها ورووا عنها أو كتبوا، واختلف الناس فيها أو اتفقوا، تبعاً لميولهم ومعتقداتهم وأفكارهم، فلا الشعب الكويتي يستحق ما حدث له، ولا الشعب العراقي يستحق أن يتم تلطيخ تاريخه بهذا الفعل المشين.

ولعل من رحمة الله بالأمة أنه لم تكن هناك وسائط تواصل اجتماعي وقتها، وإلا لكانت هذه الوسائط زادت من تمزيق الأمة التي كان كيانها تمزق فعلاً، ولولا وقفة قادة دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية، ووقوفهم إلى جانب الحق الكويتي، ومساندة بعض الدول العظمى لهذا الحق، لكان نطاق الكارثة اتسع، ولغرقت المنطقة في الدماء زمناً لا يعلم إلا الله مداه ومنتهاه.

واليوم، وبعد مرور 33 عاماً على هذه الذكرى الأليمة، تعود وسائط التواصل الاجتماعي لتذكي نيران الفتنة التي كنا نتمنى لو أنها قد انطفأت إلى غير رجعة، ويعود التراشق بالكلمات والألفاظ المهينة والجارحة ليأخذ موقع التراشق بنيران المدافع والبنادق وقصف الطائرات، ذلك أن ما يتم قصفه من الأعراض وما يتم تقطيعه من صلات القربى والدم والرحم بين أبناء الأمة خلال "بثوث" وسائط التواصل الاجتماعي هذه الأيام يفوق ما خلفه الغزو العسكري والاحتلال من خسائر في الأرواح والممتلكات والأموال.

آثار الغزو العسكري والاحتلال تنمحي بمرور الوقت بعد أن يتم تحرير الأرض واستعادتها، ولكن آثار قصف الأعراض وتقطيع أواصر الدم والقربى بين أبناء الأمة الواحدة تبقى زمناً طويلاً، وتزداد اشتعالاً بفعل ما يُصب عليها من زيوت في "البثوث" التي تبحث عن زيادة المتابعين والمشاهدات و"التكبيس" لرفع تصنيف حسابات أصحابها، وإضافة المزيد من الأموال إلى أرصدتهم، وهم جالسون على الأرائك في بيوتهم، أو نائمون على أسرّتهم، يرفعون من يؤيد آراءهم ويقمعون من يعارضها، وينزلون من يختلف مع هذه الآراء ويكتمون أصواتهم ويحظرونهم.

هذه "البثوث" أشد فتنة من الغزو والاحتلال لأنها تهدم الأوطان من الداخل، وتدق أسافين بين أبناء الأمة الواحدة، بل بين أبناء الوطن الواحد أحياناً، وخاصة إذا ما تطرقت إلى العِرق أو الطائفة أو الدين.. ويصبح الأثر أكثر خطورة إذا نبشت أحداث الماضي ونكأت جروحاً لم تندمل بعد، وأثارت جدلاً عقيماً لن يثمر اتفاقاً وحتى لو استمر أكثر من مئة عام، وهذا هو أغلب ما نشاهده في هذه "البثوث" المنتشرة في وسائط التواصل الاجتماعي، حيث إن أغلب النقاشات تنتهي بألفاظ بذيئة وشتائم صريحة وتنمّر من قبل صاحب البث ومن يؤيدونه وطرد الطرف المستضاف، وهو الطرف الأضعف لأنه لا يملك التعبير عن رأيه إذا ما قرر صاحب البث إخراجه، أو "تنزيله" أو كتم صوته.

ومع ذلك فإن الأمر لا يخلو من "بثوث" نظيفة ومتوازنة، ولكنها قليلة وضائعة وسط هذا السيل الطاغي من "البثوث" الرديئة السيئة والمسيئة، كما أنه لا يخلو من وجود عقلاء يدخلون بعض "البثوث" بغرض تهدئة النفوس، ولكنهم غالباً لا يجدون من يصغي إليهم وسط هذا الهيجان والصراخ والعصبية الطاغية، وغالباً ما يتم طردهم بناء على طلب المشاركين في البث، أو أنهم يخرجون بإرادتهم بعد أن ييأسوا من إيصال صوتهم.

"بثوث" الفتنة هذه هي الغزو الأشد فتكاً وتدميراً، بعدما تم تفكيك الجيوش وتمزيق الأوطان وهدم الأركان.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بین أبناء

إقرأ أيضاً:

مصادر تركية تكشف محاور أول محادثات بين أنقرة والاحتلال بشأن سوريا

كشفت مصادر في وزارة الدفاع التركية، الخميس، عن عقد أول محادثات بين أنقرة ودولة الاحتلال الإسرائيلي في العاصمة الأذربيجانية باكو، بعد تصاعد التوترات بين الجانبين في سوريا.

وبحسب المصادر التركية، فإن الاجتماع الفني الذي عقد بين الجانبين أمس الأربعاء هدف إلى مناقشة وضع آلية لتفادي التضارب من أجل منع الوقائع غير المرغوب فيها في سوريا.

وقالت المصادر إن "هدف تركيا الوحيد هو دعم وحدة أراضي سوريا واستقرارها وأمنها وتطهيرها من الإرهاب"، موضحة أن "جميع الأنشطة التي نُفذت وستُنفذ لهذا الغرض تُنفذ في إطار الاتفاق المبرم بين الدولتين، وفقا للقانون الدولي ودون استهداف دول ثالثة".


وأضافت أن "إسرائيل تتصرف بسياسة خارجية تتسم بالمواجهة وتستهدف تركيا باتهامات باطلة، وتحاول من خلال تصريحات استفزازية إثارة البلبلة وإيجاد تصور لدى الرأي العام الدولي بأن هناك ما يسمى بالتوتر بين البلدين".

وشددت على أنه "من غير الممكن لإسرائيل أن تستمر على هذا المسار الذي اختارته للتغطية على أفعالها غير القانونية".

وبشأن الاجتماع بين الجانبين، فقد لفتت المصادر إلى أن المحادثات تمثل بداية جهود لإنشاء قناة اتصال لتجنب أي صدامات أو سوء فهم محتمل لعمليات البلدين في المنطقة.

وقال أحد المصادر "ستستمر الجهود لوضع هذه الآلية" دون التطرق إلى مزيد من التفاصيل بشأن نطاق المحادثات بين البلدين أو جدولها الزمني.

في المقابل، كشفت مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي عن لقاء جمع وفد برئاسة مستشار الأمن القومي مع مسؤولين أتراك في أذربيجان.

وأشار المكتب في بيان عبر منصة "إكس"، إلى أن "كل طرف عرض مصالحه في المنطقة خلال الاجتماع"، لافتا إلى أنه "تم الاتفاق على مواصلة مسار الحوار بهدف الحفاظ على الاستقرار الأمني".

والأسبوع الماضي، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات العنيفة على مناطق مختلفة من الأراضي السورية، مستهدفا العاصمة دمشق ومطار حماة العسكري ومطار "تي فور" العسكري في بادية حمص وسط البلاد.


وأشارت تقارير إلى أن الهجمات الإسرائيلية جاءت بالتزامن مع دراسة أنقرة إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية وسط سوريا، في حين لفتت وسائل إعلام عبرية إلى أن الهجمات الأخيرة على سوريا هدفت إلى توجيه رسالة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قال إنه "بينما نقوم بعمليات معينة في سوريا، يتعين أن يكون هناك آلية تفادي صدام في مرحلة معينة مع إسرائيل، التي تحلق طائراتها في تلك المنطقة، تماما كما نفعل مع الأمريكيين والروس".

وأضاف فيدان في تصريحات صحفية، مساء الأربعاء، "طبعا، إنه أمر طبيعي أن يكون هناك اتصالات على المستوى الفني لتأسيس ذلك". لكنه استبعد أن يكون هناك تطبيع للعلاقات مع "إسرائيل"، خاصة بعد أن تصاعد التوتر بين البلدين على خلفية العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • مواجهة الصلف الصهيوأمريكي مسؤولية إيمانية على كل أبناء الأمة
  • حملات اعتقالات وهدم بالضفة والاحتلال ينسحب من مخيم بلاطة
  • الدردير يتساءل بشأن المسئول عن الفتنة الكبيرة بين جماهير الأهلي والزمالك
  • مصادر تركية تكشف محاور أول محادثات بين أنقرة والاحتلال بشأن سوريا
  • المراكز الصيفية.. حيث تصاغ الأمـة التي كسرت هيبة أمريكا
  • خرطوم ما بعد التحرير من الجنجويد
  • الأمير عبد القادر في دمشق.. بطل جزائري يُنقذ المسيحيين ويُسكت مدافع الفتنة
  • قوى السودان الناعمة والشعب المُعَلِم
  • د. الهمص: الحرب تقتل أطفال غزة والاحتلال يمنع اللقاحات
  • مقترح مصري جديد لوقف إطلاق النار في غزة.. والاحتلال يتحفظ على بعض بنوده