جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-06@10:35:39 GMT

الانتماء الوطني.. التزام ومسؤولية

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

الانتماء الوطني.. التزام ومسؤولية

 

 

◄ غياب الانتماء للوطن خطر يُهدد حياة أي مجتمع وينشر الفوضى والخراب والدمار ويتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار

◄ عملية بناء المواطن الصالح وتعميق الانتماء للوطن تمرُّ بمراحل مُتعددة؛ أهمها: مرحلة الطفولة والنشوء

 

د. سالم بن عبدالله العامري

تمرُّ قضية الانتماء إلى الوطن في أمتنا الإسلامية بأزمة خطيرة معقدة، بفعل الثورات المعرفية والصناعية، والتغيرات السريعة المتلاحقة في العالم بعضها بفعل تقدم العلوم وتطورها، وأخرى بسبب الغزو الفكري؛ مما حدا بالكثيرين من أهل العلم والاختصاص إلى التوقف عندها والتوجس منها نتيجة ظهور بعض الممارسات الخاطئة والمبتدعة عند بعض شباب الأمة، الذين تخلوا عن دينهم، وتركوا مبادئهم، ونزعوا لباس عزتهم وكرامتهم؛ مما أدى لانضمامهم إلى جماعات تسيء إلى دينهم ووطنهم، وتستغلهم في أعمال تضر بالوطن والمواطن، وفي ضوء هذا التطور التكنولوجي والغزو الثقافي والاستقطاب الفكري الذي يعيشه العالم وما يسببه من فقدان للهوية الوطنية فقد لقي موضوع الانتماء الوطني اهتماماً بالغاً في الآونة الأخيرة؛ وذلك من أجل تحصين جيل الشباب وتعزيز هويته الوطنية وتعميق انتمائه لوطنه.

ويعرف الانتماء إلى الوطن بأنه "السلوك المعبر عن امتثال الفرد للقيم الوطنية السائدة في مجتمعه، كالاعتزاز بالرموز الوطنية، والالتزام بالقوانين والأنظمة السائدة، والمحافظة على ثروات الوطن وممتلكاته، وتشجيع المنتجات الوطنية، والتمسك بالعادات والتقاليد، والمشاركة في الأعمال التطوعية، والمناسبات الوطنية، والاستعداد للتضحية دفاعا ًعن الوطن".

إنَّ غياب الانتماء للوطن خطر يهدد حياة أي مجتمع وينشر الفوضى والخراب والدمار ويتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار؛ وبالتالي انزلاق المجتمع إلى ما لا يحمد عقباه والوقوع في مصيدة شبكات المفسدين والمجرمين الذين يسعون فساداً في الأرض من أجل خراب المجتمعات والأوطان.

ومن مظاهر الانتماء للوطن حب الخير للوطن، ومن ذلك ما جاء في قصة إبراهيم عليه السلام لما أتى بهاجر "أم إسماعيل" مكة فأسكنها، وليس بها أنيسٌ ولا ماء، دعا لها بالأمن قبل الرزق: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ.."، فقدم الدعاء بالأمن لوطنه لأن العيش لا يهنأ، والمقام لا يحمد، ولا يستساغ مع الخوف، فوجود الأمن في الوطن ضروري لتوافر قوام الحياة الكريمة، والدفاع عن الوطن كذلك دليل على صدق الانتماء ويجسد هذا الانتماء بالتضحية من أجل الشعب والأرض، تضحية نابعة من الشعور بحب ذلك الوطن وأهله.

إنَّ عملية بناء المواطن الصالح، وتعميق الانتماء للوطن تمرُّ بمراحل متعددة؛ أهمها: مرحلة الطفولة والنشوء التي تجعل الشخص يعيش الانتماء فكرة ووجدانا؛ فالولاء لا يولد مع الإنسان وإنما يكتسبه من مجتمعه؛ لذلك فهو يخضع لعملية التعلم فالفرد يكتسب ولاءه وانتماءه من بيته ثم من مدرسته ثم من مجتمعه فهذه المراحل المهمة في تدعيم انتماء الفرد لوطنه كلها تصبُّ في النهاية في بوتقة واحدة هي انتمائه لوطنه الذي هو أغلى ما يملكه الإنسان.

ويجب أن نذكِّر أبناءنا وبناتنا بالمسؤوليات والواجبات المترتبة على العمل بمفاهيم الوطنية والمواطنة، وأن نبيِّن لهم أن الدرع الواقي لحماية هذا الوطن ومكتسباته هم رجاله وشبابه وبناته، وأنه إنْ تقاعس أبناء الوطن، ولم يقوموا بواجباتهم، أو لم يتحملوا مسؤولياتهم فإنهم سيكونون أول الخاسرين -لا قدر الله- فما الوطن إلا بشبابه، وما قوته إلا بقوتهم، ولا رقيه إلا برقيهم". فالانتماء الوطني ليس ادَّعاء يدعيه الإنسان، أو مقولة تقال أو خطبة تذاع، وإنما هو التزام ومسؤولية"، فنحن في سفينة وطنية واحدة، وأي خرق في تلك السفينة، أو تقاعس في حمايتها، سيؤدي إلى خسارة الجميع.

وعلى المؤسسات الثقافية والتربوية والإعلامية، أن تعمل من أجل بلورة مفهوم الانتماء الوطني وغرسه بمفهومه الصحيح في نفوس أبنائنا؛ فالانتماء إلى الوطن يدفعنا جميعا للعمل على تحصين المجتمع وحمايته من الأفكار الضالة والهدامة التي تهدد وحدة البلاد، وربط جميع المواطنين بمسؤولياتهم وواجباتهم الوطنية نحو العمل لسد الثغرات، وإنهاء نقاط الضعف، والسعي المتواصل لتعزيز وحدته وتصليب وتمتين تضامنه الداخلي، وتغليب روح الانتماء للوطن على المصالح الشخصية والفئوية، والعمل على نشر ثقافة الانتماء للوطن وإلغاء النعرات القبلية والطائفية والمذهبية وتأكيد خطورتها على الوحدة الوطنية، وتهديدها للنسيج الاجتماعي للبلاد.

وأخيراً.. ينبغي أن نمضي ونمتثل لخُطى القائد المفدى جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- في تربية الأبناء؛ حين قال: "تربية الأبناء هي جزء من أصل المجتمع العماني، وعندما يتشرب أبناؤنا عاداتنا وتقاليدنا والتمسك بالأسرة والمجتمع يكون ذلك سبيل نجاح المجتمع". وأكد نصحه لكل مواطن ومواطنة، حين قال: "علينا أن نحافظ على إرثنا وعلى ترابطنا الأسري وعلى تربية أبنائنا وبناتنا التربية الصالحة". حفظ الله عمان وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، وأدام علينا الأمن والإيمان والاستقرار، وجنبنا الفتن وأهلها، واهدِ اللهم ضالنا، واجعل هذا البلد واحة أمن وأمان يا رب العالمين.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جازان.. حاضنة للثروة الحيوانيّة ومركز لتحقيق الأمن الغذائي الوطني

المناطق_واس

تُعدُّ منطقة جازان من أهم المناطق الزراعية في المملكة، وتؤدي دورًا محوريًا في تحقيق الأمن الغذائي الوطني بفضل ثروتها الحيوانية المتنوعة.

وتتميز المنطقة بتوفّر بيئة طبيعية فريدة تجمع بين السهول الخصبة والتلال الجبلية والأمطار الموسمية، مما يوفر مناخًا مناسبًا لتربية مختلف أنواع الماشية، كالضأن والماعز والإبل، ويجعلها عنصرًا رئيسًا في الاقتصاد المحلي، حيث تلبي احتياجات السوق من اللحوم الحمراء والألبان.

أخبار قد تهمك محمية الملك عبدالعزيز الملكية تحظر الصيد ضمن نطاقها 3 سبتمبر 2024 - 5:01 مساءً مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 12180.37 نقطة 3 سبتمبر 2024 - 4:59 مساءً

ووفقًا لتقديرات وزارة البيئة والمياه والزراعة، فإن حجم الثروة الحيوانية في منطقة جازان يبلغ أكثر من 3.977.414 رأسًا من الماشية، تشمل أكثر من 1.721.000 رأس من الضأن، و2.103.000 رأس من الماعز، ونحو 95.400 رأس من الأبقار، بالإضافة إلى ما يقارب 57.400 رأس من الإبل، وتضم المنطقة مشروعات إنتاج للدواجن تصل طاقتها الإنتاجية إلى 1.944.000 دجاجة لاحمة سنويًا.

ويعدّ قطاع الثروة الحيوانية في جازان قطاعًا مزدهرًا، مدعومًا ببرامج حكومية متعددة؛ تهدف إلى تحسين جودة الإنتاج وزيادة الكفاءة، وتُعرف المنطقة تاريخيًا بممارسة حرفة الرعي منذ مئات السنين، حيث حافظ الأهالي على هذه المهنة التي تشكل جزءًا من ثقافتهم المحلية، وأسهم الموقع الجغرافي والتنوع البيئي للمنطقة في تعزيز هذه الحرفة، مما أدى إلى نمو الثروة الحيوانية بشكل ملحوظ.

وتشير الإحصائيات إلى أن مهنة الرعي لا تزال تحتل مكانة بارزة في حياة سكان منطقة جازان، حيث تُعد مصدر دخل رئيس للعديد من الأسر الريفية.

وفي لقاء مع المزارع “عيسى الريثي”، الذي يمتهن تربية الماشية في جازان منذ أكثر من ثلاثة عقود، أوضح أن تربية الماشية توفر دخلًا ثابتًا للأسر وتسهم في تنمية الاقتصاد المحلي، مشيرًا إلى أن الدعم المقدم من وزارة البيئة والمياه والزراعة من خلال العيادات والصيدليات البيطرية البالغ عددها 25 عيادة وصيدلية في المنطقة، يُسهم في تحسين صحة الحيوانات وزيادة إنتاجيتها.

ومن الناحية الاقتصادية، تسهم تربية الماشية في تحقيق قيمة مضافة للمجتمع المحلي من خلال توفير فرص العمل وتعزيز الإنتاج الزراعي، ويدعم برنامج “ريف” التابع للوزارة؛ تعزيز التنمية الريفية المستدامة، للمزارعين والأسر الريفية في المنطقة من خلال توفير الدعم المالي والتقني اللازم لتحسين إنتاجية الماشية وتسويقها.

وبذلت الدولة -أيدها الله – جهودًا كبيرة من خلال وزارة البيئة والمياه والزراعة لتعزيز المحافظة على الثروة الحيوانية بمنطقة جازان وتنميتها، ودعم مربي الماشية ومشروعات الدواجن عبر إداراتها وعياداتها البيطرية المنتشرة في المنطقة، حيث تشمل هذه “الجهود التحصين الوقائي، والكشف اليومي على الحالات المرضية، وتشخيص الأمراض، وعلاج الحيوانات”، إضافة إلى مكافحة البعوض في الحظائر، كما يقدم مختبر التشخيص البيطري بالمنطقة خدمات تحليلية لتحديد مسببات الأمراض للحفاظ على صحة واستدامة الثروة الحيوانية.

ومن المتوقع أن تواصل جازان تحقيق نجاحات ملموسة في تطوير هذا القطاع، بفضل المشروعات التطويرية؛ التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز القدرات التنافسية في الأسواق المحلية والدولية.

وتظل الثروة الحيوانية في جازان عنصرًا حيويًا في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق الأمن الغذائي في المملكة، حيث يعكس النمو المستمر لهذا القطاع الحيوي التزام الحكومة والمجتمع المحلي بتطوير قدراتهما لتحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان استدامة الموارد الحيوانية في المنطقة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 3 سبتمبر 2024 - 5:05 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد3 سبتمبر 2024 - 4:57 مساءًلويس سواريز يعتزل اللعب دولياً أبرز المواد3 سبتمبر 2024 - 4:14 مساءً“التجارة” تتيح للمنشآت التجارية والمتاجر الإلكترونية إصدار تراخيص تخفيضات اليوم الوطني منطقة المدينة المنورة3 سبتمبر 2024 - 4:10 مساءً57 مراقباً ومراقبة لضبط حركة السوق المركزي للتمور بالمدينة المنورة أبرز المواد3 سبتمبر 2024 - 4:06 مساءًاليوم .. إجراء قرعة كأس الاتحاد السعودي للسيدات أبرز المواد3 سبتمبر 2024 - 4:03 مساءً“تكافل”: إيداع الدفعة الأولى من “الإعانة المدرسية” لأكثر من 260 ألف طالب وطالبة3 سبتمبر 2024 - 4:57 مساءًلويس سواريز يعتزل اللعب دولياً3 سبتمبر 2024 - 4:14 مساءً“التجارة” تتيح للمنشآت التجارية والمتاجر الإلكترونية إصدار تراخيص تخفيضات اليوم الوطني3 سبتمبر 2024 - 4:10 مساءً57 مراقباً ومراقبة لضبط حركة السوق المركزي للتمور بالمدينة المنورة3 سبتمبر 2024 - 4:06 مساءًاليوم .. إجراء قرعة كأس الاتحاد السعودي للسيدات3 سبتمبر 2024 - 4:03 مساءً“تكافل”: إيداع الدفعة الأولى من “الإعانة المدرسية” لأكثر من 260 ألف طالب وطالبة محمية الملك عبدالعزيز الملكية تحظر الصيد ضمن نطاقها محمية الملك عبدالعزيز الملكية تحظر الصيد ضمن نطاقها تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • «الأمة القومي» يحذر: انعدام الوحدة الوطنية يسهم في توسع العنف وظهور جماعات متطرفة
  • حردان: الثقافة تعبير عن الانتماء والقضايا الوطنية
  • ارتكبوا جرائم مُهددة للوحدة الوطنية.. الأمن السعودي يُصدر بيانا بشأن 7 مواطنين
  • "الداخلية" تقبض على 7 مواطنين لارتكابهم جرائم مُهددة للوحدة الوطنية
  • الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تطلق المرحلة الثانية من برنامج «سايبرك» لتنمية قطاع الأمن السيبراني
  • الصكوك الوطنية ومجموعة عيسى صالح القرق تتعاونان لتعزيز الأمن المالي للموظفين
  • عضو «القومي لحقوق الإنسان»: الأمن الغذائي يتصدر أولويات التحالف الوطني
  • سعود بن صقر: التعليم أساس نهضة الأمم وركيزة في بناء أجيال من القيادات الوطنية
  • جازان.. حاضنة للثروة الحيوانيّة ومركز لتحقيق الأمن الغذائي الوطني
  • مجلس وكلاء الأمن الوطني يناقش مشروع إنشاء قمر صناعي عراقي