الانتماء الوطني.. التزام ومسؤولية
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
◄ غياب الانتماء للوطن خطر يُهدد حياة أي مجتمع وينشر الفوضى والخراب والدمار ويتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار
◄ عملية بناء المواطن الصالح وتعميق الانتماء للوطن تمرُّ بمراحل مُتعددة؛ أهمها: مرحلة الطفولة والنشوء
د. سالم بن عبدالله العامري
تمرُّ قضية الانتماء إلى الوطن في أمتنا الإسلامية بأزمة خطيرة معقدة، بفعل الثورات المعرفية والصناعية، والتغيرات السريعة المتلاحقة في العالم بعضها بفعل تقدم العلوم وتطورها، وأخرى بسبب الغزو الفكري؛ مما حدا بالكثيرين من أهل العلم والاختصاص إلى التوقف عندها والتوجس منها نتيجة ظهور بعض الممارسات الخاطئة والمبتدعة عند بعض شباب الأمة، الذين تخلوا عن دينهم، وتركوا مبادئهم، ونزعوا لباس عزتهم وكرامتهم؛ مما أدى لانضمامهم إلى جماعات تسيء إلى دينهم ووطنهم، وتستغلهم في أعمال تضر بالوطن والمواطن، وفي ضوء هذا التطور التكنولوجي والغزو الثقافي والاستقطاب الفكري الذي يعيشه العالم وما يسببه من فقدان للهوية الوطنية فقد لقي موضوع الانتماء الوطني اهتماماً بالغاً في الآونة الأخيرة؛ وذلك من أجل تحصين جيل الشباب وتعزيز هويته الوطنية وتعميق انتمائه لوطنه.
ويعرف الانتماء إلى الوطن بأنه "السلوك المعبر عن امتثال الفرد للقيم الوطنية السائدة في مجتمعه، كالاعتزاز بالرموز الوطنية، والالتزام بالقوانين والأنظمة السائدة، والمحافظة على ثروات الوطن وممتلكاته، وتشجيع المنتجات الوطنية، والتمسك بالعادات والتقاليد، والمشاركة في الأعمال التطوعية، والمناسبات الوطنية، والاستعداد للتضحية دفاعا ًعن الوطن".
إنَّ غياب الانتماء للوطن خطر يهدد حياة أي مجتمع وينشر الفوضى والخراب والدمار ويتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار؛ وبالتالي انزلاق المجتمع إلى ما لا يحمد عقباه والوقوع في مصيدة شبكات المفسدين والمجرمين الذين يسعون فساداً في الأرض من أجل خراب المجتمعات والأوطان.
ومن مظاهر الانتماء للوطن حب الخير للوطن، ومن ذلك ما جاء في قصة إبراهيم عليه السلام لما أتى بهاجر "أم إسماعيل" مكة فأسكنها، وليس بها أنيسٌ ولا ماء، دعا لها بالأمن قبل الرزق: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ.."، فقدم الدعاء بالأمن لوطنه لأن العيش لا يهنأ، والمقام لا يحمد، ولا يستساغ مع الخوف، فوجود الأمن في الوطن ضروري لتوافر قوام الحياة الكريمة، والدفاع عن الوطن كذلك دليل على صدق الانتماء ويجسد هذا الانتماء بالتضحية من أجل الشعب والأرض، تضحية نابعة من الشعور بحب ذلك الوطن وأهله.
إنَّ عملية بناء المواطن الصالح، وتعميق الانتماء للوطن تمرُّ بمراحل متعددة؛ أهمها: مرحلة الطفولة والنشوء التي تجعل الشخص يعيش الانتماء فكرة ووجدانا؛ فالولاء لا يولد مع الإنسان وإنما يكتسبه من مجتمعه؛ لذلك فهو يخضع لعملية التعلم فالفرد يكتسب ولاءه وانتماءه من بيته ثم من مدرسته ثم من مجتمعه فهذه المراحل المهمة في تدعيم انتماء الفرد لوطنه كلها تصبُّ في النهاية في بوتقة واحدة هي انتمائه لوطنه الذي هو أغلى ما يملكه الإنسان.
ويجب أن نذكِّر أبناءنا وبناتنا بالمسؤوليات والواجبات المترتبة على العمل بمفاهيم الوطنية والمواطنة، وأن نبيِّن لهم أن الدرع الواقي لحماية هذا الوطن ومكتسباته هم رجاله وشبابه وبناته، وأنه إنْ تقاعس أبناء الوطن، ولم يقوموا بواجباتهم، أو لم يتحملوا مسؤولياتهم فإنهم سيكونون أول الخاسرين -لا قدر الله- فما الوطن إلا بشبابه، وما قوته إلا بقوتهم، ولا رقيه إلا برقيهم". فالانتماء الوطني ليس ادَّعاء يدعيه الإنسان، أو مقولة تقال أو خطبة تذاع، وإنما هو التزام ومسؤولية"، فنحن في سفينة وطنية واحدة، وأي خرق في تلك السفينة، أو تقاعس في حمايتها، سيؤدي إلى خسارة الجميع.
وعلى المؤسسات الثقافية والتربوية والإعلامية، أن تعمل من أجل بلورة مفهوم الانتماء الوطني وغرسه بمفهومه الصحيح في نفوس أبنائنا؛ فالانتماء إلى الوطن يدفعنا جميعا للعمل على تحصين المجتمع وحمايته من الأفكار الضالة والهدامة التي تهدد وحدة البلاد، وربط جميع المواطنين بمسؤولياتهم وواجباتهم الوطنية نحو العمل لسد الثغرات، وإنهاء نقاط الضعف، والسعي المتواصل لتعزيز وحدته وتصليب وتمتين تضامنه الداخلي، وتغليب روح الانتماء للوطن على المصالح الشخصية والفئوية، والعمل على نشر ثقافة الانتماء للوطن وإلغاء النعرات القبلية والطائفية والمذهبية وتأكيد خطورتها على الوحدة الوطنية، وتهديدها للنسيج الاجتماعي للبلاد.
وأخيراً.. ينبغي أن نمضي ونمتثل لخُطى القائد المفدى جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- في تربية الأبناء؛ حين قال: "تربية الأبناء هي جزء من أصل المجتمع العماني، وعندما يتشرب أبناؤنا عاداتنا وتقاليدنا والتمسك بالأسرة والمجتمع يكون ذلك سبيل نجاح المجتمع". وأكد نصحه لكل مواطن ومواطنة، حين قال: "علينا أن نحافظ على إرثنا وعلى ترابطنا الأسري وعلى تربية أبنائنا وبناتنا التربية الصالحة". حفظ الله عمان وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، وأدام علينا الأمن والإيمان والاستقرار، وجنبنا الفتن وأهلها، واهدِ اللهم ضالنا، واجعل هذا البلد واحة أمن وأمان يا رب العالمين.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حماة الوطن بالإسكندرية يختتم دورة التثقيف السياسي للمرأة
وزعت رانيا الشيمي، أمين أمانة المرأة بحزب حُماة الوطن بالإسكندرية، واللواء ممدوح النمر، أمين أمانة الشؤون السياسية، شهادات اجتياز دورة التثقيف السياسي التي أقيمت تحت عنوان “دور المرأة في الحياة السياسية”، واستمرت فعالياتها لمدة ثلاثة أيام، في أحد الأندية الاجتماعية بمنطقة سموحة، برعاية اللواء طارق بركات، رئيس قطاع شمال وغرب الدلتا، وبتوجيهات محمد السيد مجاهد، الأمين العام للحزب بالإسكندرية، وبإشراف الدكتور رجائي عزت، الأمين العام المساعد وأمين أمانة التنظيم.
ووجه المشاركون في الدورة الشكر للحزب عن البرنامج المتكامل والمحاضرات المتخصصة التي شهدتها الدورة خلال أيام فعالياتها والذي ساهم بشكل كبير في تعزيز فهمهم لدور المرأة في الحياة السياسية وطرق دعم مشاركتها الفعالة في مختلف المجالات.
وشهد الحفل الختامي حضور النائبة الدكتورة راندا مصطفى، أمينة المرأة المركزية بالحزب، التي أكدت على أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة، مشيرة إلى ضرورة استثمار مهاراتها الفردية بما يساهم في تعزيز إنتاجيتها وتوسيع مشاركتها في التنمية المجتمعية.
وكان حزب حُماة الوطن قد افتتح أول أكاديمية مجانية متخصصة لتعليم كرة القدم للأطفال الأيتام وذوي الهمم، وذلك في احتفالية كبرى شهدها ملعب نادي سيدي بشر شرق محافظة الإسكندرية، وذلك في خطوة لدمج الفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع، عبر توفير فرص متساوية للتعلم وصقل المواهب الرياضية.
في كلمته خلال حفل الافتتاح، أكد النائب اللواء طارق نصير أمين عام الحزب ووكيل أول لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ، أن الأكاديمية تأتي كجزء من خطة الحزب لدعم الفئات الأكثر احتياجا، وعلى رأسها ذوو الهمم، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي من المبادرة هو اكتشاف المواهب الرياضية الكامنة لدى الأطفال وتطويرها بما يسهم في دمجهم في المجتمع بصورة فعالة، مضيفا أن الحزب يسعى لتعميم الأكاديمية على مستوى المحافظات، بما يتماشى مع رؤية الحزب لتعزيز التنمية المستدامة، ولتكون نموذجًا يحتذى به في العمل المجتمعي.