بغداد اليوم - بغداد

تعد الخلافات السياسية ومحاولات "كسر العظم" بين القوى السياسية المختلفة في عراق مابعد 2003، أمرًا طبيعيًا ومعتادًا بداخل جميع المكونات، إلا أن مايحدث في الحالة الكردية يعد أثره كبيرًا جدًا، حيث أن الأحزاب الكردية تعيش حالة "استقطاب وتهديد دائمين" مع القوى السياسية العربية (السنية والشيعية) الأخرى، مايعني أن أي نصرة يقوم بها حزب كردي لصالح قوى سياسية غير كردية بالضد من حزب كردي آخر، يمكن أن يُقرأ بأنه "خيانة"، وليس لعبًا سياسيًا معتادًا.

والحديث هنا عن الحزبين الحاكمين في اقليم كردستان، الديمقراطي والاتحاد الوطني، فالخلافات بين الحزبين لم تبق داخل حدود الاقليم بل انتقلت الى بغداد ونينوى وأخيرًا كركوك، وفي كل قضية خلافية، كان أحد الأطراف "يكسر الآخر"، عبر اصطفافه مع قوى سياسية اخرى، وغالبًا ماتكون هذه المساندة، لايستفيد منها الحزب الكردي المصطف، سوى الاضرار بالحزب الكردي الآخر.

طوال العامين الماضيين، وفي قصة صراع "اربيل-بغداد"، كان حزب الاتحاد الوطني الكردستاني هو المتهم بـ"الخيانة"، فالاتحاد الوطني المصطف مع الاطار التنسيقي، كان شاهدًا على ماتعتبره أربيل "محاولات ضغط لتفكيك سلطة الاقليم الفيدرالية" وجعله تابعًا للمركز في كل شيء، لكن مؤخرًا، تبادل البارتي واليكتي أدوار "الخيانة" بمنظورهما في محافظتي الموصل وكركوك.

في الموصل، قام الاتحاد الوطني الكردستاني وبالاصطفاف مع كتل من الاقليات التي تنضوي مع الاطار التنسيقي من بينها كتلة بابليون المسيحية التي تمتلك صراعا طويلا مع الديمقراطي الكردستاني، ادى هذا الاصطفاف الى تغيير شامل لرؤساء الوحدات الادارية في المحافظة، في جلسة قاطعها ورفضها تحالف نينوى الموحد العربي السني، وحزب الديمقراطي الكردستاني، فيما يقول الديمقراطي ان هذه الجلسة سلبت العديد من المناطق التابعة لنفوذ الديمقراطي وغيرت مناصبها الادارية.

من هنا، اعتبر الديمقراطي الكردستاني ان حزب الاتحاد الوطني الكردستاني قاد "خيانة جديدة"، وتقوية لاحزاب اخرى على حساب "اشقاءهم الكرد"، ليستعد الديمقراطي الكردستاني للانتقام من الاتحاد الوطني الكردستاني بواحدة من أكبر نقاط ضعفه المتمثلة بـ"منصب محافظ كركوك"، والذي يتصارع عليه العرب والكرد ليس منذ انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة فحسب بل منذ عمليات 2017 وسيطرة القوات العراقية الاتحادية على المحافظة.

هذا الانتقام، تمثل بان يصطف الديمقراطي الكردستاني الذي يمتلك مقعدين في مجلس كركوك، مع الشق العربي-التركماني في المجلس والذي يعمل على رفض تسلم الكرد وتحديدا (الاتحاد الوطني الكردستاني) منصب المحافظ.

يمتلك الشق العربي التركماني 8 مقاعد، ويمتلك الشق الكردي 8 مقاعد ايضا (5 للاتحاد الوطني الكردستاني، و2 للديمقراطي الكردستاني، ومقعد واحد لبابليون)، ويحتاج كل طرف من الطرفين، مقعدًا واحدًا فقط ليشكل الاغلبية ومن ثم حكومة كركوك.

غير ان عمليات تنقل و"مؤامرات" حدثت داخل كل شق من الشقين، فبينما كسب الشق العربي مقعدي الحزب الديمقراطي ماسيجعل لديهم 10 مقاعد من الممكن ان يشكل حكومة كركوك بسهولة، الا ان مقعدين عربيين تشير المعلومات الى انهما انضما الى تحالف "الاتحاد الوطني الكردستاني وبابليون"، لتعود المعادلة كما كانت (8 في 8).

وعمومًا قرأ الاتحاد الوطني الكردستاني خطوة الديمقراطي الكردستاني بأنه "خيانة وبيع كركوك بثمن بخس الى العرب"، بالرغم من ان كركوك قضية مصيرية بالنسبة للكرد، في تطور يعكس مدى قوة الخلافات وكسر العظام بين الحزبين الكرديين التي قد تقود حتى للمراهنة بـ"كركوك" الثمينة بالنسبة للكرد. 

"البادي أظلم!"

وفي هذا السياق، رد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، على اتهامات الاتحاد الوطني له ببيع كركوك بثمن بخس، بالقول: "من كان بيته من زجاج لايرمي الناس بالحجارة"، معتبرا ان "الاتحاد الوطني هو أول من وقف مع ريان الكلداني والإطار في نينوى وأضر بالديمقراطي".

وأضاف سلام في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن "الديمقراطي لا يخون المواقف الكردية ولا يخون قضايا الكرد، وعليهم أن يراجعوا أنفسهم أولاً، وكيف وقفوا مع الكلداني والأطار وأضروا بنا، رغم شعبيتنا الكبيرة في نينوى، ولكن لا نتعامل بالمثل".

وأشار إلى أن "الاتفاق مع مكونات كركوك لا يعني الخيانة إطلاقا، لآن كركوك لا تحكم من طرف واحد ولا مكون واحد".

وكان متحدث الاتحاد الوطني سعدي أحمد بيره قد قال في تصريحات إن "ما أقدم عليه الحزب الديمقراطي هو بيع لكركوك بسعر بخس (سوق هرج)"، معتبرا أنها "خطوة سيئة ولن تصل بالحزب الديمقواطي إلى مراميه، لأن مقاعد الاتحاد الوطني في كركوك يزيد عن مقاعد البارتي بأربعة مقاعد". 

الانتقام من حادثة نينوى بكركوك

وكان مصدر مطلع، قد أكد أول أمس الجمعة (19 تموز 2024)، عن تشكيل تحالف ثلاثي يضم الحزب الديمقراطي والتركمان والعرب للحصول على الأغلبية في مجلس كركوك، انتقاماً من الاتحاد الوطني الكردستاني.

وقال المصدر في حديث لـ "بغداد اليوم" إن "الحزب الديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية والتحالف العربي الذي يقوده راكان الجبوري، دخلا في تحالف ثلاثي جديد"، مبيناً أن "التحالف الحالي يضم 7 أعضاء في مجلس المحافظة ويسعى لضم أعضاء اثنين من العرب ليصبح العدد 9 مقاعد ويشكل الأغلبية في مجلس المحافظة لتسمية المحافظ الجديد بعيدا عن الاتحاد الوطني الكردستاني".

وأضاف أن "الديمقراطي يريد الانتقام من الاتحاد الوطني لما فعله في نينوى، بعد أن ذهب الأخير في تحالف مع كتلة الإطار التنسيقي وتحالف بابليون بقيادة ريان الكلداني، وتم استبعاد الديمقراطي من المناصب الادارية للمناطق التي يسيطر عليها سابقا في نينوى".

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الاتحاد الوطنی الکردستانی الدیمقراطی الکردستانی الحزب الدیمقراطی فی نینوى فی مجلس

إقرأ أيضاً:

قوّة أمنية تغلق مقرات ملا بختيار تهميدًا لطرده من اليكتي.. ما علاقة راية الثورة؟ - عاجل

بغداد اليوم - السليمانية 

كشف القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي، اليوم الجمعة (6 أيلول 2024)، عن أسباب قيام قوة أمنية بإغلاق مقرات المؤسسات التابعة لمسؤول الهيئة العاملة والقيادي البارز في الاتحاد ملا بختيار.

وقال سورجي في حديث لـ "بغداد اليوم" إن "ملا بختيار هو شخصية مناضلة وقديمة، ولكن دائما في أدبيات الأحزاب هنالك اختلاف في الروئ، وفي ثمانيات القرن الماضي شكل بختيار تيارًا باسم راية الثورة سرًا، وانكشف امره واعتقل، وقيادة الاتحاد الوطني وعلى رأسها جلال طالباني آنذاك عفت عنه".

وأضاف، أن "تياره شكل حزبًا وذهب للتحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبعد سنوات أصبح ملا بختيار هو مسؤول الهيئة العاملة في الاتحاد، وفي فترة مرض جلال طالباني كانت كل أمور الحزب بيده".

وأشار سورجي إلى، أنه "بعد المؤتمر الرابع تم إقرار تشكيل هيئة عليا لمصالح الاتحاد تضم القيادات الكبيرة، وهو على رأسهم، ولكنه غضب بعد ترشيح الاتحاد الوطني لبرهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية، وهو كان يطمح لتولي المنصب".

وبين، أن "بختيار كان يتولى رئاسة الأمور المالية والإدارية للحزب، وأسس مؤسسة تحت مسى جاودير "المراقب" وهذه المؤسسة بدأت تهاجم الاتحاد الوطني ليلًا ونهارًا".

ولفت سورجي إلى، أن "هذه المؤسسة كان لها فروع في خانقين أيضا، وكل أجهزتها والبنايات بأموال الاتحاد الوطني، والمؤسسة كانت تستخدم برامجها وأخبارها والكتابات ضد الاتحاد الوطني ولصالح خصوم الحزب".

وتابع أن "ملا بختيار يريد تشويه صورة الاتحاد الوطني، رغم كل التضحيات التي قدمها الحزب، والاتحاد الوطني كان يصبر، والآن نحن أمام انتخابات مصيرية والمؤسسة مستمرة بمهاجمة الاتحاد".

وأوضح، أنه "وفقا للمنهاج الداخلي فأن الإدارة المالية في الحزب تقدمت بشكوى لغرض استرداد مؤسسة "جاودير" لأنها عائدة للحزب، وبناءً على هذا الأمر سيطرت قوة أمنية على البناية، وسيتم حجز ممتلكات هذه المؤسسات في خانقين بأعتبارها أموالا عائدة للاتحاد".

وأردف القيادي بالإتحاد الوطني، أنه "سيتم طرد ملا بختيار من الحزب، ولكن الأمر يحتاج لاجتماع المجلس القيادي للاتحاد الوطني ويصوت على هذا الأمر".

مقالات مشابهة

  • قوّة أمنية تغلق مقرات ملا بختيار تهميدًا لطرده من اليكتي.. ما علاقة راية الثورة؟ - عاجل
  • الكويت تعود من الأردن بـ «النقطة الثمينة»
  • لماذا تقلق ألمانيا من صعود اليمين المتطرف؟
  • إزاحة الديمقراطي غير ممكنة.. البارتي يستدل على قوته بعبارة واحدة ويذكّر بالعام 1992
  • إزاحة الديمقراطي غير ممكنة.. البارتي يستدل على قوته بعبارة واحدة ويذكّر بالعام 1992 - عاجل
  • النائب أحمد صبور: القيادة السياسية تتفاعل بإيجابية مع مخرجات الحوار الوطني
  • «الغد»: الحوار الوطني منصة رئيسية لمعالجة القضايا وتحقيق التقدم بجميع المجالات
  • العربي الأوروبي لحقوق الإنسان يستجيب لمطالب القوى السياسية الليبية
  • تركيا تشنّ غارات ضد العمال الكردستاني بشمال العراق
  • تحذيرات من تصعيد عسكري جديد بين الحوثيين والحكومة في اليمن.. لماذا؟