وقع الإسرائيلي في الفخ ونجح كمين يافا!
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
لقد اقترف العدو الإسرائيلي حماقة بالاعتداء على ميناء الحديدة في اليمن كردٍّ على مُسيَّرة "يافا" اليمنية، التي ضربت في قلب "غوش دان" فجر أمس، ولعله بفعلته الإجرامية هذه قد سقط مجدّدا بفخٍ استراتيجي آخرٍ رسمه له محور المقاومة بحنكةٍ ودهاءٍ، فأبرع الكمائن تلك التي لا تدع لعدوك بُدّا إلا من الوقوع فيها بعينين مفتوحتين!
لقد وصلت المقاومة الفلسطينية ومعها باقي أركان محور المقاومة، خلال الأسبوعين الماضيين، لقناعةٍ تفيد أن حكومة العدو لا تنوي التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار، وبأن الاحتلال ماضٍ في ارتكاب الفظائع والمجازر بحق المدنيين والنازحين في قطاع غزة.
إذ تُظهِر تصرفات نتنياهو، وطريقة تعاطيه مع الليونة التي أبدتها حركة حماس خلال الأيام القليلة الماضية، اتجاه صيغة الإطار، تلك الصيغة التي اقترحتها إدارة بايدن لوقف الحرب تُظهِر أن العدو يقارب المشهد بناء على الآتي:
- يأمل العدو بأن تنقلب الحاضنة الشعبية في قطاع غزة على المقاومة بسبب زيادة الضغط عليها، أو أن تنهار كنتيجةٍ للأوضاع الإنسانية الكارثية، وعليه فهو مستمرٌ بارتكاب المذابح بحقِّ النازحين تحديدا عن سابق إصرارٍ وتصورٍ، وبخنق عموم سكان القطاع الذي بات على شفا مجاعةٍ حقيقيةٍ، هذا إن لم يكن قد دخلها بالفعل.
يراهن نتنياهو على تحقيق أي إنجازٍ عسكريٍ ما، من قبيل النيل من أحد قيادات القسام البارزين كيحيى السنوار أو محمد الضيف، أو التمكّن من استعادة بعض أسراه أحياء، ليقدّم هذا الأمر لجبهته الداخلية على أنّه إنجازٌ لحربه التي تعد كارثية على الكيان حتى اللحظة
- يراهن نتنياهو على تحقيق أي إنجازٍ عسكريٍ ما، من قبيل النيل من أحد قيادات القسام البارزين كيحيى السنوار أو محمد الضيف، أو التمكّن من استعادة بعض أسراه أحياء، ليقدّم هذا الأمر لجبهته الداخلية على أنّه إنجازٌ لحربه التي تعد كارثية على الكيان حتى اللحظة، ويأمل من هذا الأمر -إن حصل - أن يشفع له في إخفاقات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وأن يظهره بمظهر المنتصر.
- يحاول نتنياهو إطالة أمد الحرب قدر المستطاع لحين ظهور نتائج الانتخابات الأمريكية، التي بات مرجحا أن يفوز فيها ترامب، إذ يأمل نتنياهو بأن يتمكّن من توريط الجيش الأمريكي في حربٍ إقليميةٍ جديدةٍ، معتمدا على قلّة خبرة ترامب وضحالة رؤاه الاستراتيجية، في محاولةٍ يائسةٍ من نتنياهو ليتجاوز المأزق الوجودي الذي بات يعيشه الكيان الغاصب.
- يرى نتنياهو وحكومته بأن الأثمان التي يدفعها جيش الاحتلال في العتاد والعديد على جبهتيّ غزة وشمال فلسطين المحتلة لايزال بالإمكان تحمُّلها، لا سيما أن جبهة العدو الداخلية في عمق الكيان تعد هادئة نسبيا.
أيَّا يكن الحال، فإنه على ضوء القناعة التي توّلدت عند قيادات محور المقاومة بعدم جدية حكومة نتنياهو بوقف الحرب، يبدو أنه تمّ اتخاذ قرارٍ بتصعيد الضغط على العدو، لا سيما على عمق جبهته الداخلية، إذ أن هكذا تصعيدٍ سيكون من شأنه الضغط بشكلٍ أقوى على الكيان، وعلى قرار نتنياهو مواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة.
بالنظر إلى جبهات الإسناد، فإن تصعيدا من هذا النوع من قبل حزب الله يمكن أن يشعل حربا إقليمية شاملة، نظرا للقرب الجغرافي مع العدو، وهذا ما يتعارض مع استراتيجية محور المقاومة في هذه الحرب، التي ترتكز على الفوز بالنّقاط، وعلى تقليل حجم التضحيات في البشر والعمران بأكبر قدرٍ ممكنٍ، لذا وجدنا تصعيدا لافتا من قبل الحزب خلال اليومين الأخيرين، من خلال إدخال مستوطناتٍ جديدةٍ في شمال فلسطين المحتلة ضمن دائرة استهداف الحزب، بما يخدم استراتيجية المحور الأشمل في هذه المعركة، من ناحية زيادة الضغط على العدو لإجباره على القبول بوقف إطلاق النار حسب شروط المقاومة الفلسطينية، لكن دون دفع المنطقة إلى الحرب الشاملة.
وجاء تصعيد جماعة أنصار الله في اليمن من خلال استهداف عمق الكيان مباشرة، وإعلان المنطقة الأكثر تحصينا وأمانا في الكيان منطقة غير آمنة حتى وقف العدوان على غزة وفكّ الحصار، وبذلك استطاعت الجماعة تحويل البعد الجغرافي عن فلسطين المحتلة من عائقٍ إلى ميّزةٍ تخدم الاستراتيجية الأشمل التي تدار بها الحرب على مستوى الإقليم.
يعد التصعيد اليمني أمرا ضاغطا بصورةٍ يصعب على الكيان تحمّلها، لذا وضع اليمنيون والمحور من ورائهم الكيان المؤقت أمام خيارين:
- إما النزول عن الشجرة، ووقف المجازر، والعودة إلى التفاوض الجاد الذي يصل لوقف العدوان وفكّ الحصار حسب شروط المقاومة الفلسطينية.
- وإما أن يقوم جيش الاحتلال بتوسيع مساحة اشتباكه كي تصير مع اليمن أيضا، في محاولة منه لردّ شيءٍ من هيبته المبعثرة، ولثني جماعة أنصار الله والشعب اليمني الأصيل عن قرارهم الشجاع بجعل وسط فلسطين المحتلة منطقة غير آمنةٍ للمستوطنين الغزاة طالما استمر العدوان والحصار على غزة.
بهذا وضع المحور كيان الاحتلال في وضعية "كش ملك"، إذ أنه من نافلة القول بأن الاعتداء الصهيوني على ميناء الحديدة لن يؤثّر على قرار اليمن، ولا على قدرته العسكرية على استهداف منطقة يافا المحتلة بفعاليةٍ، فما عجزت عنه الحرب الضروس التي شنتها السعودية بدعمٍ ومشاركةٍ أمريكيين على اليمن طوال ثماني سنواتٍ، يظهر أن محور المقاومة قد نصب فخّا استراتيجيا للعدو الصهيوني، ولعله راهن في هذا الكمين على حماقة نتنياهو، وعلى عجرفة وعلو العقلية الصهيونية الإجرامية، إذ إن توسيع جيش الاحتلال نطاق عملياته ليشمل اليمن لن يؤدي سوى إلى مزيدٍ من استنزاف هذا الجيش المستنزَف أصلا في جبهتيّ غزة وجنوبيّ لبنانوما فشل تحالف "حامي الازدهار" الأمريكي البريطاني في البحر الأحمر بتحقيقه خلال الأشهر الماضية، حتما لن يكون بمقدور الجيش المهزوم في غزة تحقيقه!
لذلك يظهر أن محور المقاومة قد نصب فخّا استراتيجيا للعدو الصهيوني، ولعله راهن في هذا الكمين على حماقة نتنياهو، وعلى عجرفة وعلو العقلية الصهيونية الإجرامية، إذ إن توسيع جيش الاحتلال نطاق عملياته ليشمل اليمن لن يؤدي سوى إلى مزيدٍ من استنزاف هذا الجيش المستنزَف أصلا في جبهتيّ غزة وجنوبيّ لبنان، وتبديد موارده العسكرية دون أي طائلٍ ميدانيٍ على الإطلاق.
لكن مما يميّز هذا الكمين اضطرار العدو للوقوع فيه بعينين مفتوحتين، إذ أن عدم الرد على الضربة اليمنية يعمّق من إخفاقات جيش الاحتلال، ويزيد في تهشيم صورة قدرته الردعية، ويرفع من مستوى انعدام الشعور بالأمن لدى المستوطنين.
لقد أَدخلت كتائب القسام الاحتلال في معادلة خاسر- خاسر منذ العبور صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ولا زالت جبهات الإسناد تعزّز هذه المعادلة مع كل تصعيدٍ عسكريٍ جديدٍ مدروسٍ ومحسوبٍ بدقّةٍ، وليس أمام العدو اليوم إلا الاختيار بين أي خسارةٍ يرغب؛ فإما قبولٌ بوقف إطلاق نارٍ يعلم أن آثاره كارثيةٌ عليه من الناحية الاستراتيجية، أو مواصلةٌ لحرب استنزافٍ ستؤدي إما إلى انهيار جيشه في لحظةٍ ما، وإما أن تتطور إلى حربٍ إقليميةٍ شاملةٍ تغيّر خرائط المنطقة وتقتلع الكيان من جذوره.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الاحتلال غزة فلسطين غزة الاحتلال الحوثيين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فلسطین المحتلة محور المقاومة جیش الاحتلال على الکیان
إقرأ أيضاً:
سلاح حزب الله: الحاجة والضرورة لردع العدو الصهيوني
الثورة نت/..
في ظل التصعيد العسكري الصهيوني المستمر على جنوب لبنان، تتجلى الأهمية القصوى والضرورة الفعلية لسلاح حزب الله؛ باعتباره خيار تقتضيه مقاومة المحتل وردع محاولاته العدوانية المستمرة؛ وهو ما تؤكده قيادات الحزب مجددة موقفها المتمسك بالسلاح كرديف لفعل المقاومة وكضمانة وحيدة لردع العدو الصهيوني.
في رسالة أرادها حزب الله أن تكون شديدة الوضوح بوجه الطروحات الداخلية والخارجية بشأن نزع سلاح المقاومة، وضع الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم حدًا لأي نقاش، وأعلن بشكل واضح أن الحزب لن يسلم سلاحه تحت أي ظرف.
وقال قاسم في خطابه الأخير إن الحديث المتجدد عن سلاح المقاومة ما هو إلا جزء من الضغوط الأمريكية على الحكومة اللبنانية الجديدة، والتي تربط استمرار الدعم الدولي بملف السلاح، لافتا إلى أن المقاومة لا تخشى هذه الضغوط، وأن تهديدات الولايات المتحدة و”إسرائيل” لا تُرهب الحزب ولا بيئته الحاضنة، وأن سلاح المقاومة سيبقى ما دامت الأرض محتلة والاعتداءات مستمرة.
وأكد أن كل ما يقال عن نزع سلاح الحزب يصب في خدمة المشروع الصهيوني، ويستهدف إضعاف لبنان وفتح الطريق أمام الاحتلال لإعادة التمدد داخل أراضيه.
وأشار قاسم إلى أن المقاومة نجحت خلال السنوات الماضية في فرض معادلة ردع مع “إسرائيل”، ومنعت الأخيرة من تحقيق أهدافها العدوانية ضد لبنان.
كلام الشيخ قاسم تلقفه نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي بموقف مؤيد، معلنا في تصريح صحفي تمسّك الحزب بسلاحه، مشدّدًا إلى أن “اليد التي ستمتد إليه ستُقطع”، في استعادة لما كان قد قاله الشهيد السيد حسن نصر الله في أحد الأيام.
وفي رد مباشر على هذه الطروحات اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “المقاومة ضمانة بلد وسيادة وأي خطأ بموضوع المقاومة وسلاحها ووضعيتها يفجّر لبنان، ولبنان بلا مقاومة بلد بلا سيادة ودولة عاجزة لا تستطيع فعل شيء بوجه “إسرائيل”، والخيار الديبلوماسي مقبرة وطن، وما يجري جنوب النهر يكشف العجز الفاضح للدولة”.
وبلهجه أكثر حزما، أكد مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، أن سلاح الحزب “لن يُنزع” ولن يستطيع أحد على فعل ذلك.
وحول ما أثير مؤخّرا من حملات إعلامية وسياسية حول سلاح المقاومة أشار صفا إلى أن ذلك ليس معزولًا عن سياق “الحرب النفسية” التي تستهدف بيئة المقاومة ومصداقيتها، معتبرًا أنّ هذه العبارة يتمّ الترويج لها من قبل المحرّضين على منصّات التواصل الاجتماعي.. إذْ لو كان مَن يطالب بنزع سلاحنا بالقوّة قادرًا لفعل”.
وبينما شدد أن الاستراتيجية الدفاعية هي لحماية لبنان وليست لتسليم السلاح ، لفت إلى أن أيّ حوار على هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يتمّ قبل انسحاب العدو الصهيوني من كامل الأراضي اللبنانية، وتحرير الأسرى ووقف الاعتداءات الصهيونية على السيادة اللبنانية.
وبشأن موقف الحزب تجاه مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل، أن “الحوار الوطني في لبنان لا يمكن أن يتم إلا مع القوى التي تؤمن بأن الاحتلال الإسرائيلي عدو، وتضع سيادة لبنان فوق أي اعتبار خارجي، سواء كان أمريكيًا أو إسرائيليًا”.
وقال فضل الله، في تصريح صحفي، إن “الحوار لا يكون إلا مع الذين يؤمنون بأن سيادة لبنان مقدّمة على أي شروط خارجية، وأن الاحتلال عدوّ لا يمكن التهاون معه”.
وشدد على أن “قيادة المقاومة لا تفرّط بنقطة دم من دماء الشهداء ولا بأي عنصر من عناصر القوة التي تمتلكها المقاومة”.
وأضاف: “نحن لا ندعو إلى حوار مع الذين يضلّلون الرأي العام، ويثيرون الانقسامات، ويهاجمون المقاومة، بل نتحاور مع الذين يشاركوننا هذه المبادئ للوصول إلى استراتيجية دفاعية تحمي لبنان وتحفظ سيادته”.