بعد سلسلة من الوفيات والاغتيالات.. ماذا يحدث في سوريا؟
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
في مايو/أيار الماضي 2024، بدأت سلسلة من الأحداث الغامضة ضمن أروقة القصر الجمهوري السوري، أولها كان الإعلان ببيان رسمي عن إصابة أسماء الأسد قرينة الرئيس بشار الأسد بسرطان الدم (لوكيميا)، وخرجت بعده بمقطع فيديو مثير للجدل تتحدث فيه براحة تامة عن مرضها واستعدادها لمواجهته.
كانت أسماء الأسد لسنوات طويلة واجهة تسويقية للنظام السوري -بحسب مراقبين- كما لعبت دورًا مهمًّا في استقطاب الدعم الأممي والدولي عبر مؤسسة الأمانة العامة للتنمية التي تديرها.
وقبيل الإعلان عن إصابة أسماء بالسرطان، أفادت وسائل إعلام مختصة بنقل أخبار العاصمة دمشق، بتعرض المستشار الاقتصادي يسار إبراهيم -المقرّب من أسماء- لمحاولة اغتيال عن طريق تسميمه بمادة كيميائية.
وتسربت في السنوات الماضية أنباء عن صراعات بين أسماء الأسد ورجال الاقتصاد المحسوبين على "الدولة" وكانوا واجهتها المالية، مثل رامي مخلوف الذي خرج من المشهد كليًّا بداية عام 2020، ثم انتشرت تسريبات عن صراع بين أسماء ورجال الأعمال من آل قاطرجي وعلى رأسهم حسام وبراء.
استمر الجدل حول مصير أسماء أسابيع قليلة، ليستحوذ على المشهد في القصر الجمهوري إعلان الرئاسة في مطلع يوليو/تموز الجاري وفاة لونا الشبل المستشارة الخاصة لبشار الأسد، والتي لعبت دورًا مؤثرًا في وضع سياساته الإعلامية التي واجه بها الاحتجاجات الشعبية ضده بعد عام 2011.
وفاة الشبل أتت بعد أيام من الإعلان عن تعرضها لحادث مروري أثناء تنقلها على أحد الطرق الموصلة لمدينة دمشق، حيث تعرضت لنزيف حاد بالدماغ، ورافق الخبر سيل من التسريبات من طرف المعارضة السورية التي تحدثت عن تصفيتها من قبل استخبارات الحرس الثوري الإيراني بسبب "تورطها في تمرير معلومات إلى إسرائيل، ساهمت في اغتيال قيادات للحرس بسوريا".
ولم يكد يهدأ الجدل حول ظروف وفاة لونا الشبل وحقيقة ما يدور داخل الشبكة الاقتصادية والإعلامية التي اعتمد عليها الأسد طوال فترة الأزمة، حتى أثاره من جديد مقتل رجل الأعمال المقرب من آل الأسد براء القاطرجي جراء استهداف سيارته على الطريق الواصل بين دمشق وبيروت، حيث تحدثت الرواية السورية الرسمية عن تعرضه لغارة إسرائيلية بطائرة مسيرة.
وساهمت عائلة القاطرجي خلال السنوات الماضية في تمويل النظام السوري عبر أنشطتها التجارية، كما لعبت دور الوساطة في تجارة النفط بينه وبين تنظيم "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية) المسيطر على الحقول النفطية شمال شرق سوريا، وقبل ذلك عملت على نقل النفط من الحقول التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي وقت سابق، أدرجت الولايات المتحدة الأميركية كلًّا من براء وحسام على قائمة العقوبات، بسبب تورطهما بتجارة النفط مع تنظيم الدولة، ومساعدة النظام السوري على التهرّب من العقوبات.
وعلم موقع الجزيرة نت من مصادر في المعارضة السورية لديها متابعة للمباحثات العربية مع الحكومة السورية، ولها اتصالات مع فاعلين إقليميين، أن الدول العربية التي انفتحت مؤخرًا على النظام اشترطت عليه إجراء تغييرات سياسية حقيقية من أجل العمل على إعادة تأهيله، ثم الشروع بمرحلة إعادة الإعمار وتسهيل عودة اللاجئين.
وبحسب المصادر، فإن الحكومة السورية قد تفكر في إبعاد الوجوه القديمة التي تصدرت المشهد طوال فترة الأزمة، وأصبحت شخصيات إشكالية على المستويين الداخلي والخارجي.
وترى المصادر أن الاهتمام الذي أبداه الأسد بالانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت منتصف يوليو/تموز الجاري، وظهوره بمقابلة مرئية أثناء الإدلاء بصوته وحديثه عن أهمية البرلمان، ودور المؤسسات التي لا تبنى على الأشخاص، وإمكانية تعديل النظام الداخلي للبرلمان والقوانين التي تحكم عمله؛ كل ذلك يفتح الباب لاحقًا على تسويق إجراء إصلاحات قانونية في سياق التجاوب مع المطالب الدولية.
وأيّد هذا التفسيرَ لما يجري في أروقة الحكم السورية، الباحث في مجال الاقتصادي السياسي والإدارة المحلية، أيمن الدسوقي، حيث اعتبر أن ما يجري يمكن إدراجه ضمن إعادة بناء النظام وما تتطلبه العملية من الضبط الداخلي للنخبة، وإزاحة كل من يشكّل مصدر خطر على مستقبله.
وأكد الدسوقي في حديثه لموقع الجزيرة نت أن النظام السوري لم يتوان سابقًا عن تصفية كل من يشك بولائه، مثل وزير الداخلية الأسبق علي كنعان وغيره، كما أن مقتل الشبل والقاطرجي في مناطق خاضعة لسيطرة الفرقة الرابعة التي يشرف عليها ماهر الأسد شقيق بشار يعزز من الشكوك أن ما تم هو تصفيات وليست حوادث عادية.
وأشار الدسوقي إلى أن التسريبات تحدثت عن تورط الشبل في تبادل معلومات مع جهات خارجية، كما أن القاطرجي أصبح يمتلك شبكة علاقات قوية مع كل من الحرس الثوري وحزب الله اللبناني، وهذا التواصل الخارجي لا بد أنه يقلق أي نظام قائم على أشخاص متشبثين بالسلطة.
كما لم يستبعد الدسوقي أن تكون "تصفية" الشبل هي إرضاء لإيران من أجل إبعاد الشكوك عن تورط كامل النظام في تسريب معلومات لإسرائيل. وبالمحصلة، فإن التصفيات هي عملية ضبط لمجتمع النخبة السياسية والاقتصادية ضمن الخطوط التي يحددها النظام.
من جهته، أشار الباحث والدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي إلى صعوبة معرفة ما يجري داخل الحلقة الضيقة لصانع القرار في دمشق؛ بسبب الآلية الأمنية التي يتبعها، وقيام النظام ذاته في كثير من الأحيان بتسريب روايات محددة عما يدور في أروقته، لتتبناها المعارضة السورية وترددها.
ولم يستبعد بربندي -في تصريحاته التي أفاد بها لموقع الجزيرة نت- أن يكون ما جرى في سياق التنافس الروسي الإيراني على مستقبل شكل الحكم في سوريا، حيث يمتلك كل طرف أدواته وأشخاصه داخل المؤسسات السورية.
ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها الجزيرة نت، فإن القاطرجي عزز علاقاته خلال السنتين الأخيرتين مع حزب الله اللبناني وقيادات الحرس الثوري الإيراني، نظرًا لتقديمه التمويل للفصائل المرتبطة بهما والمنتشرة على الأراضي السورية، مما أعطاه حظوة لدى قيادات حزب الله الرفيعة، ولذلك فإنه كان يقوم بزيارات متكررة إلى بيروت للقاء هذه القيادات.
ومن اللافت أن روسيا لا تعترض الضربات الإسرائيلية التي تطال القيادات الإيرانية والمرتبطة بها على الأراضي السورية، وتكتفي بتحذيرات من تأجيج الصراع في الشرق الأوسط، كما فعلت بعد القصف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية بسوريا في أبريل/نيسان الفائت.
واستبعد بربندي أن تفضي الأحداث الأخيرة إلى حصول تغيير حقيقي في بنية النظام السوري على المستوى القريب، بالرغم من وصوله لمرحلة ضعف، حيث يعتقد الدبلوماسي السوري السابق أن الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة في سوريا راغبة ببقاء النظام بشكله الضعيف الحالي بما يحقق لها مصالحها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النظام السوری أسماء الأسد الجزیرة نت لعبت دور ا
إقرأ أيضاً:
الدفاع السورية: مستمرون بملاحقة فلول الأسد .. والأوضاع تحت السيطرة الكاملة
سرايا - قالت وزارة الدفاع السورية، مساء السبت، إن القوات تستمر في ملاحقة فلول الأسد، وفق الخطط العملياتية المعتمدة.
وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية، العقيد حسن عبد الغني: "تستمر قواتنا في ملاحقة الفلول وفق الخطط العملياتية المعتمدة".
وأضاف: "ندعو من قدم إلى الساحل بالعودة إلى مناطقهم، والأوضاع تحت السيطرة الكاملة".
وتابع: "قواتنا تحقق تقدما ميدانيا سريعا في ملاحقة فلول النظام البائد التي قامت بالاعتداء على قوات الأمن العام، وتنفيذ كمائن غادرة لهم".
وأشار إلى أن القوات قامت بـ"تطويق جميع المناطق ومحاصرة المطلوبين، ويتم تسليم جميع المقبوض عليهم للجهات الأمنية المختصة".
حماية الأهالي من أي تجاوزات
يأتي ذلك فيما أعلن الأمن العام السوري اعتقال مجموعات غير منضبطة بسبب ارتكابها انتهاكات بحق المدنيين في الساحل السوري، كما أرسل أرتالا إضافية لحماية الأهالي من أي تجاوزات.
من جهته، أمر الجيش السوري بإعادة غير المكلفين بمهام عسكرية من مناطق الساحل لتقتصر العمليات على فرق الجيش وقوى الأمن العام. كما أغلق الجيش مجموعة من الطرق المؤدية إلى الساحل.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، اليوم السبت، عن مصدر بإدارة الأمن العام إفادته بـ"مصادرة أكثر من 200 آلية كانت قد سرقت من قبل ضعاف النفوس واللصوص من مدينة جبلة وما حولها مستغلين حالة عدم الاستقرار بسبب أفعال فلول النظام البائد".
وأشار إلى أنه "تم اعتقال عدد كبير من اللصوص، وسيتم إعادة الآليات إلى أصحابها أصولاً".
وفي وقت سابق، أشار مراسل "العربية" و"الحدث"، السبت، إلى هدوء حذر في مدن الساحل السوري، مؤكداً أن قوات الجيش السوري تمشط ريفي طرطوس واللاذقية.
وكشف مراسل "العربية" و"الحدث" عن استسلام إحدى مجموعات الفلول لقوات الجيش في مدينة جبلة، ومن المقرر انتهاء حالة حظر التجوال صباح اليوم في اللاذقية وطرطوس.
وقبلها، قال مصدر بوزارة الدفاع السورية لوكالة الأنباء الحكومية، إن القواتِ العسكريةَ والأمنية تقوم بعملياتٍ نوعيةٍ دقيقة ضد فلول نظامِ الرئيس المخلوع بشار الأسد، في مدينةِ القرداحة، مسقطِ رأس عائلة الأسد.
واشار إلى أن الاشتباكات العنيفة بين إدارة العمليات السورية وفلول النظام السابق تواصلت في مدينة اللاذقية السورية، وأكد أن أفرادا من النظام السابق يحتمون في أحد الأبنية قرب مستشفى الوطنية.
ومع انتشار قوات الأمن السورية في مدن الساحل الكبرى وضبط الأمن فيها، اندلعت اشتباكات محدودة ليلا في محيط مستشفى ابن سينا في اللاذقية، بعد استهداف نفذته فلول نظام الأسد، وفق ما كشفت مصادر أمنية لوكالة سانا.
وكان أكد دخول الجيش السوري لمدينة جبلة واستعادةَ السيطرةِ الكاملة على الكلية البحرية.
إلى ذلك أفادت مصادر "العربية" و"الحدث" بوقوع أكثر من 90 قتيلا في صفوف الجيش والأمن السوري، و160 من فلول النظام بمعركة الساحل.
وأفادت المصادر أن 44 عنصرا من الجيش سقطوا في كمائن تعرض لها خلال تقديم الدعم لقوات الأمن والبقية من الأمن والشرطة.
وشهد أحد أحياء مدينة اللاذقية السورية اشتباكات عنيفة بين الأمن السوري وفلول النظام السابق، وذلك ضمن حملة ملاحقة واسعة لفلول النظام.
ودعا الرئيس السوري، أحمد الشرع، فلول النظام السابق إلى تسليم السلاح فورا وقبل فوات الأوان، وفق تعبيره. وعبر الرئيس السوري عن استنكاره لاعتداءات وقتل واقتحام للمستشفيات، حسب قوله.
وأكد الشرع أهمية مواصلة ملاحقة فلول النظام السابق وكل من اعتدى على حقوق السوريين، موضحا أن هذه الخطوة تهدف إلى محاسبتهم قانونيا، وحصر السلاح بيد الدولة.
كما طالب الرئيس السوري أحمد الشرع، الجيش بضبط النفس في تعاملهم مع فلول النظام السوري، موضحا أن أفرادا من فلول النظام السابق يتعمدون استفزاز الجيش السوري.
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية، حسين عبد الغني، في تصريح للعربية، أن القوات المسلحة تتعامل مع البؤر الخارجة عن القانون في طرطوس واللاذقية، مشيرا إلى تعزيز قوات الأمن لاستعادة الاستقرار في مدينة جبلة.
ماذا يحدث في الساحل السوري؟
وكان الساحل السوري سجل في الساعات الأخيرة أكبر حملة أمنية ضد فلول نظام الأسد منذ سقوطه.
وفيما الاشتباكات تواصلت في محيط جبلة، أرسلت وزارة الدفاع تعزيزات ضخمة إلى محافظتي اللاذقية وطرطوس لتأمين المنطقة وبدء عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والجبال المحيطة.
أرتال عسكرية ضخمة دفعت بها وزارة الدفاع إلى الساحل السوري في تحرك نفت أن يكون موجها ضد طائفة معينة بل لبسط الأمن ومنع التقسيم فللساحل وضع خاص.
الواجهة البحرية الوحيدة لسوريا تمتد على طول مئة 183 كلم غرب البلاد على البحر المتوسط بمساحة تقدر بأكثر من 4 آلاف كيلومتر مربع.
تضاريس الساحل معقدة مما يصعب عملية التمشيط وملاحقة عناصر النظام السابق. فهو شريط سهلي ضيق بسبب اقتراب الجبال الشديد من الشاطئ. ويضم محافظتي طرطوس جنوبا واللاذقية شمالا وهي أكبرهما.
الأولى أي طرطوس تنقسم إلى خمس مناطق أساسية ويتبعها أكثر من أربعمئة قرية. هي طرطوس والشيخ بدر ودريكيش وصافيتا وبانياس. غير أن ثقل المواجهات وضعته فلول النظام في بانياس شمال المحافظة والتي تسجل دخول أرتال من قوات الأمن لتأمينها.
أما اللاذقية فتقسم إلى أربع مناطق إدارية يتبعها 440 قرية اللاذقية والحفة والقرداحة وجبلة.
التعزيزات دخلت إلى القرداحة مسقط رأس عائلة الأسد وأيضا جبلة التي يتحصن فلول النظام في أحراشها وشهدت اشتباكات عنيقة استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة.
غالبية علوية
يقطن المحافظتين غالبية علوية شكلت حاضنة للنظام السابق طوال عقود، بالإضافة لمزيج سني ومسيحي، علما أن عدد السكان في المحافظتين بلغ قبل الحرب مليونا وثمانمئة ألف شخص، لكن أرقام الصليب الأحمر تقدر النازحين إليها بأكثر من مليون.
وفي الساحل، مواني سوريا الثلاثة التي كانت تحت اليد الروسية بحكم اتفاقيات مع الأسد الابن أكبرها ميناء اللاذقية، يليه ميناء طرطوس فميناء بانياس المختص بتصدير النفط إلى الخارج.
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 08-03-2025 10:13 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية