صحيفة روسية: هكذا تحوّل هجوم أوكرانيا المضاد إلى مغامرة انتحارية
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية مقالا لخبير عسكري يسلط الضوء على الهجوم الأوكراني المضاد، ويستعرض جملة من التفاصيل المتعلقة به والعوامل التي يرى الكاتب أنها أدت إلى فشله فشلا ذريعا.
وفي مقاله بالصحيفة، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد في قوات الدفاع الجوية الروسية ميخائيل خودارينوك إن قادة القوات الأوكرانية وجنودها -الذين تدرّبوا على أيدي مدربين عسكريين غربيين- رفضوا اتباع التكتيكات العسكرية التي أشارت بها دول حلف شمال الأطلسي "ناتو" خلال هجومهم المضاد ضد القوات الروسية.
وأشار خودارينوك إلى أن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية ذكرت في تقرير لها أن قيادة القوات المسلحة الأوكرانية قررت العودة إلى اتباع التكتيكات القتالية التي كانت تعتمدها سابقا، نظرا لأن الأساليب الغربية للهجوم المضاد لم تؤت أكلها وأظهرت عدم كفاءتها بالمعارك التي دارت في زاباروجيا ومناطق أوكرانية أخرى.
ويرى بعض المحللين أن الحرب الروسية الأوكرانية تعيد إلى الأذهان حرب الخنادق إبّان الحرب العالمية الأولى، عندما كان تقدم القوات لمسافة 1.5 كيلومتر يعد نجاحًا كبيرًا، وكانت معارك طاحنة تدور من أجل السيطرة على مفترق طرق وفق المقال.
ويتساءل الخبير العسكري عن أسباب التشابه بين صعوبة المعارك وقتها ومعارك الصراع الحالي رغم أننا في القرن 21، ويرى أن هناك جملة من العوامل ساعدت روسيا على إحباط الهجوم الأوكراني المضاد من ضمنها:
الاستعداد الروسي لصد الهجومواستفاض العميد المتقاعد بمقاله في شرح استعدادات الجيش الروسي لصد الهجوم الأوكراني المضاد، والتكتيكات العسكرية التي اتبعها لإلحاق الهزيمة بالقوات المهاجمة.
وقال إن الجيش الروسي اعتمد تكتيكا عسكريا كلاسيكيا يقوم على رصد دفاعات القوات المهاجمة وتحديد المواقع الممكن اختراقها، ومن ثم نشر مجموعة رئيسية من المدفعية بالمنطقة التي يراد أن ينطلق منها الهجوم الرامي لاقتحام خطوط الدفاع الأوكرانية.
ويصل عدد المدفعية الثقيلة التي استخدمها الجيش الروسي لصد الهجوم المضاد، في بعض النقاط بجبهات القتال، إلى 300 مدفع لكل كيلومتر وفق المقال.
وأوضح الجنرال المتقاعد أن الجيش الروسي كان ينشر تشكيلات قتالية في مناطق الاختراق. وفي الليلة السابقة للهجوم، تُنقل فرق من خط الدفاع الأول إلى خط المواجهة، مع إحداث تغييرات على مستوى الوحدات والتشكيلات التي كانت تحتل المواقع الدفاعية في وقت سابق.
كما أوضح أن التفوق الجوي والالتزام بعمليات التمويه من العوامل التي ساعدت القوات الروسية على القيام بكل استعداداتها لصد الهجوم الأوكراني في سرية تامة بعيدا عن أعين عدوها، وقد جرت تلك التحضيرات بمساعدة سلاح الجو، مما أعاق جهود الاستطلاع الأوكرانية.
اختراق الجبهة الأوكرانيةبحسب خودارينوك فقد بدأ الروس هجوما كاسحا ضد طليعة القوات الأوكرانية التي تصدرت الهجوم المضاد.
وفي اليوم والساعة المحددين، بدأ سلاح المدفعية الروسية استعداداته للهجوم. وفي غضون ساعتين من إطلاق النار الكثيف من آلاف المدافع دُمر الخط الدفاعي الأول للقوات الأوكرانية. تلا ذلك تدخل جنود المشاة والدبابات الروسية. ومع تمكن فرق المشاة المهاجمة من الوصول لمواقع إطلاق نيران مدفعية القوات الأوكرانية، وصلت تعزيزات أخرى من وحدات الجيش لاستكمال اختراق الدفاعات الأوكرانية. وبدأت مطاردة القوات الأوكرانية التي انسحبت تحت وقع المفاجأة.
ووفق الخبير العسكري، فقد تراوح معدل تقدم القوات الروسية يوميًا بين 20 و25 كيلومترًا، ووصل أحيانًا إلى نحو 60 و70 كيلومترًا.
عوامل أخرى حاسمة
من بين العوامل الأخرى التي أدت إلى فشل الهجوم الأوكراني المضاد -وفق خودارينوك- التفوق الجوي ووسائل الاستطلاع الحديثة التي مكنت الجيش الروسي من رصد تحركات القوات الأوكرانية، خاصة وأن تضاريس جنوب أوكرانيا تخلو من المواقع التي تسهل على قواتها عمليات التمويه والاختباء.
ويوضح الكاتب أنه بمجرد شروع المدفعية التابعة للقوات الأوكرانية في التمركز بمكان ما والاستعداد لشن هجوم، يتم رصدها جوا من خلال طائرات الاستطلاع والُمسيّرات الروسية.
وغالبا ما يتعرض سلاح الجو الروسي لنيران مدفعية القوات الأوكرانية التي يرصدها، وهو ما يمثل تحديا للقوات الروسية.
وهناك عامل آخر لفشل الهجوم المضاد يتمثل في قلة عدد القوات الأوكرانية التي قال الخبير العسكري الروسي إنها تعاني نقصا حادا بالذخيرة، مما حول هجومها المضاد إلى مغامرة انتحارية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الهجوم الأوکرانی المضاد القوات الأوکرانیة التی الجیش الروسی
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تطالب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي للصواريخ الروسية
كييف (أوكرانيا)"أ ف ب": طلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين تزويدها أحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها بعد تعرضها لهجوم بصاروخ بالستي فرط صوتي أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة بإنتاجه على نطاق واسع، متوعدا بالوقوف بحزم في وجه أعداء بلاده.
وأعلنت روسيا أنها قصفت للمرة الأولى منذ بدء الحرب موقعا لمجمع صناعي عسكري في دنيبرو بوسط أوكرانيا الخميس بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى فرط صوتي (يصل مداه إلى 5500 كيلومتر) وأطلق عليه اسم أوريشنيك واستخدم "بنسخته غير النووية". وأطلق الصاروخ من منطقة أستراخان في جنوب غرب روسيا.
وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن "وزير الدفاع الأوكراني تواصل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديدا نوع من الأنظمة يمكنه حماية الأرواح بمواجهة أخطار جديدة".
وأوكرانيا مجهزة خصوصا بأنظمة باتريوت الأميركية وتقول إنها اعترضت بالفعل العديد من صواريخ كينجال الفرط صوتية التي وصفها الكرملين بأنها "لا تقهر"، وبأنظمة "سامب/تي" الفرنسية الإيطالية للدفاع الجوي، لكن بأعداد قليلة جدا لا تتيح حماية جميع مدنها.
وقالت روسيا مجددا إن صاروخ أوريشنيك يستحيل اعتراضه وقادر على الوصول إلى كل دول أوروبا.
وأشاد بوتين بـ"قوة" هذا الصاروخ الجمعة خلال لقاء مع مسؤولين عسكريين بثه التلفزيون، وأمر بإنتاجه بأعداد كبيرة.
وقال بوتين "سنواصل هذه الاختبارات، خصوصا في الأوضاع القتالية، حسب تطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا"، ما يثير خشية من ضربات جديدة ضد أوكرانيا التي استهدفت الأراضي الروسية هذا الأسبوع بصواريخ أميركية وبريطانية.
وأجازت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لأوكرانيا في نهاية الأسبوع الماضي استهداف عمق الأراضي الروسية، مبررة ذلك خصوصا بنشر الآلاف من الجنود الكوريين الشماليين للقتال إلى جانب القوات الروسية.
وقلل مسؤول أميركي رفيع الجمعة من التهديد الذي يشكله الصاروخ الروسي الجديد. وقال طالبا عدم كشف هويته "إنه سلاح تجريبي تمتلك روسيا عددا محدودا منه ولا تستطيع استعماله بانتظام في ساحة المعركة".
من جهته، دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حليف لموسكو داخل الاتحاد الأوروبي، الجمعة إلى عدم الاستهانة بتهديدات روسيا، الدولة المجهزة "بأكثر الأسلحة تدميرا في العالم" والتي "تبني سياستها ومكانتها في العالم بشكل عام على القوة العسكرية".
من جانبه، اعتبر الرئيس الأوكراني أن استعمال روسيا صاروخا من الجيل الجديد لقصف أوكرانيا "يشكل سخرية من مواقف دول مثل الصين وبعض القادة الذين يدعون في كل مرة إلى ضبط النفس".
وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم أن بلاده تتوقع أن آلافا من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا سيشاركون "قريبا" في القتال ضد القوات الأوكرانية.
ويقدّر وزير الدفاع الأميركي أن هناك نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي موجودون في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا والمحتلة جزئيا من جانب قوات كييف، وقد تم "دمجهم في التشكيلات الروسية" هناك.
وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ "بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقع تماما أن أراهم يشاركون في القتال قريبا" في إشارة منه إلى القوات الكورية الشمالية.
وحمّل بوتين في خطاب إلى الأمة ألقاه مساء الخميس الغرب مسؤولية تصعيد النزاع، معتبرا أنّ الحرب اتخذت "طابعا عالميا" وهدد بضرب الدول المتحالفة مع كييف.
ويعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات في بروكسل الثلاثاء للبحث في الوضع، وتقول كييف إنها تتوقع قرارات "ملموسة" من حلفائها.
ميدانيا، يتقدم الجيش الروسي تدريجا منذ أشهر رغم تكبده خسائر فادحة في شرق أوكرانيا.
وأقر مصدر رفيع في هيئة الأركان العامة الأوكرانية الجمعة بأن القوات الروسية تتقدم مسافة "200-300 متر يوميا" قرب كوراخوف، وهي من المواقع المهمة التي قد تسقط قريبا.
وفي دلالة على هذا التقدم، أعلن الجيش الروسي الجمعة سيطرته على بلدة نوفودميتريفكا شمال كوراخوف. وتضم هذه المنطقة خصوصا رواسب كبيرة من الليثيوم.
في المقابل، أكد المصدر أن الوضع "لم يتغير عمليا خلال الشهرين الماضيين" في مناطق قرب بوكروفسك التي تشكل مركزا لوجستيا رئيسيا للقوات الأوكرانية.
رغم التقدم الروسي في الشرق، فإن القوات الأوكرانية التي تفتقر إلى الجنود والعتاد، لا تنوي في هذه المرحلة الانسحاب من منطقة كورسك الروسية الحدودية التي لا تزال تسيطر على "نحو 800 كيلومتر مربع" منها، بحسب المصدر.
وأعلنت موسكو الجمعة أن نحو خمسين من سكان كورسك تمكنوا من العودة إلى روسيا بعد مفاوضات نادرة مع أوكرانيا.
و في كييف، أفاد نواب أوكرانيون وكالة فرانس برس بأن البرلمان "ألغى" جلسة بسبب تلقي "إشارات إلى زايد خطر وقوع هجمات ضد المنطقة الحكومية في الأيام المقبلة".
وتقع هذه المنطقة في قلب كييف حيث مقر الرئاسة والحكومة والبنك المركزي، والتي كانت بمنأى حتى الآن من القصف، ويفرض الجيش على دخولها رقابة مشددة.
وفي مدينة دنيبرو في وسط أوكرانيا التي كان عدد سكانها قبل الحرب 970 ألف نسمة، بدا سكان التقتهم فرانس برس الجمعة في حالة صدمة، رغم أنهم اعتادوا الضربات الروسية المنتظمة.
وقالت جنا (49 عاما) التي تعمل في أحد الأسواق "نحن خائفون دائما، لكن الأمر كان مختلفا".
وروى الكاتب إيان فاليتوف سماعه "هديرا قويا" و"سلسلة انفجارات".
ولم تبلغ السلطات الأوكرانية عن سقوط ضحايا في هذا الهجوم والتزمت الصمت بشأن الأضرار المادية. واستهدف الهجوم مصنعا تابعا لمجموعة بيفدينماخ التي تنتج خصوصا مكونات الصواريخ.
لم يتمكن صحافيو فرانس برس من تأكيد استهداف المصنع. لكن ساحة المنشأة كانت خالية الجمعة.
في موسكو، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الجمعة أن "الرسالة الرئيسية هي أن القرارات والأفعال المتهورة التي تتخذها الدول الغربية التي تنتج الصواريخ وتزود أوكرانيا بها ثم تشارك في ضربات على الأراضي الروسية، لا يمكن أن تمر دون رد فعل من روسيا".
من جانبها، دانت عواصم غربية إطلاق الصاروخ الروسي ووصفته بأنه "تصعيد" خطير ونددت بخطاب موسكو "غير المسؤول" بشأن استخدام الأسلحة النووية، فيما دعت الصين إلى "ضبط النفس".