اكتشاف أول مبنى مسيحي بالبحرين يعود للقرن الرابع.. تعرف عليه
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
اكتشف علماء آثار بحرينيون وبريطانيون في منطقة سماهيج بمدينة المحرّق في البحرين ما يعتقد أنه أحد أقدم المباني المسيحية في منطقة الخليج العربي، مما يشكل أول دليل مادي على وجود هذا المجتمع الذي طوته قرون من الزمان.
وعلى الرغم من أن الديانة المسيحية وثقافتها لا ترتبط بشكل رئيسي بدول الخليج، إلا أن كنيسة المشرق، المعروفة أيضا بالكنيسة النسطورية، ازدهرت في هذه المنطقة لقرون حتى القرن السابع الميلادي بالتزامن مع بداية التحول الجماعي للمجتمعات في المنطقة إلى الدين الإسلامي عام 610م.
ووفق وكالة أنباء البحرين، فقد أكد تحليل الكربون المشع الذي أجراه علماء الآثار العاملون في موقع سماهيج الأثري أن المبنى كان مأهولاً ما بين منتصف القرن الرابع وحتى منتصف القرن الثامن الميلادي، ويبدو أنه تم تركه من بعد ذلك مع انتشار الإسلام بين السكان المحليين.
جهود التنقيب
وتعود حكاية التنقيب في هذا الموقع إلى عام 2019، حيث انطلق المشروع بجهد مشترك ما بين فريق هيئة البحرين للثقافة والآثار وفريق بريطاني بقيادة البروفيسور تيموثي إنسول من معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، والدكتور سلمان المحاري من هيئة البحرين للثقافة والآثار وتم الوصول إلى هذه النتائج الهامة عام 2023م.
وقد بدأت جهود التنقيب في تلّ بمقبرة سماهيج، حيث اكتشف العلماء تحت التل بقايا مسجد، ومع متابعة الحفر، تم اكتشاف مبنى كبير يحتوي على ثماني غرف، بما في ذلك مطبخ، وغرفة طعام، وما يبدو أنه غرفة للعمل، وثلاث غرف معيشة.
ويعتقد أن بناء المسجد كان ساهم في حفظ وصمود المبنى وبقائه حتى اليوم.
وتشير المكتشفات إلى أن المبنى ربما كان قصر أسقف الأبرشية (مكان سكنه الرئيسي)، حيث كانت سماهيج جزءاً منها، كما تشير المصادر التاريخية إلى هذه المنطقة باسم (ميشماهيج) أو (ماشمهيج) وهو ما يبدو تحريفاً لكلمة "سماهيج".
وتبين السجلات التاريخية إلى وجود صلة بين هذه المنطقة والسلطات الكنسية المركزية، حيث تم فصل أحد الأساقفة في عام 410م وتم إدانة أسقف آخر بتحدي وحدة الكنسية في منتصف القرن السابع.
مبنى وسط السكان
ويتميز هذا الاكتشاف بوجود المبنى في سماهيج في قلب بلدة حديثة مكتظة بالسكان، على عكس معظم الاكتشافات السابقة للمباني المسيحية التي كانت تقتصر على عدد قليل من الكنائس والأديرة والمساكن المنتشرة في أنحاء المنطقة وعادة ما كانت مواقعها نائية على ضفتي الخليج العربي.
ومن أبرز المكتشفات مجموعة من الرموز المسيحية المبكرة التي تدل على هوية السكان المسيحية، وتشمل ثلاثة صلبان مصنوعة من الجبس، اثنان منها كانا يزينان المبنى من الخارج، وواحد قد يكون تم الاحتفاظ به كتذكار شخصي لأحد السكّان، إضافة إلى رسومات جدارية محفورة في الجبس تتضمن رمز السمكة وجزءاً مما يبدو أنه رمز "كاي رو" (وهو رمز مكون من حروف تشير إلى كلمة المسيح).
أهمية الموقع
وقال الدكتور سلمان المحاري إن فريق التنقيب وصل إلى المرحلة الأخيرة من العمل في موقع سماهيج الأثري، مؤكدا على أهمية الموقع بالنسبة لتاريخ البحرين وذلك بفضل ما عُثر عليه من بقايا أثرية زوّدت الباحثين بمعلومات عن فترة مهمة من تاريخ البحرين وهي فترة الوجود المسيحي.
وأوضح أن نتائج الدراسة الأولى في بداية المشروع قدمت دلائل على أن الموقع يعود للفترة من القرن السادس إلى الثامن الميلادي، إلا أن الدراسة الأخيرة باستخدام التأريخ بالكربون المشع 14 أثبتت أن هذا المبنى يعود لفترة أقدم، وهي القرن الرابع الميلادي، أي أن عمره يعود إلى حوالي 1600 عام.
وبذلك يكون واحدا من أقدم المباني المسيحية في منطقة الخليج العربي، موضحاً أنه في الفترة الأخيرة تم العثور على دليل واضح للصليب الشرقي على لوح جصي.
تفاصيل الموقع
كما كشفت أعمال التنقيب في الموقع عن العديد من التفاصيل حول المبنى وحياة القاطنين في ذلك الوقت. فقد تم تشييده بشكل جيد للغاية بجدران حجرية مغلفة بالجبس وأرضيات جبسية مع مقابس وثقوب تشير إلى أماكن تثبيت الأبواب والمقاعد داخلياً.
كما احتوى المطبخ على مواقد مصنوعة مع قواعد وأماكن للتخزين والحفظ.
وتشير المكتشفات في داخل المبنى إلى أن سكّانه تمتعوا بمستوى معيشة جيد، فقد تناولوا أصنافا من اللحوم والأسماء والمحار ومحاصيل متنوعة ما زال يجري تحليلها.
كما أن اكتشاف حبات من حجر العقيق شبه الكريم وعدد كبير من القطع المكسورة من الفخار ذي الأصل الهندي، يشير إلى أن قاطني المبنى عملوا في التجارة، وخصوصا مع الهند.
كذلك عثر في المبنى على كؤوس زجاجية صغيرة للشرب، و12 قطعة نقدية نحاسية تشير إلى أن السكان استخدموا عملات من الإمبراطورية الساسانية.
ومن بين ما تم العثور عليه أيضا، أدوات للغزل وإبر نحاسية، مما يوحي بإمكانية أنه قد تمت صناعة الأقمشة في المكان لأغراض العبادة.
وقد شدد البروفيسور تيم إنسول على أهمية الاكتشافات الأثرية الأخيرة، قائلا: "نؤكد على الأهمية التاريخية والأثرية لهذا الموقع والحاجة الماسة للحفاظ عليه وصونه".
وأضاف: "من المثير للاهتمام أن نجد جزءًا من وجه مرسوم على صدفة لؤلؤ باستخدام مادة القار، ربما كان ذلك لرجل عاش في المبنى. يعد هذا الاكتشاف أول دليل مادي على الكنيسة النسطورية في البحرين، مما يوفر لنا رؤية قيمة حول كيفية عيش الناس وعملهم وعبادتهم في تلك الحقبة الزمنية".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الديانة المسيحية الكنسية البحرين البحرين اكتشاف أثري اكتشاف أثري جديد الديانة المسيحية الكنسية البحرين أخبار البحرين
إقرأ أيضاً:
إسبانيا.. «عملاق القرن» في أوروبا!
عمرو عبيد (القاهرة)
كان لويس دي لا فوينتي مُحقاً تماماً، ولم يبالغ، عندما وصف عام 2024 بأنه «موسم الأحلام» بالنسبة للمنتخب الإسباني، إذ أنهى «لا روخا» العام الحالي من دون هزيمة في أية مباراة رسمية، بعد الفوز الصعب بنتيجة 3-2 على سويسرا، في ختام مرحلة المجموعات بدور الأمم الأوروبية.
وباستثناء الخسارة «ودياً» 0-1 أمام كولومبيا مطلع 2024، لم يتعرض «الماتادور» لأي هزيمة، واستمر دي لا فوينتي نفسه في تعزيز أرقامه «الرائعة»، بعدما قاد «بطل أوروبا» في 27 مباراة، محققاً الفوز في 22 منها بنسبة نجاح «باهرة» بلغت 81.5%، ولم يخسر سوى مباراتين فقط طوال عامي 2023 و2024، مُسجلاً 72 هدفاً، بمعدل 2.6/ مباراة، ولم تهتز شباكه سوى 19 مرة، بمعدل 0.68/ مباراة.
وتجاوز «لا روخا» كل حدود الإبداع في الحقبة الحالية، بعدما تُوّج بطلاً في «يورو» 3 مرات خلال آخر 5 نُسخ، ليتصدّر المشهد التاريخي في «القارة العجوز»، حيث أصبح أكثر المنتخبات فوزاً باللقب القاري، وإذا كان منتخب ألمانيا يُعد الأبرز أوروبياً في القرن الماضي، بتألقه في بطولات كأس العالم، وكأس الأمم الأوروبية، على حد سواء، فإن «الإسبان» بسطوا سيطرتهم بصورة غير عادية، عالمياً وأوروبياً، على خريطة «القرن الحالي»، بإضافة «مونديال 2010» ودوري أمم أوروبا 2023، إلى «ثلاثية يورو»، بجانب توهج شباب الكرة الإسبانية في الأولمبياد وكؤوس العالم وأوروبا على مستوى الفئات السنية الصغيرة كلها، واستمرت السيادة المُطلقة لمنتخبات «السيدات» أيضاً!
وبنظرة سريعة على نتائج جميع أبطال «يورو» في القرن الحالي، بعد تتويجهم، فإن «لا روخا» هو «عملاق القرن» في أوروبا بلا منازع، إذ حافظ بعد فوزه باللقب القاري على سجله خالياً من الهزائم في 6 مباريات حتى الآن، جميعها رسمية في دوري الأمم، بخمس انتصارات وتعادل وحيد، كما أنه حمل أرقاماً «رائعة» بعد المرتين السابقتين أيضاً، إذ أنهى عام 2008 بلا هزيمة على الإطلاق، محققاً 6 انتصارات متتالية بعد حصد «يورو 2008»، واستمر دوران «عجلة انتصاراته» إجمالاً طوال 13 مباراة تلت التتويج، حتى تعرض للخسارة الأولى منتصف عام 2009، في كأس القارات.
الغريب أن الأمر تكرر بصورة «متطابقة» بعد التتويج بـ«يورو 2012»، إذ اختتم ذلك العام بلا خسارة، حيث فاز 5 مرات وتعادل في مباراة بعد حصد اللقب الأوروبي، لكن الرقم الإجمالي ارتفع إلى 15 مباراة بلا هزيمة بعد التتويج، ولم يخسر إلا في منتصف 2013 بكأس القارات أيضاً!
وبالعودة إلى الأبطال السابقين في القرن الحالي، فإن المنتخب الفرنسي اقترب قليلاً من حصاد «الإسبان»، حيث أنهى عام 2000 بلا خسارة، محققاً فوز وحيد و3 تعادلات، جميعها ودية، لكن مسيرته لم تستمر طويلاً، إذ صمد لمدة 6 مباريات فقط بعد التتويج، قبل أن يسقط في السابعة مطلع عام 2001، والمُثير أن إسبانيا كان المنتخب الذي قهر الأبطال، بالتغلب علي «الديوك» 2-1 ودياً في مارس 2001.
اليونان، بطل «يورو 2004»، كان خارج تلك الصورة تماماً، حيث خسر سريعاً في مباراته الثانية بعد التتويج، وجاءت الهزيمة رسمياً على يد ألبانيا في تصفيات كأس العالم، خلال سبتمبر 2004، ولم يختلف الوضع كثيراً مع البرتغال، بطل 2016، لأنه خسر أيضاً بعد مباراتين، بنتيجة 0-2 أمام سويسرا في تصفيات المونديال، في سبتمبر 2016، أما منتخب إيطاليا المُتوّج بـ«يورو 2020»، فقد خسر في مباراته الرابعة بعد حصد اللقب، والطريف أنها أتت على يد «لا روخا» نفسه، بنتيجة 2-1 في ميلانو، في نصف نهائي دوري أمم أوروبا 2021.