على أي حال هناك ثلاثة جوانب يجب أن يعلمها السيد خالد سلك
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
قرأت تصريحا للسيد خالد سلك يقف فيه ضد الاستنفار والتعبئة الشعبية التي أعلنتها القوات المسلحة وفتح باب التطوع. يعترض السيد خالد سلك بطريقة تدل على ابتعاد السياسي السوداني عن القراءة ووقوعه في جهل تاريخي، وتدل كذلك على شكل من أشكال أمراض (علم النفس السياسي) وأقصد حالة يمكن تسميتها: (الكيزانوفوبيا). وهذه علة مرضية سياسية جماعية لدى القحاتة وتحتاج لعلاج نفسي في السياسة؛ ومن أعراضها تجدهم يحللون ظواهر معقدة جدا ومتشابكة لحد بعيد بعبارة: الكيزان.
على أي حال هناك ثلاثة جوانب يجب أن يعلمها السيد خالد سلك:
١- لم تبدأ التعبئة الأهلية في حرب الجنوب في التسعينات. هذا تاريخ يحتاج لقراءة واجتهاد ومغادرة موقع السياسي الكسول وقد نصحته وقتها بترك طريقة أركان النقاش واقترحت عليه بعض الكتب، الآن أزيده كتاب جديد عن دارفور بعنوان: منقذون وناجون. إذا قرأه بتركيز سيخجل من سرده التاريخي حول التعبئة.
٢- التعبئة والاستنفار الشعبي اليوم من أجل حماية الأرض والعرض والوطن ولا يتم بتعبئة غير ذلك، ويتم بقرار وتوجيه وإمرة القوات المسلحة، إن قيم الجهاد والكفاح والرجولة والوطنية والغيرة على نساء السودان ورفض الأحرار للذل هي دوافع هؤلاء الشباب للاستجابة القوية من أجل التدريب والاستعداد للحرب، هذه قيم نبيلة لا توجد في قاموسكم، ومعلوم أن الاستعداد للحرب هو السبب الرئيس لمنع وقوعها وتقليل تكلفتها. مالذي ترغب فيه بالضبط يا سيد خالد سلك: هل تنتظر دخول المليشيا مدن جديدة وقرى جديدة للقتل والنهب والاغتصاب ويصمت الشباب ويقولوا معك وأنت في القاهرة: لا للحرب. هذا يسمى غطاء سياسي للمليشيا.
٣- أنتم في ورطة حقيقية، صدقني أقول لكم هذا الكلام وأنا أرى بأم عيني موقف الغالبية العظمى من الشباب، هؤلاء ليسوا كيزانا وليسوا محبي سلطة، هؤلاء وطنيون يتعجبون من موقفكم وقد كشفوا حقيقة عجزكم الفكري والأخلاقي والسياسي، والحرب درس قاسي حدث بسبب استهتاركم بالأمن القومي وتلاعبكم في قضايا حساسة حول الإصلاح الأمني والعسكري الأمر الذي منح المليشيا غطاء دستوري وسياسي للحرب، المليشيا التي تخجلون من مهاجمتها ويتطابق خطابها معكم تماما.
لذا أقترح عليكم: صمت طويل ومراجعات فكرية عميقة ومصارحة صادقة مع الشعب تبدأ بنشر ورقة: أسس الإصلاح الأمني والعسكري ومداولات الورشة الأمنية الخطيرة التي تفجرت بعدها الأمور. فمن حق الشعب السوداني أن يقرأ هذه الأوراق.
أخيرا:
دع الرجال يحمون أوطانهم وقراهم وممتلكاتهم، وأبحثوا لكم عن متخصص في علم النفس السياسي في القاهرة حيث يوجد علاج جيد أو في أوروبا وأمريكا، إذهبوا له وقوفا بالصف وتحدثوا عن أعراض مرض (الكيزانوفوبيا) وستجدون العلاج.
هشام عثمان الشواني
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تقسيم الوطن : حول ضرورة تطوير شعار الثورة ومناهضة الحرب
بابكر فيصل
إتخذت ثورة ديسمبر المباركة من شعار “حرية .. سلام .. عدالة” بوصلة لتحقيق الأهداف الكبرى التي خرج من أجلها ملايين السودانيين لإسقاط النظام الفاسد المستبد، وبعد إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل اللعينة رفعت القوى المدنية الديمقراطية شعار “لا للحرب” للتعبير عن إنحيازها للجماهير وعدم التماهي مع أطراف الحرب.
ومنذ الأيام الأولى للحرب، ظلت القوى المدنية تحذر من أن تطاول أمدها سيؤدي لنتائج وخيمة على البلاد والعباد، والتي يقف على رأسها الخطر الكبير الذي سيهدد وحدة البلاد وينذر بتقسيها و تفتيت كيانها الحالي.
وبعد مرور أكثر من عشرين شهراً أضحى خطر تفكيك البلاد ماثلاً عبر ممارسات لا تخطئها العين كان في مقدمتها خطاب الكراهية الجهوي والعنصري الذي ضرب في صميم النسيج الإجتماعي وخلق حاجزاً نفسياً يمهد لإنقسام البلاد بصورة واضحة.
تبع ذلك ثلاث خطوات إتخذتها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان تمثلت في الآتي : قرار تغيير العملة الذي فرض واقعاً على الأرض تمثل في تقسيم النظام المالي بالبلاد بحيث صارت الولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش تتعامل بعملة مختلفة عن تلك التي يتم تداولها في مناطق سيطرة الدعم السريع.
كذلك كان قرار إجراء إمتحانات الشهادة السودانية في الولايات التي يسيطر عليها الجيش وعدم قيامها في الولايات التي يسيطر عليها الدعم السريع اضافة لولايات تدور فيها رحى المعارك يصب عملياً في إتجاه تكريس عملية تقسيم البلاد عبر حرمان التلاميذ من حقهم في الجلوس للإمتحان فقط لأنهم يتواجدون في رقعة جغرافية لا يسيطر عليها الجيش.
الأمر الثالث تمثل في عدم إستطاعة قطاعات واسعة من الشعب السوداني إستخراج الأوراق الثبوتية ( أرقام وطنية، جوازات سفر الخ) وهى حق طبيعي مرتبط بالمواطنة التي تقوم عليها الحقوق والواجبات في الدولة لذات السبب المتعلق بالعملة وإمتحانات الشهادة.
هذه الخطوات مثلت البداية الفعلية لتقسيم البلاد, ويزيد من تفاقمها الخطوة المزمع إتخاذها من طرف بعض القوى السياسية والحركات المسلحة بإعلان حكومة موازية تجد تبريرها في ضرورة خدمة الشعب في المناطق التي لا يسيطر عليها الجيش، ولا شك أن هذه الخطوة ستشكل خطراً كبيراً على وحدة البلاد مهما كانت مبررات تكوينها (داوها بالتي كانت هى الداءُ).
لمواجهة هذه المعطيات الخطيرة المتسارعة، تقع على القوى المدنية الديمقراطية وقوى الثورة مهمة جسيمة للحفاظ على وحدة البلاد، وليس أمامها من سبيل سوى تكوين جبهة مدنية واسعة يتم من خلالها تطوير شعار الثورة ليصبح “حرية .. سلام .. عدالة .. وحدة”، وكذلك تطوير شعار مناهضة الحرب ليصبح ” لا للحرب، لا لتقسيم البلاد”.
إنَّ أهمية الحفاظ على وحدة البلاد لا تقلُّ بأي حال من الأحوال عن أهمية المناداة بالوقف الفوري للحرب، ولا مناص من تنادي كافة القوى الحريصة على عدم تقسيم البلاد لكلمة سواء يتم من خلالها تجاوز كل الخلافات من أجل تحقيق الهدفين معاً.