يصر أهالي مخيم جباليا على انتزاع الحياة من وسط الدمار الهائل الذي حل بالمخيم خلال العدوان البري الأخير، والذي أتي على أجزاء واسعة منه، وأحالها إلى أثر بعد عين.

وللوهلة الأولى، تشير معالم الدمار في المخيم، إلى استحالة استمرار الحياة فيه، بعد أن تحول إلى أطلال وذكريات مؤلمة، ورغم ذلك أصر الأهالي على البقاء فيه، وبين ركامه، رافضين الهجرة منه،  فبعضهم نصب خيمته على الأنقاض، وآخرين حاولوا استصلاح ما تبقى من أجزاء منازلهم المدمرة جزئيا، ليعودوا للسكن فيها من جديد.






وفي 12 آيار/ مايو الماضي، نفذت قوات الاحتلال عدوانا بريا واسعا على مخيم جباليا، استمر لنحو 20 يوما متواصلة، وكان كفيلا بتغيير معالم المنطقة المكتظة بالمنازل عن نحو كارثي، حيث خلفت طرقات ومنازل وبنية تحتية مدمرة، فضلا عن استشهاد العشرات وجرح المئات من المدنيين العزل.


"إرادة الحياة"
عبد العزيز، الذي يسكن منطقة "الترانس" في مخيم جباليا، أقام خيمة فوق ركام منزله المدمر، ليسكن فيها مع عائلته المكونة من 5 أفراد، متحديا بذلك الظروف القاهرة والصعبة التي تدفعه إلى مغادرة المكان الذي حل به ألون من الدمار والتخريب.

يقول عبد العزيز في حديث لـ"عربي"21، إن منزل عائلته المكون من ثلاثة طوابق، دمرته طائرات الاحتلال خلال الاجتياح الأخير للمخيم، بعد أن قصفه الطيران الحربي، حاله بذلك حال الكثيرين من أبناء المخيم الذين فقدوا منازلهم.

لكنه أصر على إقامة خيمة من أقمشة وأغطية انتزعها من بين أنقاض منزله المدمر، ليسكن فيها مجددا مع زوجته وأطفاله، متحديا بذلك تهديدات الاحتلال التي ترد تباعا على هواتف الأهالي، والتي تطلب منهم المغادرة نحو مناطق جنوب القطاع.




أما يوسف، الذي دمر الاحتلال جزءا كبيرا من منزله خلال مجزرة جباليا الأولى، قال لـ"عربي21" إنه أعاد تنظيف وترميم غرفة وحيدة ظلت صامدة من بيته المدمر، ليتخذ منها مأوى له، رفقة أبيه وأمه وإخوته الثلاثة.




إعادة فتح السووق
وليس ببعيد عن المنطقة يقع السوق المركزي في مخيم جباليا، حيث كان هدفا رئيسيا لعمليات التدمير والتخريب التي نفذتها قوات الاحتلال، في محاولة لدفع الناس إلى النزوح من المنطقة.

عمدت قوات الاحتلال إلى تدمير وحرق المحال التجارية في السوق، وهدم البنايات والمنازل والمخازن والمنشآت الملحقة في السوق، الذي يعتبر الأكبر في شمال قطاع غزة، وأحالته إلى كومة من الأنقاض التي أغلقت الشوارع والأزقة المؤدية إليه.


لكن، بجهود شعبية، قادها الأهالى أنفسهم، أعاد الباعة نشاطهم التجاري فيه، ونصبوا "الأكشاك" و"البسطات"  من جديد، بعد أن جرى إزاحة الركام وفتح بعض الطرق.







وتواصل قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ما أسفر عن استشهاد 38 ألفا و919 مواطنا غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 89 ألفا و622 آخرين، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مخيم جباليا الحياة الدمار الاحتلال فلسطين الاحتلال الحياة الدمار مخيم جباليا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الاحتلال مخیم جبالیا

إقرأ أيضاً:

راح نعمرها”.. الغزّيون يُصلحون منازلهم وأحياءهم للبقاء

 

 

الثورة  /

 

كالزيتون المتجذر في الأرض يرفض الفلسطينيون التخلي عن أرضهم ومنازلهم، التي أثخن الاحتلال الإسرائيلي الجراح فيها، ودمرها بشكل كامل خلال حرب الإبادة التي شنها على قطاع غزة واستمرت لنحو الـ 15 شهرًا على التوالي.

سكان شمال القطاع، وفور دخول التهدئة حيز التنفيذ عادوا بالآلاف إلى مناطقهم السكنية، ناموا في العراء وعلى ركام منازلهم المدمرة كليًا وجزئيًا، في رسالة واضحة للاحتلال وحلفائه أن مخططاتهم لن تنجح وأن الهجرة تعني الموت بالنسبة لهؤلاء.

صمود أسطوري عبّر عنه أكثر من مليوني فلسطيني من مختلف مناطق القطاع وتحديدًا شماله، بالرغم من تدمير الاحتلال 80% من المباني السكنية في القطاع، والتي تشير التقديرات الدولية إلى أن ركامها يحتاج لأكثر من عقد من الزمان لإزالته والبدء بإعادة الإعمار.

 

إصرار برغم الدمار

“راح نعمرها”.. بهاتين الكلمتين اختصر العائد من رحلة نزوح طويلة إلى شمال القطاع، وليد المدهون، مشددًا على أنه بالرغم من نومه فوق ركام منزله المدمر في أول ليلة؛ إلا أن ذلك لن يمنعه من استصلاح جزء منه والعيش فيه مع أسرته.

ويفيد المدهون، بأن جزءًا كبيرًا من منزل عائلته الذي يضم أربعة من إخوته مع عائلاتهم مدمر وآيل للسقوط؛ إلا أنهم وبقرار جماعي بدأوا بترميمه من أجل العيش فيه، مؤكدًا رفض العائلة لمخططات التهجير الإسرائيلية الأمريكية.

ويضيف: “الاحتلال أعادنا لكل هذا الدمار لدفعنا نحو ترك غزة وفلسطين؛ لكن ذلك مستحيل، نحن صامدون وثابتون وسنعيد إعمار كل ما دمره الاحتلال، ولن نقبل بتكرار مأساة النزوح ولو دمرت منازلنا فوق رؤوسنا”.

وبالرغم من مخاطر العيش في منزل آيل للسقوط؛ إلا أن المدهون يؤكد أن الحياة في المنزل والمنطقة التي ترعرع وتربى فيها لها طعم مختلف، علاوة على أنه يرى في ذلك اصرارًا على البقاء، وتحديًا للاحتلال ورسالة مسبقة بفشل أي مخططات.

ومن ركام منزله المدمر بالكامل، تمكن عمار أبو هاني من استخراج بعض ألواح الزينقو والأقمشة المتهرئة ليصنع منها ملجأ لعائلته المكونة من سبعة أطفال وأمهم، ويعيش بين الدمار الهائل وفي شارع لطالما كان يعجّ بالحياة.

ويقول عمار:”عدت إلى مكاني الطبيعي، الدمار لا يهمني وتمكنت من استصلاح جزء من مقتنيات المنزل القديمة لأعيش فيه، ما أفعله ربما يصور للبعض أنه ضرب من الجنون؛ لكنني أراه الصواب بعينه، نحن أصحاب الأرض والحق والاحتلال إلى زوال” .

وبالرغم من صعوبة الظروف التي يعيشها وعدم توفر المياه للاستخدام اليومي أو الشرب والتدمير الهائل في البنية التحتية؛ إلا أن إصراره على البقاء في شمال القطاع يتمثل بقطعة مئات الأمتار من أجل الحصول على الماء والطعام، ويعتبر هذه المعاناة أمرًا ثانويًا أمام القضية الرئيسية وهي الوطن.

ولا يرى أبو هاني في معاناته إلا انتصارًا على الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه، وأن عودة الآلاف من العائلات إلى شمال القطاع بالرغم من الدمار الفظيع فيه، يؤكد أن الاحتلال فشل على مدى أكثر من عام في تحقيق أي من أهدافه من حرب الإبادة في غزة.

لن نعود إلى الخيام

ولا يختلف الحال في شمال القطاع عن أقصى جنوبه، وتحديدًا مدينة رفح، فبالرغم من إصرار جيش الاحتلال على البقاء في محور فيلادلفيا الذي يفصل غزة عن الأراضي المصرية، واجتياحاته المتكررة لوسط المدينة؛ إلا أن الآلاف عادت لأحياء الجنينة وتل السلطان ومخيم الشابورة.

ويفيد أشرف قشطة العائد من منطقة المواصي غربًا إلى رفح، بأن تدمير الاحتلال لمنزله وجميع منازل العائلة لن يمنعه من العيش في الحي الذي قضى جميع سنوات عمره الأربعين فيه، مؤكدًا أنه بدأ مع المئات من أبناء العائلة بإعادة ترميم الحي.

وقال قشطة: “اقتلعنا الخيام ولن نعود إليها، سنعيش داخل ما تبقى من جدران منازلنا، وبالرغم من الصعوبات والمشقات وفّرنا المياه وأعدنا الحياة ولو جزئيًا إلى حيّنا، ولن نتخلى عن الأمل والحياة في غزة وفلسطين”.

ويشير إلى أنه “بالرغم من سعي الاحتلال لتحويل الحياة في قطاع غزة إلى جحيم، وبرغم الدمار الكبير الذي حلّ بمدينة رفح ومختلف مرافقها؛ إلا أن عودة الأهالي إليها وتكبد كل هذه المعاناة يؤكد عدم قدرته على احتلال غزة والسيطرة على الفلسطينيين”.

“المستقبل لنا ولأطفالنا وصمودنا الأسطوري أمام حرب الإبادة يؤكد أننا نسير نحو المعركة الفاصلة التي نحرر فيها كامل الأراضي الفلسطينية، ولن نرحل من أرضنا ولو كان ثمن ذلك أرواحنا، ومخططات التهجير لن تمر”، وفق قشطة.

مقالات مشابهة

  • لقطات جوية تُظهر حجم الدمار في جباليا بشمال غزة بعد 16 شهراً من العمليات العسكرية الإسرائيلية
  • الاحتلال يوسع عدوانه على طولكرم.. وكتيبة جنين تستهدف آلياته بالعبوات (شاهد)
  • ارتقاء 11 شهيداً والمزيد من الدمار في البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة
  • الدعم السريع تهاجم مخيم زمزم للنازحين بدارفور (شاهد)
  • عربي21 تتحدث إلى عائلات أسرى محررين.. فرحتهم منقوصة
  • اندلاع مواجهات مع العدو الصهيوني في مخيم الدهيشة وبلدة الخضر جنوبي بيت لحم
  • قوات الدعم السريع تهاجم مخيم زمزم ومعاناة النازحين تتفاقم في السودان (شاهد)
  • فلسطين.. قوات خاصة إسرائيلية تقتحم مخيم الدهيشة في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية
  • عودة مظاهر الحياة إلى شوارع دمشق وسط أجواء من التفاؤل
  • راح نعمرها”.. الغزّيون يُصلحون منازلهم وأحياءهم للبقاء