المغيرة التجاني علي
Mugheira88@gmail.com
يمتاز السودان بتنوع بيئاته و تعدد أنماط الحياة فيه , وفيه من اختلاف الأمكنة و تنوعها من سهول و وديان وهضاب و جبال و قيعان وآكام و جروف و رمال و أنهار و جداول و زروع و ثمار و محاصيل و نخيل و أبنوس و غابات و صحاري ما يجعل منه انموذجا حياً و دليلا بائناً علي ابداع و قدرة الخالق العظيم , تكتمل و تتشكل في ربوعه لوحة رائعة غنية بالحسن و الكمال , وهو , زيادة علي تمتعه بوفرة المياه من مصادر الأنهار و الأودية و الخيران الجارية في أرضه , يستقبل كل عام , وفي بداية موسم الصيف كميات وفيرة من مياه الأمطار , تبعث في الأرض الحياة و النماء , تسعد الانسان و تعزز في نفسه الشعور بالأمل و التفاؤل و تملأ قلبه بالسرور والراحة كما تنعش الحياة في الأرض , تتجدد خصوبة التربة و تكسيها ثوبا أخضرا زاهياً جميلاً و ذلك بتجدد الغطاء النباتي حيث تخضر و تؤرق الأشجار و تزدهي بالحسن و الظلال وتوعد بالطيب والثمار , كما تسعد الحيوانات بأنواعها بوفرة المراعي و نمو النباتات و الأعشاب في مراتعها الطبيعية , كما تجري في ربوعه الجداول و تمتلئ الحفائر و الترع و البرك بالماء العذب النمير , ثم تفوح الروائح الزكية من الورود البرية والأعشاب العطرية فتحيل الهواء نسيماً نقياً عليلاً .
فالمطر في السودان يعد عنصرًا أساسيًا في حياة الناس , فهو مصدرٌ للحياة والبركة ، ورمزٌ للخير والنماء , يحمل في قطراته الخير والفرح والسعادة للجميع . وقد حظي المطر في بلادنا العزيزة بمكانةٍ مرموقةٍ في ثقافة و تراث و فنون شعوبه المختلفة . وقد حظيت بواديه في الصعيد الأعلى خاصة , وفي بادية البطانة و وديان الشرق و سهول كردفان و بوادي دارفور بنصيب وافر من الشعر و قصائد الدوبيت وأبيات المرابيع , وذكرت في كتابات الأدباء و مقالات المهتمين و دفاتر الأغراب و كراسات التلاميذ و ألحان المبدعين وذكريات العشاق و ذاكرة المحبين , لما تحويه من أماكن ساحرة يفيض منها الخير و البركة والعطاء بفضل ما تتلقاه من مطر موسمي يجدد في ربوعها الحياة و يكسو وهادها بالخصوبة والأمل .
في ذات الأيام التي بدأت فيها بواكير الرشاش , و تكونت فيها السحب الحبلي بالعطاء و الخير , واستعدت الأرض الطيبة في شغف لعناق المطر بعد عام من الشوق والانتظار , و فردت الطيور أجنحتها فرحة , كانت معظم ربوع البلاد , و الصعيد خاصة , تعيش أسواء أيامها و أتعس لياليها . حيث ظللت سماواتها سحائب دخان المدافع ,وعكرت صفو فضائها أصوات الرصاص المنهمر , فعم الخوف و الهلع انسانها البسيط , فهجرها الي الملاجئ و المنافي خائفاً مذعوراً , وفرت من مراتعها حيواناتها و فارقت أعشاشها الطيور فطارت هائمة مخلفة ورائها صغارها , وتلوث هواءها و تبدل حسنها قبحاً و زهوها انكساراً و بهاؤها بؤساً , و تهدمت بيوتها و تكسرت أشجارها و تثنت غصونها , و داست علي ورودها البرية أحذية الجند الغليظة و توشح الرشاش المرتجي بلون الدم الأحمرالقاني , فلم تعد الأرض هي ذات الأرض العاشقة المنتظرة و لم يعد المطر ذلك الوعد الجميل المشتهي .
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
إلهام أحمد: نسعى للسلام مع جميع دول الجوار بما فيها إسرائيل
شاركت إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، في ندوة حوارية أدارها الإعلامي سامي القاسمي ضمن فعاليات ملتقى السليمانية، حيث أثارت تصريحاتها جدلاً واسعاً بعد تأكيدها على أهمية بناء علاقات سلام مع كافة دول الجوار، بما فيها إسرائيل.
وخلال الندوة، طرح القاسمي تساؤلاً حول تصريحات إسرائيلية تفيد بأن الانسحاب الأمريكي من شمال شرق سوريا "سيدفعها للقيام بحراك ملائم"، متسائلاً ما إذا كان من المتوقع في هذا السياق نشوء تحالف كردي إسرائيلي.
أجابت أحمد بقولها: "نأمل بأن لا تتحول سوريا إلى ساحة صراعات جديدة. ما نأمله أن يتحقق الاستقرار من خلال بناء نظام سياسي جديد في سوريا. هذا ما نسعى إليه بشكل دائم".
وأكدت أحمد أن بناء التحالفات يُعد خطوة أساسية ضمن هذا المسعى، وخاصة مع دول الجوار التي تعيش في حالة صراع، مشيرة إلى أن هذه التحالفات قد تساهم في إنقاذ سوريا من المزيد من الانزلاق نحو التوترات الإقليمية.
وعندما سُئلت مباشرة عن إمكانية بناء علاقات سلام مع إسرائيل، ردّت بالقول: "بالتأكيد"، مضيفة: "نسعى إلى السلام، وكل عملية تخدم السلام والاستقرار في سوريا هو أمر مهم جداً".
تصريحات أحمد حول السعي للسلام مع إسرائيل جاءت في سياق حديثها عن نهج "الإدارة الذاتية" في الانفتاح السياسي والدبلوماسي، مما يعكس تحوّلاً في الخطاب السياسي الكردي، ويثير في الوقت ذاته تساؤلات حول مستقبل التحالفات في المنطقة، وسط متغيرات جيوسياسية متسارعة.