(وكالة أنباء العالم العربي) - في مواجهة مجاعة تهدد الملايين جراء الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أطلقت منظمة (الحارسات) النسوية حملة لتذكير العالم بكارثة تحدق بالسودانيين في معسكرات النزوح والمدن المحاصرة بفعل الاشتباكات المستمرة منذ ما يقرب من العام ونصف العام.

الحملة انطلقت الجمعة من العاصمة الأوغندية كمبالا التي انتقلت إليها منظمة الحارسات عقب اندلاع الحرب، ويشارك فيها العشرات من المهنيين وأعضاء منظمات المجتمع المدني والهيئات النسوية ورجال الدين، وتستمر شهرا.





وتتخلل الحملة وقفات احتجاجية وكذلك إضراب عن الطعام، وتهدف إلى لفت انتباه العالم لأزمة "جراء تجاهل العالم لأكبر أزمة إنسانية في العالم" وفق ما تقول الحملة التي تحمل شعار (لا تغمضوا أعينكم عن المجاعة في السودان).

وجاء في تقرير التصنيف المرحلي المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي نُشر أواخر يونيو حزيران الماضي "بعد 14 شهرا من الصراع، يواجه السودان أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد التي سجلها التصنيف على الإطلاق في البلاد".

وكشفت النتائج الواردة في التقرير عن مستوى غير مسبوق من انعدام الأمن الغذائي في السودان، ما يترك 25.6 مليون شخص في مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد و14 منطقة معرضة لخطر المجاعة.

وحذر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة من أن الوضع الإنساني في البلاد "لا يزال كارثيا ويتدهور يوما بعد آخر"، مؤكدا الحاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لضمان وصول المساعدات الإنسانية لكافة المحتاجين وضمان حماية جميع المدنيين في السودان.

وأعلن لعمامرة الجمعة انتهاء مباحثات منفصلة استمرت تسعة أيام في جنيف مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع دون التوصل لاتفاق.

وقالت قوات الدعم السريع إن وفدها سلم لعمامرة في ختام المباحثات خطابا رسميا من قائدها محمد حمدان دقلو إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بما تم التوصل إليه خلال المباحثات ويتضمن التزام الدعم السريع بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية والتزامه بتعزيز حماية المدنيين.

الصرخة
تقول هادية حسب الله، مديرة منظمة الحارسات، إن الحملة جاءت لمواجهة المجاعة في السودان "ولاستصراخ العالم ولفت أنظاره" حيث تركز على أن تكون صرخة الاستغاثة من مختلف الأطياف السودانية. وتضيف أن الحملة حرصت على وجود تمثيل لكل المجتمعات السودانية "من جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور والشمالية والشرق، حتى الخرطوم صرخت بطريقتها".

وقالت في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن أنشطة الحملة متنوعة، وبعضها سيكون ذا طابع احتجاجي وروحاني، وسيشارك فيها تشكيليون ودراميون ومطربون بهدف إسماع الأصوات عبر مختلف الوسائل. كما ستُنظم وقفات احتجاجية بعدد من الدول وإضراب عن الطعام ليوم واحد، لمطالبة العالم بتدخل قوي يوقف الحرب ويفتح المسارات الآمنة لإنقاذ السودانيين.

وذكرت مديرة المنظمة أن أكثر من نصف الشعب السوداني مصنف بأنه يمر بأزمة غذاء ومجاعة، وتتحمل النساء العبء الأكبر لأن 55 بالمئة من النازحين واللاجئين من الأطفال الذين "نحملهم من بلد إلى بلد بحثا عن مكان آمن"، كما أن 27 بالمئة من النازحين نزحوا أكثر من مرة داخليا.

وقالت إن أكثر من سبعة آلاف سيدة حديثة الإنجاب مهددة بالوفاة هي وطفلها بسبب نقص الغذاء، وإن معظم حديثي الولادة يعانون سوء التغذية.

وأضافت إن طرفي الحرب يقولان للعالم "لسنا بحاجة للإغاثة ولا وجود للمجاعة"، ونفت هذا الكلام مؤكدة أن السودان فقد أكثر من 70 بالمئة من أراضيه الزراعية "ومحتاجين نقول للعالم ‘أنقذونا‘.".

وواصلت حديثها قائلة إن 20 بالمئة من السودانيين يعيشون تحت تصنيف كارثة الغذاء و95 بالمئة يأكلون وجبة واحدة في اليوم منذ أكثر من عام "لذلك نعاني من الجوع في حين أن العالم لم يفِ سوى بعشرين في المئة من التزاماته تجاه الشعب السوداني الذي يعتمد على أبنائه المغتربين بالخارج في دعم المطابخ المشتركة التي تعرف باسم التكايا".

وأردفت "لكن العدد كبير ويجب أن نرفع صوتنا للعالم عاليا أن يكف عن التقصير".

جانب من الحضور خلال تدشين حملة (لا تغمضوا أعينكم عن المجاعة في السودان) بمقر منظمة الحارسات النسوية

ماتوا جوعا
وفي مداخلة عبر الهاتف أمام الحضور خلال تدشين الحملة في كمبالا قال توم بيريلو، المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، إن المجتمع الدولي لم يتخذ خطوات كافية تجاه السودانيين "لكن صوتكم سُمع في أميركا وحول العالم، ونبحث زيادة كمية المساعدات الإنسانية المخصصة إلى السودان".

وأضاف "نبحث أيضا الضغط على الجيش وقوات الدعم السريع للسماح للقوافل الإغاثية بالوصول إلى المحتاجين في الخطوط الأمامية والمناطق الأخرى بصورة آمنة، وكذلك نواصل جهودنا لوقف إطلاق النار وإنهاء هذه الحرب وأزمة الجوع".

وتحدث أيضا أمام الحضور الشيخ الأمين عمر الأمين، وهو صاحب مركز لتحفيظ القرآن (خلوة) بحي بيت المال بمنطقة أم درمان القديمة ظل يُطعم الأهالي منذ اندلاع الحرب. وقال عبر تطبيق زووم "اشتغلنا في جو صعب وسط ضرب ونهب يصعب فيه تشيل قروش في جيبك. كل المحلات أغلقت أبوابها وتكاد تكون الأشياء معدومة مع انقطاع الكهرباء والمياه".

وأشار إلى أنه كان يُسمح لهم بالخروج مرة واحدة في اليوم لجلب المواد الغذائية مع ازدياد أعداد الأسر التي تتوافد إلى المركز للحصول على الطعام. وأضاف "عدد من أفراد الأسر المحاصرة بحي الملازمين المجاور ماتوا جوعا، وكانت قصة صعبة جدا".

وأضاف "حتى الآن الأمن معدوم والمواد الغذائية بها شح وندرة وأصبحت غالية مع ارتفاع الأسعار... السودان يمر بمرحلة صعبة جدا ويجب على الجميع النظر في هذا الأمر".

وتابع "إذا نجونا من نار السلاح لن ننجو من نار المجاعة. كل التكايا بدأت تقفل والضغط علينا عال جدا والمناطق المجاورة تعاني، هذا بخلاف السكان بالولايات التي تعاني من الصراع وليس لديها مصدر دخل لشراء السلع، والمساعدات لا تصلهم".

وحذر من أنه مع دخول فصل الخريف ستغلق الشوارع بين الولايات مع خروج الطرق القومية عن الخدمة بسبب الاشتباكات، "وهو ما سيؤدي إلى أزمة أصعب من التي يمر بها الناس في الولايات".

أهمية الحملة
تحدث هشام عمر النور، وهو أستاذ جامعي ومشارك بالحملة، إلى وكالة أنباء العالم العربي حيث أكد على ضرورة المشاركة في الحملة.

قال "على الرغم من كل التقارير الواردة من منظمات الأمم المتحدة العالم حول الوضع الكارثي في السودان، لم يلتفت العالم لما يجري هناك؛ فالشعب تحت وطأة كارثة تنذر بمجاعة حقيقية، ولا بد أن يرتفع صوتنا لنصبح جزءا من هذه الحملة لنرفع المجاعة عن شعبنا".

وأضاف "من ناحية أخرى المشاركة في الحملة لا تعني أننا غير معنيين بإيقاف الحرب في البلاد؛ فهي تُعلًي من صوت المدنيين الذين ينادون بوقف الحرب مقابل من ينادون باستمرارها. وأولى خطوات وحدة القوى المدنية لوقف الحرب أنها تدعم الحملة وتصبح جزءا منها".

أما رابحة إسماعيل، الناشطة النسوية وعضو منظمة (وعي)، فأشارت إلى أن الحملة واحدة من أدوات التصدي للمجاعة غير المعلن عنها والناتجة عن الحرب التي امتدت إلى المناطق الزراعية وفقدت البلاد بسببها أغلب مدخلات الزراعة.

وقالت لوكالة أنباء العالم العربي "يجب إحداث ضغط كبير لفتح الممرات الآمنة حتى يسهل توصيل الغذاء للمحتاجين في جميع مدن وقرى البلاد بما في ذلك المناطق التي لا تشهد قتالا".

وأضافت "كل العالم يتابع مؤشرات سوء التغذية جراء الجوع خصوصا وسط الأطفال؛ فحتى قبل الحرب كانت النتائج تظهر تدنيا كبيرا في سوء التغذية وسط النساء الحوامل والأطفال بمعسكرات النزوح خصوصا في إقليمي دارفور وجنوب كردفان، وزادت هذه النسب بعد الحرب بسبب تزايد النقص في الغذاء".

وفي الشهر الماضي، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن مستوى الجوع يتفاقم في السودان والبلدان المجاورة التي فر إليها الملايين، "ما يخلق أزمة جوع يمكن أن تصبح الأكبر في العالم".

ووصف مايكل دانفورد، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لشرق أفريقيا، الوضع في السودان بأنه "كارثي بالفعل ومن المحتمل أن يتفاقم أكثر ما لم يصل الدعم إلى جميع المتأثرين بالصراع".

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المجاعة فی السودان الأمن الغذائی الدعم السریع بالمئة من أکثر من

إقرأ أيضاً:

أمام حشد دولي في الصين .. البرهان يطالب بتصنيف قوات الدعم السريع مجموعة إرهابية

طالب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، الخميس، بتصنيف قوات الدعم السريع “مجموعة إرهابية” والمساعدة في القضاء عليها.

جاء ذلك في كلمة البرهان أمام قمة التعاون الصيني الإفريقي المنعقدة بالعاصمة بكين في الفترة من 4 إلى 6 أيلول/ سبتمبر الجاري، وفق بيان من مجلس السيادة الانتقالي.

وقال البرهان إن السودان “يتعرض منذ 15 إبريل/ نيسان 2023 إلى مؤامرة كبرى لاتزال مستمرة واستهداف قامت به قوات الدعم السريع”.

وأضاف: “هدفت المليشيا (الدعم السريع) بتمردها الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح، وخدمة لأطماع قوى إقليمية غير راشدة (لم يحددها) فشنت الحرب على المواطنين العزل ومؤسسات الدولة بأكملها”.

وتابع البرهان: “الدعم السريع أصبحت مهددة للأمن والسلم المحلي والإقليمي لذلك أطلب ضرورة تصنيفها كمجموعة إرهابية والمساعدة في القضاء عليها وإدانة أعمالها وإدانة التعاون معها”.

ولم يصدر أي تعليق فوري من قوات الدعم السريع بهذا الخصوص حتى الساعة 12:30 (ت.غ).

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

وأكد البرهان على “أهمية التعاون الصيني الإفريقي في مواجهة التحديات والتقلبات السياسية والمطامع الدولية”.

وأضاف: “ومن هذا المنطلق ندعو الأشقاء الأفارقة للعب دور إيجابي داعم لمساعدة السودان لتحقيق السلام والاستقرار ويقتضي ذلك إعادة النظر في تجميد عضويته بالاتحاد الإفريقي، واضعين في الاعتبار أهميته للأمن والسلام في الإقليم وحاجته لإعادة البناء الإعمار”.

وأعرب البرهان عن “تطلعه لدور محوري للصين في تكملة جهود الحكومة لإعادة التأهيل وإعادة البناء والإعمار لما دمرته الحرب في السودان”.

وفي 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، قرر الاتحاد الإفريقي تجميد مشاركة السودان في أنشطته، بعد يومين من فرض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل الحكومة المدنية بقيادة عبد الله حمدوك.

  

مقالات مشابهة

  • مجاعة غزة الأشد في التاريخ.. تقرير أممي يرصد أزمة جوع عالمية تهدد الملايين
  • البرهان: دول غير رشيدة تساعد الدعم السريع وتحيك مؤامرة ضد البلاد
  • الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 58 مليونا و129 ألف خدمة مجانية خلال 36 يوما
  • حرب السودان.. المرض المناعي في امبراطورية الشر!
  • أمام حشد دولي في الصين .. البرهان يطالب بتصنيف قوات الدعم السريع مجموعة إرهابية
  • البرهان: نطالب بتصنيف الدعم السريع "مجموعة إرهابية"  
  • حملة إيقاف الحرب في السودان تعلن هياكلها وتسمي ناطقاً رسمياً
  • حملة دعم المنتخب تؤكد توفر أكثر من 3 آلاف تذكرة مجانية للجماهير العمانية
  • رشان اوشي: هل سقطت بلادنا؟ (1)
  • غزة.. "أونروا" تشيد بنجاح حملة التطعيم وتدعو لوقف الحرب