بالتزامن مع تواصل النقاشات بين أعضاء الحزب الديمقراطي بشأن ما إذا كان على الرئيس جو بايدن الاستمرار في سباق الرئاسة لمنافسة الجمهوري دونالد ترامب، يتعمّق الجدل في الأوساط الداخلية للحزب بشأن مستقبل القيادة ومن سيخلف بايدن في حال قرّر الانسحاب، وفقا لتحليل لوكالة أسوشيتد برس.

وتتمحور المداولات في صفوف الديمقراطيين حول ما إذا كانت نائبة الرئيس كامالا هاريس هي التالية في الصف لتولي المنصب أم أنه ينبغي إطلاق "انتخابات تمهيدية مصغرة" بسرعة لاختيار مرشح جديد قبل المؤتمر الحزبي في أغسطس.

خيار هاريس غير محسوم

وأجرت هاريس جولة لجمع التبرعات للحملة، السبت، في بروفينستاون بولاية ماساتشوستس، وحصلت على تأييد من السناتور الديمقراطية البارزة إليزابيث وارن، التي قالت قبل الزيارة إنه إذا تنحى بايدن، فإن نائبة الرئيس "مستعدة للتقدم".

وخلال الحدث الذي جمع 2 مليون دولار وحضره ألف ضيف، وفق مسؤولين، لم تتطرق هاريس للدعوات لبايدن لترك السباق أو لها لتحل محله، بل كررت إحدى عبارات حملتها المعتادة: "سنفوز في هذه الانتخابات".

غير أن ترشيح هاريس لرئاسة القائمة الانتخابية ليس أمرا محسوما، رغم ما قد يمثله من لحظة تاريخية للحزب. فهي ستكون أول امرأة، وأول شخص من أصول أفريقية وجنوب آسيوية، يترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي. 

وفي المقابل، يميل كبار المسؤولين في الحزب، بمن فيهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، إلى تفضيل عملية ترشيح مفتوحة. ويرى بعضهم أن هذا النهج من شأنه تعزيز فرص أي مرشح ديمقراطي في مواجهة المنافس الجمهوري، دونالد ترامب.

ومع استمرار هذه المناقشات، يمدد الديمقراطيون فترة غير مسبوقة من الغموض والاضطراب. ويواجه بايدن هذا الأسبوع قرارات مصيرية قد ترسم ملامح مستقبل البلاد وحزبه مع اقتراب الانتخابات في نوفمبر.

ويبرز هذا الوضع تباينا حادا مع الجمهوريين. فبعد سنوات من الصراعات المريرة والفوضى المحيطة بترامب، يبدو الحزب الجمهوري الآن متحمسا لنهج ترامب، وفقا لأسوشيتد برس.

مخاوف

ويشكك كثير من الديمقراطيين  في قدرته على البقاء بالبيت الأبيض بعد أدائه المتعثر في المناظرة الشهر الماضي، مبدين قلقهم من أنه سيأخذ معه آمال سيطرة الحزب على الكونغرس.

والسبت، أضاف النائب مارك تاكانو، كبير الديمقراطيين في لجنة شؤون المحاربين القدامى بمجلس النواب، اسمه إلى قائمة ما يقرب من خمسة وثلاثين ديمقراطيا في الكونغرس الذين يقولون إنه حان الوقت لبايدن لترك السباق، داعيا إلى "تمرير الشعلة" إلى هاريس.

ومن المتوقع أن يتحدث المزيد من المشرعين في الأيام المقبلة، خاصة بعد أن أثار المانحون مخاوف.

وقال النائب الديمقراطي مورغان ماكغارفي من كنتاكي، أحد الديمقراطيين الذين يحثون بايدن على الخروج من السباق: "لا يوجد فرح في الاعتراف بأنه لا ينبغي أن يكون مرشحنا في نوفمبر".

ومن منزله الشاطئي في ديلاوير، يعزل بايدن، البالغ من العمر 81 عاما، نفسه بعد إعلانه عن إصابة بفيروس كورونا، ولكن أيضا سياسيا مع دائرة صغيرة من العائلة والمستشارين المقربين. 

وأصر فريق الرئيس على أنه مستعد للعودة إلى الحملة الأسبوع المقبل لمواجهة ما أسماه "الرؤية المظلمة" التي طرحها ترامب.

وقال بايدن في بيان، الجمعة: "معا، كحزب وكبلد، يمكننا وسنهزمه في صناديق الاقتراع".

لكن خارج منطقة ريهوبوث، يزداد النقاش والعواطف حدة.

نحو انتخابات تمهيدية مصغّرة؟

وبحسب الوكالة، فإن عددا قليلا جدا من المشرعين الديمقراطيين الذين يطالبون بمغادرة بايدن ذكروا هاريس في بياناتهم، وقال البعض إنهم يفضلون عملية ترشيح مفتوحة من شأنها أن تلقي بتأييد الحزب وراء مرشح جديد.

ووفقا لمصدر مقرب من بيلوسي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، فإن رئيسة مجلس النواب السابقة، رغم صداقتها وإعجابها بنائبة الرئيس، ترى أن عملية اختيار مفتوحة ستكون أكثر فائدة لأي طامح للرئاسة. 

وتعتقد بيلوسي أن مثل هذه العملية من شأنها تعزيز فرص الفوز لأي مرشح يتم اختياره في نهاية المطاف.

وقالت النائبة زوي لوفغرين من كاليفورنيا، وهي حليفة لبيلوسي دعت بايدن للتنحي، يوم الجمعة على شبكة "MSNBC"، إن عقد ما يشبه "انتخابات تمهيدية مصغرة" بمشاركة هاريس أمر منطقي.

ودعا السناتوران الديمقراطيان، جون تيستر من مونتانا وبيتر ويلش من فيرمونت بايدن للخروج من السباق وقالا إنهما سيفضلان عملية ترشيح مفتوحة في المؤتمر.

وقال ويلش في مقابلة مع أسوشيتد برس: "جعلها مفتوحة سيقوي أيا كان المرشح النهائي".

ويقول ديمقراطيون آخرون إنه سيكون من غير المعقول سياسيا الانتقال إلى شخص آخر غير هاريس، ومن غير الممكن لوجستيا مع التخطيط لتصويت الترشيح الافتراضي في أوائل الشهر المقبل، قبل افتتاح المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو في 19 أغسطس.

وأيدت النائبة بيتي ماكولوم من مينيسوتا، التي دعت بايدن للتنحي، هاريس صراحة كبديل.

وقالت ماكولوم في بيانها: "لمنح الديمقراطيين مسارا قويا وقابلا للتطبيق للفوز بالبيت الأبيض، أدعو الرئيس بايدن إلى إطلاق مندوبيه وتمكين نائبة الرئيس هاريس من التقدم لتصبح المرشحة الديمقراطية للرئاسة".

ويتفاقم المأزق المتعلق بمستقبل بايدن السياسي، مما يضع الحزب الديمقراطي وقياداته في موقف حرج. ويأتي هذا قبل شهر فقط من انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي، الذي يفترض أن يكون منصة لتوحيد الصفوف خلف الرئيس الحالي لمواجهة ترامب. لكن بدلا من ذلك، يجد الحزب نفسه أمام مفترق طرق تاريخي لم يشهد مثيله منذ عقود

ومن غير الواضح ما الذي يمكن للرئيس أن يفعله غير ذلك، إن وجد، لعكس المسار واستعادة المشرعين والناخبين الديمقراطيين، الذين يشككون في قدرته على هزيمة ترامب وخدمة فترة أخرى.

بايدن، الذي أرسل رسالة تحد إلى الديمقراطيين في الكونغرس متعهدا بالبقاء في السباق، لم يزر بعد مبنى الكابيتول لتعزيز الدعم، وهو غياب لاحظه أعضاء مجلس الشيوخ والنواب، بحسب أسوشيتد برس.

وأجرى الرئيس جولة من المحادثات الافتراضية مع مختلف التجمعات في الأسبوع الماضي - انتهى بعضها بشكل سيء، وفقا للمصدر ذاته.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

ويتكوف إلى الدوحة.. كيف "ورث" ترامب بايدن وهو في منصبه؟

سيصبح اسم ستيف ويتكوف ووجهه مألوفين لدى أهل الشرق الأوسط في الأسابيع المقبلة، إذ عيّنه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في أواخر نوفمبر الفائت مبعوثا خاصا إلى هذه المنطقة.

وسيكون ويتكوف بهذا التكليف مسؤولا عن ملف التفاوض بين إسرائيل وحماس، حيال اتفاق الهدنة وتبادل المحتجزين الذي طال انتظاره، وقد مضى على الحرب 15 شهرا.

ويندرج الرجل من يهود نيويورك، وله باع طويل في فنون التفاوض، وهو قطب من أقطاب العقارات في الولايات المتحدة.

كل ما ذكر ينتمي إلى خانة الطبيعي والمألوف، لكن ما هو ليس كذلك أن ترامب أرسله بالفعل إلى الدوحة للدفع بملف الهدنة، قبل أسبوعين من توليه المنصب رسميا، بينما لا يزال في البيت الأبيض رئيس حالي هو جو بايدن، وله مبعوث خاص إلى الشرق الأوسط اسمه بريت ماكغورك، لا يزال هو الآخر على رأس عمله.

وسجل ترامب بهذا التصرف سابقة في تاريخ الولايات المتحدة.

يصل ويتكوف إلى الدوحة، الأربعاء، حيث يجري لقاءات مع المسؤولين القطريين.

وخلال مؤتمر صحفي عقده ترامب في بالم بيتش بولاية فلوريدا، أعرب الرئيس المنتخب عن أمله في تحقيق نتائج طبية فيما يتعلق بالرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة، بحلول موعد تنصيبه في 20 يناير.

وقد يفسر استعجال ترامب بأنه عازم على إبرام الصفقة قبل وصوله إلى البيت الأبيض.

وفي المؤتمر الصحفي ذاته، جدد تهديده لحماس، قائلا إنه إذا لم يتم الإفراج عن المحتجزين لدى الحركة بحلول موعد تنصيبه "ستفتح أبواب الجحيم على مصراعيها في الشرق الأوسط".

لكن هذا التاريخ ليس مقدسا كي يكسر من أجله ما هو عظيم الشأن فعلا كبروتوكولات الفترة الانتقالية التي تصون حق الرئيس الحالي بممارسة صلاحياته حتى نهاية فترته الرئاسية رسميا، وقد كان بإمكان ترامب جعل المباحثات هذه من ضمن ولايته الرسمية، وليفعل بعدها ما يفعل.

ثم ماذا لو آتت مساعي ويتكوف أكلها، وحصلت تطورات قبل موعد التسلم والتسليم؟ فمن الرئيس الذي سيخرج علينا بمؤتمر صحفي ليزف النبأ العظيم؟

هكذا هو ترامب، الشخصية السياسية الاستثنائية التي لا يمكن التنبؤ بخطواتها وقراراتها.

في نهاية ولايته السابقة، وبعد 150 عاما لم تشهد فيها واشنطن عزوفا من رئيس عن حضور حفل تنصيب خلفه، رفض ترامب توريث المنصب إلى بايدن، وكان آخر من فعلها أندرو جونسون عام 1869.

وها هو اليوم قبيل رحيل بايدن، أبى ترامب إلا أن يرثه، وهو لا يزال في منصبه.

مقالات مشابهة

  • تحذيرات صارمة من فريق ترامب لموظفي البنتاغون.. إثبات الولاء شرط للبقاء
  • ويتكوف إلى الدوحة.. كيف "ورث" ترامب بايدن وهو في منصبه؟
  • ترامب: النزاع في أوكرانيا فشل ذريع لبايدن
  • البيت الأبيض ينفي اتهامات ترامب لبايدن بمنع انتقال سلمي للسلطة
  • البيت الأبيض ينفي اتهام ترامب لبايدن بعرقلة عملية نقل السلطة
  • المصري الديمقراطي ينعي الفريق جلال الهريدي
  • قيادات بالمصري الديمقراطي تحضر القداس وتهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد الميلاد المجيد
  • كامالا هاريس تترأس جلسة توثيق هزيمتها أمام ترامب
  • خطابان مرتقبان لبايدن .. أحدهما وداعي
  • بايدن: لا ينبغي نسيان اقتحام الكابيتول في 2021