بعد تحركاته الأخيرة في حضرموت.. هل تطيح السعودية بفرج البحسني من المجلس الرئاسي؟
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
الجديد برس:
يعتقد السعوديون أن اللواء فرج البحسني أخطأ التقدير في انضمامه إلى المجلس الانتقالي الجنوبي (جنوب اليمن) المدعوم من الإمارات، بينما يقول البحسني إنه “قدّر الموقف واتخذ القرار”. بالنسبة إلى الرياض، فإن محافظة حضرموت مرتبطة بأمنها القومي، وأي وجود أو تحرك للإمارات يزعجها. هذا ما يصدر من البحسني حاليا بالضبط.
تشير التحركات الأخيرة للبحسني إلى أنه يعمل على تقويض مجلس حضرموت الوطني الذي شكلته السعودية قبل أسابيع كحامل للقضية الجنوبية. وبطبيعة الحال، فإن تحركات البحسني بإيعاز ودعم من الإمارات وليس من تلقاء نفسه. يعتمد الانتقالي بشكل كبير على الدور الذي سيلعبه البحسني في المحافظة التي تعد نقطة خلاف كبيرة مع السعودية.
يتحكم البحسني بقوة كبيرة أنشأتها الإمارات في العام 2016، تحت مسمى “النخبة الحضرمية”. إلى اللحظة يحول البحسني دون دمج تلك القوات ضمن وزارتي دفاع وداخلية حكومة عدن. مع ذلك، مازال يحتفظ بعضويته في مجلس القيادة الرئاسي الذي شكلته السعودية بعد إطاحتها بعبد ربه منصور هادي.
في السياق، يتساءل الخبير العسكري علي الذهب: هل سيفلح عضو الرئاسي، فرج البحسني، في تقويض مجلس #حضرموت الوطني، المدعوم سعوديا؟.
ويضيف: يتحرك الرجل السبعيني بروح شاب عشريني، متحديا #السعودية التي تراقب، بحذر، أي تهديد إقليمي، بالوكالة، عبر حضرموت والمهرة.
ويتابع عبر حسبه على موقع تويتر: بعد انضمامه للانتقالي، قال البحسني من مدينة جدة: لقد قدرت الموقف واتخذت القرار.
ويختم حديثه بالقول: تحركات عضو الرئاسي، فرج البحسني، ستثير حفيظة السعودية، فتعمل على إزاحته؛ وذلك لخطورته على أمنها القومي، ودوره المقوض لعملية السلام. تشبث البحسني باستقلالية النخبة الحضرمية، وإعاقة إعادة دمجها في الجيش، يجعلها كقوات البادية التي أنشأتها بريطانيا لوقف التمدد السعودي شمالي حضرموت.
هل يطاح به؟:
رغم التوقعات بإزاحة السعودية للبحسني من عضوية مجلس القيادة، بسبب الدور الذي يلعبه ويهدد أمنها القومي، إلا أن هناك من يلعب أكثر من هذا الدور، كعيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة.
والفارق ـ ربما ـ هو أن الزبيدي يعتبر حاليا واجهة للقضية الجنوبية التي تتعامل معها السعودية بحساسية، كما أن نفوذه الفعلي مازال خارج حضرموت والمحافظات الشرقية، بخلاف فرج البحسني الذي يسيطر على الساحل الحضرمي ويمتلك قوة عسكرية كبيرة، ولديه أيضا ارتباط بأبوظبي.
ربما يعتقد البحسني أن ارتباطه بالانتقالي وارتباط الانتقالي بالإمارات سيوفر لها الحماية من أي استهداف أو مضايقة سعودي، لكن هذه الحسابات قد لا تكون دقيقة حين يتعلق الأمر بحضرموت. ومع ذلك، مازال لدى الانتقالي من أوراق الضغط ما يواجه به السعودية، ومن ذلك السماح وعدم السماح لحكومة معين بالعودة إلى مدينة عدن، لممارسة مهامها منها.
أخيرا، يبدو أن الإطاحة بفرج البحسني من مجلس القيادة المشكل سعوديا في الوقت الحالي، غير واردة، لكن السعودية لن تتركه يتحرك بالشكل الذي يريد في حضرموت.
*عرب جورنال – عبدالرزاق علي
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: مجلس القیادة فرج البحسنی
إقرأ أيضاً:
حضرموت.. مشاريع سياسية متضاربة تهدد مستقبل التسوية اليمنية
تحولت الذكرى التاسعة لتحرير ساحل محافظة حضرموت اليمنية من قبضة تنظيم القاعدة إلى فرصة سانحة للمجلس الانتقالي الجنوبي لإطلاق رسائل سياسية من المكلا عاصمة المحافظة، في إطار تصاعد دعوات "حلف قبائل حضرموت" للمطالبة بإدارة مستقلة خارج سلطة المجلس الانتقالي والحكومة المركزية.
وفي حين اختار المجلس الانتقالي التعبير عن تمسكه بحضوره عبر الحشد الشعبي والرمزية الميدانية، عزز خطابه بلقاءات قبلية وسياسية قادها أحمد سعيد بن بريك نائب رئيسه قبل الفعالية بساعات، بينما كان محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي في زيارة رسمية إلى الرياض، حيث ناقش ملفات عسكرية وتنموية تتصل بمستقبل المحافظة.
هذا التزامن في التحركات، رغم اختلاف أدواته، يعكس –وفق مراقبين– سباقا محموما لحشد الدعم السياسي وتعزيز النفوذ في لحظة حساسة، تتصاعد فيها التوترات الأمنية والسياسية، ويعاد فيها رسم ملامح الصراع على هوية المنطقة وموقعها في الخريطة اليمنية المعقدة.
وهذا التنافس ليس جديدا، إذ تعود جذوره إلى عام 2013 مع تأسيس "حلف قبائل حضرموت" كإطار شعبي وقبلي يسعى إلى تحقيق شراكة عادلة في السلطة والثروة، ولكن في منتصف أبريل/نيسان الجاري، صعّد الحلف مطالبه مع تنظيم تجمعات جماهيرية حاشدة في مناطق نفوذه شرقي المحافظة، رُفعت خلالها شعارات تطالب بـ"الحكم الذاتي" و"تقرير المصير"، في تحرك هو الأول من نوعه، بعد سنوات اقتصرت فيها مطالبه على قضايا ذات طابع حقوقي.
رغم أن حضرموت بقيت بعيدة عن المواجهات المباشرة بين الحكومة الشرعية والحوثيين خلال سنوات الحرب، فإنها لم تكن محصنة من تداعيات الصراع، فقد دخلت لاحقا في صراع نفوذ إقليمي ومحلي.
إعلانوفي هذا السياق، برزت معالم نزاع داخلي بين 3 أطراف رئيسية، الأول الحكومة الشرعية في عدن، والثاني حلف قبائل حضرموت، الذي يدفع باتجاه حكم ذاتي وإدارة محلية بعيدة عن تدخلات الحكومة المركزية والمجلس الانتقالي الجنوبي على حد سواء، والثاني المجلس الانتقالي، الذي يرى في حضرموت جزءا لا يتجزأ من مشروع دولة "الجنوب العربي".
رغم أن الخلاف بين حلف قبائل حضرموت والمجلس الانتقالي يحتل واجهة المشهد، فإن مراقبين يرون أن حلف القبائل لا يعارض المجلس الانتقالي فحسب، بل أيضا الحكومة الشرعية، التي يعدها عاجزة عن تمثيل أبناء المحافظة تمثيلا عادلا أو تلبية مطالبها التنموية والخدمية.
تسبب هذا التباين في الرؤى في حالة من الاصطفاف الحاد، إذ بلغ الانقسام ذروته في مارس/آذار الماضي، عندما اتهم رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي حلف القبائل بالعمالة، مما أثار موجة غضب داخل المكونات القبلية في المحافظة.
وردّا على هذه التصريحات، نظم الحلف لقاء موسعا تحت اسم "لقاء حضرموت"، أكد فيه مجددا مطالباته بالحكم الذاتي، وهو ما قابله الانتقالي بتنظيم الفعالية الجماهيرية التي شهدتها المكلا اليوم، في رسالة سياسية مباشرة.
تصاعد التوتر على الأرض، بعد أن اتهم حلف القبائل في المحافظة قيادات في سلطة المجلس الانتقالي المحلية بتسهيل دخول أكثر من 2500 مسلح من خارج المحافظة إلى مدن الساحل، خصوصا المكلا، في خطوة عدها الحلف محاولة لفرض واقع عسكري جديد.
ووجّه مؤتمر حضرموت اتهامات مشابهة إلى اللجنة الأمنية التابعة للحكومة الشرعية في المحافظة، بما في ذلك المحافظ وقائد المنطقة العسكرية الثانية ومدير أمن الساحل، متهما إياهم بالتواطؤ مع التحركات العسكرية الأخيرة.
واعتبر المؤتمر أن موقفهم الصامت يعد دعما غير مباشر للمخطط الذي يهدد أمن واستقرار حضرموت ويعصف بنسيجها الاجتماعي، ويستهدف تقويض جهود استعادة القرار السياسي والعسكري للمحافظة بعيدا عن التدخلات الخارجية.
إعلان تكتل جديدوفي خضم هذه الصراعات، ظهرت على الساحة السياسية الحضرمية حركة جديدة تُعرف باسم "التغيير والتحرير"، يتزعمها أبو عمر النهدي، القيادي السابق في تنظيم القاعدة، حسب تقارير إعلامية محلية.
وقد فتح هذا الظهور المفاجئ باب التساؤلات حول طبيعة الحركة، وأهدافها، والجهات التي تقف خلفها، لا سيما مع تداول الإعلام المحلي تكهنات عن ارتباطها بتركيا، من دون صدور أي تعليق رسمي من أي طرف حول هذا الارتباط، خاصة أن خطاب الحركة لا يزال غامضا، ويخلو من أي برنامج سياسي واضح.
هذا الغموض، إلى جانب الهوية السابقة لزعيمها، يعيد إلى الواجهة مخاوف من احتمال استغلال هذه الحركة لخلق مسارات موازية.
ويعتقد الباحث في علم الاجتماع السياسي، الدكتور مصطفى ناجي، أن ظهور هذه الحركة في هذه المرحلة يفتح المجال لمطالبات جهوية متعددة، مما يزيد من تعقيد المشهد اليمني ويضع أمام المجلس الانتقالي تحديات كبيرة في سعيه للهيمنة على محافظات الجنوب والشرق.
كما أن هذا الوضع يزيد من صعوبة مهمة الحكومة المركزية التي تجد نفسها وسط صراع مستمر حول الصلاحيات بين المركز والأطراف المحلية، خاصة في ظل محدودية الموارد التي تُقيّد قدرتها على التأثير الفعّال، وفقا لما يقوله ناجي للجزيرة نت.
وفي المقابل، يرى المحلل السياسي الحضرمي، صبري بن مخاشن، أن هذه الحركة لا تُعد تكتلا عابرا، بل تمثل امتدادا لتحالفات سابقة ظهرت في لحظات سياسية دقيقة، بهدف تعطيل أي مسعى حقيقي لإقامة مشروع سياسي حضرمي مستقل.
ويشير مخاشن -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن ظهورها في هذا التوقيت لا يمكن فصله عن محاولات مستمرة لتقويض مطالب أبناء المحافظة بإدارة شؤونهم بأنفسهم، بعيدا عن هيمنة المركز أو التأثيرات الإقليمية.
أكثر ما يعقّد المشهد الحضرمي، وفقا للمراقبين، هو غياب الاستقرار الأمني الفعلي، الذي يظهر جليا في التباين بين منطقتين رئيسيتين في المحافظة الساحل والوادي.
إعلانففي الساحل، الذي يمتد على طول البحر العربي، تفرض قوات "النخبة الحضرمية" سيطرتها الأمنية، مما يخلق نوعا من الاستقرار النسبي، أما في الوادي -الذي يُعد الجزء الداخلي من حضرموت- فتغيب مظاهر التنسيق بين الأطراف العسكرية المختلفة، ويزداد النفوذ القبلي، مما يعمق التوترات الأمنية ويُضعف مركزية القرار في المنطقة.
رغم تقديم المحافظة بوصفها نموذجا للاستقرار في اليمن، يرى تقرير صادر عن مركز سياسات اليمن أن هذا الاستقرار هشّ، تغذّيه بنية إدارية متآكلة بفعل الفساد، خاصة مع تراجع شرعية السلطة المحلية منذ عهد المحافظ السابق فرج البحسني، وارتفاع وتيرة الاحتجاجات الشعبية.
التقرير ذاته يحذّر من أن غياب الدولة المركزية وسّع من مساحة النفوذ القبلي، وعزز الانقسامات المحلية، مما يهدد بتحول المحافظة إلى ساحة صراع جديدة، ما لم يتم احتواء التوترات المتصاعدة.
هذا القلق تدعمه تقارير دولية، من بينها تقرير صادر عن معهد بروكينغز أشار إلى أن التدخلات الإقليمية في اليمن فاقمت من الأزمة وعززت الانقسامات، وتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية في البلاد.
وفي السياق ذاته، يربط مخاشن بين هذه الأوضاع وموجة من الاحتقان السياسي والمعيشي تقودها مكونات قبلية، احتجاجا على تردي الخدمات وغياب الحلول الحكومية، مما أدى إلى احتجاجات واسعة في المكلا وشبام خلال الأشهر الماضية.
رقعة مفصلية في خريطة التسويةفي إطار التحولات السياسية المتسارعة التي يشهدها اليمن، تبرز حضرموت بوصفها عنصرا حاسما في أي تسوية سياسية قادمة.
ويرى ناجي أن غياب مفاوضات مباشرة بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين -باستثناء بعض الملفات الجزئية كالأسرى- أدى إلى تفكك المشهد الوطني وتعميق الانقسامات، وهو ما يفتح المجال أمام خيارات بديلة مثل الفدرالية، باعتبارها صيغة تمنح الأقاليم مزيدا من الصلاحيات من دون المساس بوحدة البلاد.
إعلانوحسب مخاشن، فإن لحضرموت ثقلا استثنائيا لا يمكن تجاهله، إذ تمثل نحو ثلث مساحة اليمن، وتساهم بأكثر من 85% من الإيرادات العامة للدولة.
ويضيف أن المحافظة، بمواردها النفطية والسمكية، وبنيتها العسكرية، أصبحت عنصرا لا غنى عنه في معادلة النفوذ، سواء على المستوى الداخلي أو في حسابات الفاعلين الإقليميين.
وقد برز هذا البُعد الدولي في الموقف الأميركي، إذ أعربت الولايات المتحدة، عبر سفارتها، عن قلقها من تصاعد التوترات في حضرموت محذّرة من تحوّل المحافظة إلى بؤرة اضطراب قد تُقوّض فرص التهدئة السياسية في اليمن.
وأكدت السفارة ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في حضرموت، وشددت على أهمية الحوار الشامل بين الأطراف اليمنية كمسار أساسي لتفادي التصعيد ومواجهة التحديات الوطنية.
واليوم، تبدو حضرموت وكأنها في اختبار صعب على الأصعدة كافة: من الداخل، بتنافس الأجندة السياسية المختلفة، ومن الخارج، تحت وطأة التدخلات الإقليمية، بينما تظل الحلول الوطنية غائبة عن المشهد.