هل تضخّم مديونية الضمان على الحكومة سليم.؟
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
#سواليف
ردّاً على كاتب يناقض نفسه في مقالين؛
هل تضخّم #مديونية_الضمان على #الحكومة سليم.؟
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية الإعلامي والحقوقي/ #موسى_الصبيحي
مقالات ذات صلة وافد يقتل شقيقيه ويصيب الثالث بإصابات خطرة ثم يقدم على الانتحار من أعلى جسر عبدون 2024/07/21قلت أكثر من مرة بأن هناك تركّزاً هائلاً ومقلقاً في استثمارات صندوق استثمار أموال الضمان مع الحكومة الأردنية (سندات وأذونات خزينة وقروض مؤسسات حكومية) بحيث وصل مجموع هذه الاستثمارات إلى حوالي (9.
هذه مديونية ضخمة قياساً بحجم موجودات الصندوق الكلية، وذكرت بأن هذا يتنافى تماماً مع مبدأ توزيع المخاطر ومبدأ تنويع الاستثمارات الذي تقوم عليه السياسة الاستثمارية لأي صندوق استثماري في العالم، ولا سيما صناديق التقاعد والضمان، ولا يبرره مأمونية هذا الضرب من الاستثمار ومحدودية مخاطره.!
الكاتب سلامة درعاوي في مقاله أمس في صحيفة الغد لا يرى أن هناك أي مشكلة في استحواذ الحكومة الأردنية على هذه النسبة العالية من المحفظة الاجمالية للضمان على شكل سندات خزينة وقروض، وهنا أدعوه إلى قراءة تقرير منتدى الإستراتيجيات الأردني الصادر مطلع شهر حزيران/يونيو والذي حمل عنوان (بعض الخيارات الاستراتيجية أمام صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي)، وقدّم مقارنة مع استثمارات سبعة صناديق تقاعد عالمية شملت دول؛ استراليا، الولايات المتحدة، كندا، سويسرا، هولندا، بريطانيا، اليابان. في مجال الاستثمار في السندات الحكومية وسندات الشركات المساهمة العامة، حيث بلغ متوسط استثماراتها في محفظة السندات ما نسبته (36%) فقط من إجمالي موجوداتها، فيما لدينا النسبة مُضاعفة تقريباً.!!!
كما أدعوه إلى قراءة نتائج الدراسات الإكتوارية للضمان، وما دعا إليه الخبير الاستثماري من ضرورة تحقيق عائد استثماري يعادل ضعفي العائد المتحقق على استثمارات الصندوق حالياً ومن ضمنها العائد المتحقق على محفظة السندات.!
أما ما يقوله الدرعاوي بأن الحكومة ضامنة لصندوق الضمان، فهذه عبارة منقوصة الفهم، وأنا متأكد بأن الكثيرين من مُردّديها لم يقرأوا النص القانوني الذي يتحدث عن الترام الحكومة بتسديد أي عجز مالي يحصل في المركز المالي للضمان قراءة صحيحة، وذلك لأن هناك نصّاً قانونياً آخر تالياً يعتبر بمثابة الضامن لعدم حصول العجز ، وهذا ما توضحه الفقرة “ج” من المادة (18) من قانون الضمان التي تنص على ما يلي:
(إذا تبيّن نتيجة فحص المركز المالي لمؤسسة الضمان أن موجودات المؤسسة كما جرى تقديرها في السنة العاشرة من تاريخ إجراء التقييم “الإكتواري” سوف تقل عن عشرة أضعاف نفقاتها المقدّرة في تلك السنة فعلى مجلس الوزراء بناءً على تنسيب مجلس إدارة المؤسسة اتخاذ الإجراءات اللازمة بما يضمن تصويب المركز المالي للمؤسسة وذلك من خلال السير بإجراء التعديلات التشريعية الملائمة).
لنلاحظ خطورة هذا النص، ومدلولاته، فلن يحصل هناك أي عجز مالي في الضمان حتى تلتزم الحكومة بتسديده، وإنما في كل مرة نقترب فيها من نقطة العجز ستلجأ الحكومة إلى تعديل القانون، مُلزَمة لا مُختارَة، والتعديل هنا يصب في أحد اتجاهين لا ثالث لهما:
– إمّا تخفيض المنافع التأمينية.
– وإمّا زيادة الالتزامات على المؤمّن عليهم والمنشآت.
وقد يكون اللجوء إلى كلا الاتجاهين معاً.
لست ضد الاستثمار في سندات الخزينة أبداً لكنني ضد أن تستحوذ هذه المحفظة وحدها على ( 58% ) من موجودات الضمان، عدا الأذونات والقروض، أما موضوع الالتزام بالسقوف المحددة في السياسة الاستثمارية للضمان، فقد شهدت محفظة السندات رفعاً متواتراً وتدريجياً لنسبتها منذ عشرين عاماً بما يقابل الطلبات الحكومية المستمرة بالاكتتاب بسنداتها.!
بقي أن أُذكّر الكاتب درعاوي بمقاله المنشور في ذات الصحيفة قبل أقل من أسبوعين بتاريخ 8-7-2024 تحت عنوان (إجراءات بحاجة إلى تقييم) وفيه ما يُناقض نفسه بين المقالين، إذ طالبَ في ذلك المقال الحكومة بتخفيض استدانتها من صندوق استثمار أموال الضمان حتى يتمكن الصندوق من توفير سيولة لباقي محافظه الاستثمارية، والتي يتطلع إلى توسيع استثماراته الفعلية وتنويعها بدلاً من الاعتماد شبه الكلي على أرباح السندات الحكومية.
أي تناقض هذا يا سلامة في آرائك في مقالين لا يفصل بينهما سوى اثنى عشر يوماً فقط.؟!
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف مديونية الضمان الحكومة موسى الصبيحي
إقرأ أيضاً:
السندات اللبنانيّة تقفز وإقبال على شرائها: مغامرة مضاربين أم بداية تعافي؟
منذ ثلاثة أشهر، بدأت السندات اللبنانية أو ما يعرف باليوروبوندز تأخذ منحىً تصاعديًّا، لتسجّل أكبر مكاسبها بعد انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية، فارتفعت "السندات المستحقّة في عام 2035 من حوالي 6 سنت على الدولار إلى 17 سنتًا" وفقاً لوكالة "بلومبرغ". هل يؤشّر ارتفاع السندات اللبنانيّة وهي المصنّفة في قائمة الأدنى عالميًا، إلى بدء مسار التعافي، أم أنّه ارتفاع موقّت ربطًا بمغامرة المضاربين؟
ارتفاع السندات أتى على وقع التفاؤل بأن يؤدّي الانفراج السياسي في لبنان إلى تنفيذ إصلاحات اقتصاديّة وماليّة، تمهّد لإعادة هيكلة السندات الدوليّة في نهاية المطاف. لكن في الوقت الراهن يعكس تصاعد السندات ارتفاعًا في المضاربة، وليس تحسّنًا جوهريًّا في الوضع المالي للبنان، بالنظر إلى واقع الفساد الراسخ، والحوكمة المتصدّعة، والقطاع المصرفي المشلول، والأزمة الإنسانيّة بأبعادها الصادمة، وفق رؤية خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد الدكتور محمد فحيلي في حديث لـ "لبنان 24" لافتًا إلى أنّ ارتفاع السندات اللبنانيّة مدفوع بشهيّة المستثمرين المضاربين للأصول عالية المخاطر، من دون أن يعكس إحراز تقدّم حقيقي في الإصلاحات.
المعطى السياسي خلف ارتفاع أسعار السندات
في الشق السياسي تحرّكت السندات صعودًا، ومعها تقديرات المستثمرين الإيجابيّة على وقع تطورين، انتخاب جوزاف عون رئيساً، وإضعاف حزب الله. لكن هناك إفراط في التركيز على التحوّلات السياسية وفق فحيلي "إذ لا يمكن الجزم بأنّ رئاسة جوزاف عون ستجلب الوحدة السياسيّة اللازمة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، لاسيّما وأنّ التجارب أثبتت أنّ الإنقسامات الطائفيّة العميقة واستمرار الفساد المنهجي والمصالح الخاصة بين النخبة السياسية أعاق جهود الإصلاح. وليس هناك ما يضمن أنّ قيادة عون ستغيّر هذه الديناميكية. كما أنّ الفكرة القائلة بإضعاف قبضة حزب الله هي فكرة تخمينية، إذ لا يزال الحزب قوّة مهيمنة، وله تأثير كبير على مؤسسات الدولة الرئيسيّة،وحضوره السياسي والاجتماعي يجعله لاعبًا حاسمًا في أيّ مناقشات لإعادة الهيكلة".
الوقائع الاقتصاديّة والماليّة: تخلف عن السداد وقطاع مصرفي مشلول
الارتفاع المرحلي الحاصل في السندات لا يلغي حقيقة الواقع الاقتصادي والمالي في البلد المتخلّف عن سداد ديونه منذ عام 2020، والبالغة 30 مليار دولار. يضاف إلى ذلك، الشلل الحاصل في القطاع المصرفي، وفقدان العملة الوطنية أكثر من 90٪ من قيمتها يلفت فحيلي "أمّا عملية الهيكلة فستكون طويلة ومحفوفة بالمخاطر سياسيًّا، ولن تؤدي إلى نتائج مستدامة من دون معالجة الأزمة المصرفيّة واستعادة الثقة. كما أنّ القضايا الحرجة، مثل خفض العجز المالي، وإصلاح الشركات المملوكة للدولة كقطاع الكهرباء، ومكافحة الفساد، مستمرة من دون معالجة. يضاف إلى ذلك، أنّ الاقتصاد اللبناني يعتمد بشكل كبير على التحويلات المالية والمساعدات المحتملة من صندوق النقد الدولي. وفي غياب خارطة طريق واضحة وذات صدقية للإصلاح، فإنّ تأمين هذا الدعم الخارجي سيكون أمرًا صعبًا، مما يترك حاملي السندات عرضة لمخاطر أكبر. كل ذلك يجعل التفاؤل الحالي سابقًا لأوانه".
يخلُص فحيلي إلى وضع الارتفاع الأخير في السندات اللبنانية في إطار النظرة التفاؤلية للمضاربين، لتبدو السندات بمثابة "تذكرة يانصيب" للمستثمرين الذين يراهنون على تغلّب النظام السياسي اللبناني على الفساد الراسخ وتنفيذ إصلاحات مؤلمة، ولكنّه احتمال غير مؤكد. بالتالي يتوقف نجاح الرهان على التغييرات الهيكليّة العميقة، التي فشلت البلاد حتى الآن في تحقيقها، ومن دون معالجة المشكلات الأساسية، يخاطر الارتفاع بأن يكون قصير الأجل، ما يترك المستثمرين عرضة لخسائر كبيرة.
الاتجاه لحلّ رضائي مع الدائنين
بالتوازي مع ارتفاع أسعار السندات، أعلن وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، التزام لبنان بالتّوصّل إلى حلّ رضائي ومنصف بخصوص إعادة هيكلة سندات اليوروبوندز، مشيرًا إلى أنّه "بتمديد مهل مرور الزّمن، لن يُضطرّ حاملو هذه السّندات إلى اتخاذ إجراءات قانونيّة بسبب نفاذ المهل، ريثما يشاركون في إعادة هيكلة منظّمة وتوافقيّة لهذه السّندات". تعليقًا على تصريح الخليل، لفت فحيلي إلى أنّ حكومة تصريف الأعمال ليس لديها تفويض كامل لاتخاذ قرارات مصيريّة تتعلق بإعادة هيكلة الديون السيادية، ورغم تفويض وزير المالية، يبقى هناك تساؤل حول شرعيّة أي اتفاقيات تُبرم دون وجود حكومة مكتملة الصلاحيات. كما لم يقدّم الوزير تفاصيل كافية عن كيفية تنفيذ إعادة الهيكلة أو الخطوات المتوقّعة، لجهة المدى الزمني لإعادة الهيكلة، وكيفية ضمان "العدالة" التي تحدث عنها الوزير. أمّا تعليق حق الدولة في الاعتراض على دعاوى قانونية فيمثّل خطوة استراتيجيّة، إلا أنه قد يُفسَّر كاعتراف ضمني بالمسؤولية عن تعثر السداد، مما قد يُضعف موقف الدولة التفاوضي في المستقبل.
بالمحصّلة، هناك تحديات كبيرة أمام لبنان في مسيرة التعافي، تتداخل فيها العوامل السياسّية والاقتصاديّة والماليّة، من دون إغفال تأثير المعطيّات الإقليميّة والدوليّة على الداخل اللبناني، في توقيت تشهد فيه المنطقة تحولّات جيوسياسية، لا بدّ أن تلقي بظلالها على بلاد الأرز. المصدر: خاص "لبنان 24"