بالدماء والتضحيات، يرسم الصليب الأحمر اللبناني ملحمة إنسانية في الجنوب، حيث يصارع التحديات والمخاطر بروح من العطاء والتفاني. تتشابك فيه الأيادي البيضاء مع النبض القوي للإنسانية، ليحمل أفراده رسالة سامية تتجسد في إنقاذ الأرواح وإغاثة المنكوبين. ففي ميادين الجنوب، وسط الصراعات والقذائف، يقف أبطال الصليب الأحمر كالشموع المضاءة في ظلمات الحرب، ينسجون من القلوب المكسورة والأرواح المتعبة قصة عزيمة لا تلين وإصرارا لا يُقهر.

بكل خطوة يخطونها وكل جرح يضمدونه، يبرهنون أن الإنسانية أقوى من الدمار، وأن لبنان ينبض بالحياة والكرامة، رغم كل الصعاب.      "لبنان24" كان حاضراً في قلب الأحداث، مرافقاً فرق الصليب الأحمر اللبناني في مهامهم الشاقة والخطيرة في الجنوب. رصدنا عن كثب جهود هؤلاء الأبطال الذين يعملون بلا كلل ولا ملل، متحدين الصعاب والمخاطر لإنقاذ الأرواح وتقديم الإغاثة للمحتاجين. فعلى الرغم من الصعاب، لا يزال الصليب الأحمر صامدًا بوجه التحديات، فلا أزمة مالية أوقفته عن أداء واجبه الإنساني، ولا الحرب ردعته عن استكمال مهامه النبيلة، وهذا ما يؤكّد عليه أمين عام الصليب الأحمر الأستاذ جورج كتانة الذي أشار إلى أن الصليب الاحمر لديه سياسة واضحة للاستجابة للكوارث والازمات والطوارئ، حيث تتركز مهامه بشكل أساسي على القطاع الصحي والتي تشمل الإسعاف وتأمين الدم والدعم النفسي والمساعدة الاجتماعية، بالاضافة إلى الإغاثة والمأوى ولم شمل العائلات والتعامل مع الجثث، وحالات الطوارئ.   وخلال اتصال مع "لبنان24" يؤكّد كتانة أن الصليب الأحمر اليوم يعمل على خطة عمل واضحة واستراتيجيات كبيرة تنفذها ما يقارب 32 لجنة فرعية، بالاضافة إلى 12 ألف متطوع، الذين هم على استعداد لتنفيذ الخطط الحالية، بالاضافة إلى خطة الطوارئ في حال حصول أي حرب أو أزمة من أي نوع كانت.   وبدءاً من الازمة المالية فقد لفت أمين عام الصليب الأحمر إلى أن مساهمة وزارة الصحة العامة انخفضت منذ بدء الأزمة المالية بحوالي 80%، وقد وعد الوزير بتأمين الدعم اللازم والمساهمة بمعاودة رفع التمويل من خلال التواصل مع الجهات المعنية في الدولة، إلا أن كتانة يشير إلى أنّه وفي خضم هذه الأزمة فالصليب الأحمر قادر على تلبية النداء، وما يحصل اليوم في الجنوب، وما حصل في الشتاء من سيول وغيرها من الازمات أو الكوارث الطبيعية كانت فرق الصليب الأحمر جاهزة دائماً للتلبية.   ويقول لـ"لبنان24" أن الأزمة أثّرت بطبيعة الحال على مهام الصليب الأحمر إلا أنّها لم تقلّل من فعاليتها، خاصة وأن حسابات الصليب الأحمر داخل البنوك لا تزال مجمدة، مشيرًا إلى أن الجهود المضنية ساهمت بتأمين الدولار الفريش، وهذا ما أعطى دفعة للصليب الأحمر لاستكمال عمله والقيام بمهامه، لافتا إلى أن التواصل قائم مع الجهات الأجنبية والأصدقاء في الخارج الذين يساهمون بتمويل العمليات ومهام الإنقاذ التي يقومون بها.   بالتوازي، رصد "لبنان24" وجود الصليب الأحمر في الجنوب، إذ تنتشر مراكزه المستعدة لتلبية النداء، فحسب كتانة يوجد في الجنوب 11 مركزًا للإسعاف، بالاضافة إلى أكثر من 60 سيارة إسعاف، وتنتشر الفرق في نقاط متعددة لتأمين الإغاثة بشكل عاجل، وذلك من شبعا إلى صيدا، إذ إن التواصل والتنسيق يكون على مدار الساعة وبشكل مباشر مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والجيش والمحافظات حيث يتوزع مندوبون في مختلف مراكز المحافظات. أما في البقاع فهناك قرابة 7 مراكز وأكثر من 40 سيارة إسعاف. ولناحية تقديم المساعدات فقد أشار كتانة إلى أن الصليب الأحمر اللبناني ومن خلال قطاع إدارة الكوارث قام بتوزيع حصص غذائية ومواد تنظيف على العائلات في الجنوب حيث استفاد منها اكثر من 8655 عائلة، مؤكدا استمراريته في توزيع المساعدات على العائلات في المناطق الحدودية، دعماً لصمودهم بحسب الخطة الموضوعة ووفق الإمكانات المتاحة، وهذه المساعدات يتم توزيعها بالتنسيق مع غرف إدارة الكوارث في محافظتي النبطية والجنوب وإتحادات البلديات والبلديات، وبدعم من الشركاء في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.إضافة إلى ذلك، يعمل الصليب الأحمر اللبناني من خلال قطاع خدمات نقل الدم في حالات السلم كما في حالات الأزمات ويقوم بالتنسيق مع المستشفيات التي تستقبل المصابين في الجنوب لناحية تأمين وحدات الدم  ضمن الإمكانيات المتوفرة لديه، كما أنه مستمر في اقامة الحملات التي تشمل التبرع بالدم في المناطق الآمنة لتلبية الحاجة وتأمين الطلب قدر المستطاع.   ويؤكّد كتانة أن العمل يتم ضمن أقصى القدرات، فالاستجابة قائمة بشكل دائم، بالاضافة إلى أن الصليب الأحمر حضّر أكثر من سيناريو للتعامل مع الأحداث المختلفة في حال حصل أي أمر طارئ في البلاد، سواء على صعيد الحرب أو الكوارث الطبيعية.   ووصولا إلى عمق الصعاب، يشير كتانة إلى أن أبرز العقبات التي يواجهها الصليب الأحمر حاليا في الجنوب تتلخص في الحصول على الموافقة للدخول بسرعة وإتمام المهام داخل ساحات القتال، خاصة في حال القصف الإسرائيلي والاستهدافات المتتالية. أما على صعيد عام فقد لفت كتانة إلى أن الأزمة المالية هي من أهم الصعاب حاليا، والصليب الأحمر يحتاج إلى تمويل لتأمين استمرارية تقديم المهام واستدامتها، خاصة وأن الدول الأجنبية اليوم لا تزال تقوم بتمويل الهيئات الصحية التي تعمل في خضم الحرب الأوكرانية الروسية، بالاضافة إلى حرب غزة والسودان.   وعلى صعيد الحرب الشاملة هل الصليب الأحمر جاهز؟   يؤكّد كتانة أن الصليب الأحمر جاهز لمواجهة تداعيات الحرب الشاملة إنما ضمن القدرات المتوافرة، إذ إن الفرق وُضعت في أجواء الخطط والسياسات التي سيتم اتباعها والتي تأتي في طبيعة الحال ضمن المسار الآمن لتنفيذ المهام. ويلفت بالارقام إلى أن هناك حوالي 12 ألف عنصر جاهز لتلبية النداء ضمن جمعية الصليب الاحمر في لبنان، 5000 منهم في قطاع الإسعاف فقط، هذا عدا عن الناشئين والشباب والطواقم العديدة المستعدة للعمل في مختلف الظروف، مشيرا إلى أن الهدف اليوم هو تأمين الفِرق مع الحفاظ على المتطوعين وتأمين الجو المناسب لهم للبقاء على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة.   وفي ختام حديثه توجه أمين عام الصليب الأحمر برسالة إلى اللبنانيين أكّد من خلالها أنّ "الصليب الاحمر وبجميع كوادره وعناصره سيبقون إلى جانب اللبنانيين"، طالبا منهم أن يتفهموا الضغط الذي تعمل في خضمه الفرق، إذ إن المهام عديدة وتتنوع بين تلبية نداء المستشفيات، وحالات الطوارئ، بالاضافة إلى الحرب المستجدة في الجنوب، فكل مهام الإغاثة هي على عاتق الصليب الأحمر.
وتوجه كتانة برسالة خاصة للمتطوعين في الصليب الأحمر قائلاً:" نحن معكم وسنبقى إلى جانبكم ونحن هنا لنغيث ونساند كل العالم".  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الصلیب الأحمر اللبنانی أن الصلیب الأحمر بالاضافة إلى فی الجنوب إلى أن

إقرأ أيضاً:

من الجنوب.. أخبار تثير الخوف

تساءلت أوساط متابعة لأحداث الجنوب عن مدى حقيقة الأخبار التي يتمّ نشرها بين الحين والآخر بشأن توغلات إسرائيلية ضمن مناطق لبنانية عديدة في حين أنَّ بعضها ليس صحيحاً على الإطلاق.   وذكرت المصادر أن بعض الأخبار يثير الرعب والخوف لدى السكان لكن  بعد التدقيق في المضمون، يتبين أنه مُضخّم وعارٍ من الصحة جُملة وتفصيلاً.   وفي مثال على ذلك، نُشر قبل يومين خبرٌ يفيد بأن دبابات إسرائيلية دخلت إلى قلب بلدة ديرميماس في الجنوب وتمركزت هناك، لكن تبين أن هذا الأمر غير صحيح في مضمونه، فشوارع هذه البلدة ضيقة ولا يمكن للدبابات الضخمة أن تمرّ بها. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • بعد العثور على سيارته مُصابة بطلقات ناريّة في الجنوب... إليكم مصير الشاب مهدي
  • إسرائيل تواصل هدم وجرف المنازل والبساتين في الجنوب اللبناني
  • صمود غزة يفتك بـ “اقتصاد الكيان الصهيوني”
  • كيا بيكانتو 2015 فبريكا أوتوماتيك بهذا السعر| صور
  • من الجنوب.. أخبار تثير الخوف
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري
  • غزة.. صمود يتحدّى الحصار والمعاناة
  • الحياة الريفية في أفغانستان.. صمود وتكافل في وجه الأزمات
  • بوتين: لا نعرف ما الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها في غزة
  • الرئيس السيسي: الصراعات والحروب تحتل صدارة المشهد.. تخصيص جلسة خاصة عن الأوضاع فى فلسطين ولبنان