بعد أن أصبحت مهنة من لا مهنة له.. تمدد ظاهرة التسول.. والمواطنون يطالبون الجهات المعنية بوضع حد لها
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
المتسولون ابتكروا حيلاً جديدة لاستعطاف الناس والكثير منهم يصعب صرفه دون إعطائه المال
الثورة / قضايا وناس
بشكل لافت، تشهد العاصمة صنعاء مؤخراً تزايدا كبيرا في أعداد المتسولين وخصوصا من فئة الأطفال والنساء الذين أصبحوا يمثلون الغالبية العظمى لأعداد المتسولين الذين ينتشرون في الأسواق وعلى أبواب المطاعم والصرافات ويلفون المحلات التجارية في كل شارع من شوارع العاصمة صنعاء وصولاً إلى الحارات والبيوت.
ومن أكثر الأماكن التي يتركز فيها نشاط المتسولين، الأسواق، وأبواب المطاعم والصرافات، فما أن يخرج المواطن من هذه الأماكن حتى يقوم المتسولون بملاحقته ومد أيديهم اليه والإلحاح عليه في طلب المال، بحيث يصعب على المواطن صرفهم دون إعطائهم المال .
المواطنون عبروا عن انزعاجهم الكبير من تنامي هذه الظاهرة مؤخرا في العاصمة صنعاء خصوصا مع إقدام العديد من المتسولين على مضايقة المواطنين وإحراجهم وإيقافهم في الشوارع طلبا للمال وتحت حجج عدة يسردها المتسولون لاستعطاف الناس .
وأمام الارتفاع الكبير في أعداد المتسولين، بدأ أصحاب المحلات التجارية يشكون من كثرة عدد المتسولين الذين يأتون اليهم طلبا للمال، حيث يؤكد رأفت الزريقي وهو أحد أصحاب المحلات التجارية في منطقة الجراف أن عدد المتسولين الذين يأتون اليه يوميا يفوق العشرين متسولاً معظمهم من النساء بل ان البعض منهم قد يأتي لعدة مرات، وهكذا الحال مع المحلات التجارية الأخرى .
كذلك يشكو المواطنون من كثرة من يطرقون أبوابهم من المتسولين، فبحسب أم أشرف التي تسكن في حارة الدفاع الجوي بمديرية بني الحارث فإنه لا يمر يوم دون أن تأتي عدد من المتسولات ويطرقن الباب، مؤكدة أن بعض المتسولات يقمن بالدخول إلى المنازل بحجة التسول ويقمن بسرقة الأشياء الموجودة أمامهن إذا لم ينتبه لهن أصحاب المنازل .
المواطن يحيي حمود شرف الدين يقول: انه يشك في كون الغالبية العظمى من المتسولين تدفعهم الحاجة إلى التسول وأن الكثير من هؤلاء يتخذون من مهنة التسول مهنة ووسيلة لكسب المال، ويضيف انه يعرف أسراً كاملة تمتهن التسول حيث يخرج الآب والأم والأبناء للتسول .
المواطن خالد الشرفي -يوافق المواطن يحيى حمود الرأي – ويؤكد أن معظم المتسولين لا يستحقون الصدقة .. مشيرا إلى أن المتسولين لم يعودوا كما كانوا في السابق، حيث باتوا يلحون في الطلب ولا يتركون الشخص دون أن يعطيهم شيئاً .. كما أن الكثير منهم ابتكر أشياء جديدة ليتعاطف معه الناس مع أن معظم ادعاءات المتسولين كاذبة ومثال ذلك أن أحد المتسولين كان يأتي إلى باب أحد المساجد للتسول ويدعي أن زوجته مريضة ومقعدة وأنها تحتاج إلى إجراء عملية بمبلغ كبير، وعند طلب أحد المواطنين منه الذهاب إلى المنزل للاطلاع على الحالة للتكفل بعلاجها اتضح أن هذا المتسول كان كاذبا، حيث وصل إلى منتصف الطريق وقام بالهروب من المواطن الذي أخبر الجميع بأن هذا المتسول كان يكذب .
وبالتأكيد فإنه ليس كل المتسولين يتخذون من التسول مهنة، فمنهم من تدفعه الحاجة فعلاً لمد يده للناس، حيث أكدت وفاء –إحدى المتسولات التي التقتها “الثورة ” عند أحد مداخل “السائلة “- ان الحاجة هي من دفعتها للتسول ومد يدها للناس، فزوجها مريض ومقعد ولديها أربعة أطفال صغار، وبالتالي لم تجد طريقة أخرى غير التسول لإطعامهم.. مشيرة إلى انها تضطر في كل صباح للخروج للتسول حتى تحصل على بعض المال وتعود الساعة الحادية عشرة لتطبخ الغداء لزوجها المريض وأطفالها .. طالبة الذهاب معها الى المنزل والتأكد من ذلك .
وعند سؤالها عن المبلغ الذي تجنيه يوميا، تؤكد “وفاء” أن المبلغ يختلف من يوم إلى آخر، فأحيانا لا تحصل على خمسمائة ريال، بينما تحصل في بعض الأيام على مبلغ ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف ريال .
المطالبة بوضع حد للظاهرة
وأمام التنامي الكبير الذي تشهده ظاهرة التسول وما يقوم به المتسولون من عادات تضايق المواطنين طالب العديد من المواطنين ممن التقتهم “الثورة ” الجهات المعنية بوضع حد لهذه الظاهرة والعمل على إيجاد معالجات عملية لهذه الظاهرة التي باتت تشكل مصدر إزعاج كبيراً للمواطنين، متسائلين عن دور برنامج مكافحة التسول الذي تبنته الدولة خلال الفترة الأخيرة ولماذا خفت دوره في مكافحة هذه الظاهرة .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هل في المال العام قطع أيدي؟
عبد الله علي إبراهيم
(تطرقت هنا قبل أسابيع في مقال عنوانه "الليبراليون: ماذا نفعل بهذا الإسلام؟" إلى حالة الإفحام التي تكتنف هذه الجماعة حيال هوية الدولة من جهة إسلامها. ولتفادي مواجهة المسألة وتبعاتها ارتكبوا في حيرتهم خطيئة أخذ حق التكفير بيدهم ومنعوا كل آخر عنه. فأخرجوا الكيزان من الملة في حين أحجموا هم عن دخولها. وهذا مقال عن اضطرابهم حيال مرتكب كبيرة الاستئثار بالمال العام. وسترى من ارتباكهم أنهم ضحايا الناشطية المفرغة من ضبط الفكر وزبطه)
ربما حمل بعضهم سؤالي إن كان السيد صديق يوسف من قال ما تواتر نشره عن نيتهم، ضمن أشياء أخرى، تطبيق الشريعة على الإنقاذيين محمل ما بيني وبين الشيوعيين من خصومة. غير إن لي ذاكرة أخرى عن نهج معارضي الإسلاميين في تطبيق الشريعة. سنأتي إليها. وهي ذاكرة لشيخ مثلي يسوئه أن يخوض بعض هؤلاء المعارضين في شأن الشريعة بإهمال. وهي ذاكرة من رأى الثورة التي أشرقت في روحه في أكتوبر 1964 تهدها معاول من خرجوا عليها باسم تحكيم الشريعة. ورأى الحزب الشيوعي الذي أعطاه جهده الخالص يُحل في 1965 باسم تحكيم الشريعة. فركب الحزب اليأس من الديمقراطية، واكتنفته انقلابات طوت صفحته. وكان، يا للحسرة، الحزب الوحيد الذي خرج لنصرة المستضعفين علناً كما لم يفعل حزب من قبله ولا من بعده. كان عنواناً للنبل سعياً وموئلاً للوسامة نساء ورجالا.
ولا يصح بعد هذا الخسران المبين لقضية التقدم والحداثة أن نرتجل الحديث عن الشريعة ارتجالاً، أو مواتاة، بطريقة قدر ظروفك. ومن ذلك أن موقف معارضي الدولة الدينية لم يتسم بالصمامة والاتساق. فلم يستقر رأيهم على رأي صديق من إقامة الحد على سارق المال العام بقطع الأيادي السافلة. إذ لم يكن هذا رأيهم خلال محاكم العدالة الناجزة على آخر عهد نميري (1983-1985). فاشتهرت آنذاك محاكمة صراف مدرسة ثانوية حكمت عليه محكمة من تلك المحاكم بقطع اليد حداً متهما باختلاس مبلغ من المال من خزينة المدرسة. وقامت قيامة المعارضة على الحكم والمحكمة، واستنكرته بحجة أنه لا عقوبة حدية على سارق المال العام لشبهة أنه طرف في تملكه. وعاد الدكتور عمر القراي منذ أيام إلى تلك الواقعة في معرض "نبيشته" للإسلاميين تاريخياً. فذكر من ضمن خراقتهم وجهلهم بالإسلام قيام محاكم العدالة الناجزة في 1984 بالحكم بقطع يد محاسب مدرسة مداناً بالاختلاس من مال في ذمته. وقال القراي إن المحكمة جرؤت على حده "مع أن الشريعة لا تقطع في الاختلاس من المال العام، لشبه مشاركة المختلس فيه".
لم أقبل بدفع المعارضين عن المحاسب من جهة استباحة المال العام دون المال الخاص. وبالطبع لم يكن مصير المحاسب شاغلي فيما انصرفت إلى الجدال فيه. وكتبت في وقتها أقول إن موقف المعارضين هو من باب مواتاة ساس يسوس للتنكيد على نظام يعارضونه. وعليه فهو قاصر دون تنمية شفافية في الثقافة والتشريع تصون المال العام من امتداد الأيدي. ومن ذلك الا نقبل بمبدأ استباحته هكذا للسارق بشرعة أنه جزء من ملاكه بينما الأقرب للرشد أن نغلظ له العقوبة لأن شراكته فيه موجبة للتعفف لا للتبذل. وقلت للشيوعيين بالذات إن عقوبة مختلس المال العام في الاتحاد السوفيتي كانت الشنق من خلاف.
هذه هي الذاكرة التي كانت من وراء سؤالي إن صح المنسوب لصديق عن إيقاع الحد بالإنقاذيين سراق المال العام. فاستغربت كيف صح عنده وخصوم الدولة الدينية، وفي وقت معاً، القول بأن لا حد في المال العام مرة وتطبيق الحد في مرة أخرى؟ ورأيت في هذا تشوشاً حول شأن دقيق في الدين والقانون والسياسة غير خليق بفكر محاصر واقف على أمشاطه الحداثية لنصف قرن وأكثر. وخصمنا فسل يا ناس ووجهه ناشف لا يتورع ما يزال عن وصمنا بعداء الإسلام الذي لم يحسن مثله في تهوينه ولا أجاد تبخيسه. إن أمرنا مع قضية الحرية والتغيير لعظيم ولا سانحة فيه للغفلة أو الارتجال.
ibrahima@missouri.edu
////////////////////