صدمة الصهاينة تتعمق .. كيف تعاطت وسائل الإعلام العبرية مع عملية يافا اليمنية؟
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
يمانيون – متابعات
فجر الجمعة الـ19 من يوليو الجاري، وفي ذروة التصعيد الإسرائيلي في غزة، وارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية البشعة، صعّدت القوات المسلحة اليمنية عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني.
ورفع الجيش اليمني وتيرة استهداف السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي، والسفن الأمريكية والبريطانية، إلا أن التصعيد الخطير، تمثل بالخطوة الأخيرة التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في قلب مدينة “تل أبيب”، مركز الكيان ورمز كبريائه بطائرة مسيّرة جديدة (يافا)، وكذلك إعلان المدينة منطقة غير آمنة، وتدشين مرحلة استهداف عمق الكيان الصهيوني الفاشي وجبهته الداخلية والوصول إلى العمق.
القوات المسلحة أعلنت أيضاً عن امتلاكَها بنكاً للأهدافِ في فلسطينَ المحتلةِ منها الأهدافُ العسكريةُ والأمنيةُ الحساسةُ وأنها ستمضي بعونِ اللهِ تعالى في ضربِ تلك الأهداف، وأن الأهداف لن تتوقف إلا بوقف العدوان، ورفع الحصارِ عن الشعبِ الفلسطينيِّ في قطاعِ غزة.
وعلى الرغم من البيانات العسكرية اليمنية السابقة، إلا أن بيان إعلان قصف “تل أبيب” قلب الطاولة على رؤوس الصهاينة والأمريكيين، وأحدث زلزالاً عسكرياً وأمنياً غير مسبوق في تاريخ الكيان اللقيط، نتيجة لتجاوز العملية النوعية كل الأساليب والتكتيكات الدفاعية التي أقامها العدو الإسرائيلي والأمريكي للحيلولة دون وقوع مثل هذه العمليات، ما يعني أن العملية أعادت العدو إلى نقطة الصفر، ويحتاج معها إلى إعادة النظر في كل خططه الأمنية والعسكرية والتفكير في جدوائية أسلحته النوعية التي تعتبر بالنسبة له الدرع الحصين والجدار الصلب الذي لا يمكن اختراقه، خاصة مع فقدان العدو للأسلحة البديلة التي تحميه إلى حين تحديث أسلحته ومنظوماته العسكرية.
العدو يفقد الردع:
وفي إطار تسليط الضوء على العملية فقد رصدت تقارير عبرية، حالة التأهب القصوى والصدمة العميقة، عقب العملية في “تل أبيب”، منتقدةً أداء المؤسستين الأمنية والعسكرية، ومهاجمةً حكومة العدو الإسرائيلي ورئيسها المجرم بنيامين نتنياهو.
وتحدّث الإعلام العبري عن فقدان “إسرائيل” للردع أمام اليمن، مشدداً على أنّ “ما جرى في تل أبيب ليس أقل من الوهن”، فيما تؤكد تقارير أخرى، أن ما جرى هو فشل عملياتي خطير لدى جيش الاحتلال، مشيرة إلى فشل أي رادار للجيش في رصد المسيّرة التي نُفِّذت العملية عبرها، وتفعيل إنذار للمستوطنين، على نحو يتيح منع إصابة هدف استراتيجي دولي.
ووصفت المواقع العبرية، أنّ الجيش أُصيب بـ”عمى كامل في فترة كل المنظومات فيها مستنفرة على نحو مرتفع”، محذّرةً من أنّ الأمر لا يتعلق بمدرسة في إيلات أو منزل محاذٍ للحدود في المطلة.
استهداف تل أبيب بطائرة يافا.. ثغرة أمنية:
من جهتها، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: إن “انفجار طائرة بدون طيار فوق “تل أبيب” يكشف عن “ثغرة أمنية كبيرة” لدى جيش العدو الإسرائيلي بينما قال مسؤول عسكري صهيوني: إن “الجيش لا يستبعد أي احتمال فيما يتعلق بمصدر الطائرة المسيرة التي ضربت “تل أبيب” وقتلت مدنياً، مشيرًا إلى أن الطائرة المسيرة من نوع أكبر وأبعد مدى.
وقال المسؤول في إفادة للصحفيين بعد الهجوم “نتحدث عن طائرة مسيرة كبيرة يمكنها أن تحلق لمسافات بعيدة”، مؤكداً أن “تل أبيب” لا تستبعد أي احتمال حالياً.
إلى جانب ذلك، شدد الإعلام العبري على أنّ أحداً في الجيش لا يقدّم تفسيراً منذ الساعة الـ5:30 فجراً، مؤكداً أن لا إجابات واضحة للمستوطنين.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها (الحوثيون) استهداف “تل أبيب” منذ بدء عملياتهم أواخر العام الماضي دعماً لغزة.
وجاء البيان العسكري للقوات المسلحة بعد ساعات من وقوع انفجار في مبنى في “تل أبيب” غير بعيد عن السفارة الأمريكية، واتضح لاحقاً أنه ناجم عن طائرة مسيرة انقضاضية.
وهذه المرة الأولى التي تقر فيها “إسرائيل” بتعرض “تل أبيب” لضربة جوية بمسيرة قادمة من اليمن منذ بدء الجيش اليمني عملياته ضد أهداف داخل “إسرائيل” وسفن مرتبطة بها في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
صافرات الإنذار صامتة:
وصول الطائرة المسيرة اليمنية إلى هدفها دون اعتراضها ولا حتى تشغيل صفارات الانذار، مثّل صدمة كبيرة لجيش العدو الذي اكتفى بالإعلان عن فتح تحقيق لمعرفة سبب عدم تفعيل صفارات الإنذار، والدفاعات الجوية لاعتراض المسيرة الانقضاضية.
وسخرت وسائل إعلام عبرية، من أداء سلطات العدو الإسرائيلي في مواجهة العملية، قائلةً إنّ المسؤولين “سينتبهون بعد تدمير غوش دان بعد الحرب”، مشيرةً إلى أنّ الطائرة اجتازت مسافةً تزيد على 2000 كلم، بينما “لا تزال الحكومة حتى الآن في صمت مطبق”، وعلّقت على المسافة التي اجتازتها المسيّرة قبل انفجارها في “تل أبيب” قائلةً: “9 ساعات في الهواء بعد 9 أشهر من الحرب”.
ولدى حديثه عن الوزراء في حكومة العدو، قال إعلام عبري: “فليوقظ أحدٌ ما وزير الأمن، “يوآف غالانت”، يبدو أنّه نائم، في حين أنّ كل إسرائيل استيقظت”، وتابع: “يبقى فقط أن نتأكد من إذا كان رئيس الاستخبارات العسكرية “أمان”، “شلومي بيندر” (الذي عُيّن في منصبه في مايو بعد استقالة سلفه “أهارون هاليفا” على خلفية الفشل الاستخباري في الـ7 من أكتوبر)، مستيقظاً”، فيما أعربت وسائل إعلام عبرية عن “أسفها لعدم سقوط المسيّرة على بيت أحدهم (المسؤولين الإسرائيليين)”.
في غضون ذلك، قالت مصادر في مكتب رئيس حكومة العدو الإسرائيلي: إنّه “من المتوقع أن يُلغي نتنياهو سفره إلى الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة، في أعقاب استهداف “تل أبيب”، وفي ضوء حادثة الطائرة المسيّرة، أعلن رئيس السلطة المحلية في “تل أبيب”، “رون حولداي”، أنّ “تل أبيب – يافا انتقلت إلى حالة تأهب قصوى”.
ونشرت منصات إعلامية إسرائيلية عن مصادر أمنية أنّ “طائرة مسيرة كبيرة اقتربت من “تل أبيب” على ارتفاعٍ منخفض من جهة البحر”، و “من غير المعلوم حتى الآن كيف تمكنت الطائرة المسيرة الهجومية من اختراق كافة الأنظمة الدفاعية وضرب المبنى “بتل أبيب”.
وانتشرت مشاهد توضح لحظات الانفجار وما بعدها، حيث أوضحت المشاهد صوت محرك المسيرة قبل الاصطدام بالمبنى، كما علّق محلل الشؤون العسكرية في موقع “واللا” بأنّ “الجيش الإسرائيلي لا يزال محتاراً مما حدث، ولم يصدر حتى الآن أي تعليمات خاصة من الجبهة الداخلية.
وبحسب صحافيين فلسطينيين، فقد وقع الانفجار في أحد أضخم شوارع “تل أبيب” وفي منطقة أمنية تعج بالأبراج والسفارات والدفاعات الجوية الإضافية، لا سيما القنصلية الأمريكية التي تبعد عشرات الأمتار عن مكان الانفجار.
وعلق موقع “إنتل تايمز” الاستخباري الإسرائيلي على اختراق طائرة مسيّرة يمنية الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ووصولها إلى “تل أبيب”، بالقول: “اليوم تل أبيب، وغداً سيوجهون نحو منصة الغاز”.
وتساءل الموقع عن قدرة “إسرائيل” على ردع اختراقات مماثلة مستقبلاً، وهو الشيء الذي فشلت فيه ائتلافات عربية وغربية، بحسب تعبيره.
وتحت عنوان “يا لها من دولة وهم وندم”، علقت منصة إعلامية إسرائيلية على ارتباك الناطق باسم جيش الاحتلال إزاء الحادثة، بحيث قال أولاً: إنه لا توجد إشارة إلى اختراق من البحر، مستخدماً عبارات: “لم نرَ، و لم نسمع، و سنفحص، و سنوضح، ثمَّ فجأةً، قال بأعجوبة ومعجزة: رأينا وسمعنا”.
وتساءلت المنصة الإسرائيلية: “أي متحدث باسم الجيش الإسرائيلي يجب أن نصدّق؟ ذلك الذي لا يعرف، أم ذلك الذي يُهدّئ؟.
وعلّق الإعلام العبري على المؤتمر الصحافي الذي عقده المتحدث باسم جيش العدو، مهاجماً إياه، وقالت منصة إعلامية عبرية: إنّ “المتحدث باسم الجيش الذي يقدّم إحاطةً بشأن فشل مواجهة المسيّرة في “تل أبيب”، مع سلسلة من الأعذار المحرجة، هو نفسه الذي قدّم إحاطةً بعد الفشل أمام الطائرة التي صوّرت إسرائيل وحلّقت فوقها (في إشارة إلى هدهد حزب الله).
بدوره، أكد المراسل العسكري في القناة الـ14 العبرية، “هيلل روزن بيتون”، أنّه “كان على رئيس الأركان وقائد سلاح الجو أن يقدّما بياناً إلى الإسرائيليين، لا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، مع كلمة واحدة بسيطة: فشلنا”.
وأضاف “بيتون” أنّه كان عليهما الاعتراف بالتهم الموجّهة إليهما وإلى عناصرهما الذين فشلوا مجدداً في حماية الإسرائيليين، على الرغم من كل وسائل الدفاع الأكثر تقدماً في العالم التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي”.
أما “معاريف” فعلّقت قائلةً: “كالعادة، بعد الفشل، يختفي نتنياهو، ويرسل المذنبين المعتادين (أي المتحدث باسم الجيش) من أجل التحدث إلى الجمهور”.
-المسيرة نت: عبد القوي السباعي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی العدو الإسرائیلی الطائرة المسیرة الطائرة المسی المتحدث باسم باسم الجیش تل أبیب رة التی
إقرأ أيضاً:
التفاوض الجماعي.. طوق نجاة للصحافة العربية
لا أعرف على وجه اليقين ما إذا كان علينا المهمومين بحاضر الصحافة ومستقبلها أن نفرح أم نحزن ونحن نطالع تقرير معهد رويترز لدراسات الصحافة لعام 2025 الذي صدر منذ أيام قليلة، ويحمل من الآمال والبشريات بقدر ما يحمل من القلق والإحباط حول مستقبل الصحافة.
التقرير الذي استند إلى «استطلاع واسع النطاق شمل 326 من قادة الأخبار في51 دولة، ويستكشف أحدث التطورات في الصحافة وأولويات العام المقبل، خلص إلى استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجهها صناعة الصحافة في العالم، والتي ضاعفت من حدتها منصات الذكاء الاصطناعي التي وصفها التقرير بـ «الجشعة».
الأمر المؤكد الذي يجب أن يعيه الصحفيون في كل أنحاء العالم أن كل المنصات الصحفية سواء التقليدية منها أو الجديدة ما زالت تنزف من الجراح الكثيرة التي أصيبت بها من كل تطور تقني ظهر خلال السنوات الماضية، وآخرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد تحتاج إلى غرف إنعاش عالمية في كل دولة يتم وضعها فيها على أجهزة تنفس صناعي لإطالة عمرها بضع سنوات أخرى، خاصة بعد التغيرات التي أحدثتها هذه التقنيات والشركات العملاقة التي تقف وراءها، والتي حرمت أو كادت المنصات الصحفية والإعلامية حتى من مرور أعداد كبيرة من المستخدمين على مواقعها والاستفادة من ذلك إعلانيا.
لا أريد أن أكون في صف المتشائمين، خاصة وأنا أنتمي إلى هذه المهنة العظيمة التي تعلمنا أنها رسالة في المقام الأول وليست مجرد عمل تقليدي روتيني. ومع ذلك فمن الأمانة أن أعترف أن الثقة في مستقبل الصحافة كما عرفناها تتآكل بشكل كبير عاما بعد عام، مثلما تتآكل الثقة الجماهيرية في الصحافة نفسها لحساب وسائط جديدة تتغذى وتكبر وتتضخم على ما ينتجه الصحفيون من أخبار، ومعلومات، ومعارف.
المؤشرات التي تضمنها تقرير رويترز تشير إلى التراجع ليس فقط على صعيد الواردات والدعم المالي وخسارة الجمهور ولكن أيضا على صعيد التأثير الذي كانت تتمتع به الصحف والمواقع الإخبارية والمحطات التلفزيونية والإذاعية، بعد أن سحبت منصات التواصل الاجتماعي البساط من تحت أقدامها، والدليل على ذلك أن المرشحين في الانتخابات في مختلف دول العالم استبدلوا استخدام هذه المنصات باستخدام وسائل الإعلام لتمرير رسائلهم وإدارة حملاتهم الانتخابية، مثلما حدث في الانتخابات الأمريكية الأخيرة والتي أكد نجاح «ترامب» فيها أن تأثير وسائل الإعلام، التي كانت الغالبية العظمى منها ضد إعادة انتخابه، أصبح محدودا للغاية، وكان السبب الرئيس في فقد شبكة «سي إن إن» نحو ثلث جمهورها منذ هذه الانتخابات.
يبدو الأمر محسوما لغير صالح الصحافة الورقية والإلكترونية والمنصات الاجتماعية التي تستخدمها للوصول إلى الجمهور، في ظل تزايد لجوء الجمهور إلى مواقع الذكاء الاصطناعي للحصول على الملخصات الإخبارية دون المرور بمواقع الصحف وحساباتها، وهو ما ينعكس سلبا على دخل وسائل الإعلام من الإعلانات التقليدية والإلكترونية، ويبدو الأمر محسوما أيضا فيما يتصل بالخفض المستمر للوظائف الإعلامية في كل الوسائل والمنصات تقريبا، وتكفي هنا الإشارة إلى أن الصحفيين فقدوا نحو 2500 وظيفة في الأسواق الإعلامية الرئيسية خلال عام 2024 وشمل هذا الفقد مؤسسات صحفية وتلفزيونية كبيرة وراسخة، مثل «وول ستريت جورنال» و«فوكس» في الولايات المتحدة، و«الجارديان»، و«ديلي ميل» في المملكة المتحدة.
وتواجه الأخبار التلفزيونية عامًا من تقليص حجمها حول العالم مع تحول اهتمام الجمهور إلى منصات البث التلفزيوني المدفوعة.
في ظل التشاؤم بمستقبل الصحافة يبقى هناك ضوء في نهاية النفق المظلم. فوفقا للتقرير، ما زال نحو41% من الناشرين يثقون بقدرة مؤسساتهم الإعلامية على البقاء والاستمرار. ولعل ما يبعث على التفاؤل توجه الشركات الكبرى التي تقدم خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي على عقد اتفاقيات مع وسائل الإعلام المهمة لاستخدام محتواها في عمليات البحث وتقديم الإجابات عن أسئلة المستخدمين. ففي العام الماضي وقعت شركة «اوبن آي» المالكة لـ «شات جي بي تي» اتفاقية ترخيص بقيمة ربع مليار دولار مع «نيوز كوربريشين» المالكة لصحف «وول ستريت جورنال»، و«نيويورك بوست»، و«التايمز»، و«ذا صن» لاستخدام منتجاتها الصحفية في تقديم ملخصات إخبارية موثقة للمستخدمين. وقد سارت على النهج نفسه صحف أخرى مثل «فايننشال تايمز»، و«لوموند»، ووكالة أنباء «رويترز» ووكالة أنباء «اسوشيتد برس» الأمريكية. وتحاول شركات أخرى مثل «أبل»، و«أمازون» إبرام صفقات مماثلة مع ناشري الصحف لنفس الغرض.
إن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: أين صحافتنا العربية من هذه التطورات الدراماتيكية في المشهد الإعلامي الدولي؟ وهل تستطيع أن تفرض على شركات الذكاء الاصطناعي أن تعاملها كما تعامل المؤسسات الإعلامية الغربية؟
لقد أصبح تغيير النموذج الاقتصادي للصحافة العربية الذي يعتمد على المصادر التقليدية للدخل مثل البيع المباشر، والاشتراكات، والإعلان بالإضافة إلى الدعم الحكومي، أمرا حتميا إذا أرادت أن تبقى في المستقبل.
لقد نجحت صحف كثيرة بإجبار شركات التكنولوجيا العملاقة خاصة شركات محركات البحث والذكاء الاصطناعي على مشاركتها في الأرباح الطائلة التي تجنيها بفضل ما تجمعه هذه الصحف من أخبار ومعلومات. وعلى المنوال نفسه تستطيع وسائل الإعلام العربية إن أرادت أن تتفاوض بشكل جماعي مع هذه الشركات لمنحها نسبة من عائدات استخدام المحتوى العربي الذي يظهر ضمن محركات البحث أو في محركات برامج الذكاء الاصطناعي.
على وسائل الإعلام العربية الإخبارية وغير الإخبارية أن تنضم إلى الجهود العالمية التي تسعى للضغط على هذه الشركات للحصول على نصيب عادل من الأموال الضخمة التي تجنيها من وراء استخدام محتواها. لا نطالب بأن تكون هذه التعويضات مماثلة للتعويضات التي تمنحها لوسائل الإعلام الغربية، لكن المبدأ نفسه يجب أن يتم تبنيه وتفعيله خاصة بالنسبة لوسائل الإعلام، ليس في العالم العربي فقط، ولكن في العالم الثالث بوجه عام. إن الوصول إلى اتفاقات ترخيص مع الشركات العملاقة يحقق العدالة للطرفين ويؤدى إلى انتعاش العمل الإعلامي ويحافظ على المهنة الصحفية.
كل ما نحتاجه أن نبادر دون تأخير إلى مخاطبة تلك الشركات وبشكل جماعي، وأن نخيرها بين التفاوض للوصول إلى اتفاق أو منعها من استخدام محتوى وسائل الإعلام العربية سواء في محركات البحث أو في برامج الذكاء الاصطناعي. وإذا كان أمر المخاطبة الجماعية صعبا فإن بعض وسائل الإعلام الكبيرة في الدول العربية يمكن أن تأخذ زمام المبادرة في هذا الطريق الذي قد يكون طوق نجاة حقيقي للصحافة العربية. يكفي أن نذكر هنا أن مثل هذه الاتفاقات، التي جاءت بعد ضغوط كثيرة متبادلة، وفرت للصحف الأسترالية 200 مليون دولار سنويا من منصات التواصل الاجتماعي، لو توافر نصفها فقط للصحف ووسائل الإعلام العربية لشهدت نقلة نوعية كبيرة على جميع المستويات، وفتحت مئات الوظائف للصحفيين.