كثيراُ ممن يعيش بيننا بعقليه متحلطمة وهو من يحمل عقلية كثيرة التذمر والشكوى والزعل والتحسس من كل مواقف حياته، ونظرته دائماً سوداوية للأحداث والمواقف، وينظر إليها انها سوء حظ ومشاكل، وليست تحديات تتطلب الحلول، ولا ينظر لها إنها من متغيرات وسنن الحياة وإنما من مهددات ومنغصات الحياة.
لنتذكر قول الله سبحانه: ” لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ” سورة البلد ايه4 أي: في شدة، يكابد الأمور يتعايشها في شدة الأمر وصعوبة الأمر في أطوار حياته، من حمله إلى أن يستقر به القرار، إما في الجنة وإما في النار.
ايه المتحلطم إن عادة الشكوى والتضجر في حياتك تؤثر على سعادتك واستقرارك فيها، وعدم العيش براحة، ومن الايمان فهي ضعف في الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، لأن كثرة ذلك يؤثر على القدرة العقلية والشعور والمزاج والفكر والصحة النفسية والجسدية، وتوصلك الى حالة من التوتر واستنزاف الطاقة الجسدية والذهنية وسوء العلاقة الاجتماعية، ونقص بالوازع الديني، وتقتل السعي لتحقيق الأهداف الخاصة والعامة، وستجد أثر ذلك على نفسك والمتعايشين من حولك بعدم رغبتهم بمجالستك والهروب منك، بسبب لحطمتك.
المتحلطم قد يكون زوج أو زوجة أو موظف او موظفة أو طالب علم او مقبل على الحياة أو أنا وأنت؟!!!!
علامات إن وجدتها في نفسك؟ … فسارع بمعالجتها، قبل أن تتمكن منك الحلطمة وهي:
– السعي الدائم لكسب عاطفة الآخرين، هروباً من المحاسبة.
– الهروب من تحمل المسؤولية، ورمي الفشل على الاخرين.
– كثرة التشاؤم، وفقدان الأمل، وكثرة الكذب، وتضخيم المواقف.
– التدقيق في صفحات الحياة عن مواطن المآسي والمواقف السوداوية والمحزنة.
– كثرة الانتقاد، والاحساس بفقدان النعم، والعيش حياة المحروم.
– عدم الاعتراف بالتقصير والأخطاء.
– القوقعة على الفكر السلبي، والمتدني.
معادلة لمعرفة المتحلطمين = هروب من المسؤولية + يتسول الآخرين عاطفيا + يتحسر على ماضية + يتسخط من حاضره + متشائم من مستقبله + لا يحتفظ بخصوصياته + متغير الطباع
ولك من الأبيات تعلمك بأن الحلطمة فقر، وموت لذكراك، وستبلغ الهمة وقمة الراحة والسعادة بغير الحلطمة…
لا يدرك المجد إلا سيد فطن بما يشق على السادات فعال
لولا المشقة سادَ الناس كلهمو الجود يفقر والإقدام قتــال
وقال آخر:
وكُـلُّ شَجاعةٍ في المرء تُغنِـي ولا مِثـلَ الشّجاعة فـي الحَكِيمِ
وكم من عائِبٍ قَولاً صَحيحًا وآفَتـهُ مِــنَ الفَهـمِ السّـقِيمِ
ولكِنْ تَأخذُ الآذان منــهُ عـلى قَـدَرِ القَـرائِحِ والعُلُومِ
والخلاصة: موت التقــي حياة لا نفاد لها قد مات قوم وهم في الناس أحياء.
قال الإمام الشافعي في هذا البيت من الشعر بأن كثيراً من الناس ماتوا ولكن لم تمت أعمالهم الخيرة وما قدموه للناس من خير وفضل كبير، وما أكثر من عاشوا على هذه الأرض وهم أموات لم يقدموا شيئاً أو يضيفوا جديداً إلى هذه الحياة.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
شكوى لسيدنا الحسين
بقلم : هادي جلو مرعي ..
إهتزت الأرض، وتحولت المباني القديمة الى ركام يشبه ذلك الذي يبدو من السماء في قطاع غزة بفعل القصف المستمر على مدى عام. القصف لم يحول المباني لوحدها الى ركام. كان هناك ملايين البشر من الأطفال والنساء والشيوخ الذي تضرعوا الى الله لينقذهم، وتوسلوا الحكام العرب والأجانب والكتاب والمثقفين والمنظمات الدولية والتجمعات الشعبية ورجال الدين ليساعدوا في وقف جنون نتنياهو الذي لم يتوقف، فنتنياهو مولع بفكرة هرمجدون، وإقامة الهيكل، وهدم الأقصى وقتل العرب، وحروب يوم القيامة، بينما يواجهه نظراؤه العرب بالحفلات الماجنة، ونشر العهر في بلادهم، والسماح لأكبر عدد من النساء بالتعري، وتجويع الناس، والبحث عن المجد دون التفكير بمايخطط لهم العدو الكوني، وبينما يتذمر العرب من المواجهة ويطلبون السلام بلحس حذاء نتنياهو ويبشرون بعودة دونالد ترامب يصر البعض على المواجهة المكلفة، ويراهنون على النصر والصمود، وإنتظار المشيئة لتقف معهم فالقلوب بلغت الحناجر، والجميع ينتظر تدخل السماء، وقرار الإله ليثأر لجياع غزة، وللنائمين في العراء على أرصفة مدن لبنان ينهشهم البرد والإغتراب. حين إهتزت الأرض، وسقطت البنايات القديمة وسط العاصمة الكبيرة هرع الناس الى الشوارع، وإفترشوا الساحات والحدائق، وفي اليوم التالي ذهب البعض منهم الى مركز الشرطة، وإستقبلهم المأمور الذي بعثهم الى كبير الحي الذي نصحهم بالتوجه الى الوزارة، وهناك إستقبلهم السيد وكيل الوزير الذي نصحهم بالتوجه الى مبنى المحافظة حيث إستقبلهم المحافظ الذي طلب منهم العودة الى أماكنهم، وسوف تحل جميع مشاكلهم، ومضى عام كامل، ولم يأت من أحد.سألت المذيعة تلك العجوز التي كانت تروي تفاصيل مابعد الزلزال ماذا فعلتم بعد أن طلب منكم المحافظ العودة الى أماكنكم؟ قالت العجوز: لم يحصل شيء.. وسألتها ثانية: ثم ماذا فعلتم؟ قالت العجوز: رحنا عند سيدنا الحسين ورفعنا شكوى لسيدنا الحسين، ومستنيين الرد !البعض حين لايجد إستجابة يتوجه الى الله، وحين لاتستجيب الحكمة لسبب ما يتوجه الى الأولياء والصالحين، ويقدم النذور ويبكي ويتوسل منتظرا نهاية لعذاباته، وحين ييأس يتشبث بيأسه بوصفه حلا لابديل عنه، وهو أفضل من التمرد والزعل والبكاء حيث يخسر الناس الكثير من الجهد والوقت والعذابات لتصل معاناتهم الى المسؤول الذي يفاضل بين مصلحته ومنصبه المهدد ومكاسبه التي لم يكن ليحلم بها، وبين عذابات الناس، فهولاء يريدون تعبيد شوارع حيهم المتربة وعمل أرصفة ومجاري للمياه والأمطار، وهولاء يريدون تأمين وضع الكهرباء، وغيرهم يريد الماء، وهناك من يحلم بمستوصف، وآخر يتأمل بناء مشفى في الحي الذي يقطنه. وحينها يقرر المسؤول أن يحافظ على منصبه، ويتشبث به ويسعى لنيل رضا حزبه والمنتفعين في قيادة الحزب وإقتصادية الحزب. ويذكرني ذلك ببعض المسؤولين الذين يريدون تسريع بعض العقود ليحصلوا على ( المالات ) قبل الإنتخابات، وتغيير الوزارات، ومنهم من يسأل: متى ستجري الإنتخابات؟ ويتمنى أن لاتكون مبكرة ليستمر في الحصول على المكاسب والإستثمارات وجني الأرباح من المستثمرين وأصحاب الشركات والمتنفذين والأقوياء.
هادي جلومرعي