تعاني إيناس وهي أم لخمسة أطفال في ظل استمرار الحرب لشهرها العاشر، تستيقظ الساعة السادسة صباحًا على بكاء ابنها عبدالكريم ذي الأشهر الخمسة، يئن ويبكي بسبب ارتفاع درجة حرارة الخيمة، وانتشار الذباب الكثيف بمجرد بزوغ ضوء النهار. تحاول تهدئة صغيرها الذي أنجبته داخل مدرسة الإيواء بمدينة رفح جنوب قطاع غزة قبل أن تنزح إلى مواصي خان يونس مع بدء العملية البرية في مدينة رفح.

تقول إيناس لجريدة «عمان»: «أتنقل بطفلي الصغير إلى مكان أكثر برودة، أستخدم قطعة من الكرتون، أقوم بتحريكها ذات اليمين وذات الشمال لتبريد جسده من جراء ارتفاع درجة حرارة الخيمة، استخدم كافة الوسائل البسيطة في ظل انعدام كافة الإمكانيات، تمر الأيام بشكل صعب، أحاول بكل طاقتي أن أوفر إمكانيات العيش لأطفالي الذين يحتاجون للأكل والشرب والنظافة والعناية اليومية، لا يمر أسبوع دون أن أذهب إلى النقطة الطبية برفقة أحدهم.. لك أن تتخيلي الوضع القاسي الذي نعيشه، انعدام المياه النظيفة وقلة الغذاء والدواء والمستلزمات المتعلقة بالنظافة الشخصية ما يجعل الكبار والصغار في حالة إعياء مستمرة».

بدا الشحوب ظاهرا على وجه ابنها الثاني فريد بمجرد استيقاظه من نومه. «خوف شديد اعتراني عندما نظرت إلى جسده الذي امتلأ بالحبوب الحمراء المنتفخة والمنتشرة في كافة أنحاء جسمه، نهضت مسرعة إلى النقطة الطبية الموجودة داخل المخيم وأخذت انتظر حضور الطبيب برفقة مجموعة من نساء المخيم بفارغ الصبر، جاء الطبيب الذي جلس ليستقبل حالات الأطفال الصغار فأخبرني بأن ابني يعاني من مرض جلدي يعرف بـ«جدري الماء» ثم قام بكتابة روشته مليئة ببعض الأدوية والمراهم وأعطائي بعض النصائح والإرشادات للتعامل مع هذا المرض المعدي الذي أصاب معظم أطفال الخيام في ظل ارتفاع درجة الحرارة واستخدام المياه الملوثة. عدت من العيادة الطبية دون أن أستطيع الحصول على العلاج، فقمت بالتنقل من صيدلية إلى أخرى من أجل شراء بعض ما كُتب في الوصفة الطبية».

وأشار الدكتور محمد أحمد إلى أن مرض الجرب «طفح جلدي ينتشر بكافة أنحاء الجسم، يسبب حكة تنتج عن سوس ناقب صغير يسمى «القارمة الجَرَبية»، ويحتاج إلى علاج سريع لأنه سريع الانتقال بين الأطفال تحديدًا ويؤدي لتفشي عدوى جلدية مؤلمة واحمرار بالجسم».

وأضاف إن الالتهابات الجلدية آخذة في الارتفاع، خاصة بين الأطفال، بسبب الازدحام الشديد وارتفاع درجات الحرارة داخل الخيام ونقص المياه النظيفة الصالحة للشرب».

بالعودة إلى إيناس التي أكملت حديثها وقد اغرورقت عيناها «لقد سافر زوجي قبل بدء الحرب بشهر تقريبًا بحثًا عن عمل بسبب البطالة المتفشية، قام ببيع مصاغي والسفر عبر معبر رفح البري إلى تركيا ومن هناك توجه من خلال البحر إلى معسكرات اللجوء في إحدى جزر اليونان وبعد أشهر قليلة حصل على الإقامة واستقر به المطاف لاجئا في ألمانيا، يأكله القلق على أبنائه منذ اليوم الأول للحرب يحاول بكافة الطرق الاتصال بنا للاطمئنان علينا فتأتي توسلات وبكاء أبنائي له من أجل تجهيز أوراقنا لنتمكن من السفر إليه ليلتم شمل العائلة لكنْ إغلاق معبر رفح البري للشهر الثاني على التوالى وقف حائلًا دون تحقيق ذلك».

مع بداية الحرب في السابع من أكتوبر تركت إيناس وأطفالها الخمسة بيتها الذي هُدم بشكل كلي في منطقة بيت لاهيا، ونزحت برفقة أهلها إلى أن استقر بها الحال في مواصي خان يونس بعد نزوح أكثر من خمس مرات تقول: «أشعر بأن مسؤولياتي أصبحت مضاعفة، فليس سهلًا عليّ أن أعيش ظروف الحرب القاسية لوحدي برفقة خمسة أطفال يحتاجون للرعاية والاهتمام والدعم النفسي، ونحن ندخل الشهر العاشر لحرب معظم ضحاياها من الأطفال والنساء».

في مخيمات النزوح المزدحمة يشكو اللاجئون من تكاثر الذباب والبعوض والقوارض والعقارب والأفاعي بين خيام النازحين، فيما تتكدس النفايات في كل مكان، ما تسبب في تسرّب مياه آبار الصرف الصحي العشوائية إلى المياه الجوفية، بالتزامن مع العجز التام في توفير العلاجات والأدوية في ظل منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي مع استمرار إغلاق المعابر البرية في قطاع غزة.

وفي هذا السياق حذرت مؤسسات صحية محلية ودولية من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين نتيجة التكدس في مراكز الإيواء وانعدام سبل النظافة الشخصية والعلاجات اللازمة.

فيما صدر تصريح من منظمة الصحة العالمية حذرت فيه من خطر موت عدد أكبر من سكان قطاع غزة بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة والاكتظاظ السكاني في خيام النزوح وتراكم مياه الصرف الصحي، تنتشر الحشرات التي تنقل الأمراض والعدوى وتؤدي للوفاة بين الأطفال أو مشكلات صحية لكبار السن تتطلب عمليات بتر للأطراف أحياناً، بحسب تقرير لوكالة وفا الفلسطينية.

فيما صدر تقرير إحصائي عن وزارة الصحة الفلسطينية بغزة يوم الجمعة 12 يوليو 2024م لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي المستمر لليوم الـ 280 على قطاع غزة يشير إلى ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى ارتكاب الاحتلال (3.388) مجزرة فيما هناك (48.345) شهيداً ومفقوداً، منهم (16.054) شهيداً من الأطفال،و (10.700) شهيدة من النساء.

أمّا مجلة «ذا لانست» البريطانية العلمية الطبية فقد نشرت تقريرا وردت فيه معلومات صادمة، حيث ذكرت المجلة أن عدد الشهداء في غزة قد تجاوز 186 ألفًا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة نتيجة لحرب الإبادة الصهيونية، إن ما نشرته صحيفة «ذا لانست» يؤكد أن العدو الصهيوني ارتكب جريمة العصر في غزة فيما زال الصمت العالمي يمنح الاحتلال الصهيوني حصانةً للقتل الجماعي في غزة.

إن هذه الأرقام الكارثية تأتي في سياق انهيار الخدمات الصحية والطبية، ما يجعل هذه الجريمة من أكبر الجرائم الإنسانية المعاصرة التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة.

حيث إنه - وفقًا لتقديرات المجلة، العدد الحقيقي للشهداء يُمثّل 7.9% من سكان غزة، ما يجعل هذه الحرب «جريمة العصر».

ورغم فظاعة هذه الأرقام المروعة اكتفت المؤسسات الدولية بالبيانات والإحصاءات دون اتخاذ خطوات فعالة لوقف هذه الفظائع الإنسانية. هذا الصمت العالمي المطبق يُشكّل حصانةً للاحتلال الصهيوني، ويسمح له بالإفلات دائمًا من العقاب، والاستمرار في القتل الجماعي وتدمير كافة البنى التحتية الحيوية في غزة، بما في ذلك المشافي والمنازل السكنية.

إن ما يحدث في قطاع غزة من جرائم متعمدة يدعو أحرار العالم والمؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية إلى تَحّمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية والإنسانية، واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه المجازر الجماعية التي تُمثل جرائم حرب مكتملة الأركان ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

لميس الحديدي: إنقاذ قطاع التمريض ضرورة لاستدامة الرعاية الطبية

كتب- حسن مرسي:

أكدت الإعلامية لميس الحديدي أن مهنة التمريض تُشكل العمود الفقري للنظام الطبي، ليس فقط في مصر بل على مستوى العالم، داعية إلى الاهتمام العاجل بهذا القطاع الحيوي.

خلال برنامجها "كلمة أخيرة" على قناة ON، رفضت الحديدي المقولة الشائعة التي تمدح الأطباء وتنتقد التمريض، مؤكدة أن هذا التصور غير دقيق ويُغفل التحديات الكبيرة التي يواجهها الممرضون.

وأوضحت أن القطاع يعاني من صورة نمطية سلبية في المجتمع، إلى جانب نقص التدريب والتعليم، ضعف الأجور -خاصة لأصحاب المعاشات-، وسوء التوزيع الجغرافي الذي يترك بعض المحافظات تعاني من نقص حاد في الكوادر.

وأشارت الحديدي إلى أن هذه المشكلات أدت إلى تدهور قطاع التمريض، مماثلاً لما حدث مع الأطباء، محذرة من أن استمرار هذا التجريف يهدد جودة الرعاية الصحية.

ودعت إلى وضع حلول جذرية لتحسين أوضاع الممرضين، مؤكدة أن التمريض هو أساس العملية الطبية، وختمت حديثها بالقول: "بدون تمريض قوي، لا يمكن أن يكون هناك طب أو علاج فعال".

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

لميس الحديدي قطاع التمريض الرعاية الطبية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة "كان عندكم عبيد".. لميس الحديدي تعلق على تصريحات ترامب بشأن قناة السويس أخبار لميس الحديدي تنتقد أداء الأهلي: فقدنا شخصية البطل وهيبة النادي أخبار نشرة التوك شو| تفاصيل مد العمل بقرار مد التصالح على مخالفات البناء.. ولميس أخبار لميس الحديدي تطالب بدراسة جدوى تطبيق التوقيت الصيفي أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

لميس الحديدي: إنقاذ قطاع التمريض ضرورة لاستدامة الرعاية الطبية

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • استمرار جهود الوسطاء لوقف الحرب والعدو يتوعد بتوسيع عملياته :الاحتلال يصعد جرائمه على مراكز النزوح وانهيار كامل للمنظومة الصحية في غزة
  • «الفارس الشهم 3» تدعم تكيات طعام في غزة
  • السودان يشهد أكبر «أزمة نزوح» في العالم
  • “دبي الطبية” تواصل جهودها لنشر الوعي بـ”طيف التوحد”
  • لميس الحديدي: إنقاذ قطاع التمريض ضرورة لاستدامة الرعاية الطبية
  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • 700 متخصص.. انطلاق مؤتمر الإمارات لأمراض الدم وأورام الأطفال
  • بحضور 700 متخصص تنطلق فعاليات مؤتمر الإمارات السابع لأمراض الدم والأورام لدى الأطفال
  • إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع