خزان الحجر المائي الرملي النوبي المشترك.. واقعه وآفاق استثماره لصالح الأمن القومي المائي الليبي!
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
يعد ملف الأمن المائي الليبي من الملفات الخطيرة والحساسة بمصفوفة عوامل ومتغيرات الأمن القومي الليبي، كون الموارد المائية الجوفية عامل استمرار الحياة والتعايش السلمي بالقارة الأفريقية، وما الصراع القائم بين عديد الدول حول نسب استغلال مياه نهر النيل والسد والمشاريع المنشأة على مصدر تغذية النهر إلا دليل على خطورة وحساسية الموارد المائية بالساحل الأفريقي وعمق القارة الأفريقية، وقد يكون ملف الموارد المائية عامل قيام الحروب والصراعات بين الدول والجماعات حول حقوق وضوابط استغلالها والاستفادة منها، كما أن أهمية الموارد المائية الجوفية تستمد حساسيتها من الصناعات القائمة على الموارد المائية وعلى أثرها المباشر في مستوى معيشة ورفاهية الإنسان، وقد تنبأ كثير من المحللين الاستراتيجيين لاحتمالات نشوء صراعات وحروب بين الدول وحدوث أزمات اقتصادية صناعية بسبب شح الموارد المائية وبالتالي الغداء والدواء، مما ينذر بكوارث وازمات بيئية وصحية لها تدعياتها على الأمن والسلم الدولي.
لسنا هنا بصدد ذكر أو حصر الحروب والنزاعات الدولية والمجتمعية التي حدث في الماضي، ولكن وجب التنويه أن حركات وتنقلات الجماعات البشرية وتوطين الصناعات بمختلف صنوفها والزراعة كانت عبر التاريخ ولازالت تتمحور حول وفرة أو ندرة مصادر المياه، ولكننا ننوه لخطورة وحساسية ملف الأمن المائي وتأثيراته على الأمن الاقتصادي والاجتماعي للدول والشعوب وحتى الأمن والسلم الدولي، حيث أن الموارد المائية الجوفية كانت ولازالت مجال للنزاعات والصراعات المجتمعية وبين الدول، بل أن أحد ابعاد استراتيجية الأمن الدولي وتشكيل التحالفات وخلق الصراعات يتمحور حول مصادر الطاقة والمياه، فحتى الصناعات النووية ما كانت لتقوم لولا وفرة المياه، والصناعات الغذائية والدوائية والعسكرية وغيرها من الصناعات تقوم بالأساس أينما توفرت مصادر الطاقة والمياه، وقد شاركت الدولة الليبية عام 2013م في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعاصمة النمساوية “فيينا” بتوقيع اتفاقية برنامج العمل الاستراتيجي “SAP” لخزان الحجر الرملي النوبي المشترك “ليبيا – مصر – السودان – تشاد” من أجل وضع إطار خطة طويلة الأجل للاستفادة من المياه الجوفية بالحوض، توقيع الاتفاقية جاء بعد تأسيس الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر النوبي الرملي عام 1990م ومقرها العاصمة الليبية طرابلس، ويهدف برنامج الاتفاقية الموقعة “بفيينا” إلى تحقيق الاستخدام الأمثل والعادل للمخزون الضخم والهائل للمياه الجوفية بخران الحجر الرملي النوبي وتعزيز آلية التنسيق الاقليمية بين الدول المستفيدة من الحوض المائي النوبي، سعياً لتحقيق إدارة فاعلة وعادلة للموارد المائية ومنع التوتر السياسي والأمني بسبب احتمالات وقوع نزاعات بينية بين الدول المستفيدة من خزان مياه الحجر الرملي النوبي، وضمان التزام دول الحوض “ليبيا – مصر – السودان – تشاد) بتنفيذ الاجراءات اللازمة لحماية الموارد المائية المشتركة واستدامة النظام والتوازن البيئي وتحقيق الأمن والسلم الدولي والاقليمي، وتحسين مستوى معيشة السكان بدول الحوض، ومنع تدفقات المهاجرين غير الشرعيين الباحثين عن مصادر المياه والغذاء والكساء والدواء، وبينت الدراسات أن مساحة الحوض الاجمالية تبلغ 2.2 مليون كيلومتر مربع، منها 760 الف كيلومتر مربع داخل الحدود الليبية، و 828 الف كيلومتر مربع داخل الحدود المصرية، و 376 الف كيلومتر مربع داخل الحدود السودانية، و 235 الف كيلومتر مربع داخل الحدود التشادية، وتبين مؤخراً للمركز القومي للبحوث والدراسات العلمية ضعف المتابعة الفاعلة للجانب الليبي لاستغلال مياه الحوض في حين دول الجوار الموقعين على الاتفاقية جادين وفاعلين في استغلال المياه الجوفية للحوض، ومع سوء ترشيد استهلاك المياه بليبيا واستنزاف مياه النهر الصناعي ومصادره والتخريب المتعمد والمستمر لخطوط امداداته ما ينبئ بحدوث عجز في امدادات المياه لمختلف شرائح وقطاعات الدولة الليبية وبالتالي ضعف قدرة قطاعات الطاقة والصناعة والزراعة على تلبية احتياجات المواطنين وبخاصة مع شح الامطار بالسنوات الأخيرة، هذه المؤشرات الخطيرة تنبئ بتهديدات محتملة لأمننا القومي الليبي والسيادة الليبية على اراضيها وتداعيات خطيرة محتملة على الأمن المائي والغذائي والصحي والاقتصادي والاجتماعي الليبي، وخاصة مع ضعف متابعة الأجهزة المعنية بتوفير وتأمين امدادات المياه وصون مصادرها وتأمين احتياطات ومخزون استراتيجي من المياه الجوفية.
عليه نوصي بما يلي:
1. ندعوا الجانب الليبي بالهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر النوبي ووزارات الصناعة والزراعة والموارد المائية للعمل بجدية وتحمل مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية في متابعة استغلال مياه المخزون المائي لخزان الحجر الرملي النوبي المشترك وحسن إدارته وتقديم تقارير دورية دقيقة حول حجم استغلال دول الجوار للخزان، والمشاريع المائية الليبية ومخططاتها لاستغلال المخزون المائي للحوض لصالح امدادات المياه لاستعمالها في الشرب والزراعة والصناعات المختلفة.
2. اقتراح استراتيجية وطنية وآلية فاعلة وعادلة لإدارة الحوض بالتنسيق مع خبراء وباحثين بالمركز القومي للبحوث والدراسات العلمية والمراكز المتخصصة بالتصحر وتوطين المشاريع الزراعية والصناعية ومراكز تنمية الموارد المائية والزراعية والصناعية والاستدامة البيئية، ومراكز تنمية بدائل الطاقات المتجددة، وكذلك تعميق أواصر التعاون والتنسيق المعلوماتي مع دول الجوار في مجال الصناعات المائية وتنمية واستثمار المياه الجوفية وتبادل المعارف والتقنيات والخبرات في هذه المجالات، تحقيقاً ووصولاً للاستثمار الأمثل لموارد الدولة الطبيعية والبشرية وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة وأمن الدولة الليبية الاقتصادي والبيئي والاجتماعي، ومنع الصراعات والنزاعات البينية وصولاً لصون السيادة الليبية وتحسين ودعم ركائز ومناخ الأمن القومي الليبي والاقليمي والدولي.
3. ضرورة وأهمية تدخل ودعم الحكومة للهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر النوبي، وتوفير مقر لائق لتسيير مهام الهيئة على أكمل وجه، ودعم اعضائها عن الجانب الليبي مادياً ومعنوياً وتحفيزهم على متابعة شؤون حوض خزان الحجر النوبي والتأكد من التزام كل الاطراف الاجنبية الشركاء في الحوض بحصصهم في استغلال مياهه ضماناً وصوناً لحقوق الدولة الليبية والاجيال القادمة.
4. ضرورة تحمل وزارة الخارجية الليبية والجهات المعنية بإدارة الموارد المائية مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية في متابعة الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر النوبي وتذليل الصعاب امامهم، والتواصل مع دول الجوار الشركاء في حوض النوبي لترشيد مستويات استنزاف مياه الحوض الجوفية والتأكيد على استغلال مياهها وفق المتفق عليه وعدم تجاوز نصيب كل دولة.
5. تشكيل هيئة ليبيا عليا لمتابعة وتقييم احتياطيات الموارد المائية الجوفية والسطحية وفرص تنميتها واستثمارها وتقييم مخاطر استنزافها وسوء ادارتها على الأمن القومي الليبي.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الموارد المائیة الجوفیة الدولة اللیبیة المیاه الجوفیة القومی اللیبی الأمن القومی استغلال میاه دول الجوار بین الدول على الأمن
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن القومي السوري هيئة لتنسيق السياسات الأمنية
في 12 مارس/آذار 2025 أعلنت الرئاسة السورية حسب قرار رئاسي أصدره الرئيس أحمد الشرع، تشكيل مجلس للأمن القومي في البلاد بمشاركة 3 وزراء، ويهدف إلى تنسيق وإدارة السياسات الأمنية والسياسية بالبلاد.
التأسيسأصدر الرئيس السوري أحمد الشرع قرارا بتشكيل "مجلس الأمن القومي" وفق ما أعلنه في القرار الرئاسي رقم (5) لعام 2025، وحسب بيان لرئاسة الجمهورية السورية، فإن المجلس سيكون برئاسة الشرع.
وجاء في نص القرار: "بناء على الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية العربية السورية وانطلاقا من المصلحة الوطنية العليا، وحرصا على تعزيز الأمن القومي والاستجابة للتحديات الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة، يقرر رئيس الجمهورية تشكيل مجلس الأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية".
وجاء تشكيل هذا المجلس في أعقاب التوترات التي شهدها الساحل السوري في 6 مارس/آذار 2025 إثر هجمات منسقة على دوريات وحواجز أمنية نفذها فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد على قوات الأمن السورية.
وكانت السلطات السورية الجديدة، عقب إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، قد أطلقت مبادرة تهدف إلى تسوية أوضاع عناصر الجيش والأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، بشرط تسليم أسلحتهم وعدم تورطهم في جرائم قتل.
إعلانوقد لقيت المبادرة استجابة واسعة، وسلّم عشرات الآلاف أنفسهم، في حين رفضتها مجموعات مسلحة من فلول النظام، خاصة في المناطق الساحلية، التي كانت تضم كبار ضباط النظام السابق.
ومع مرور الوقت، لجأت هذه المجموعات إلى المناطق الجبلية، وبدأت بتنفيذ عمليات تهدف إلى زعزعة الاستقرار، عبر شن هجمات متفرقة على القوات الحكومية.
الأهداف وآلية العملوأعلن الرئيس السوري تشكيل مجلس الأمن القومي بهدف تنسيق وإدارة الشؤون الأمنية والسياسية بالبلاد، انطلاقا من المصلحة الوطنية العليا واستجابة للتحديات الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة.
وبموجب القرار، يعقد المجلس اجتماعاته بشكل دوري أو بناء على دعوة من رئيس الجمهورية، وتُتخذ القرارات المرتبطة بالأمن القومي والتحديات التي تواجه الدولة عبر التشاور بين الأعضاء.
أما مهام المجلس وآليات عمله، فيتم تحديدها بتوجيهات من رئيس الجمهورية، بما يحقق المصلحة الوطنية العليا، ويضمن التنسيق الفعّال بين مختلف الأجهزة والمؤسسات.
وأوضحت الرئاسة السورية أن آلية عمل المجلس تحدد بتوجيهات من رئيس الجمهورية بما يضمن التنسيق الفعال بين المؤسسات.
الأعضاءويتألف المجلس من وزراء الدفاع والداخلية والخارجية ومدير الاستخبارات العامة وعضوين استشاريين يعينهما رئيس البلاد وفقا للكفاءة والخبرة، وآخر تقني تخصصي يتابع الشؤون التقنية والعلمية ذات الصلة.
وزير الخارجية أسعد الشيبانيمن مواليد الحسكة عام 1987، وعاش في دمشق وتخرج في جامعتها حاصلا على إجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها عام 2009، ونال درجتَي الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة إسطنبول صباح الدين زعيم، والتحق بالثورة السورية منذ بدايتها عام 2011، وعمل في الجانب الإنساني، ثم أسهم في تأسيس حكومة الإنقاذ السورية وإدارة الشؤون السياسية فيها.
واتخذ الشيباني أسماء مستعارة عدة، أبرزها زيد العطار، وكان مدير العلاقات الخارجية في هيئة تحرير الشام ومدير الإدارة السياسية في حكومة الإنقاذ بإدلب، التي استطاع ربطها بعدد من الدول الأجنبية عبر لقائه وفودا قرب معبر "باب الهوى" عند الحدود السورية-التركية، كما كان يدير ملفات أمنية خارجية مثل ملف المقاتلين الأجانب.
إعلانوكلفته إدارة الشؤون السياسية في سوريا أواخر عام 2024 بحقيبة وزارة الخارجية السورية، وزار أنقرة في أول زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول رفيع من الإدارة السورية الجديدة إلى تركيا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وزير الدفاع مرهف أبو قصرةقيادي سوري سابق في المعارضة المسلحة، وهو من مواليد مدينة حلفايا في محافظة حماة، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة دمشق.
شغل منصب القائد العام للجناح العسكري لهيئة تحرير الشام، وتولى هندسة القدرات العسكرية للمعارضة السورية المسلحة في الشمال السوري منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، وقاد معظم العمليات العسكرية هناك، وعرف باسمه العسكري "أبو حسن الحموي".
يعدّ أبرز قادة إدارة العمليات العسكرية التي قادت معركة "ردع العدوان" ضد النظام السوري واستطاعت إسقاطه. وعقب سقوط حكومة المخلوع بشار الأسد، عينته حكومة تصريف الأعمال السورية أواخر عام 2024 وزيرا للدفاع.
وزير الداخلية علي كدةوُلد علي كده عام 1973 في قرية حربنوش بريف إدللب الشمالي، ثم انتقل لاحقا للإقامة في مدينة إدلب. حصل على شهادة في الهندسة العسكرية عام 1997، وأكمل دراسته في جامعة حلب، حيث تخرج من كلية الهندسة الكهربائية في اختصاص الإلكترون عام 2003.
مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، اعتقلته قوات الأسد سبعة أشهر. وبعد الإفراج عنه، انخرط في العمل التربوي وأسهم في المجالس المحلية والشرطة الحرة بمحافظة إدلب منذ عام 2012.
تولى مناصب قيادية عدة في حكومة الإنقاذ السورية، وشغل منصب معاون وزير الداخلية للشؤون الإدارية والعلاقات العامة في الدورة الثانية للحكومة في ديسمبر/كانون الأول 2018، ثم ترأس الحكومة في دوراتها عام 2019 و2020 و2022 و2023.
وفي 19 يناير/كانون الثاني 2025، كُلّف بتولي وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، خلفا للوزير السابق محمد عبد الرحمن.
إعلانوقال كدة في مقابلة مع الجزيرة أوائل فبراير/شباط 2025 إن "كل من تورط في جرائم بحق الشعب السوري سيُحاسب، في حين سيتم استيعاب من لم تتلطخ أيديهم بالدماء وفق معايير قانونية عادلة".
وأضاف أن الأجهزة الأمنية التي كانت قائمة في عهد النظام السابق قد تم حلها بالكامل، وبدأ العمل على تأسيس مؤسسة جديدة تستند إلى العدالة القانونية.
مدير الاستخبارات العامة أنس خطابقيادي في المعارضة السورية، ولد في ريف دمشق عام 1987، وتنحدر أصوله من بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي. التحق بجامعة دمشق لدراسة هندسة العمارة، لكنه لم يكمل تعليمه، وغادر إلى العراق عام 2008 لـ"الجهاد ضد الاحتلال الأميركي".
وأسهم في تأسيس جبهة النصرة عام 2012 بعدما عاد إلى سوريا، وشغل منصب نائب القائد العام فيها، ثم عضو مجلس الشورى ومسؤول الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام.
وأسّس خطاب جهاز استخبارات "هيئة تحرير الشام"، وجهاز الأمن العام التابع للهيئة في إدلب وأداره، وهو جهاز توسع نفوذه ليشمل أغلب المحافظات الخاضعة لسيطرة الهيئة ومنذ عام 2019، تمكن جهاز الأمن العام من القضاء على "تنظيمات جهادية" كما تصفها الهيئة، وخلايا تنظيم الدولة الإسلامية في إدلب.
وأواخر ديسمبر/كانون الأول 2024، بعد تمكن المعارضة من إسقاط نظام بشار الأسد، كُلّف خطاب بترؤس جهاز الاستخبارات العامة في سوريا.
وأوضح خطاب -وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية "سانا" على حسابها بمنصة "إكس"- أنه "سيعاد تشكيل المؤسسة الأمنية من جديد، بعد حل كافة الأفرع الأمنية وإعادة هيكلتها بصورة تليق بشعبنا وتضحياته وتاريخه العريق في بناء الأمم".