ترجمة: أحمد بن عبدالله الكلباني -

من الممكن أن يرجح تحليل صوتي جديد أجراه كل من «كاتالين جريجوراس»، وهو مدير المركز الوطني للطب الشرعي في جامعة «كولورادو»، و«كول وايتكوتون» الباحث في الطب الشرعي الإعلامي، أن هناك أكثر من شخص أطلق النار على «ترامب»، وذلك بناء على الصوت الذي تم تسجيله في «بتلر» بولاية «بنسلفانيا».

ووفقا لما ذهب إليه هؤلاء الخبراء، فإن الطلقات الثلاث الأولى كانت قد أُطلقت من سلاح يمكن ترميزه بـ«أ»، أما الطلقات الخمس التالية فهي متوافقة حسب الصوت مع سلاح آخر يمكن ترميزه بـ«ب»، أما صوت الطلقة الأخيرة فمن المرجح أنها انطلقت من سلاح ثالث يمكن ترميزه بـ«ج». ومن المؤكد أن أحد هذه الأسلحة، وهو «أ» تم ضبط مستخدمه، وهناك احتمال بأن مستخدم السلاح «ب» هو أحد قناصي الخدمة السرية، أما مستخدم السلاح «ج» فلا نعرف هويته بعد، فهل هو مطلق ثانٍ من الجهة نفسها، أم من فريق القناصين الحكوميين؟ إننا لم نتعرف إلا على شخص واحد فقط من مطلقي النار، ووفقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، يبدو أنه كان يعمل بمفرده، وأعتقد أنه يجب على المكتب أن يُعيد النظر في استنتاجاته. فالتحليلات الصوتية الأخيرة يجب أن تستند إلى متعددات الجهات لضمان دقتها وأن تثير الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات شافية.في هذا المقال، سأقدم استعراضا لما أعرفه بالإضافة إلى طرح تساؤلات منطقية استمدت من المعلومات المتاحة حتى الآن. وكأحد الأشخاص الذين اهتموا بقضية اغتيال «جون كينيدي»، وقد قرأت آلاف المقالات والكتب حول هذه الحادثة، أثارت بعض النقاط اندهاشي خلال قراءتي.

الأولى، فإن اغتيال «جون كينيدي» كان محاطا بتستر كبير برأيي، وأعتقد أن هذا التستر ما زال قائما حتى الآن على الرغم من مرور حوالي 61 عاما على الحدث. والثانية، يبدو أن «ترامب» خلال فترة رئاسته قد وعد بالكشف عن جميع الأوراق والوثائق المتعلقة باغتيال «كينيدي» وتقديم هذا الأرشيف إلى العامة. ومن المعلومات المتوفرة، قال «ترامب» لـ«روجر ستون»، أحد السياسيين الأمريكيين، إنه لم يصدق ما وجده في الملفات السرية التي لم يتم الكشف عنها. وهذا يشير إلى أن «ترامب» يرى أن السير في ملف اغتيال «كينيدي» أمر خطير بالنسبة له.

الآن في عام 2024، يثير القلق ما إذا كان سيتم الكشف بوضوح عن نتائج التحقيقات الرسمية، أم سيتم احتجاز الأدلة بشكل دقيق. على الرغم من أن الرئيس الحالي «جو بايدن» أمر بفتح تحقيق في الحادثة، فإنني أرى أن من الأنسب أن يشرف مكتب التحقيقات الفيدرالي على هذا التحقيق بإشراف مباشر من الكونجرس. فالمكتب الفيدرالي لديه القدرة على قيادة التحقيق بفعالية، ولكن بإشراف ومتابعة صارمة، آمل أن يكون هذا الخيار متاحا. فالشعب الأمريكي ليس من السهل إقناعه بالتحقيقات غير الدقيقة أو المتحيزة بشكل واضح.

لا يزال السلاح الذي استخدمه المشتبه به الرئيسي غير معروف بعد للعامة. لم تُكشف صورة السلاح أو نوعه أو الشركة المصنعة له، وهذا الأمر أساسي لفهم إمكانية تعديل هذا السلاح. يجب علينا أن نعرف أيضا ما إذا كان السلاح مزودا بمنظار أو أجهزة أخرى للتصويب. ومن المهم معرفة إذا ما تم العثور على الطلقات لربطها بالأسلحة المستخدمة وتحديد عدد المشتبه بهم. تم تطويق المنطقة بالكامل ومن المنطقي أن تتم عمليات التمشيط للعثور على الشظايا والأدلة الأخرى. حتى الآن، لا نعرف ما إذا كان السلاح محمولا بحزام أم لا، ولم يتمكن شهود العيان من وصف حمل السلاح.

المشتبه به الذي تم قتله كان قد اشترى سلما بطول خمسة أقدام من متجر «هوم ديبوت»، ولم يُكشف عن وزنه أو نوعه بعد. وربما كان مصنوعا من الألمنيوم لسهولة حمله وخفة وزنه. هناك صورة واحدة فقط تظهر شكل هذا السلم المُشترى من «هوم ديبوت»، ومن المهم التحقق ما إذا كان هذا السلم فعلا تم شراؤه من هذا المتجر. لا نعلم بعد ما إذا كان الشرطيان اللذان كانا في الموقع قد استخدما السلم نفسه. ربما كان ذلك الحال، خاصة أن الشرطي الأول كان ينظر نحو السطح عندما تم إطلاق النار، مما يشير إلى أن السلم كان موجودا بالفعل في موقع الجريمة. ومن الواضح أنه تم وضعه قبل يوم من الحادثة، كما رصد الجاني وهو يتجول في المنطقة مفتشا عن أجهزة كشف المعادن. لم يتم الكشف بعد عن دوافعه لدخوله منطقة الأمن الخاصة بالتجمع، على الرغم من عدم حمله لسلاح، وكما أفاد شهود العيان بأنه تحرك بين أسطح المباني للوصول إلى موقع إطلاق النار، هذه المعلومات غير متوافقة مع شراء السلم. يبدو أننا بحاجة إلى المزيد من المعلومات.

يعتقد الكثيرون أن الحادثة كانت مدبرة وأن مطلق النار تلقى مساعدة، لقد تطلب الأمر حظا غير عادي لتسلق السلم في وضح النهار إلى سطح المبنى، حيث شاهده الكثير من الناس لكن الرد كان بطيئا، ولا نعرف ما إذا كانت تحذيرات شهود العيان قد نُقلت عبر المذياع أو الهاتف المحمول، لكن يبدو أن قناصة الخدمة السرية تم توجيههم إلى المكان الصحيح.

«لاري جونسون» و«كريس ويتكومب» من فريق المكتب الفيدرالي، ذكرا أن قناصة الخدمة السرية راقبوا «مطلق النار» عبر تلسكوب قبل التصويب عليه.

لم تُستخدم أي أجهزة لكشف الطلقات في التجمع، ويمكن لجهاز كشف الطلقات الجيد تحديد موقع مطلق النار في جزء من الثانية، لقد اشترى والد مطلق النار المسدس بشكل قانوني. وبما أن المطلق كان يتدرب في ميدان الرماية، فمن الواضح أنه كان لديه حق الوصول إلى المسدس، قد يكون المسدس قد اشتري للابن عندما كان قاصرا.

تم التعرف على مطلق النار من خلال الحمض النووي، مما يعني أن أفراد الأسرة قدموا عينات للتحقق من التطابق خلال 90 دقيقة. الرقم التسلسلي للسلاح يعود للأب، كما لا نعلم إذا أخذت الشرطة عينات لإجراء اختبارات مخدرات، فقد كان المطلق هادئا بشكل لا يصدق عند إطلاق النار على «ترامب»، وتبين أنه اشترى 50 طلقة من عيار 5.56، ومن المرجح أن مخزن السلاح كان يحتوي على 30 طلقة.

ونعود للأدلة الصوتية، حيث تشير إلى احتمال وجود ثلاثة مطلقين. قد يكون مطلق النار غيَّر موقعه لإطلاق النار للمرة الثانية، لكن الوقت كان ضيقا.

لا نعرف عدد الطلقات التي أطلقها فريق قناصة الخدمة السرية. معظم الروايات تقول إن طلقة واحدة كانت كافية لتحييد مطلق النار، كانوا يستخدمون أسلحة قنص متطورة.

الأدلة الصوتية قد تشير إلى أن الطلقة الأخيرة جاءت من القناصة. تم القضاء على «مطلق النار» برصاصة واحدة في الرأس، هناك احتمالات متعددة حول تسلسل الطلقات، تسجيل الانفجار الباليستي يحتاج إلى مزيد من الفحص لمعرفة ما إذا كان التحديد الأولي يصمد أمام التدقيق.

مطلق النار

إن المرشح الوحيد ليكون مطلق النار الفعلي هو «توماس ماثيو كروكس» البالغ من العمر عشرين عاما، وإذا كان هناك مطلق نار ثانٍ، فقد تمكن من الفرار ولم تتم ملاحقته -أو على الأقل لا نعرف أي جهود في هذا الاتجاه- ويتفق جهاز الخدمة السرية ومكتب التحقيقات الفيدرالي على أن مطلق النار كان واحدا فقط، بعد أن أعلنا ذلك قبل مراجعة الأدلة، بما في ذلك الأدلة البالستية، وإذا كنت تعتقد أن هذا يشبه كثيرا اغتيال «كينيدي»، فقد لا تكون بعيدا عن الصواب.

بالنسبة لي، كان من السابق لأوانه ومن غير الاحترافي الإدلاء بأي بيان ملموس حول مدى التهديد قبل إجراء أي تحقيق موثوق، ومن المؤسف أن سلطات إنفاذ القانون في كثير من الأحيان تصدر بيانات خاطئة أو غير كاملة، وإذا كان هناك مطلق نار ثانٍ، أو إذا كان هناك شركاء آخرون، فإنهم قد رحلوا منذ فترة طويلة، وهذا يعني أنه لا يزال من الممكن أن يكون هناك تهديد على سلامة «ترامب».

يُقال إن «كروكس» كان موظفا جيدا وموثوقا به، وقال زملاؤه الطلاب إنه كان منعزلا وكان يتعرض للتنمر في المدرسة كثيرا، من الصعب الحكم على ما إذا كان هذا يرقى إلى أي نوع من الدوافع، لكن الطلاب الساخطين الذين يتعرضون للتنمر غالبا ما ينقلبون على مدرستهم أو زملائهم الطلاب وليس على المرشحين الرئاسيين، يبدو الأمر مبالغا فيه إلى حد لا يمكن تصديقه.

لا يوجد سجل على وسائل التواصل الاجتماعي للشاب، وهو أمر غير معتاد، معظم القتلة الطموحين يريدون الدعاية للتعبير عن مظالمهم والحصول على تعاطف الجمهور، لا شك أن البعض يفهمون أنهم قد لا يبقون على قيد الحياة، لذا فإن المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك مقاطع الفيديو والبيانات، بمثابة وصايا أخيرة!

من المؤسف أن الشرطة كانت معروفة بإخفاء بعض الأمور، كما فعلت في «ناشفيل» بعد 27 مارس 2023، عندما وقع إطلاق نار جماعي في مدرسة كوفينانت. كانت مطلقة النار «أودري هيل» متحولة جنسيا، كانت خطة «أودري هيل» هي استهداف «الأشخاص البيض المتميزين» وقبل أن تطلق النار على نفسها.

لم يظهر حتى الآن أي أصدقاء حقيقيين لـ«كروكس»، على افتراض أنه كان لديه أصدقاء، يقول الطلاب السابقون الذين تحدثوا عنه إنهم لم يعرفوه حقا، وأنه كان منعزلا.

إننا نتساءل عما إذا كان «كروكس» شخصا ناضجا للاستغلال، فالشخص الذي لا يملك أصدقاء قد يكون عرضة للتلاعب وقد يشعر بالحماية، وهناك على الأقل افتراض ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن «كروكس» لم يكن يتوقع الموت عندما أطلق النار على «ترامب».

وقيل إن هناك قنابل أو عبوات ناسفة في شاحنته القديمة التي ركنها في الجانب الآخر من الملعب، مما يشير إلى أنه ربما كان يخطط لهروب «مذهل»، ورغم الإبلاغ عن الأجهزة المتفجرة في الشاحنة، إلا أنه لم تتم رؤيتها، وقد سحبت قوات إنفاذ القانون الشاحنة.

هناك إجماع عام على أن الأمن في تجمع «ترامب» كان ضعيفا، والحجة الرئيسية لذلك هي عدم وجود تغطية للمباني في خط رؤية المنصة التي وقف عليها ترامب، كان لدى مطلق النار رؤية واضحة لرأس «ترامب» عندما أطلق النار من وضعية الانبطاح، وهو ما يحسن الدقة من خلال جعل مطلق النار مستقرا.

في حدث عالي الأمان يتضمن جهاز الخدمة السرية، لا يكون جهاز الخدمة السرية مسؤولا فحسب، بل من المفترض أن يضع جميع قواعد الحماية الأساسية وينسق بين أجهزة إنفاذ القانون الأخرى التي تدعم الأحداث.

لنواجه الأمر، في بعض الأحيان يرتكب جهاز الخدمة السرية أخطاء فادحة. فمثلا، سمح بإطلاق النار على الرئيس «ريجان» في عام 1981 خارج فندق واشنطن هيلتون، مما كاد أن يؤدي إلى وفاته. وفي حادثتي مقتل «كينيدي» وزوجته، فشل في حماية الرئيس في موكب دالاس في عام 1963، وشقيقه الذي اغتيل في عام 1968.

«تشيتل» التي كانت مديرة الخدمة السرية، على الرغم من خبرتها ومؤهلاتها، تحمل المسؤولية عن هذه الأخطاء الفادحة، إن جهاز الخدمة السرية يحتاج إلى إصلاح جذري، بداية من التخلص من الفشل المتكرر الذي يضر بمهمته. يجب أن يكون قويا ومحترفا، وعملاؤه يجب أن يكونوا ملتزمين بالتضحية من أجل حماية الرئيس والمسؤولين الآخرين.

تحتاج الوكالة أيضا إلى تحسينات جوهرية في تدريب فرقها وفي تطوير قواعد جديدة للتعامل مع التهديدات المحتملة، بحيث لا تنتظر حدوث كوارث قبل التحرك.

ستيفن براين شغل منصب مدير موظفي اللجنة الفرعية للشرق الأدنى التابعة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، ونائب وكيل وزارة الدفاع للسياسة.

نقلا عن آسيا تايمز.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جهاز الخدمة السریة على الرغم من إطلاق النار مطلق النار ما إذا کان النار على کان هناک حتى الآن لا نعرف أن یکون أنه کان یبدو أن إلى أن فی عام

إقرأ أيضاً:

كيف يتلاعب نتنياهو بوقف إطلاق النار؟

غزة- «عُمان»- بهاء طباسي:

في أروقة السياسة الدولية، لا تكاد تتوقف المؤامرات التي تستهدف الفلسطينيين ووجودهم، وفي قلب هذه الترتيبات تبرز خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهجير سكان قطاع غزة. يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بالدمار والقتل والنزوح الذي فرضه على سكان القطاع منذ أشهر الحرب الأولى، بل يسعى اليوم لتحويل المأساة إلى واقع مفروض، عبر ترحيل الفلسطينيين إلى دول الجوار، أو دفعهم للهجرة القسرية.

لم تكن هذه الخطة جديدة، فلطالما حلمت إسرائيل بإفراغ القطاع من سكانه وتحقيق «الحل النهائي» لمشكلة غزة، لكنّ الفلسطينيين، برغم القصف والنزوح والمعاناة، يرفضون الاستسلام لهذا المخطط. وبينما تعقد الاجتماعات السرية وتُبرم الصفقات، يبقى الموقف الشعبي الفلسطيني راسخًا، كما يظهر جليًا في شهادات الناجين الذين تحدوا الموت ليثبتوا للعالم أنهم أصحاب الأرض.

في هذا التقرير، نستعرض الرفض الشعبي للخطة الأمريكية الإسرائيلية من خلال شهادات فلسطينية حية تعكس الإصرار على البقاء، كما نحلل آراء الخبراء السياسيين حول الصفقة التي تستهدف غزة، إضافةً إلى تسليط الضوء على المماطلة الإسرائيلية في إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع.

«نموت في بيوتنا ولا نُهجّر»

«لا نخرج من بيوتنا لو هدموا علينا بيوتنا، نموت في أرضا، أنا سوف أبقى هنا، فليأتِ ترامب ويهدمها عليّ، ولن أخرج».. هكذا استهلّت أم حسين المغربي، وهي امرأة فلسطينية سبعينية، حديثها الغاضب حين سألتها «عُمان» عن موقفها من خطة التهجير التي يروج لها الإعلام الإسرائيلي والأمريكي.

وتتابع بصوت يملؤه التحدي: «إلى أين آخذ أولادي وأخرج؟ أين نذهب؟ نحن أيضًا نرفض اللجوء. ترامب هذا لا يستحق الرد عليه، لا ترامب ولا غيره يستطيع أن يخرجنا من منازلنا. فليفعلوا ما في استطاعتهم، بعد الله لا يوجد أحد من البشر يقدر علينا».

تعكس كلماتها صورة الفلسطيني المتمسك بأرضه رغم كل المحاولات المستمرة لإجباره على المغادرة. تضيف بصوت يختلط بالألم والإصرار: «هذه أرضنا، أرض الرباط، لا أحد يقدر يطلعنا منها، سنعيش ونموت هنا. نكبة 48 لن تتكرر مرة أخرى، نحن صامدون في أرضنا، نحن لا رايحين ولا جايين».

«سنموت واقفين كالأشجار»

أما ياسر عاطف صافي، الذي عاش فصول النزوح والمعاناة خلال الحرب، فكان أكثر حدة في رفضه لأي محاولات تهجير قسري لسكان غزة: «بصفتي مواطنًا من قطاع غزة عشت حرب إبادة، حرب نزوح، نحن نقول لترامب الذي يريد شراء غزة: خرجنا من ثنايا الركام لنقول لك بأن خطتك، والتي تدعو لها، مرفوضة رفضًا قاطعًا، ولن نترك شبرا من هذه الأرض وسنبقى صامدين حتى ولو قتلونا. سنموت كالأشجار واقفين».

ويضيف بنبرة متحدية : «غزة مقبرة الغزاة، ومن قال إن غزة ستموت؟ غزة بصمودها ستصنع الموت لأمريكا وإسرائيل بإذن الله. صامدون حتى الرمق الأخير في قطاع غزة ولن نخرج».

ياسر الذي هُدم بيته بالكامل، ونزح أكثر من 15 مرة خلال الحرب، يعيد التأكيد على عزيمته: «هذا لم يثننا عن التمسك بأرضنا، نعمل بالآية القرآنية : (وبشر الصابرين). نضع الملح على الجرح، ونبقى كما نحن ولن نخرج، ونقول له بأن دعوته مرفوضة مرة أخرى».

استهداف الأونروا مقدمة للتهجير

سلطات الاحتلال حظرت عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في القدس الشرقية، يوم 30 يناير الماضي، بعد محاولات مستوطنين تعطيل عملها في مناطق الضفة الغربية عن طريق هجمات الحرق المتعمد والاحتجاجات على مدار السنوات الماضية.

وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، استهدف جيش الاحتلال مقرات الوكالة الأممية، حيث استشهد 223 من موظفيها وتم تدمير ثلثي مرافقها التعليمية والصحية.

يرى المحلل السياسي الفلسطيني إياد جودة أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مراكز الأونروا ليست محض صدفة، بل تأتي ضمن مخطط أوسع لضرب البنية التحتية لأي وجود فلسطيني مستدام في القطاع.

وقال جودة، في تصريح لـ«عُمان»: «الأونروا هي رمزية اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي فإن استهداف الجيش الإسرائيلي لهذه المراكز هو مقدمة لموضوع التهجير الذي يتحدث عنه ترامب هذه الأيام، وكأن القصف الإسرائيلي جاء متفقًا تمامًا مع تصريحات ترامب التي أطلقها بتهجير الفلسطينيين خارج غزة أو حتى بيع القطاع لدول مجاورة».

لكنه أوضح أن: «المخططات الأمريكية والإسرائيلية بتضييق الخناق على الفلسطينيين واستهداف الجهود الأممية الرامية لمساعدتهم؛ لإجبارهم على الهجرة القسرية، كلها تحطمت على صخرة صمود الشعب الفلسطيني، والناس قابلت هذه التصريحات بسخرية واستهزاء وكأنهم واثقون من أنفسهم، أنه لن تمر هذه الدعوات».

المماطلة الإسرائيلية وتأجيل المرحلة الثانية من الاتفاق

وكعادة الاحتلال، يتهرب دائمًا من تعهداته، ولا يتطلع إلا لرغباته في توسيع حدود إسرائيل عن طريق الاستيطان وتهجير الفلسطينيين، وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تردد الحكومة الإسرائيلية في المضي قدما في المرحلة الثانية من صفقة وقف إطلاق النار، والتي كان من المفترض أن تبدأ في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى.

وأكدت المصادر الإسرائيلية أن نتنياهو رفض مطلب حماس ربط إطلاق سراح الأسرى المتبقين بانتهاء الحرب، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد توافق بضغط أمريكي على استئناف المفاوضات، لكنها تشترط التمسك بأهداف الحرب والقضاء على حماس.

وأظهرت الاجتماعات الأخيرة للمجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي «الكابينت» انقسامات داخلية حول شروط المضي في المفاوضات، مع تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على ضرورة تفكيك حماس شرطا لأي اتفاق مستقبلي.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: أن الكابينت الإسرائيلي، تلقى اليوم ، تقريرا بشأن صفقة التبادل من فريق التفاوض العائد من الدوحة. وبينت أن الكابينت يجتمع غداً ، لاتخاذ قرارات بشأن الخطوات المقبلة المتعلقة بصفقة التبادل.

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال إن إسرائيل ستبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بما يشمل مبادلة الرهائن الإسرائيليين بمحتجزين فلسطينيين.

وتركز التوجهات جهود الوساطة الحالية على إطلاق سراح جندي إسرائيلي وأربعة جثث إسرائيليين تحتجزهم كتائب القسام، كما تحاول إسرائيل تمديد المرحلة الأولى من الصفقة، دون الدخول في مفاوضات جادة حول المرحلة الثانية.

ومطلع مارس الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يومًا، في حين تنصلت "إسرائيل" من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

نتنياهو يتلاعب بالصفقة

ولذلك، يحذر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني، يوسف تيسير، من خطورة تأجيل تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى: «تمر المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بمرحلة حساسة ودقيقة للغاية لا يمكن معها استبعاد الغدر الإسرائيلي والأميركي، في ظل وجود ترامب ونتنياهو، الذين يسعيان لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم».

ويوضح لـ«عُمان»: «نتنياهو يحاول إفساد الصفقة بأي ثمن، ويطمح لأي فرصة لوقف حتى تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق غزة، وسط ضغوط التيار الديني القومي في إسرائيل؛ لذا لا يمكن القول إلا أن الفصائل مطالبة بيقظة عالية لتفويت الفرص على الأقل حتى انتهاء هذه المرحلة».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، وسام عفيفة، أن «نتنياهو يتأرجح على حبل الصفقة، بين صمت تكتيكي وضغوط متعددة الاتجاهات». وقال، لـ«عُمان»: «‏المرحلة الثانية من الصفقة قيد البحث، لكن تمديد الأولى بات مطروحًا، في محاولة لانتزاع مزيد من التنازلات من حماس وهروب نتنياهو من استحقاق إنهاء الحرب».

‏وأوضح: «حماس لا تريد خرق الاتفاق، لكن هذا لم يرضِ شهية نتنياهو وترامب لإطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين دفعة واحدة».

وتابع: «في المشهد الإسرائيلي، الحسابات دقيقة: تحلوا بالهدوء حتى مرت الدفعة السادسة من صفقة تسليم الأسرى، وها هم يمارسون ضغطًا إضافيًا عبر الوسطاء قبيل الدفعة السابعة. ‏مناورة أخرى في سباق مع الزمن، حيث لا يريد نتنياهو هدم الجسور قبل استكمال الأوراق التي لا يزال يحاول ترتيبها على طاولة المفاوضات».

هل سينجح مخطط التهجير؟

في ظل هذا المشهد المتشابك، يبقى السؤال الأهم: «هل سينجح ترامب ونتنياهو في مخطط تهجير الفلسطينيين؟» الإجابة تبدو واضحة في كلمات الفلسطينيين الذين يرددون بصوت واحد: «نموت في بيوتنا ولا نُهجّر». الصمود الفلسطيني هو الحاجز الأخير أمام هذه المخططات، وإرادة الشعب ستظل هي الفيصل في مواجهة المؤامرات.

مقالات مشابهة

  • قتيلان في خروقات إسرائيلية جديدة لاتفاق وقف إطلاق النار بلبنان
  • كيف يتلاعب نتنياهو بوقف إطلاق النار؟
  • كنوز سوهاج.. أدلة علمية جديدة على تطور المقابر الملكية| ما القصة؟
  • ما شروط بوتين لوقف إطلاق النار في أوكرانيا؟
  • حماس توافق على الإفراج عن جندي يحمل الجنسية الأمريكية وويتكوف يقدم مقترحات جديدة
  • رسالة من بوتين إلى ترامب بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا
  • حماس توافق على الإفراج عن جندي يحمل الجنسية الأميركية وويتكوف يقدم مقترحات جديدة
  • هل بوتين مستعد لوقف إطلاق النار في أوكرانيا؟
  • أميركا.. كلب يطلق النار من مسدس ويصيب صاحبه
  • حماس: الحديث عن مقترحات جديدة يهدف للقفز على اتفاق غزة