يواجه الأطفال أحيانا صعوبة في التفريق بين مفهومي اللطف والتحرش، والحدود الفاصلة بينهما، مما قد يوقعهم في فخ "المتحرش".

فما دور الأهل بتعليم أطفالهم على التمييز بين التصرفات الدالة على اللطف، وتلك التي تمهد للتحرش. وكذلك ما دور المدرسة، وبخاصة المرشد التربوي في تدريب الطفل على كيفية مواجهة المتحرش، وعدم الانصياع له؟ وكيفية معالجة الأمر في حدوثه بين أطفال المدرسة؟

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نصائح ذهبية للأبوين لتحصين أطفالهم من التنمرlist 2 of 2حتى لا يقع ضحية "المشاركة المفرطة".

. 10 نصائح لحماية طفلك قبل نشر صوره على الإنترنتend of list

التقت الجزيرة نت عددا من الخبراء، للحديث عن التحرش، هذا الموضوع الشائك والمهم، سواء خلال وُجود الطفل في المدرسة أو النادي أو المخيم الصيفي، وحتى في المنزل.

نور سكجها: استخدام الدمى من أهم الأساليب لتدريب الطفل على مواجهة التحرش (الجزيرة) شعور الطفل أولا!

البداية كانت مع نور سكجها صاحبة مبادرة "فتحولي عيوني" في الأردن، تقول "المفاهيم أحيانا قد لا تكون واضحة كثيرا، فاللطف لطف، والتحرش هو كل ما يحصل بين طفل وشخص أكبر من عمر 18 عاما يعتبر إساءة جنسية وليس تحرشا. وأشعر بأن كلمة تحرش تقلل من الأثر على الطفل إذا حصل له إساءة جنسية".

وتبين أن التحرش يمكن أن يكون عن طريق اللمس الخطأ، أو تحريضه على لمس أجزاء من جسم شخص كبير. وهذه لا أسميها تحرشا، بل إساءة جنسية للطفل. كما أن التحرش قد يكون بين اثنين من العمر نفسه، لكنها مع الطفل تعتبر إساءة جنسية على اختلاف شكلها وشدتها أيضا. سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة فهي إساءة.

تقول سكجها "هنا يجب أن نتحدث عن مفهوم اللطف، وليس من السهل على الطفل أن يجرده من أي شيء، يعني اللطف يأتي معه احترام، يأتي معه كل ما يدل على وجود خير في المكان، ووجود شيء إيجابي.

ومن خبرتي، الشيء الوحيد الذي اعتمد عليه في هذا الأمر هو: كيف يفرق الطفل بين اللطف والإساءة الجنسية، إن هذا الشخص لطيف معي، أم هو يقوم معي بتصرفات تعبر عن غايات غير صحيحة هذا الشيء يستطيع الطفل أن يحدده عن طريق الشعور الذي يأتي مع هذا التصرف".

التواصل الصريح مع الأم والأب

ولمواجهة التحرش علينا تدريب الطفل وفق مستويات تتناسب مع عمره، تقول سكجها: نحن خط الدفاع الأول للطفل، وتدريبه على التواصل الصريح مع الأم والأب، ولكن من المهم التحدث للطفل عن جسمه، وتعريفه بأجزاء جسمه الخاصة، ومعرفة الحدود الشخصية، من المهم تعليمه عن أهمية الإبلاغ، يجب أن يعرف بأنه يستطيع إخبار والديه بما يحصل معه.

وهذا الأمر لا يحصل إلا بعد تدريب وتكرار متواصل، ويمكن لعب دور تمثيلي بهذا الموضوع، أي بأنه إذا شعرت بأن أحد الأشخاص يحاول الاقتراب منك، يجب عليك أن تدفعه، وترفع يدك وتقول لا.  فقول "لا" واحدة من أهم أساليب التدريب بهذا الموضوع.

وتنوه سكجها "معظم الإساءات الجنسية على الأطفال تحصل من أشخاص على معرفة بهم بنسبة من 8-10 أشخاص، فالشيء لا يحدث بشكل مفاجئ، بل بصورة تدريجية، وغالبا ما يختبر المسيء الطفل والأهل أيضا، فواجب الأهل توفير بيئة آمنة والتأكد من الأشخاص المحيطين بهم".

البلشة: يجب تعليم للطفل عند الجلوس بجانب الآخرين ترك مسافة مادية بينه وبينهم (الجزيرة) تعليم الطفل معنى المساحة الشخصية

يقول مستشار التربية الخاصة والتوحد، الدكتور أيمن البلشة، إنه في مرحلة الطفولة المبكرة يكون الطفل بحاجة إلى إشباع الرغبات الانفعالية والشعور بالاهتمام والحب من قبل الآخرين، ويعتبر الاحتضان أو ضم الطفل شكلا من أشكال التقرب إليه لإظهار مشاعر الحب والود له، ومع تطور الطفل يتعلم من خلال الوالدين كيف يطور علاقاته العاطفية والجسدية مع الآخرين، وكيف يعبر عنها للآخرين بطريقة مناسبة تتوافق والمرحلة العمرية التي يمر بها.

وبناء عليه يتوجب على الأسرة أن تقوم بتغيير وتطوير طرق التعامل مع الطفل والتعبير عن محبتها له بطرق مناسبة ليس فقط للأسرة ولكن لأفراد المجتمع بشكل عام، حيث تقوم الأسرة بتعليم الطفل كيفية التعبير عن انفعالاته ومشاعره بطريقة آمنة تضمن من خلالها حمايته والمحافظة على المساحة الشخصية له أثناء التعامل مع الآخرين بما يوفر له استقرارا وأمانا ماديا ومعنويا، وبما يضمن المحافظة على جسده وعدم المساس به بطريقة غير مناسبة من الآخرين.

على الأسرة تعليم الطفل التعبير عن مشاعره بطريقة آمنة تضمن حمايته والمحافظة على المساحة الشخصية (بيكسلز)

قواعد تعامل الطفل مع الآخرين

ويدعو الدكتور البلشة الأسرة لوضع بعض القواعد والشروط للتعامل مع الآخرين، وخاصة في إظهار مشاعر الود والمحبة بحيث لا يتم تكرار الالتصاق الجسدي بالآخرين، إلا لأفراد أسرته كالأم والأب والإخوة، ويتم تدريبه على طرق أخرى للتعامل بها مع الآخرين مثل السلام باليد فقط، والجلوس بجانب الآخرين مع ترك مسافة مادية بينه وبين الآخرين، والمحافظة على المساحة الشخصية وعدم التقرب من الآخرين جسديا.

وفي المقابل، يقول الدكتور أيمن البلشة على الأسرة أن تمنح الطفل فرص التعبير عن انفعالاته ومشاعره تجاه الآخرين بطرق أكثر قبولا مثل السلام باليد والابتسامة، ويمكن مع بعض الأفراد إعطاء حضن بسيط من الجزء العلوي من الجسم، دون الحاجة إلى الالتصاق بالآخر أو قضاء وقت أطول في عملية الاحتضان، وبهذه الطريقة يمكن للأسرة أن تساعد طفلها على التمييز بشكل مناسب بين اللطف والتحرش، حيث إن التنبيه من قبل الأسرة لطفلهم بأن الاعتداء على المساحة الشخصية أو الاحتضان بطريقة قوية أو لمس بعض الأجزاء الحساسة من الجسم يمكن اعتباره طرقا غير مناسبة وغير مقبولة، حيث يتم اعتباره تحرشا، وبالتالي يزيد لدى الطفل الوعي والقدرة على التمييز بين اللطف والتحرش.

الحدق: تعريف الطفل بأماكن الجسد غير المسموح فيها الاقتراب بعرض فيديو توعوي أو من خلال اللعب (الجزيرة) تعليم الطفل دائرة الحدود

وترى جنى زهير الحدق، مرشدة نفسية وتربوية، أن لدور الأهل أهمية كبيرة في توعية الأطفال حول التمييز بين اللطف والتحرش وكيفية مواجهته. وبمجرد تعليم الطفل دائرة الحدود وكيفية التعامل مع شرائح المجتمع وبعض الطرق الوقائية والتوعوية عن طريق تعريفه أماكن الجسد المسموح لمسها والأماكن غير المسموح فيها الاقتراب، وأيضا عن طريق عرض فيديو توعوي، أو من خلال اللعب.

وكمرشدة تربوية، ترى أنه من المهم خلال الحصة المدرسية، أو حتى الأندية الصيفية للأطفال، توضيح الكلام والأفعال المسموحة والأمور التي يجب عدم الاقتراب منها والإبلاغ بها، حيث بات موضوع التحرش الجنسي من أكثر المواضيع التي تؤرق أولياء الأمور في سن الطفولة وخاصة المدارس التي يوجد فيها جميع الصفوف الدراسية، فهذا قد يعمل على الاختلاط بين الطلبة الصغار والكبار سواء بالفرصة أو عند مغادرة المدرسة، من هنا يجب على المرشد التربوي توعية الطلاب بذلك خاصة الصغار.

يجب تدريب الطفل على المحافظة على المساحة الشخصية وعدم التقرب من الآخرين جسديا (شترستوك) توعية الطفل بمسافة الأمان

كما على المرشد التربوي التنسيق مع ولي الأمر حتى يكون لدى الطفل وعي بأنه إذا واجهته هذه المشكلة يلجأ للمرشد التربوي.

وتلفت الحدق إلى أهمية توعية الطالب بمسافة الأمان بينه وبين الأطفال الآخرين، فبعض الطلاب المتحرشين قد يقبل الطفل الآخر، أو يلمس بعض أعضاء جسمه، ويخبره أن هذا من باب المزاح!

وهنا على المرشد وولي الأمر تدريب الطفل حول كيفية مواجهة هذه المشكلة وعدم الانصياع للمتحرش، وعدم الخوف من تهديده، وتوعية الطفل بأن جسده ملكه ولا يستطيع أي أحد لمسه، وأيضا تدريب الطفل حتى يتحدث عن هذه المشكلة إذا حصلت معه، سواء للمرشد التربوي، والذي بدوره يتحدث مع ولي الأمر بسرية تامة حتى لا يصبح الطفل موضوع سخرية واستهزاء من قبل الطلاب، وأيضا تدريبه على مصارحة الوالدين بما يحدث معه.

القرعان: التركيز بشكل مبالغ فيه على التوعية المباشرة قد يفتح عين الطفل على أشياء قد لا يتعرض لها (الجزيرة) عدم التركيز على التوعية المباشرة

وترى ميساء القرعان، باحثة اجتماعية ونفسية، أن التركيز على التحرش والتنبيه المتكرر والمباشر خطأ يرتكبه المربون بدون تعمد، مما يجعل الطفل يلتفت لهذه الأمور أو يفقده الثقة بكل من حوله، ونحن نرغب في تنشئة جيل متزن ومنفتح.

وتنصح القرعان بتقديم بعض النصائح للطفل بجرعة مخففة ودون تركيز مباشر، مثل:

لا تمشي مع أي شخص غريب لا تعرفه لسبب لا تعرفه. لا تسمح لأحد بأن يلمسك في أماكن محددة، وإن حصل معك شيء من هذا أخبرني.

وتعتقد أن هذا الموضوع يحتاج الرقابة غير المباشرة على انفعالات الطفل وتصرفاته، فالأم والأب بإمكانهما معرفة إذا ما كان الطفل يتعرض لأي تحرش بقليل من الانتباه لسلوكه، ويبقى الأكثر أهمية هو كيفية التعامل مع الحالة ومعالجة أي أثر جانبي قد يترتب عليها.

وتضيف "ما أرغب في التأكيد عليه هو الاهتمام بمن يكون مع الطفل، وكيف يكون، وما هي الأماكن التي قد تعرضه للتحرش، والانتباه لردود فعله، أو أي تغير قد يطرأ على سلوكه وانفعالاته".

وتدعو القرعان إلى عدم التركيز بشكل مبالغ فيه على التوعية المباشرة، لأن ذلك قد يفتح عين الطفل على أشياء قد لا يتعرض لها أصلا، مما قد يفقده الثقة بمن حوله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هذا الموضوع تدریب الطفل تعلیم الطفل التمییز بین مع الآخرین التعامل مع الطفل على عن طریق من خلال

إقرأ أيضاً:

جمارك الهواتف الشخصية بداية لردع التهريب أم عبء جديد على المواطن؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في خطوة مفاجئة أثارت العديد من التساؤلات، قررت الحكومة تطبيق فرض رسوم جمركية على الهواتف المحمولة الشخصية الواردة من الخارج. 
رغم أن هذا القرار يبدو للوهلة الأولى كإجراء عادي للحد من ظاهرة تهريب الهواتف، فإنه يثير العديد من النقاط التي تستحق التفكير حول فاعليته ومدى تأثيره على المواطن والاقتصاد المصري بشكل عام.
من المعروف أن الرسوم الجمركية المفروضة على الهواتف المحمولة ثابتة منذ سنوات دون أي تعديلات، وهو ما يعني أن هذا القرار لا يتضمن أي زيادة جديدة في الرسوم، ولكن التحدي الأكبر كان يكمن في الانتشار الواسع لظاهرة تهريب الهواتف المحمولة. 
وأشارت أرقام وزارة المالية إلى أن 95% من الهواتف التي تدخل إلى مصر مهربة، وهو ما يعني أن 95% من الواردات لا تدفع الرسوم الجمركية المقررة، وهذا الواقع يهدد الاقتصاد المصري بشكل كبير ويؤثر على إيرادات الخزانة العامة.
لكن هل يكفي مجرد فرض هذه الرسوم الجمركية على المستخدم القادم من الخارج بهاتف جديد لمكافحة هذه الظاهرة؟ الحقيقة أن المشكلة لا تكمن فقط في فرض رسوم على الهواتف المحمولة، بل في التنظيم والرقابة الفعالة على عملية دخول هذه الهواتف إلى السوق.
ومن هنا، ابتكرت الحكومة تطبيقًا إلكترونيًا "تليفوني" يتيح للقادمين من الخارج تسجيل هواتفهم بمجرد دخولهم إلى البلاد، بما يمكنهم من دفع الرسوم الجمركية عبر الهاتف دون أي تعقيدات.
هذه الخطوة تبدو في ظاهرها منطقية، لكنها تثير العديد من التساؤلات حول مدى فعالية هذه الإجراءات في الحد من التهريب على أرض الواقع، فعلى الرغم من أن الوزارة تسعى لتطوير نظام يتيح للمواطنين تسجيل هواتفهم بسهولة، فإن التحايل على مثل هذه الأنظمة قد يكون سهلًا، خاصة في ظل ضعف الرقابة على المنافذ.
فضلاً عن أن تطبيق النظام الإلكتروني يفتح المجال أيضًا لتساؤلات هامة: هل سيتحمل المواطن العبء المالي المترتب على دفع هذه الرسوم في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية؟
وكيف سيحاسب المهرب الذى قام بإدخال الأجهزة للبلاد ثم قام ببيعها لأشخاص أخرين؟
ولا يعني هذا أننا نهاجم القرار أو نقلل من جهود الدولة فلا شك أن تهريب الهواتف المحمولة يؤثر بشكل كبير على السوق المصرية. لكن يبقى السؤال الأهم: هل النظام الجديد سيؤدي فعلاً إلى ضبط السوق وحماية المستهلك؟ أم أن هناك حاجة إلى حلول أكثر شمولًا تتضمن فرض رقابة صارمة على المنافذ الجمركية، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية لمكافحة التهريب؟
وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتقنين عملية واردات الهواتف الشخصية، لا يمكن تجاهل تداعيات هذا القرار على المواطن، إذا كان 95% من الهواتف المهربة تشكل حلاً لشريحة كبيرة من الشعب، فإن فرض رسوم على الهواتف الشخصية قد يُثقل كاهل المواطن ويزيد من تكلفة الحياة اليومية، وهو ما يتطلب دراسة دقيقة للأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذا القرار.
في النهاية، يبقى هذا القرار خطوة نحو التنظيم وحماية السوق من التلاعب بالرسوم الجمركية، لكنه يتطلب المزيد من المراجعة لضمان تحقيق التوازن بين حماية الاقتصاد الوطني وتخفيف الأعباء على المواطن.

مقالات مشابهة

  • جمارك الهواتف الشخصية بداية لردع التهريب أم عبء جديد على المواطن؟
  • طفلك يتعرض للتنمر ويخفي عليك.. علامات هامة لأولياء الأمور
  • تسونامي آتشيه والمحيط الهندي.. ما الذي حصل؟ وكيف تغير الحال هناك؟
  • برج العذراء حظك اليوم السبت 28 ديسمبر 2024.. حافظ على مسافة مع الآخرين
  • العالم يحتفل بعيد الميلاد ليلة الـ24 من ديسمبر.. هل تعلم أن المسيح لم ير النور في ذلك التاريخ؟
  • اللعب الجماعي للأطفال.. رحلة لبناء جيل واثق تعرف إلى فوائده؟
  • «لا يحبون المجاملة».. مواليد 4 أبراج فلكية يفضلون الصراحة في التعامل مع الآخرين
  • 3 متهمين يستأنفون على حكم سجنهم في التحرش بفتيات واستعراض القوة بمدينة نصر
  • عاجل | لافروف: لن نسمح بانقسام سوريا وعلى إسرائيل ألا تضمن أمنها على حساب أمن الآخرين
  • إعلام إسرائيلي: قيادة المنطقة الجنوبية لم تكن تعلم بخطط حماس قبل 7 أكتوبر