لجريدة عمان:
2024-09-06@01:35:43 GMT

جُمُعة الشاشات الزرقاء!

تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT

أكتب هذا المقال وأنا غير مصدق أنني استطعتُ أن أفتح شاشة «ويندوز» في جهازي بسهولة بعد الذي حدث أمس الأول، فقد توقعتُ أن تظهر لي زرقاء أسوةً بآلاف (وربما ملايين) الشاشات غيرها يوم الجُمعة على مدار الكرة الأرضية، في يوم يمكن وصفه بأنه يوم الشاشات الزرقاء، فما حدث ليس بالهين، فقد وُصِفَ بأنه «أكبر انقطاع في التاريخ» لأجهزة الحاسوب على شبكة الإنترنت، وأُلغِيَتْ بسببه خمسة آلاف رحلة جوية حول العالم، والرحلات التي لم تُلغَ اضطرت شركات الطيران لإنهاء إجراءات السفر الخاصة بها يدويًّا (كما حصل لرحلة الطيران العُماني إلى دلهي على سبيل المثال)، وأُغلِقتْ أقسام الطوارئ في مستشفيات نيذرلاندا، وتأجلت العمليات الجراحية فيها، وتعثر العمل في بورصة لندن، واختلت أنظمة الدفع في المتاجر الأسترالية، وتوقفت قناة سكاي نيوز البريطانية عن البث، وهذه أمثلة فقط وليست كل ما حصل في جمعة الشاشات الزرقاء بسبب عطل تقني أدى إلى انقطاع خدمات شركة «مايكروسوفت» في أنحاء متفرقة من العالم.

ويبدو أن التقنية -التي سبق أن حذرتُ منها في مقال سابق- مصرة على أن تبعث لنا بين الفينة والأخرى رسالتها البغيضة: لا تأمنوا الآلات، لا شيء يعوض عقولكم وقلوبكم.

وأصل الحكاية هو أن شركة كراود سترايك الأمريكية للأمن السيبراني، التي تعني الترجمة الحرفية لاسمها: «ضربة الحشد» أو «ضربة الجموع»، ضَرَبها عطل فنيّ نجم عن «تحديث فيه خلل» أجرته الشركة لأحد برامجها المعلوماتية، على حد تعبير وسائل الإعلام، ولأن شركة مايكروسوفت هي واحدة من عدة شركات كبيرة تتعاون مع كراود سترايك لحماية أنظمتها وخدماتها من أي هجمات إلكترونية، فقد تأثر نظام «ويندوز» فيها بهذا التحديث، مما تسبب في ظهور شاشة زرقاء، وإعادة تشغيل الأجهزة بشكل مستمر، ويبدو أن ذلك تسبب في عطل ضرب أجهزة الحاسوب في مناطق مختلفة من العالم.

وهكذا فإن كراود سترايك صارت الطبيب الذي يداوي الناس وهو عليل كما يقول الشاعر، وما أكثر المرضى الذين وثقوا بهذا الطبيب واعتمدوا عليه في حمايتهم من مرض الهجمات السيبرانية، فقد بلغ عددهم أربعة وعشرين ألف مريض/ مشترك حسب تقرير أرباح كراود سترايك الأخير، لذا؛ فإنه عندما تعطلت خوادمها وجد هؤلاء المشتركون أنفسهم بدون دفاعات كافية، وتعطلت خدماتهم، وتأثرت عملياتهم اليومية، وفقدوا الوصول إلى البيانات المهمة التي تتضمن تحليلات حول التهديدات المحدقة بهم. ومن نافل القول: إن هذا أدى إلى خسائر مالية كبيرة للشركات المعتمدة على كراود سترايك نتيجة للاضطرابات التشغيلية. باختصار، أدى عطلٌ صغير في تحديث الشركة لنظامها الأمني إلى تأثر البنية الأساسية الحيوية في قطاعات مهمة مثل الطاقة، والنقل، والصحة، في دول كثيرة من العالم!

ليست هذه المرة الأولى التي تتعطل فيها خدمة تابعة لمايكروسوفت، فقد حدث عطل فني مماثل في 25 يناير من العام الماضي (2023) تسبب في توقف منصتها السحابية «أزور» عن العمل، بالإضافة إلى تعطل خدمات أخرى مثل «تيمز» و«أوت لوك»، وهو ما أثر سلبا على ملايين المستخدمين حول العالم. كما أن الأعطال الفنية الناجمة عن التقنية بشكل عام مستمرة، وبانتظام إن جاز التعبير، ونذكر منها على سبيل المثال انقطاع خدمة وحدة الحوسبة السحابية التابعة لخدمة أمازون ويب في ديسمبر من عام 2021، ما أثّر على اتصال العديد من مواقع الويب الشهيرة على الإنترنت مثل فيسبوك وإنستجرام ونتفلكس، ونذكر أيضا تعطّل سحابة جوجل كلاود فجأة في يوليو من 2018 وتسببها في تعطّل «جوجل كلاود» و«سناب شات» و«سبوتيفاي»، وغيرها من المواقع.

لا نُنكِر طبعًا أن للتقنية فضلًا كبيرًا على حياتنا، ومزايا هائلة، فهي تُحسِّن الكفاءة، وتسرِّع العمليات، وتوفّر الراحة. ومع ذلك فإنه مع تزايد الاعتماد عليها من جهة، وتزايد أعطالها من جهة أخرى، يبرز سؤال مهم عن مدى خطورة الاعتماد المبالغ فيه عليها، وكيف يمكن أن يؤثر أي خلل تقني على حياتنا؛ أفرادًا أو مؤسسات. ويحضرني هنا تحذيرٌ ليوفال نوح هراري، في كتابه «الإنسان الإله: تاريخ وجيز للمستقبل» الذي ترجمه إلى العربية المترجمان العُمانيان حمد الغيثي وصالح الفلاحي، يرى فيه أن التكنولوجيا تحمل وعودًا عظيمة لكنها تحمل أيضًا مخاطر هائلة، يمكن أن تغير حياتنا بطرق غير متوقعة.

الحل الوحيد من وجهة نظري لتلافي أعطال التقنية، أو التقليل من أخطارها على الأقل، هو اعتمادنا على أنفسنا؛ أي أن تكون لنا شركات الأمن السيبراني الخاصة بنا، وما حكّ جلدك مثل ظفرك. وأجزم أن هذا السبب هو ما حمى الصين وروسيا من هذه الأعطال التي عمّت العالم يوم الجمعة، فلم تتأثر الرحلات في مطاراتهما، ولم يكن هناك أي تعطل في شركات الطيران والبنوك فيهما، والسبب أنهما لا تعتمدان على خدمات كراود سترايك ولا أي من الشركات الغربية الأخرى فيما يخص الأمن السيبراني، وإنما تعتمدان على شركاتهما المحلية. ويكفي أن أستعرض هنا تصريحَيْن صدرا من بكين وموسكو تعليقًا على واقعة كراود سترايك؛ الأول من صحيفة «ساوث تشاينا مورننج بوست» الصينية التي قالت: إن «حملة الاكتفاء الذاتي التكنولوجي في الصين تؤتي ثمارها»، والثاني من وزارة التنمية الرقمية الروسية، التي أكدت بدورها، أن الوضع مع مايكروسوفت «يُظهر مرة أخرى أهمية استبدال البرامج الأجنبية المستوردة». لا يعني هذا بالضرورة أن هذين البلدين بمنأى عن أي أعطال تكنولوجية اليوم أو غدًا، غير أنها أعطال -في حال حدوثها- لن تجعل ظهريهما مكشوفين للعالم أجمع، كما حدث معنا جميعًا في جُمُعة الشاشات الزرقاء.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کراود سترایک

إقرأ أيضاً:

شركات طيران تمدد تعليق رحلاتها للاردن والمنطقة

#سواليف

دفع الخوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، خاصة مع #استمرار #حرب_الإبادة_الإسرائيلية على #قطاع_غزة، #شركات_طيران عالمية إلى تمديد تعليق رحلاتها إلى دول المنطقة ومن بينها الأردن أو تجنب بعض المجالات الجوية.

وفيما يلي بعض شركات الطيران التي أدخلت تعديلات على خدماتها من المنطقة وإليها:

الخطوط الفرنسية والهولندية

مقالات ذات صلة فايننشال تايمز: محادثات القاهرة وواشنطن تناولت آلية مراقبة حدود غزة ومصر 2024/09/04

ألغت الخطوط الجوية الملكية الهولندية “كيه إل إم” رحلاتها من وإلى تل أبيب حتى 26 أكتوبر/تشرين الأول.

وألغت الخطوط الجوية الفرنسية “إير فرانس” جميع رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت يومي 25 و26 أغسطس/آب، واستأنفت الشركة الخدمة في 27 أغسطس/آب، بحسب المعلومات عن الرحلات على موقعها الإلكتروني.

وألغت وحدة ترانسافيا للطيران منخفض التكلفة التابعة للمجموعة الفرنسية الهولندية الرحلات من وإلى تل أبيب حتى 31 مارس/آذار 2025، والرحلات الجوية إلى عمّان وبيروت حتى الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني.

دلتا للطيران

أوقفت الشركة الأميركية “دلتا إيرلاينز” الرحلات الجوية بين نيويورك وتل أبيب حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول.

الخطوط الجوية الجزائرية

علقت الشركة رحلاتها من وإلى لبنان حتى إشعار آخر.

مجموعة لوفتهانزا

مددت مجموعة الخطوط الجوية الألمانية، التي تضم أيضا الخطوط الجوية السويسرية والخطوط الجوية النمساوية وخطوط بروكسل الجوية وكوندور ويورو وينجز، تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وطهران حتى الرابع من سبتمبر/أيلول، وعلقت الرحلات إلى بيروت حتى 30 من الشهر نفسه.

واستأنفت رحلاتها إلى عمّان وأربيل من 27 أغسطس/آب.

وستستأنف لوفتهانزا رحلاتها إلى تل أبيب اعتبارا من الخامس من سبتمبر/أيلول، بينما ستظل الرحلات إلى بيروت معلقة حتى نهاية يوم 30 سبتمبر/أيلول.

وقالت الخطوط الجوية السويسرية على نحو منفصل إنها علقت رحلاتها إلى بيروت حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول.

إيزي جت

قال متحدث باسم الشركة البريطانية للطيران منخفض التكلفة إنها أوقفت رحلاتها من وإلى تل أبيب في أبريل/نيسان، وستستأنفها في 30 مارس/آذار 2025.

طيران الهند

علقت شركة الطيران الهندية “إير إنديا”رحلاتها من وإلى تل أبيب حتى إشعار آخر.

كاثي باسيفيك

ألغت الشركة، التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا، جميع رحلاتها إلى تل أبيب حتى 27 مارس آذار 2025.

إير بالتيك

ألغت الشركة المملوكة لحكومة لاتفيا رحلاتها الجوية من وإلى تل أبيب حتى 15 سبتمبر/أيلول، وذلك بحسب الرحلات المتاحة على موقعها الإلكتروني.

آي إيه جي

ألغت شركة فويلينغ الإسبانية للطيران منخفض التكلفة جميع رحلاتها إلى تل أبيب وعمّان حتى 26 أكتوبر/تشرين الأول، و”آي إيه جي” هي الشركة الأم لفويلينغ.

إيتا للطيران

مددت الشركة الإيطالية تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب حتى نهاية يوم الرابع من سبتمبر/أيلول.

لوت

علقت شركة الطيران البولندية رحلاتها إلى تل أبيب حتى الرابع من سبتمبر/أيلول وإلى بيروت حتى الثاني من الشهر نفسه.

رايان إير

ألغت رايان إير، أكبر شركة للطيران منخفض التكلفة في أوروبا، رحلاتها من وإلى تل أبيب حتى 30 سبتمبر/أيلول بسبب “قيود تشغيلية”.

صن إكسبرس

قالت شركة صن إكسبرس، وهي مشروع مشترك بين الخطوط التركية ولوفتهانزا، إنها علقت رحلاتها إلى بيروت حتى 17 ديسمبر/كانون الأول.

يونايتد إيرلاينز

علقت شركة الطيران يونايتد إيرلاينز، التي تتخذ من شيكاغو مقرا لها، رحلاتها إلى تل أبيب في المستقبل المنظور لأسباب أمنية.

** تنبيهات بالمجال الجوي اللبناني

نصحت بريطانيا شركات الطيران في المملكة المتحدة بعدم دخول المجال الجوي اللبناني اعتبارا من الثامن من أغسطس/آب حتى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، مشيرة إلى “خطر محتمل على الطيران من نشاط عسكري”.

مقالات مشابهة

  • غرفة شركات السياحة تكشف عن التكلفة المتوقعة لرحلة العمرة هذا الموسم
  • 7 شركات جديدة تنضم إلى تعهد المسؤولية المناخية
  • شركات طيران تمدد تعليق رحلاتها للاردن والمنطقة
  • مخاطر إضاءة الهواتف على رؤية الطفل بسن مبكرة.. منها الصداع وجفاف العين
  • قصة الوادي الصغير (8)
  • رويترز: صندوق الثروة النرويجي قد يسحب استثماراته من شركات تدعم إسرائيل
  • أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم قد يسحب استثماراته من شركات تساعد إسرائيل في حرب غزة
  • رويترز: صندوق الثروة النرويجي قد يسحب استثماراته من شركات تساعد إسرائيل في حرب غزة
  • إنهاء أعمال الجسر الرئيسي من تقاطع المسلخ
  • منشآت: شركات التقنية المالية تسد الفجوة التمويلية للمنشآت عبر 10 مسارات