بوابة الوفد:
2024-09-06@01:35:42 GMT

«مَن أنا؟»

تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT

تعنى إدارة الذات الاتجاهات والتصرفات التى تساعد على العيش فى الحياة بالطريقة التى يفضلها الفرد، وهى القدرة على إشباع حاجة النفس الأساسية لدى الإنسان لتحقيق التوازن فى الحياة بين الواجبات والرغبات والأهداف.

وتتضمن إدارة الذات مجموعة منظمة من المهارات فى الجوانب الشخصية والاجتماعية والانفعالية التى تؤثر على قدرة الفرد فى معالجة المطالب والضغوط البيئية، وهى عامل مهم لتحديد قدرة الفرد على النجاح فى الحياة.

وتقوم إدارة الذات، بهذا المفهوم، على مجموعة من الآليات، وهى: وجود رسالة مجتمعية واضحة للحياة الشخصية، والالتزام بوضع الأهداف الذاتية وتحديدها، والتحلى بحسن الخلق فى كافة التعاملات، والاتزان والنضج العاطفى والانفعالى للفرد، والتواضع فى التعامل مع الآخرين، والحرص على الظهور كقدوة حسنة فى مواقف الحياة اليومية، وأن يعمل الفرد على تقديم الحلول لمختلف المشكلات، والاعتراف بالخطأ والعمل على تصحيحه.

وفى ظل ما شهدته مواقع التواصل الاجتماعى خلال السنوات الأخيرة من نمو وانتشار، إذ تجاوز عدد مستخدميها على مستوى العالم فى ضوء ما أشار إليه تقرير الاتحاد الدولى للاتصالات التابع للأمم المتحدة؛ تجاوز ٤,٩ مليار مستخدما حتى نهاية عام ٢٠٢١، وقد اقترن هذا النمو والانتشار بظهور المشاهير عبر هذه المواقع، وتعاظم أدوارهم، إذ أصبحوا يمثلون طرفا ثالثا مستقلًا يقوم بتشكيل أسلوب استخدام الجماهير لقنوات الاتصال التى تقدمها مواقع التواصل الاجتماعى، وقد يتمتع هؤلاء المشاهير بخصائص قائد الرأى وأسلوبه فى التأثير على الجماهير.

والمشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعى هم نجوم السينما، والمطربون، وعارضو الأزياء، والشخصيات العامة والتليفزيونية التى لها وجود قوى ومستمر عبر الإنترنت وتتمتع بمجموعات كبيرة من المتابعين عبر الشبكات الاجتماعية، وفى ظل هذا الوجود المستمر للمشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ تصبح هذه المواقع إحدى الأدوات الأساسية التى تعكس كيفية توجيه المشاهير لمشاعرهم وأفكارهم وإمكاناتهم نحو الأهداف التى يسعون إلى تحقيقها؛ ومن ثم تعكس كيفية إدارة هؤلاء المشاهير لذواتهم، بما ينعكس بوضوح على نظرة الفرد لنفسه وتقديره لذاته مقارنة بمن يشاهدهم من مشاهير عبر هذه المواقع.

ومن ثم فإن تقدير الذات لدى أفراد الجمهور المصرى، والذى يعبر عن نظرة الفرد الإيجابية لنفسه، قد يتأثر نتيجة التعرض لصفحات المشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعى بما تتضمنه من أساليب توظيف هؤلاء المشاهير لآليات إدارة الذات.

وبذلك تتضح، وبشدة، أهمية التربية الرقمية لوسائل الإعلام، والتى يتم من خلالها تعزيز القدرة الانتقائية لمضامين وسائل الإعلام الرقمى، بوجه عام، ومواقع التواصل الاجتماعى، بوجه خاص، فضلا عن العمل على تنمية الوعى بما يتم التعرض له عبر شبكة الإنترنت، وتعزيز القدرة على فهم الرسائل المقدمة عبر هذه الوسائل والحكم على مدى تمثيلها للواقع، ومن ثم القدرة على مناقشة هذه الرسائل وتقديم تقييم واضح لها، يتوقف عليه مدى تأثير هذه الرسائل على الميل السلوكى للجمهور.

وفى النهاية، أيا كان ما تتعرض له من مضامين عبر وسائل الإعلام فليكن السؤال: «من أنا؟» دائما نصب عينيك حتى لا تتحول تدريجياً إلى مسخ مشوه الملامح.

أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب – جامعة المنصورة

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د أحمد عثمان م ن أنا جامعة المنصورة تحقيق التوازن مواقع التواصل الاجتماعى إدارة الذات

إقرأ أيضاً:

كيف يفكر نتنياهو؟

هل نتنياهو على حق أم على باطل؟ السؤال ممكن يكون غريبًا، حيث إنه على مستوانا نحن كعرب يمكن أن نبصم بأصابعنا العشرة أنه على باطل، لكن آخرين، خاصة على الجانب الإسرائيلى، قد لا يرونه كذلك، بمعنى آخر أن الأمر نسبى ويتوقف على زاوية النظر إلى مواقفه وسياساته.

المنطق يقول إن نتنياهو على مدى الفترات التى تولى فيها الحكم فى إسرائيل منذ عام 1996 أخذ بالصراع العربى الإسرائيلى ككل فى سكة ثانية تمامًا، يحكمه فى ذلك فكر الآباء المؤسسين للدولة العبرية القائم على نفى الآخر وعدم رؤية وجوده من الأصل!! أبسط مثال يمكن الإشارة اليه هنا هو مسار أوسلو الذى كان لنتنياهو الدور الأكبر فى القضاء عليه إثر اغتيال رابين وكان يقترب بالقضية الفلسطينية من الحل نحو دولة مستقلة أو ما شابهها.

بغض النظر عن التفاصيل فإنه من منظور استراتيجى يتعلق بمصالح الكيان الصهيونى فى حدود الرؤى المتطرفة، ربما كان نتنياهو أحد القلائل من القادة الإسرائيليين الذين يسعون بكل ما أوتى من قوة لتحقيق هذه المصالح، ليس فى ذلك دعوة للإعجاب بالرجل أو غيره وإنما هى رؤية موضوعية لسياسات رئيس وزراء إسرائيلى على مدار أكثر من 30 متقطعة.

الرجل لا يترك شاردة أو واردة إلا ومارس من خلالها سياسة الصلف والغرور والتزم مواقف متعنتة مع العمل بكل السبل على القفز بأطماع بلاده إلى الأمام وما موقفه خلال الشهور العشرة الأخيرة اثر عملية طوفان الأقصى سوى نموذج واضح على ما نقول. لا نبالغ إذا قلنا إنه يقف وحيدًا منعزلًا دون أن يشعر بالقلق، ودون أن يؤثر ذلك على رؤيته بالمضى فى سياساته التى يرفضها الجميع سواء فى داخل إسرائيل من أهالى أسرى أو من فريقه التفاوضى أو حتى امتعاض واشنطن جزئيًا أو حتى سوء مظهره ومنظره أمام المجتمع الدولى. صحيح أن جانبًا من موقفه هو الخوف من المسائلة والمحاكمة السياسية على تقصير حكومته فى عملية الطوفان، لكن لا يمكن نكران أن الجانب الأكبر هو رؤيته لمصلحة بلاده الإستراتيجية وليست تلك المتعلقة بالمدى القصير.

بالطبع لا يعنى هذا أن نتنياهو على حق، ولكنه يتعامل بالمنطق الذى يحكم العلاقات الدولية وهو منطق يقوم، وفق المفهوم السائد لها، على القوة وليس أى عامل آخر، وما يجرى من ممارسات إسرائيلية بشعة يندى لها جبين الإنسانية فى غزة على مدار الشهور الماضية دون أن يتحرك المجتمع الدولى لوقفها سوى مثال بارز على ذلك. فى العلاقات الدولية لو أن عدوك بالغ الضعف، فقد يكون من الخيانة أن تعامله على أنه غير ذلك!

رغم امتعاضى وتحفظى على زاوية الطرح التى أقدمها فى هذه السطور، والتى أراها تأتى من حقائق الوضع الدولى، فإن ما يسعى اليه نتنياهو يتجاوز بكثير فكرة الحفاظ على حياة مجموعة من الرهائن أيًا كان عددهم. ما يريده نتنياهو من حربه على غزة التى جاءت ذريعة على عملية 7 اكتوبر، مزيد من عمليات الاحتلال للأراضى الفلسطينية على طريق ابتلاع كامل فلسطين التاريخية، وبالتالى تحقيق خطة الضم وتهجير الفلسطينيين لتصبح الأرض كلها لإسرائيل. وإذا كنا كعرب لا نستكثر استشهاد أكثر من 40 ألف فلسطينى من أجل تحقيق هدف إجلاء الاحتلال، فبمنظور المقارنة، يمكن تصور تفكير نتنياهو بأنه قد لا يكون من الكثير التضحية بمئة أسير أو أكثر لتحقيق هدف أسمى، حسب رؤيته يصب فى قلب الرؤية الإستراتيجية لوضع ومآل الدولة العبرية.

أرفض سياسات نتنياهو كما تشاء ولكن هذه هى الحقيقة التى يمكن، بل يجب، على أساسها التعامل مع هذه السياسات.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • مجتمع النفايات الفكرية «١»
  • كيف تُعامل المرأة؟
  • عضة كلب (1)
  • بركة الوقت
  • نحو إعلامٍ متوازنٍ
  • مجلس الصحفيين الخليجيين: مكافحة الأخبار المضللة بتكثيف المعلومات الصحيحة
  • التعليم إلى أين؟
  • كيف يفكر نتنياهو؟
  • عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي (8)
  • وزير الصحة: التنمية البشرية تستهدف الوصول بمتوسط عمر الفرد إلى 73 عاما