20 يوليو، 2024

بغداد/المسلة الحدث:  أعلنت السلطات العراقية عن القبض على 39 شخصًا ينتمون إلى جماعة “القربان” في 4 محافظات عراقية، منهم 4 أفراد كانوا ينوون إقامة طقوسهم التي تتضمن اختيار شخص لينتحر شنقًا.

وفي بيان لجهاز الأمن الوطني العراقي، أوضح أن “مفارزه تمكنت في محافظة واسط من القبض على 4 متهمين ينتمون إلى إحدى الحركات الدينية المنحرفة التي تطلق على نفسها (جماعة القربان)”.

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الأفراد كانوا ينوون إجراء طقوسهم المتطرفة المعروفة بـ “قرعة القربان”، التي تتضمن اختيار شخص ليشنق نفسه حتى الموت.

وفي وقت سابق من شهر يوليو الجاري، تمكنت سلطات الأمن العراقية من القبض على 8 أشخاص آخرين ينتمون إلى نفس الجماعة في محافظة ذي قار. تُعد “قرعة القربان” طقسًا سنويًا من شعائر الجماعة، التي تشابه طقوس الأضاحي التقليدية لكنهم يستبدلونها بالنفس البشرية للتقرب من المولى.

جماعة “القربان” أو ما تعرف بـ “العلاهية” تعتبر من الحركات الدينية المنحرفة التي تخالف تعاليم الأديان التقليدية والقوانين العراقية. طقوسها التي تتضمن التضحية البشرية تُعد خروجًا صارخًا عن المعايير الاجتماعية والدينية المقبولة، مما يثير استياء المجتمع ويعزز الحاجة إلى تحرك أمني حازم.

وانتشار الأفكار الدينية المستحدثة في العراق في الفترة الأخيرة يمكن عزوه إلى مجموعة من العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية والثقافية. وادت الحروب والنزاعات الأهلية التي شهدها العراق منذ الغزو الأمريكي في عام 2003، الى ظهور تنظيمات مثل داعش، ساهمت في خلق حالة من الفوضى والفراغ الأمني والسياسي. هذه الفوضى تجعل الناس أكثر عرضة للبحث عن جماعات تقدم حلولًا أو أمانًا روحانيًا ونفسيًا.

والدستور العراقي يجرّم ظهور مثل هذه الحركات، وتصل عقوبة تأسيسها أو الانتماء لها إلى المؤبد أو الإعدام وفقًا لأحكام المادة رقم 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل. هذا يشير إلى أن السلطات العراقية تتعامل بجدية مع هذه التهديدات، وتسعى لضمان الأمن والاستقرار الاجتماعي من خلال تطبيق صارم للقوانين.

وارتفاع معدلات البطالة والفقر يجعل الأفراد يبحثون عن معنى لحياتهم وأمل في المستقبل، مما يدفع البعض للانضمام إلى جماعات تقدم وعودًا بالتحسين الروحي أو المادي.
و النزوح الداخلي والهجرة نتيجة النزاعات، تؤدي إلى تفكك المجتمعات التقليدية وخلق بيئات جديدة حيث يمكن للأفكار المستحدثة أن تنمو وتنتشر.

والقبض على هؤلاء الأفراد في عدة محافظات يشير إلى انتشار الحركة وقدرتها على جذب الأتباع من مناطق متعددة. التحرك الأمني السريع والفعّال يبرز كفاءة الأجهزة الأمنية في تعقب وملاحقة هذه الحركات المنحرفة، ما يعزز الثقة في قدرة الدولة على حماية مواطنيها من هذه التهديدات.

و انتشار وسائل التواصل الاجتماعي يسهل نشر الأفكار بسرعة كبيرة ويتيح للجماعات الدينية المستحدثة الوصول إلى جمهور واسع.

كما ان استخدام قنوات الإعلام البديلة لنشر الأفكار والترويج لأيديولوجيات جديدة يسهم في جذب الأتباع، خاصة في ظل غياب الرقابة الصارمة.

والعراق مجتمع متعدد الطوائف والأديان، وهذا التنوع قد يساهم في نشوء أفكار دينية جديدة كاستجابة لتوترات أو تنافسات طائفية.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الذاكرة العراقية على حافة النسيان!

الذاكرة الإنسانيّة العالميّة زاخرة بمئات المواقف النبيلة والمشينة، والورديّة والدمويّة، ومنذ الجريمة الأولى على الأرض بقتل قابيل لأخيه هابيل سجّلت كتب التاريخ ملايين الجرائم الوحشيّة التي ارتكبها الإنسان ضدّ أخيه الإنسان!

والتاريخ الأسود لجرائم الحروب متواصل منذ مئات السنين، وتمثّل بمئات المجازر ومنها: الغزو المغوليّ للعراق في العام 1258م، والمجازر الفرنسيّة بحقّ الجزائريّين لأكثر من مئة عام وبقيت لغاية العام 1962م، ومجازر الحربين العالميتين الأولى والثانية، والمذابح الصهيونيّة في فلسطين بعد العام 1937م وصولا لمذابح غزّة الأخيرة، ومذبحة هيروشيما في العام 1945م، والابادة الجماعية في البوسة والهرسك بين عاميّ 1992 و1995م، والمجازر الأمريكيّة في العراق قبل وبعد العام 2003م، وغيرها!

ومرّت يوم 13 شباط/ فبراير الذكرى السنويّة لجريمة ملجأ العامرية ببغداد في العام 1991، والتي نُفّذت بطائرتين أمريكيّتين (أف 117) تحمل قنابل ذكيّة وأهلكت 400 مواطن!

بمراجعة سريعة للمجازر الأمريكيّة في العراق وأولها دعم الحصار الدوليّ في 6 آب/أغسطس 1990 بعد غزوّ الكويت، والذي تتابع حتّى الغزوّ الأمريكيّ في العام 2003، سنجد أنّ آثارها متواصلة حتّى الساعة
وبمراجعة سريعة للمجازر الأمريكيّة في العراق وأولها دعم الحصار الدوليّ في 6 آب/أغسطس 1990 بعد غزوّ الكويت، والذي تتابع حتّى الغزوّ الأمريكيّ في العام 2003، سنجد أنّ آثارها متواصلة حتّى الساعة!

وطحن "الحصار الدوليّ" الفقراء وعموم الناس، ولم يؤثّر على الطبقات العليا، وهذا دليل على الحقد الأمريكيّ على العراقيّين بعيدا عن سياسات "كسر إرادة الدولة" حينها!

وضرب الحصار الجوانب الصحّيّة بالصميم، وحَطَّم القطاعات الصناعيّة والخدميّة، وضرب جوهر الاقتصاد وبلغ التضخّم لمستويات جنونيّة، وتسبّب بهجرة آلاف العلماء والأطباء وغيرهم. ويمكن القول إنّ آثار الحصار القاسية مهّدت للاحتلال في العام 2003!

ولا ننسى الدور الغامض لفرق التفتيش الدوليّة التي ساهمت في تأجيج الموقف الدوليّ ضدّ العراق رغم تفتيشهم لكافّة المواقع المشكوك بها، بما فيها القصور الرئاسيّة، ومع ذلك كانت تقاريرهم سلبيّة ومسيّسة!

وبدأت لاحقا بوادر الغزو الأمريكيّ، الذي شنّ دون تفويض أمميّ، بقيادة الرئيس جورج بوش الابن! وحاول العراق، في الوقت الضائع، تجنّب العدوان بالطرق الدبلوماسيّة والعمليّة، ومنها تدمير صواريخ "صمود" بداية آذار/ مارس 2003، وبعد أسبوعين أمهل الرئيس بوش (سدى) الرئيس العراقيّ 48 ساعة لمغادرة البلاد، ويوم 19 آذار/ مارس أعلنت واشنطن بداية غزوها للعراق!

وبعد شهرين من المعارك الشرسة أعلنت واشنطن بداية أيّار/ مايو انتهاء العمليّات القتاليّة الكبرى، وعيّنت بول بريمر حاكما مدنيّا على العراق! ورتّبت واشنطن، لاحقا، عمليّة سياسيّة طائفيّة وتقسيميّة، تتواصل آثارها السلبيّة حتّى اللحظة، وهذا دليل على خططها الموضوعة مسبقا لتقزيم العراق!

وكانت فضيحة سجن "أبو غريب"، نهاية نيسان/ أبريل 2004، الدليل الأبرز على همجيّة القوّات المحتلّة، وأظهرت انتهاكات نقشت في الذاكرة الإنسانيّة لبشاعتها، واستخفافها بالإنسان والقيم النبيلة والقوانين الدوليّة!

وكشفت لجنة التحقيقات الأمريكيّة منتصف حزيران/ يونيو 2004 "عدم وجود أدلة دقيقة على ضلوع العراق في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001"!

ومع ذلك استمرّ الاحتلال، وارتكب جريمته البشعة بمدينة الفلوجة في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، واستخدم في تدمير المدينة القنابل الفسفوريّة واليورانيوم المنضّب!

ووقعت الجريمة الأكبر بعد التفجير المدروس لمرقد الإمامين العسكريّين بمدينة سامرّاء يوم 22 شباط/ فبراير 2006، وتسبّبت بفتنة طائفية أبادت عشرات آلاف الأبرياء وهجّرت الملايين! وانطلقت بعد تفجير سامرّاء مرحلة جرائم السيّارات والدّرّاجات الملغمة التي أفنت عشرات آلاف الأبرياء بمختلف المدن!

ورغم إعلان واشنطن انسحابها الرسميّ يوم 18 كانون الأوّل/ ديسمبر 2011، إلا أنّ قوّاتها تتمركز اليوم في عدّة قواعد عسكريّة، أبرزها "عين الأسد" في محافظة الأنبار الغربيّة!

والاحتلال الأمريكيّ، المستمرّ بشكل متستّر، سحق العراق والعراقيّين بشتّى الطرق المعلنة والخفيّة، ومع ذلك لا توجد إحصائيات دقيقة حول أعداد القتلى نتيجة الاحتلال، وهنالك دراسات ذكرت أرقاما مخجلة لا تتجاوز السبعين ألف قتيل، بينما هنالك دراسات ومنها، دراسة البروفيسور الأمريكيّ جوزيف سيتجليز نهاية شباط/ فبراير من العام 2008، أكّدت بأنّ عدد القتلى حتّى نهاية العام 2006، وصل لأكثر من 700 ألف، وبلغ عدد اللاجئين أكثر من ثلاثة ملايين و800 ألف لاجئ!

مجزرة الاحتلال الأمريكيّ الأخطر تمثّلت بضياع هيبة الدولة، والإنسان وضياع طعم الحياة واستمرار التناحر الساسيّ والفساد الماليّ الذي سحق ألف مليار دولار، وأيضا انتشار المخدّرات والجريمة المنظّمة والاتّجار بالبشر، وآلاف الصور السلبيّة المؤلمة والقاتلة للوطن والناس وللماضي والحاضر والمستقبل!
ولاحقا كشف مركز صقر للدراسات في 2009 أنّ الاحتلال تسبب بمقتل مليوني عراقيّ، وخلف أكثر من مليون أرملة وأربعة ملايين يتيم حتى نهاية 2008!

وكان من أبرز آثار الاحتلال انهيار المؤسّسات الصحّيّة والخدميّة وعشرات آلاف الإصابات بالسرطانات المتنوّعة، وانتشار المخلّفات العسكريّة ومنها أكثر من 20 مليون لغم أرضيّ، وتسرّب عشرات آلاف الطلبة من المدارس، وغيرها!

وكذلك جرائم النهب لأكثر من 126 طنّا من الذهب ومليار الدولارات والعملات الصعبة، وأكثر من مليون ونصف قطعة أثريّة، فضلا عن الخسائر الفادحة في القطاعات التجاريّة العامّة والخاصّة!

والكارثة الأشدّ ظهرت بفوضى السلاح، وانتشار عشرات الجماعات المسلّحة الرسميّة وشبه الرسميّة، وهي اليوم من أكبر أسباب احتماليّة تعرّض العراق لعقوبات أمريكيّة عسكريّة واقتصاديّة ومصرفيّة!

مجزرة الاحتلال الأمريكيّ الأخطر تمثّلت بضياع هيبة الدولة، والإنسان وضياع طعم الحياة واستمرار التناحر الساسيّ والفساد الماليّ الذي سحق ألف مليار دولار، وأيضا انتشار المخدّرات والجريمة المنظّمة والاتّجار بالبشر، وآلاف الصور السلبيّة المؤلمة والقاتلة للوطن والناس وللماضي والحاضر والمستقبل!

فهل ستُمحى هذه الكوارث من الذاكرة العراقيّة؟

x.com/dr_jasemj67

مقالات مشابهة

  • المحافظات العراقية التي عطلت الدوام يوم الأحد
  • المحافظات العراقية التي عطلت الدوام يوم غد الأحد
  • المحافظات العراقية التي عطلت الدوام يوم غد الأحد - عاجل
  • اختراق الإخوان للحركة الطلابية.. تاريخ من استغلال قضية فلسطين واللعب على المشاعر الدينية
  • المالكي : أمريكا تطلب حل الحشد الشعبي ونقل سكان غزة إلى الأنبار
  • الذاكرة العراقية على حافة النسيان!
  • قانون “البصرة عاصمة العراق الاقتصادية”.. ماذا يعني؟
  • الصدر على المحك: هل يعيد تشكيل المشهد أم يتركه للاطار؟
  • بغداد توافق على إعادة الجنسية العراقية لمن ألغت الكويت مواطنتهم
  • القضاء يوجه بتنفيذ قانون العفو العام بما لا يخالف أحكام القانون