هآرتس: قرار محكمة العدل الدولية يتجاوز أسوأ مخاوف إسرائيل
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن الرأي الاستشاري الذي قدمته محكمة العدل الدولية، قوض الحجج الأساسية التي تسوقها إسرائيل لاحتلالها طويل الأمد للضفة الغربية وقطاع غزة، وسلح البلدان والمؤسسات والشركات بشكل أساسي بمبرر قوي لمعاقبة إسرائيل، مؤكدة أن تجاهله لا ينبغي أن يكون خيار إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة، في تحليل بقلم الكاتب والدبلوماسي الإسرائيلي ألون بينكاس، أن قرار محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي وإدارته للضفة الغربية والقدس الشرقية خطير وغير سار، موضحا أن تل أبيب تستطيع أن تتحداه وتتجاهله وتسخر منه وتهاجمه بكل غطرسة كما تريد، ولكن عندما يتوصل القضاة إلى هذا الاستنتاج ويطالبون إسرائيل بدفع تعويضات للفلسطينيين، فإن ذلك يعطي المبرر للعديد من البلدان، الأعداء والأصدقاء والمنتقدين والمؤيدين على حد سواء.
ويمكن لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة -وسوف تفعل ذلك كما يقول الكاتب- أن ترفض هذا القرار باعتباره حكما غير ذي صلة من محكمة ليس لها اختصاص قضائي، وستقول إن المحكمة لم تعبر عن شيء أكثر من معاداة الصهيونية التي تجاوزت الخط الرفيع إلى معاداة السامية.
بيد أن هذا لن يغير حقيقة أن هناك الآن إجماعا واسع النطاق في جميع أنحاء العالم، وقد دعم تصويت الكنيست هذا الأسبوع "ضد إقامة دولة فلسطينية"، قول المحكمة إن الاحتلال ضم فعلي، مضيفة أنه يتكون من التمييز المنهجي والفصل وتلك الكلمة المخيفة "الفصل العنصري".
وفيما يتعلق بالمستوطنات، رددت المحكمة الرأي العام العالمي وسلحته، وقالت إن المستوطنات "غير قانونية وتنتهك القانون الدولي"، وأوضحت أن إسرائيل رغم الانسحاب الأحادي الجانب عام 2005، تظل "قوة احتلال في قطاع غزة".
الفيتو الأميركي
وأصدرت المحكمة قرارها كرأي قانوني بناء على إحالة من الأمم المتحدة، وهو ليس ملزما قانونيا، وحتى لو أحالته الجمعية العامة إلى مجلس الأمن لتنفيذه، فمن المتوقع استخدام الفيتو الأميركي لمنع ذلك.
ومع ذلك، فإن القرار يحمل عواقب سياسية كبيرة، خاصة على خلفية الحرب في غزة والرأي العالمي المناهض لاستمرار إسرائيل فيها، وهو إلى جانب ذلك يقوض حجج إسرائيل الأساسية بشأن طبيعة علاقتها بالضفة الغربية والقدس الشرقية، وقد تستخدمه الدول والبنوك والشركات لتوسيع العقوبات على إسرائيل.
غير أن الأكثر خطورة هو أن هذا الرأي لا بد أن يكون له تأثير على المحكمة الجنائية الدولية التي تنظر في المزيد من الاتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب ضد إسرائيل، وقد تصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين أكثر من مجرد رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
غير قابل للاستمراروأشارت الصحيفة إلى أن الرأي الصادر يوم الجمعة منفصل عن الالتماس الذي قدمته جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية، وقد قدم قبل الحرب بسنة، ووصف "الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال" ويشدد على أن "الوضع في غزة غير قابل للاستمرار".
وكان السؤال الأساسي الذي طرح على المحكمة هو ما إذا كان احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية منذ حرب يونيو/حزيران 1967 بغض النظر عن كيفية تعريفه، "مؤقتا" أم أنه أصبح سمة "دائمة" تؤدي إلى احتلال جزئي أو ضم كامل، وهل تشكل المستوطنات الإسرائيلية احتلالا لا رجعة فيه؟ خاصة مع نقل أعداد كبيرة من السكان إلى الأراضي المحتلة، ومع وجود عسكري مستمر وأعمال البنية الأساسية الضخمة.
المستوطنات حجة على إسرائيل
وبموجب القانون الدولي، لا يعتبر الاحتلال غير قانوني تلقائيا إذا كان مؤقتا ويمكن تبرير الظروف التي أدت إليه أو شرحها بشكل مناسب، مثل الاحتلال الأميركي لليابان وألمانيا الغربية، والاحتلال السوفياتي لألمانيا الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية.
وبمجرد احتلال منطقة ما، تحدد كل من قواعد لاهاي واتفاقيات جنيف التزامات واسعة النطاق على قوة الاحتلال، وذلك بهدف منع الإجراءات التي قد تؤدي إلى الضم، وهو أمر محظور تماما بموجب القانون الدولي.
وأوضح الكاتب أن جوهر الحجة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية يتعلق بالناحية الديموغرافية، حيث يعيش 650 ألف إسرائيلي في مستوطنات شرق الخط الأخضر، وهو خط الهدنة لعام 1949 ويسمى أيضا حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، مما يشكل دليلا واضحا على الاحتلال الدائم.
ليس احتلالا مؤقتاوقالت المحكمة إن 57 عاما من الوجود العسكري المتواصل والموسع، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، والعديد من إعلانات النوايا ورفض إقامة دولة فلسطينية أو الإعلان عن نية الضم، لا تشير إلى الطابع المؤقت، خاصة أن محكمة العدل الدولية نفسها أصدرت قرارا عام 2004، مفاده أن "السياج الأمني" كان بمثابة ضم فعلي للمناطق الواقعة غرب الجدار بجوار حدود عام 1967.
وبغض النظر عن الطبيعة غير الملزمة لحكم يوم الجمعة والافتقار إلى الجدوى السياسية، فقد سلحت المحكمة الدول والمؤسسات والشركات بمبررات منطقية ليس فقط لتوبيخ إسرائيل، بل لمعاقبتها، مع أنه لا أحد يعتقد أن هذا الحكم سيؤدي إلى إصلاح سياسي أو صحوة سياسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات محکمة العدل الدولیة على إسرائیل
إقرأ أيضاً:
السودان يتّهم الإمارات أمام العدل الدولية بـ"التواطؤ في إبادة جماعية"
الخرطوم - تقدّم السودان بشكوى أمام محكمة العدل الدولية ضدّ دولة الإمارات العربية المتحدة بتهمة "التواطؤ في إبادة جماعية" بسبب دعمها المفترض لقوات الدعم السريع السودانية، بحسب ما أعلنت الهيئة القضائية الخميس 6مارس2025.
وقالت المحكمة في بيان إن الخرطوم تعتبر أن أبوظبي "متواطئة في إبادة جماعية ضد المساليت (إحدى قبائل السودان) من خلال إصدار توجيهات وتوفير الدعم المالي والسياسي والعسكري المكثف لميليشيات الدعم السريع المتمردة".
واعتبر السودان في شكواه أنّ "الإمارات العربية المتحدة تؤجج التمرد وتدعم الميليشيا التي ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية في غرب دارفور".
ولطالما نفت أبوظبي تقديمها دعما لقوات الدعم السريع.
وسارعت الحكومة الإماراتية الخميس إلى التنديد بالشكوى، معتبرة إياها "حيلة دعائية خبيثة".
وقال مسؤول إماراتي في بيان تلقته وكالة فرانس برس إنّ هذه الشكوى "ليست أكثر من حيلة دعائية خبيثة تهدف إلى تحويل الانتباه عن التواطؤ الراسخ للقوات المسلحة السودانية في الفظائع الواسعة النطاق التي لا تزال تدمر السودان وشعبه".
وأضاف أنّ "الادعاءات التي قدّمها ممثل القوات المسلحة السودانية أمام محكمة العدل الدولية تفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي، وتمثل محاولة أخرى لصرف الانتباه عن هذه الحرب الكارثية".
وتابع البيان "احتراما لمحكمة العدل الدولية... ستسعى الإمارات العربية المتحدة إلى ردّ هذا الطلب الذي لا أساس له على الفور".
- "َضمان الحماية العاجلة" -
ومنذ نيسان/أبريل 2023، تدور حرب بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التابعة لنائبه السابق الفريق محمد حمدان دقلو. وأدت المعارك إلى مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليونا، وأزمة إنسانية هي من الأسوأ في العالم.
ودعا السودان محكمة العدل، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة تفصل في النزاعات بين الدول، إلى إصدار "تدابير مؤقتة" لإرغام دولة الإمارات على دفع تعويضات.
وقالت الخرطوم في شكواها إنّ "على دولة الإمارات إصلاح الضرر الكامل الناجم عن أفعالها غير المشروعة دوليا، وخصوصا دفع تعويضات لضحايا الحرب".
وقرارات محكمة العدل ملزمة قانونا، لكنّ الهيئة لا تملك وسائل لفرض تنفيذها.
وعلى سبيل المثال، أمرت المحكمة روسيا بوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا بعد أسابيع من بدء الغزو مطلع العام 2022، لكن من دون جدوى.
كما طالبت الخرطوم محكمة العدل بالتحرّك بسرعة "لضمان الحماية العاجلة والشاملة قدر المستطاع للسكان المدنيين السودانيين الذين ما زالوا معرّضين لخطر كبير وداهم لاضطهادهم وارتكاب أعمال إبادة جماعية إضافية في حقّهم".
- الإخلال بالالتزامات ونكث الوعود -
وتتّهم شكوى الحكومة السودانية المدعومة من الجيش، قوات الدعم السريع بارتكاب "إبادة جماعية والقتل وسرقة ممتلكات والاغتصاب والتهجير القسري والتعدي على أملاك عامة وتخريبها وانتهاك حقوق الإنسان".
وبحسب الشكوى فإنّ هذه الأفعال "ارتُكبت ونُفذت جراء الدعم المباشر الذي تقدمه الإمارات العربية المتحدة لميليشيات الدعم السريع المتمردة والميليشيات المرتبطة بها".
ويتّهم السودان الإمارات بالإخلال بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية التي تعود للعام 1948، من خلال "السعي إلى ارتكاب إبادة جماعية أو التواطؤ على ارتكابها أو الحضّ عليها أو المشاركة فيها أو عدم منعها أو المعاقبة عليها".
وخلص خبراء أمميون إلى أن الاتهامات الموجّهة إلى الإمارات بإمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة عبر تشاد هي "ذات مصداقية".
وتعهّدت الإمارات العربية المتحدة أمام السلطات الأميركية في كانون الأول/ديسمبر بعدم تسليح قوات الدعم السريع، على أن يتوقّف برلمانيون أميركيون في المقابل عن عرقلة صفقة بيع أسلحة للدولة الخليجية تقدّر قيمتها بـ1,2 مليار دولار.
وفي كانون الثاني/يناير، أعلن البرلمانيون الأميركيون أن الإمارات نكثت الاتفاق واستمرّت في تزويد قوات الدعم السريع في السودان بالأسلحة.
Your browser does not support the video tag.