جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-05@08:17:34 GMT

الوطن مسؤولية الجميع

تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT

الوطن مسؤولية الجميع

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

أحداث الأسبوع الماضي سوف تظلُّ في الذاكرة لفترة طويلة؛ لما سيكون لها من تأثير على حياتنا، وما خلفته من تغيرات في نمطها وطريقة تفكيرنا وتعاطينا مع الواقع الجديد الذي فرضته الظروف، وجعلت من الصعب علينا الاكتفاء بالمتابعة لما يدور حولنا من أحداث، وكنا إلى نهاية الأسبوع السابق نظن أننا بمنأى عن الصراعات والاضطرابات التي تقع في العالم، وكنَّا نقوم بدورنا في حل الصراعات السياسية وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء.

إنَّ الجُرم الذي ارتكبه النفر الثلاثة المفسدون في الأرض ليس فقط ما قاموا به في تلك الليلة الحزينة؛ بل ما خلَّفته من أثر في مجتمع آمن مطمئن متعايش متسامح يعيش أفراده في لحمة واحدة محبين للحياة ومتواصين بالخير بينهم، مُجتمع صبغته القيم الحميدة بصبغتها فأصبح أنموذجًا للمجتمعات المتحضرة التي يحلم الناس بالعيش فيها وغدت سلطنة عُمان ذات سمعة عالمية ومضرب مثل في هذا التعايش والتسامح الجميل بين الثقافات المختلفة من البشر الذين يسكنون هذه البقعة.

هذا الأثر الذي نتج عن أفكار ضالة تغللت في عقول هؤلاء المارقين من الدين والإنسانية، جعلتهم يحملون السلاح ويقتحمون بيتاً من بيوت الله الآمنة التي حرَّم الله فيها القتال المشروع، فكيف بالاعتداء والغدر والخيانة التي هي من أفعال المجرمين الذين ضلوا في حياتهم الدنيا، وتوعدهم الله تعالى بالعذاب الشديد يوم القيامة، جزاءً بما ارتكبوه في حق العباد. وهذا الاعتداء على المسلمين في مكان العبادة الذي يجب أن يكون أكثر مكان آمن في الأرض، لم يُقدِّسوه واستحلوا حُرمته بفعل أفكار ضالة وجدت سبيلها إلى نفوسهم الضعيفة المُمتلئة بالحقد والكره والظلم والبغضاء.

وبعد هدوء الأوضاع ومعرفة الحقائق، عادت بي الذاكرة لمشاهد لم يستوعبها عقلي في أحد البلدان العربية الشقيقة التي ابتُليت بسيطرة هذه التنظيمات عليها، وأشعلت حربًا طائفية فيها، تلك المشاهد التي يقتل فيها الناس ويذبحون كالخراف بدم بارد من قبل أفراد يظنون أنهم يفعلون ذلك باسم الدين، والدين والإنسانية منهم براء، وما زالت أحداث مسلسل "غرابيب سود" عالقة في ذهني وأنا أتابعه وأعجب كل العجب كيف لأناس بكامل قواهم العقلية أن يُصدِّقوا مثل هذه الأفعال التي يتبناها هذا التنظيم الإرهابي المُتطرف، وأنها من الدين، وهنا يجب أن نستحضر مصطلح "قواهم العقلية" لأنَّ ما يحدث لا يمكن إلا عن طريق تغييب العقل البشري وجعلهم لا يفكرون بها بطريقة ما قد تكون عن طريق عقاقير مُعينة أو شيء من الاكتشافات العلمية التي لا نعرف عنها، وهذا هو أسلوب أجهزة الاستخبارات.

إنَّ ما يُمكن قراءته من أحداث تلك الليلة هو أن المجتمع أصبح محتاجًا أكثر من أي وقت مضى لما يحفظ ثقته بنفسه، ولا نجعل من هذا الحدث سوى دافع أكبر للمضي قدماً فيما عُرف عنَّا كعمانيين متحابين ومتسامحين ومتعايشين ونابذين لأسباب الفرقة والشقاق، معتصمين بحبل من الله، ماضين خلف قيادتنا الرشيدة ومُصمِّمين على إكمال مسيرة التنمية والازدهار، ومواصلين نشر رسالة السلام بين الشعوب التي كانت ولا تزال مبدأ من مبادئ دولتنا العزيزة.

إننا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتمثل قيمنا الوطنية والإنسانية والتمسك بها لمقاومة رغبة الفاسدين المبغضين في ترويع أبناء هذا البلد الآمن، وتمرير أجندتهم وسعيهم للنيل من عزائمنا وثباتنا على مبادئنا وقيمنا، وهذه الأهداف الخبيثة علينا مجابهتها بتوجه واحد وعمل منظم وفكر واضح مستمد من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة وطبيعتنا التي شهد لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعرفها القاصي والداني واشتهرنا بها بين الأمم.

يجب أنْ يكون كل واحد منا حارسَ أمن للوطن من خلال النصح والإرشاد لمن حولنا، ومتابعة ما يدور في محيطنا والتبليغ عن أي شيء نراه مريبًا وغير منطقي، وكما قالت العرب "يؤتى الحذر من مأمنه"، فعلينا أن نتابع القريب قبل البعيد. وهذه ليست دعوة للشك والترصُّد، وإنما دعوة لحفظ أبنائنا وأسرنا من الانحراف والانجرار وراء الأفكار الضالة التي لا نعرف كيف أصبح العدو يزرعها في عقول الناس، وتحوِّلهم من بشر إلى أنعام ووحوش مفترسة لا ترقب في الله إلًّا ولا ذمة.

إنَّ التحصُّن بالدين الحنيف وبكتاب الله العزيز والاقتداء بسنة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، منهج يجب التمسك به، وعلينا أن نحرص بكل ما أوتينا من قوة على أن نعلمه أبناءنا وفق طريقته الصحيحة القويمة؛ بعيداً عن التطرف والانحراف والتعصب والتكفبر الذي ابتُليت به الأمة الإسلامية، وأصبحت هذه الأمة متناحرة باسم الدين الذي هو براء منهم ومن أفكارهم، ويجب أن تتضافر كل الجهود للقضاء على هذا الفكر الفاسد، خاصة من المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية والاجتماعية، والتي يقع عليها عبء نشر الوعي وترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة والحفاظ على المجتمع من الانجرار إلى التعصب والتطرف.

إنَّنا اليوم نقف في خندق واحد مع قيادتنا الحكيمة لمواجهة هذا الحدث، والحفاظ على وطننا العزيز آمناً كما عهدناه، وبإذن الله وبعزيمتنا التي لا تعرف المستحيل سوف يمر هذا الحدث مروراً عابراً كاستثناء ما حل في غير موقعه وفي غير تربته، ولن يكون له بيننا أي تأثير، والله تعالى نسأل العون.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الشيخ قاسم: تحية لليمن الفقير بإمكاناته الغني بشعبه وقيادته الذي يواجه الإسرائيلي والأمريكي

 

الثورة نت/..

وجه الأمين العام لحزب الله اللبناني، الشيخ نعيم قاسم، التحية “لليمن الفقير بإمكاناته الغني بشعبه وقيادته وإيمانه وصلابته والذي يواجه الإسرائيلي والأمريكي”.

جاء ذلك في كلمة له مساء اليوم السبت، في ذكرى استشهاد القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، بحسب ما نقلته الميادين، قال فيها: إنّ قائد فيلق قدس السابق، الشهيد قاسم سليماني، “قائد استراتيجي على المستوى الفكري والسياسي والجهادي”.

وأضاف: إنّ الشهيد سليماني “كشف أمريكا ومخططاتها خصوصاً في العراق وأفغانستان وتبنّيها لداعش وكشف “إسرائيل” التي تريد احتلال المنطقة”.

وأكد أنّ “الشعب الفلسطيني استثنائي وصامد وهو سيبقى حياً مع مقاومته”.

وفي سياق آخر، أشار الشيخ قاسم إلى أنّ “إسرائيل” دفعت “ثمناً كبيراً” في عدوان 2024 من دون أن تتمكن من التقدم أكثر من مئات الأمتار عند الحافة الأمامية.. واصفاً هذا الأمر بـ”الردع”.

وشدّد على أنّ “العدو أُرغم على طلب وقف إطلاق النار بسبب قدرة المقاومة”.. مضيفاً: “نحن وافقنا من خلال الدولة اللبنانية”.

وتابع مؤكداً: “واجهنا عدواناً غير مسبوق وصمدنا وكسرنا شوكة إسرائيل”.. مشيراً إلى أنّ “تقديم التضحيات هو المعبر لبقائنا أعزّة والمقاومة ستستمر”.

كذلك، لفت الشيخ قاسم إلى أنّ “ما حصل في معركة أولي البأس قطع الطريق أمام آمال “إسرائيل” في لبنان”.. مضيفاً: إنّه “كان من الممكن أن يحصل في لبنان ما حصل في سوريا، وأعتقد أنه في المستقبل سيكون للشعب السوري دور في مواجهة “إسرائيل””.

كما أكد أنّ “المقاومة خيارنا لتحرير الأرض وحماية السيادة ونصرة فلسطين، والحق في مواجهة الاحتلال التوسعي الإسرائيلي”.. مشدداً على أنّ “قيادة المقاومة هي التي تقرر متى تقاوم وكيف تقاوم وأسلوب المقاومة والسلاح الذي تستخدمه”.

وأوضح أنه “لا يوجد جدول زمني يحدد أداء المقاومة لا بالاتفاق ولا بعد انتهاء الـ 60 يوماً”.. مشيراً إلى أنّ “صبرنا مرتبط بقرارنا بشأن التوقيت المناسب، وقيادة المقاومة هي التي تقرر متى تصبر ومتى تبادر ومتى ترد”.

وتابع الأمين العام لحزب الله بالقول: إنّ “الدولة ونحن منها مسؤوليتها أن تتابع مع الرعاة، لتكفّ يد “إسرائيل” وتطبق الاتفاق”.. مؤكداً أنّ “المقاومة قوية وإمكاناتها موجودة”.

وشدّد على أنّ “معنوياتنا عالية رغم الجراح والآلام والمهم أنّ المشروع لم يسقط”.. لافتاً إلى أنّ “معركة أولي البأس هي ولادة جديدة للبنان العصي على الاحتلال”.

وفي ما يخص انتخاب رئيس للجمهورية، عبّر عن حرص حزب الله على انتخاب الرئيس على قاعدة أن تختاره الكتل بتعاون في جلسات مفتوحة”.. قائلاً: “لا فرصة للإلغائيين”.

وأضاف: “نعمل على أساس تكريس الوحدة والتعاون الداخلي للنهوض ببلدنا”.

مقالات مشابهة

  • كان حريصاً أكثر من نصرالله.. من هو الشبح الذي تراقبه إسرائيل؟
  • الشيخ قاسم: تحية لليمن الفقير بإمكاناته الغني بشعبه وقيادته الذي يواجه الإسرائيلي والأمريكي
  • وزير الداخلية: التاريخ شاهد على أحداث سجلت المواقف الوطنية للكنيسة المصرية
  • اليافعي يفتتح معرض “حماية التراث مسؤولية الجميع”
  • فضل الله: ما جرى يثبت مرة أخرى صوابية الخيار الذي نلتزمه
  • حكم بيع الأشياء التي تؤدي إلى الإضرار بالآخرين
  • علي جمعة: لا حياء في الدين مقولة خاطئة والصحيح لا حرج في الدين
  • ما الذي يخطط له حزب الله؟
  • عهدٌ متجدد لمجد الوطن
  • جمعة يكشف السبب والحل للخوف والذعر الذي يُصيب الناس