زنقة 20. الرباط

يخلد الشعب المغربي، ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، غدا الأحد، الذكرى الثالثة بعد المائة لمعركة أنوال المجيدة، التي حقق فيها المقاومون والمجاهدون المغاربة الأفذاذ بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، انتصارا كبيرا على قوات الاحتلال الأجنبي.

وذكرت المندوبية السامية للمقاومين وأعضاء جيش التحرير في وثيقة بالمناسبة، بأنه منذ مطلع القرن العشرين، وتحديدا منذ 1907 وإلى 1912، قاد المقاوم الشريف محمد أمزيان حركة ثورية بطولية في مواجهة الغزاة، وخاض غمار عدة معارك ضارية ضد قوات الغزو الأجنبي، حقق فيها انتصارات باهرة، وظل صامدا في وجه الاحتلال الأجنبي إلى أن سقط شهيدا في ساحة الشرف والكرامة يوم 15 ماي 1912.

وجاءت مقاومة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي كامتداد لهذه المقاومة الريفية في الزمان والمكان، حيث استطاع بفضل كاريزميته وشخصيته القوية هيكلة حركة المقاومة وتنظيمها سياسيا واستراتيجيا وعسكريا ولوجيستيكيا، لتشمل مناطق الشمال بكاملها.

وقد تميزت حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي التحريرية بدقة وإحكام التنظيم، وبالقدرة على الاستقطاب، وبالتخطيط المتقن، وبجودة الأداء وإصابة الأهداف، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية.

وبفضل الأسلوب المتطور في حرب العصابات، وبعد مواجهات ضارية مع قوات الاحتلال، التي قادها الجنرال “سيلفستر” الذي اشتهر بخبرته وتجربته العسكرية، عجز واضطر إلى الانسحاب والتراجع، فلاحقه المجاهدون الريفيون بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتوجت هذه المعركة الكبرى، التي دارت رحاها بمنطقة أنوال، بانتصار ساحق للمجاهدين الأشاوس.

وبعدما تكبدت أفدح الهزائم، تراجعت القوات الاستعمارية وتمركزت بمدينة مليلية بينما حظيت حركة التحرير الوطني بتأييد وإعجاب العديد من حركات التحرر الوطني في العالم المؤيدة للشعوب المضطهدة، التي وجدت في معركة أنوال مرجعية في فنون حرب العصابات.

وبعد أن منيت القوات الاستعمارية خلال معركة أنوال بهزيمة ثقيلة أربكت حسابات الغزاة المحتلين الذين اهتزت أركان جيوشهم الجرارة المدججة بأحدث الآليات والتجهيزات العسكرية وبقوة الحديد والنار، اضطروا بذلك للتفاوض مع المجاهدين لحفظ ماء الوجه.

وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الاسباني والفرنسي، استطاع محمد بن عبد الكريم الخطابي وأنصاره الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان لمدة سنة كاملة، دخل خلالها في مفاوضات مع قيادتيهما، حيث جرت عدة لقاءات ومحادثات مع القوتين العسكريتين، أسفرت عن قبول شرط إيقاف الحرب الريفية دون تسليم الأسلحة.

وبعد أن تبين للقائـد محمد بن عبد الكريم الخطابي أن هذه الحرب غير متكافئة بين الجانبين، فضل تسليم نفسه للمحتل الفرنسي حقنا للدماء صبيحة يوم 26 ماي 1926.

وتميز مطلع الثلاثينات من القرن الماضي بالتحول الجديد الذي شهده مسلسل الكفاح الوطني بالانتقال إلى النضال السياسي كواجهة مواكبة ومكملة للمقاومة المسلحة، وتصدى أبناء الريف الأشاوس لما سمي بالظهير البربري الذي أصدرته سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية في 16 مايو 1930، والذي كانت تستهدف به تمزيق وحدة المغرب والتفريق بين أبنائه.

وتصاعدت وتيرة النضال الوطني بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 بتشاور وتناغم بين بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس وطلائع الحركة الوطنية، ثم جاءت رحلة الوحدة في 9 أبريل 1947 إلى مدينة طنجة، وخطاب جلالة المغفور له محمد الخامس التاريخي بالمناسبة، لتذكي الصراع المحتدم بين العاهل المفدى والإقامة العامة للحماية الفرنسية.

واشتد الصراع في أعقاب المواقف البطولية لجلالة المغفور له محمد الخامس ومعه الحركة الوطنية في مواجهة الإقامة العامة للحماية الفرنسية التي كانت تتوهم أنها بإقدامها على فعلتها النكراء المتمثلة في نفي رمز السيادة المغربية جلالة المغفور له محمد الخامس إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى جزيرة مدغشقر يوم 20 غشت 1953، ستتمكن من إخماد جذوة المقاومة، غير أن هذه العملية الجائرة أججت وتيرة الكفاح الوطني الذي امتدت شرارته لكافة أرجاء الوطن إلى حين العودة المظفرة لبطل التحرير والاستقلال حاملا معه مشعل الحرية والاستقلال.

وأكدت الوثيقة أن أسرة المقاومة وجيش التحرير تغتنم مناسبة تخليد الذكرى ال103 لمعركة أنوال المجيدة، لتؤكد استعدادها التام وتعبئتها المستمرة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وتثبيت المكاسب الوطنية بالأقاليم الجنوبية المسترجعة.

وفي هذا السياق، أعربت أسرة المقاومة وجيش التحرير عن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية، باعتبار هذا المشروع ينسجم مع الشرعية الدولية، ويحظى بدعم المنتظم الأممي، ويعتبره المراقبون والمحللون الدوليون آلية ديمقراطية لإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة.

وأبرز المصدر أن مناسبة تخليد الذكرى الثالثة بعد المائة لمعركة أنوال المجيدة، توحي للأجيال الجديدة والمتعاقبة بواجب التأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر والعظات في تقوية الروح الوطنية وشمائل المواطنة الإيجابية، لمواجهة التحديات وكسب رهانـات الحاضـر والمستقبـل تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

واحتفاء بهذه الذكرى المجيدة، ستنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بعد غد الاثنين، مهرجانا خطابيا بمقر عمالة إقليم الدريوش تلقى خلاله كلمات تستحضر الدلالات الرمزية والأبعاد التاريخية لهذه المحطة الوضاءة في مسلسل الكفاح الوطني.

كما سيتم بالمناسبة، تكريم صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، وكذا توزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة.

وأعدت النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ومعها شبكة فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير ال 104 المفتوحة عبر التراب الوطني، عدة برامج أنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية الوطنية بتنسيق وشراكة مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

المصدر: زنقة 20

إقرأ أيضاً:

التحرير الفلسطينية تبحث مع الاتحاد الأوروبي وقف الحرب وإدخال المساعدات

بحث أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، اليوم الأربعاء، مع ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين ألكسندر شتوتزمان سبل وقف الحرب الدامية المستمرة في قطاع غزة، والمجازر التي تُرتكب بحق شعبنا في شمال القطاع، والإجراءات غير الإنسانية من منع الوصول إلى الغذاء والماء.

كما بحث الشيخ مع ضيفه خلال اللقاء الذي عُقد في مدينة رام الله، توصيل المساعدات الغذائية والطبية في أقرب وقت ممكن، والتعاون الإقليمي الدولي الضروري في سبيل تحقيق ذلك.

وشكر الشيخ الاتحاد الأوروبي على الدعم السياسي والمالي الذي يقدمه لدعم الحكومة والشعب الفلسطيني، مشدداً على أهمية ضغط الاتحاد باتجاه وقف الحرب وإيصال الإغاثة الإنسانية العاجلة إلى سكان القطاع.

من جهته، أكد شتوتزمان دعم الاتحاد الأوروبي للمسار السياسي الذي يدعم الاستقرار والأمن في المنطقة، ويؤدي إلى حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة.

مقالات مشابهة

  • «الصناعة» تُشكل لجنة لبحث تحديات هيئة الدواء.. خبراء: يعد القطاع أحد أهم الركائز التي تدعم منظومة الصحة والاقتصاد الوطني.. ونجاح المبادرة مرهون بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة
  • الاتحاد الموريتاني يُقيل أمير عبدو ويُعين مدرب إسباني
  • ناطق الحكومة يُعبر عن الفخر بقيادة السيد القائد لمعركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”
  • بإمكانيات لم يسبق لها مثيل.. هونر تغزو الأسواق بأقوى هاتف|إليك مواصفاته
  • السيد القائد: الذكرى السنوية للشهيد من المناسبات المهمة التي يحييها شعبنا ولها قدسيتها في مضمونها وأهدافها
  • وزير الصحة ومحافظ صنعاء يدشنان مشاريع صحية بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد
  • الجامعة الوطنية فرع الحديدة تُحيي الذكرى السنوية للشهيد وتفتتح معمل للحاسوب
  • حمزة عبد الكريم يقود تشكل منتخب الناشئين أمام تونس
  • التحرير الفلسطينية تبحث مع الاتحاد الأوروبي وقف الحرب وإدخال المساعدات
  • «الوطني للإعلام» ينظم إحاطة إعلامية للاحتفال بمرور 10 سنوات على قانون الخدمة الوطنية