ينص قانون نيوتن الثالث على أن: لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة، ومعاكس له في الاتجاه..
وأبسط مثال على هذا القانون هو (البندقية)، التي تنطلق منها الرصاصة (من الأمام) فتعود البندقية (إلى الخلف) بقوة معاكسة، تساوي انطلاق الرصاصة..
وهذا المبدأ هو ما يجعل الصاروخ ينطلق (للأعلى)، بقوة مساوية ومعاكسه للغازات المتفجرة (التي تخرج من الأسفل).
وأنا شخصيا أملك قناعة كبيرة بأن قانون نيوتن الثالث، ينطبق أيضا على حياة البشر والمجتمعات...
فسواء في حياتنا الخاصة أو العامة؛ نلاحظ دائما أنه «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومعاكس له في الاتجاه»...
خذ كمثال محاولات الإقلاع عن التدخين، والالتزام بالريجيم، وممارسة الرياضة، وكيف أننا نتعامل معها من خلال ردود الأفعال وحالات شد وجذب وردود فعل متعاكسة.. فبقدر التزامنا بهذه المحاولات، تظهر لاحقا حالات فتور (وردود فعل معاكسة)، من الكسل والشراهة والتدخين المفرط ...
أيضاً قانون نيوتن الثالث ينطبق على المجتمعات البشرية التي تمر خلال تاريخها بردود فعل فكرية وأيديولوجية مماثلة لها في القوة ومعاكسة لها في الاتجاه.. فـالحرب العالمية الثانية مثلاً ظهرت كـرد فعل لاستسلام ألمانيا المهين في الحرب العالمية الأولى، «حيث عزم هـتلر على رد الإهانة واستعادة كرامة الأمة الألمانية».. كما تسبب انهـيار الأنظمة الماركسية المنغلقة في روسيا والصين بردود فعل عكسية نحو الانفتاح الاقتصادي والتحرر الاجتماعي وإعادة بناء كل معـبد وكنيسة تم تدميرها في عهد ستالين وماوتسي تونج.. حدث هذا أيضاً في كمبوديا وفيتنام، ويحدث حالياً في كوبا وإيران، حيث كبت الحريات نجم عنه توجه معاكس نحو المزيد من التحرر والانفتاح ومقاومة التزمت الأيدلوجي..
وحين أتأمل حال مجتمعنا المحلي أرى أنه مــر بدوره بردود فعـل معاكسة للتطرف، والانفتاح، على حد سواء.. بدأ مع عهد الملك عبدالعزيز الذي أدرك استحالة بناء دولة عصرية بوجود الإخوان المتشددين (الذين انشقوا عليه بحجة رفضه محاربة الجيوش البريطانية في العراق والخليج).. وبعد تحييدهم دخل مجتمعنا في مرحلة انفتاح واعتدال حتى أتى غزو أفغانستان، وطغى التيار المتشدد مرة أخرى تحت مسمى الصحوة..
وخلال فترة الصحوة، تم اختلاق آلاف المحرمات الجديدة، والتضييق على الناس، والتدخل في حياتهم وعباداتهم، لدرجة تراكمت مواقف مضادة لدى غالبيتهم.. وعند حد معين انكسر جدار الصمت، ولمسنا بوادر انفتاح معاكسة «يظنها البعض مفاجئة» ولكنها ردود فعل معاكسة لحالة كبت وتضييق استمرت لثلاثين عاماً..
وما أخشاه هو أن حالة الانفراج الحالية ستولد حالات استياء مكبوتة ستنتهي «ربما بعد ثلاثين عاماً من الآن»، بـردود فعـل معاكسة تعيدنا مجدداً لحالة التشدد الفكري والاجتماعي التي مررنا بها مرتين... حتى الآن...
أرجو أن نعي هذه الظاهرة ولا نساهم «هذه الأيام» في بناء حالة كبت أو انفتاح مضادة قد تنفجر مستقبلاً في الاتجاه المعاكس.. يجب أن نتصرف باعتدال وعقلانية ونبني مجتمعاً طبيعياً (معتدلاً ومتفهمًا)، مثل مجتمعات عالمية كثيرة لا تملك مواقف فكرية حادة أو ردود فعل متذبذبة..
باختصار؛ يجب أن نـتنبه لنتائج قانون نيوتن في حياتنا الخاصة والعامة، ونحد من توجهاته المعاكسة وردود أفعاله القاسية.. أن نتعلم كيفية تجاوزه من خلال تفهم طريقة عمله - أو على الأقل التخفيف من حدته من خلال التدرج والتسامح وعدم المبالغة في ردود الأفعال ذاتها...
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: ممارسة الرياضة الإقلاع عن التدخين أخبار السعودية أخر أخبار السعودية قانون نيوتن فی الاتجاه ردود فعل
إقرأ أيضاً:
«صحيفة أمريكية»: هجوم ترامب على زيلينسكي يثير ردود فعل غاضبة في أوكرانيا
أثار الهجوم اللاذع للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ردود فعل غاضبة من الشعب الأوكراني.
وذكرت صحيفة ميامي هيرلد الأمريكية أن تصريحات ترامب تأتي في ظل تصاعد التحديات التي تواجهها أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية، في وقت تعتمد فيه بشكل كبير على الدعم العسكري والمالي الأمريكي لمقاومة القوات الروسية.
ووصف ترامب نظيره الأوكراني بـ "الدكتاتور" وهاجم بشكل خاص تصريحاتٍ له حول ضرورة إنهاء الحرب وفقًا لشروط تصب في مصلحة روسيا. كما ادعى أن تأييد الرئيس الأوكراني لا يتجاوز 4%، وهو ادعاء تم دحضه من قبل زيلينسكي الذي وصف هذه التصريحات بأنها "دعاية روسية"، حيث أظهر استطلاع حديث أن 57% من الأوكرانيين يثقون في زيلينسكي.
وتوسع ترامب في هجومه، متحدثًا عن تقديم الولايات المتحدة 350 مليار دولار كمساعدات لأوكرانيا، وهو رقم مبالغ فيه مقارنة بالأرقام الفعلية التي تشير إلى حوالي 183 مليار دولار. كما وصف زيلينسكي بـ "الكوميدي الناجح إلى حد ما"، في محاولة للإشارة إلى خلفيته التلفزيونية قبل أن يصبح رئيسًا.
وبالنسبة للانتخابات في أوكرانيا، التي تم تعليقها بسبب حالة الطوارئ، دعا ترامب إلى إجراء انتخابات، رغم أن القوانين الأوكرانية تمنع ذلك في ظل الظروف الراهنة. كما أشار إلى أن "ملايين الأشخاص" قد لقوا حتفهم في الحرب، رغم أن التقديرات تشير إلى عدد أقل من ذلك بكثير.
وقد أثار ترامب ردود فعل قوية في أوكرانيا، حيث عبر العديد من الأوكرانيين عن دعمهم لزيلينسكي في مواجهة الهجوم، مؤكدين أن إجراء الانتخابات في هذا الوقت لن يعود بالنفع سوى على روسيا. وأشار المعارضون إلى أن دعوة ترامب إلى الانتخابات قد تؤدي إلى مزيد من الانقسام في البلاد.
ومن جانب آخر، أعرب يوجين فينكل من جامعة جونز هوبكنز الأمريكية عن رأيه بأن هجوم ترامب قد أدى إلى تعزيز شعبية زيلينسكي، وزيادة وحدة الشعب الأوكراني حوله. وأكد أنه إذا كان ترامب يهدف إلى إضعاف زيلينسكي، فإن نتائج الهجوم كانت عكسية.
وفي الأثناء، يترقب المجتمع الدولي التطورات المقبلة، حيث من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ترامب في واشنطن الأسبوع الجاري، في وقت يتداول فيه حلف شمال الأطلسي (الناتو) كيفية التعامل مع احتمالية مفاوضات سلام بين الولايات المتحدة وروسيا تُستثنى منها أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون.