الصواريخ الفرط صوتية.. أسلحة أسرع من الصوت بأضعاف
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
نوع من الأسلحة الفتاكة تصل سرعتها 5 أضعاف سرعة الصوت وأحيانا أكثر، لا تتبع مسارا مقوسا، لها القدرة على المراوغة أثناء الطيران مما يسهل اختراقها للدفاعات الجوية، ويعيق تتبعها من قبل الرادارات، تطير على ارتفاعات منخفضة مقارنة بالصواريخ الباليستية.
النشأة والتصنيعبدأت الأبحاث لتصنيع الصواريخ الفرط صوتية في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين.
وزاد الاهتمام بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات وبتطوير تقنياتها لتصبح صواريخ فرط صوتية تتميز بتجاوزها سرعة الصوت، وتنطلق لمسافات طويلة على ارتفاعات منخفضة ولها القدرة على المراوغة أثناء الطيران.
وتتصدر روسيا والصين والولايات المتحدة الأميركية قائمة الدول التي تعمل على تطوير تكنولوجيا الأسلحة الفرط صوتية، وانضمت لها كل من إيران وكوريا الشمالية عام 2023، وتعمل المملكة المتحدة وأستراليا وفرنسا على البحث في هذه التكنولوجيا.
آلية العمليتكون هواء على شكل قِمْع حول الصاروخ عندما تصل سرعته إلى 350 مترا في الثانية، وهي سرعة الصوت، ثم يُسمع صوت انفجار عند اختراق حاجز الصوت، وهو ما يعرف بالغارات الوهمية، وتصبح سرعة الصاروخ حينها فوق صوتية.
أما السرعة الفرط صوتية فتنتج عن وصول الهواء لحالة البلازما عقب تخطي سرعة الصاروخ حوالي 5 أضعاف سرعة الصوت، تُكوّن هذه السرعة حول الصاروخ سحابة من البلازما يصعب معها تتبعه على الرادارات، ويسهل اختراقه الدفاعات الجوية ويزيد إمكانية إصابة الهدف بشكل دقيق.
وتعرف حالة البلازما بأنها وصول الغاز إلى درجة التأيُّن فيصبح مشحونا بشحنات سالبة وموجبة نتيجة انفصال الإلكترونات عن الذرات.
أنواعهاهناك نوعان من الصواريخ الفرط صوتية، هما المركبات الانزلاقية وصواريخ كروز.
ويتميز هذان النوعان عن الصواريخ الباليستية بقدرتهما على المراوغة قبل الوصول للهدف، مما يعيق توقع مسار الصاروخ ويصعّب اعتراضه، وتتجاوز هذه الصواريخ سرعة الصوت بأكثر من 5 مرات، كما يمكنها حمل رؤوس حربية نووية أو تقليدية.
المركبات الانزلاقية: وهي التي تُطلق من الفضاء الخارجي عبر صاروخ قبل انزلاقها باتجاه هدفها، إذ تثبت المركبة على صاروخ باليستي ناقل يرفعها لحدود الغلاف الجوي ثم يتركها تنزلق نحو هدفها باستخدام طاقة الوضع التي استمدتها بالأعلى لتسريع نفسها للحدود الفرط صوتية. صواريخ كروز: وهي صواريخ باليستية عادية تستخدم نظام السرعة الفرط صوتية وتعمل بالطاقة الصاروخية خارج الغلاف الجوي، وتنتج قوة دفع أثناء تحركها باستخدام غاز الأكسجين المنتشر في الجو عبر محركات خاصة، مما يساعدها في تثبيت سرعتها وارتفاعها. الدول المطورة للصواريخ الفرط صوتيةتشكل الصواريخ الفرط صوتية التي تملكها كل من روسيا والصين هاجسا لأميركا، إذ يرى خبراء عسكريون أن بعض المنظومات الروسية التي أُعلن عنها قد تقلب الميزان النووي مع الولايات المتحدة.
كما أعلنت إيران نجاحها في تطوير صاروخ باليستي فرط صوتي لأول مرة في تاريخها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أطلقت عليه اسم "فتاح".
الصينتمكنت الصين من إدخال المركبات الانزلاقية الفرط صوتية "دي إف-زد إف" للخدمة عام 2019، وهي مركبات لها القدرة على ضرب أهداف في كوريا الجنوبية واليابان.
وأظهرت هذه الصواريخ قدرة غير عادية في إستراتيجية الإطلاق، التي تتكون من هجوم معقد من 3 موجات يهدف إلى خداع أنظمة الدفاع المكثفة لمجموعة الناقلات الأميركية والتغلب عليها.
روسياتتسابق روسيا للحصول على مركبات فرط صوتية، فقد نشرت مصادر روسية رسمية عام 2022 مقاطع لتلك المركبات التي لها القدرة على حمل أسلحة نووية، وقالت إنها نُشرت في منطقة أورينبورغ بجبال الأورال الجنوبية.
وفي عام 2018 قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة صواريخ فرط صوتية أطلق عليها اسم "أفانغارد"، ووصفا بأنها "لا تقهر"، وصرحت موسكو بأنها تعمل على تطويرها لتستطيع اختراق الدفاعات الجوية والصاروخية الأميركية مستقبلا.
الولايات المتحدة الأميركيةتعمل القوات البحرية والجوية ووكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة الأميركية على تطوير نوع من المركبات الانزلاقية أطلقت عليها "فالكون إتش تي في-2″، وتأمل في وصولها لسرعة 22 ألف كيلومتر في الساعة، ولكنها لم تدخل الخدمة بعد، ولا تزال في مرحلة التصميم والاختبار، في حين تتقدم روسيا والصين عليها في هذا المجال بفارق كبير بحسب ما قالته صحيفة وول ستريت جورنال.
نماذج مطورة صاروخ كينجالكينجال كلمة روسية تعني "الخنجر"، وهو أحد الأسلحة الروسية الباليستية "فرط الصوتية"، كشف عنها بوتين في مارس/آذار 2018، وأطلق عليها وصف "السلاح المثالي"، واستعملته موسكو لأول مرة في حربها على أوكرانيا.
يتراوح مداه بين 1500 إلى 2000 كيلومتر بحد أقصى، ويصعب اعتراضه، له القدرة على المراوغة في جميع مراحل طيرانه، ويمكنه حمل رأس حربية نووية أو تقليدية.
أفانغاردصاروخ أفانغارد عبارة عن مركبة انزلاقية روسية لها القدرة على حمل أسلحة نووية، تتجاوز سرعتها سرعة الصوت بـ27 مرة، وصفه بوتين بأنه "لا يقهر"، يزن صاروخ أفانغارد حوالي 2000 كيلوغرام، ويصل مداه أكثر من 6 آلاف كيلومتر.
صاروخ فتّاحأول صاروخ باليستي إيراني فرط صوتي، كشف عنه الحرس الثوري في 6 يونيو/حزيران 2023 بحضور الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
يتكون الصاروخ من جزأين، الأول يتألف من محرك أساسي يبلغ طوله 10 أمتار، ويمتلك القدرة على دفع الصاروخ بسرعة فائقة داخل الغلاف الجوي وخارجه، وينفصل عن الرأس الحربية على مسافة مئات الكيلومترات من الهدف المنشود، أما الثاني فيبلغ طوله 3 أمتار و60 سنتيمترا.
دونغ فينغ-27أحد سلسلة صواريخ فرط صوتية صينية تحمل نفس الاسم "دونغ-فينغ"، وتعني "رياح الشرق"، ذكرته القوة العسكرية لوزارة الدفاع الصينية لأول مرة عام 2021.
يُعتقد أن مداه يتراوح بين 5 إلى 8 آلاف كيلومتر، وله القدرة على حمل 3 رؤوس حربية نووية يمكن فصلها لضرب أهداف متعددة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الصواریخ الفرط صوتیة لها القدرة على على المراوغة سرعة الصوت فرط صوتیة لأول مرة
إقرأ أيضاً:
أمريكا تُجاري الإنجازات اليمنية في تكنولوجيا الصواريخ البالستية المضادّة للسفن
يمانيون/ تحليل
لطالما كانت الصواريخُ الباليستيةُ تُستخدَمُ بشكل رئيسي ضد الأهداف الثابتة على الأرض، إلا أن اليمنيين أظهروا قدرة على تعديلِ هذه الصواريخ لتستهدف الأهداف البحرية المتحَرّكة، في تحوُّلٍ نوعي مفاجئ لم يكن مألوفًا في تاريخ الحرب الحديثة، ومنذ أن بدأت المعركةُ البحريةُ في البحر الأحمر تزايدت اهتماماتُ الولايات المتحدة الأمريكية لتطويرِ تقنيات جديدة للصواريخ الباليستية القادرة على استهداف الأهداف المتحَرّكة، في محاولة لمنافسة الإنجاز الذي حقّقه اليمنيون في هذا المجال؛ ما أثار اهتمامًا دوليًّا، خَاصَّةً في الصحافة الأمريكية.
موقع breakingdefense العسكري نشر في 6 مارس 2024 تقريرًا قال: “لقد حقّق الحوثيون بالفعل تاريخًا عندما أصبحوا أول مجموعة تضرب بنجاح سفينة بحرية بصاروخ باليستي”، ويقول الخبراء لموقع Breaking Defense: إن “الأسلحة أظهرت مدىً كافيًا للوصول إلى القواعد الأمريكية في المنطقة وتهديد نقاط الاختناق الاستراتيجية في الشرق الأوسط. وما يزيد الطين بلة: يحذر المحللون من أنه من المرجح أن تدرُسَ الصين وروسيا، المنافِسان الرئيسيان لأمريكا، كيف نجحت هذه الأسلحة وما هو الخطر الذي تشكّله على الدفاعات الجوية الأمريكية، في محاولة لإيجاد ثغرة في الدروع الغربية”.
وَأَضَـافَ التقرير “يتفق عدد من الخبراء على أن استخدام الحوثيين الأخير للصواريخ الباليستية لاستهداف السفن التجارية يشير إلى أول استخدام للصواريخ الباليستية في تاريخ الحرب الصاروخية”.
وتابع الموقع “على الرغم من أن هذا النوع من الصواريخ يواجه تحديات في التوجيه على الأهداف المتحَرّكة، فَإنَّ الحوثيين استطاعوا أن يطوروا أنظمة توجيه باستخدام رادارات دقيقة وأدوات تكنولوجية لتوجيه الصواريخ نحو السفن، وهو أمر يُعتبر تحديًا تقنيًّا غير مسبوق في الصواريخ الباليستية”.
تطور القدرات الصاروخية اليمنية في استخدام الصواريخ البالستية لضرب الأهداف البحرية المتحَرّكة كان مثيرًا للاهتمام بشكل كبير؛ فتطوير صواريخ باليستية قادرة على إصابة أهداف بحرية متحَرّكة بدقة يعتبر تحديًا تقنيًّا غير مسبوق في هذا المجال.
هذه القدرةُ على توجيه الصواريخ باستخدام رادارات دقيقة وأدوات تكنولوجية متطورة، رغم الصعوبات التي يواجهها التوجيهُ على الأهداف المتحَرّكة، أثارت اهتمامًا واسعًا بين الخبراء العسكريين وأصبحت حديثَ الصحافة الدولية.
الولايات المتحدة تتبع نفس المسار:
في خطوة مفاجئة، قرّرت الولايات المتحدة التوجّـه نحو تطوير صواريخ باليستية قادرة على ضرب الأهداف المتحَرّكة، لا سِـيَّـما في سياق التحديات العسكرية التي فرضتها الأنظمة الصاروخية المتطورة مثل تلك التي أطلقتها القوات المسلحة اليمنية، وتعتبر صواريخ PrSM (Precision Strike Missile) واحدة من أبرز الأمثلة على هذا التحول الأمريكي في الاستراتيجية العسكرية.
في يونيو 2024 أعلنت وزارة الحرب الأمريكية عن نجاحها في اختبار صاروخ باليستي من طراز Precision Strike Missile (PrSM) ضد هدف بحري متحَرّك خلال مناورات “فاليانت شيلد 24″، فيما ذكر موقع نافال نيوز العسكري المهتم بالدفاع البحري ذكر أنه ورغم إعلان أمريكا عن هذا الإنجاز، ونجاح تجربة الصاروخ لم تقدم الولايات المتحدة أية صور أَو مقاطع فيديو حية توثق العملية وتثبت ذلك النجاح.
يقول الأمريكان: إن تطوير صواريخ PrSM الأمريكية يأتي في سياق سباق تسلح في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ، حَيثُ تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز قدرتها على تدمير الأهداف البحرية المعادية، وأن هذه الصواريخ مصممة لتكون قادرة على ضرب الأهداف الثابتة والبحرية المتحَرّكة على حَــدٍّ سواء.
وبينما يصر الجيش الأمريكي على أن هذا التطور يأتي في إطار تحضيراته لمواجهة تحديات عسكرية محتملة مع دول مثل الصين وروسيا، يبقى من الواضح أن جزءًا من هذا الاهتمام هو نتيجةٌ لتطورات تهديدات الجيش اليمني في البحر الأحمر.
ومع مساعي الولايات المتحدة الأمريكية لرفع مستوى قدراتها العسكرية في مجال الهجمات على الأهداف البحرية المتحَرّكة، يظل نجاح اليمنيين في تطوير صواريخ باليستية قادرة على تدمير السفن الحربية في البحر، مصدرَ إلهام كبيرًا لهذه التقنيات.
من جهة أُخرى، يعكس هذا السباق العسكري المحموم التوترات المتزايدة في المحيطَينِ الهندي والهادئ، وهو ما يجعل هذه التقنيات في صميم الصراعات المستقبلية.
في 18 ديسمبر، أكّـد تقرير نشر في موقع ديفنس بلوغ العسكري أن شركة لوكهيد مارتن تعمل على تطوير تقنية الصواريخ البالستية المتقدمة، وذلك ضمن برنامج Precision Strike Missile (PrSM) وأنها حصلت على عقد بقيمة 59.2 مليون دولار لعملها في برنامج Precision Strike Missile (PrSM) K، وهو برنامج صاروخي باليستي لضرب الأهداف المتحَرّكة يهدف هذا البرنامج إلى تحسين دقة وقوة الضربات العسكرية على مسافات تتجاوز 500 كيلومتر، ويعد جزءًا من جهود الجيش الأمريكي لتحديث قدراته العسكرية في مواجهة التهديدات المستقبلية.
تقول الشركة إنه تم تصميم صاروخ Precision Strike لضرب الأهداف الثابتة وشبه المتحَرّكة على مسافات تتجاوز 500 كيلومتر.
شركة لوكهيد مارتن كانت قد أعلنت قبل أشهر أنها نجحت مع الجيش الأمريكي في تحقيق تقدم في عمليات إطلاق تجريبية لمثل هذا النوع من الصواريخ إلَّا أن الواقع لا يعكس بالضرورة تلك الصورة المبهرة.
فبينما تم الإعلان عن بعض النجاحات في الاختبارات الأولية لنظام الصواريخ مثل Precision Strike Missile (PrSM)، والتي تقول الولايات المتحدة إنها قد تمكّنت من تحسين قدرة الصواريخ على ضرب الأهداف المتحَرّكة بدقة، فَإنَّ هذه الادِّعاءات تظل بحاجة إلى تدقيق عميق وتقييم حيادي.
ثانيًا: الاختبارات التجريبية التي تروج لها شركة “لوكهيد مارتن” ووزارة الحرب الأمريكية لا تُظهِرُ دائمًا نتائجَ ثابتة، بل تقتصر على عمليات محدودة للغاية تحت ظروف مثالية، وهو ما يجعل من الصعب اعتماد هذه النتائج كتأكيد على نجاح التقنية في ساحة المعركة الحقيقية، حَيثُ تختلف العوامل البيئية والتكتيكية بشكل كبير.
وفي هذا السياق، يظل التحدي الكبير في ضرب الأهداف المتحَرّكة، سواء في الجو أَو على الأرض، مهمًّا جِـدًّا؛ نظرًا لتأثير العوامل الديناميكية والتشويش الإلكتروني.
ثالثًا: رغم أن الولايات المتحدة أعلنت عن نجاح اختبار صاروخها الجديد ضد هدف بحري متحَرّك، إلا أنه لم يتم عرض أية صور أَو مقاطع فيديو تُظهر عملية الإطلاق بشكل حي أَو واقعي، الأمر الذي يثير الكثير من الشكوك حول حقيقة هذه الادِّعاءات، وهذا يشير إلى أن الاختبار ربما لم يكن كما تم الإعلانُ عنه أَو أنه كان مُجَـرّدَ عملية تجريبية محدودة لم يتمكّنوا من توثيقِها لأسبابٍ فنية؛ نتيجةَ أن الصاروخ يحتاجُ للمزيد من التحسينات التكنولوجية.
اليمن يسبق التسلح الأمريكي:
ومن اللافت أن الولايات المتحدة، رغم إمْكَانياتها العسكرية المتقدمة، قد تأخرت في إنتاج صواريخ باليستية قادرة على ضرب أهداف بحرية متحَرّكة.
في المقابل، تمكّن الجيش اليمني منذ عدة سنوات من تطوير صواريخ باليستية ذات قدرة فائقة على استهداف السفن الحربية في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
النجاح اليمني في هذا المجال لم يكن مفاجئًا بالنظر إلى تكتيكه المبتكر في الاستفادة من الأسلحة الباليستية؛ فعلى الرغم من الحصار المفروض والتقنيات المحدودة المتاحة تمكّن اليمنيون من تطوير قدرات هجومية دقيقة وقاتلة؛ مما جعلهم يشكّلون تهديدًا حقيقيًّا للقوات البحرية الأمريكية في المنطقة.
إن فكرة استهدافِ السفن المتحَرّكة باستخدام صواريخ باليستية تعتبر خطوة ثوريةً في تطوير الأسلحة البحرية، فالسفن الحربية المتحَرّكة تمثل هدفًا صعبًا؛ نظرًا لسرعتها وقدرتها على المناورة؛ لذلك فَإنَّ تطوير صواريخ قادرة على إصابة هذه الأهداف بدقة هو تحَدٍّ تقني هائل.
مجلة Popular Mechanics نشرت في ديسمبر 2023 تقريرًا بعنوان “ربما شهدنا للتو أول هجوم صاروخي باليستي مضاد للسفن في العالم” عندما قام الجيش اليمني باستهداف إحدى السفن الأمريكية.
وتحدثت المجلة بأن ضرب سفينة بحرية سريعة يتطلب تقنيات معقدة، تشمل حسابات متقدمة لسرعة السفينة واتّجاهها، وكذلك القدرة على تعديل مسار الصاروخ بشكل مُستمرّ لتفادي الانحراف وأن التحدي الأكبر يكمن في دقة التوجيه في الظروف البحرية المتغيرة باستمرار.
لكن المجلة أردفت بالقول إنه من غير الواضح ما هو الهدف الذي استهدفه هجوم الحوثيين وأيُّ نوع من الصواريخ الباليستية تم استخدامه، ولكن إذَا كانت هذه الضربة تتضمنُ صاروخًا باليستيًّا مضادًّا للسفن، فسوف يمثل ذلك أولى الطلقات التجريبية لعصر جديد في الحرب البحرية؛ عصرٌ يجبُ على السفن في البحر ليس فقط أن تحميَ نفسَها من الطوربيدات والصواريخ التي تطير على السطح، ولكن أَيْـضًا الصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها من الشواطئ البعيدة والتي تتساقطُ من وراء الغلاف الجوي للأرض.
في 11 نوفمبر 2024 حذّر أكبرُ مسؤول في البنتاغون من أن اليمنيين طوّروا قدراتٍ “مذهلة” في مجال الصواريخ الباليستية على مدار العام الماضي؛ وهي قدراتٌ لا تشتركُ فيها إلا عدد قليل من الدول المتقدمة.
وقال الدكتور ويليام لابلانت، وكيل وزارة الدفاع الحالي لشؤون المشتريات ومساعد وزير القوات الجوية السابق لشؤون المشتريات، في ندوة نظمتها وكالة أكسيوس إن من أسماهم “الحوثيين” حقّقوا مستوىً من تكنولوجيا الصواريخ ومعدَّلَ إنتاج مذهِلًا لجماعة مسلحة إقليمية بحجمهم. وقال: “أنا فيزيائي ومهندس، وقد عملتُ في مجال الصواريخ معظمَ حياتي المهنية… وما فعله الحوثيون في الأشهر الستة الماضية، أمرٌ مذهلٌ للغاية”.
ما يزيد من قلق، الولايات المتحدة الأمريكية هو أن الصين وَروسيا، المنافسين الرئيسيين لأمريكا، قد يقومان بدراسةِ النجاح اليمني في استخدام الصواريخ الباليستية ضد الأهداف البحرية وقد يسعى كُـلٌّ من هذين البلدين للاستفادة من التكنولوجيا اليمنية ودراستها بشكل دقيق؛ مِن أجلِ تطوير أسلحة مماثلة قد تكون قادرةً على اختراق الدفاعات الغربية، وبالتالي تهديد التفوُّق العسكري الأمريكي في المحيطات وَنقاط الاشتباك الاستراتيجي.
سبقٌ يمنيٌّ غير مسبوق:
لقد سجَّل اليمنيون سابقةً عسكريةً جعلتهم أولَ جهة تستخدم الصواريخ الباليستية لضرب أهداف بحرية متحَرّكة، وهذا الإنجاز لم يكن مُجَـرّدَ خطوة تكتيكية في الصراع المحلي، بل تحوَّل إلى حدث عالمي لفت انتباه مراكز الأبحاث العسكرية حول العالم، التي سارعت إلى دراسة تأثير هذا السلاح على مستقبل المعارك البحرية وأهميّة الصواريخ الباليستية المضادة للسفن كعامل يغيّر قواعد الاشتباك البحري.
لقد كانت الصواريخ الباليستية التقليدية تُعرَفُ بقدرتها على استهداف مواقعَ ثابتة، ولكن استخدامها لضرب أهداف متحَرّكة يمثل قفزةً نوعية في التكنولوجيا العسكرية، وما أثار الدهشة هو أن اليمنيين استطاعوا استخدام هذه الصواريخ في ظل موارد محدودة نسبيًّا؛ مما يشير إلى تطور نوعي في قدرتهم على توظيفِ التكنولوجيا العسكرية بطرق مبتكرة وغير تقليدية.
ردود الفعل العالمية لم تتأخر، حَيثُ وجَّهت عشرات مراكز الأبحاث العسكرية جهودَها لتحليل هذا التطور، فقد طُرحت أسئلة عديدة حول كيفية التعامل مع هذه الصواريخ، ومدى كفاءة الأنظمة الدفاعية البحرية التقليدية في مواجهتها، ومدى تأثيرها على الاستراتيجيات العسكرية المستقبلية، وهذا الاهتمامُ يعكسُ إدراكًا عالميًّا بأن استخدامَ الصواريخ الباليستية ضد السفن قد يعيد رسمَ معالم الحروب البحرية في المستقبل القريب.
إن تزايُدَ الاهتمامِ بتطوير الصواريخ الباليستية المضادة للسفن، سواء من قبل الجيش اليمني الذي كان أول من استخدم هذه التقنية بنجاح في تاريخ الحروب الحديثة أَو الجيش الأمريكي أَو الصيني، يعكس التغيراتِ الكبيرةَ في التكتيكات الحربية البحرية.
علاوة على ذلك أصبحت الصواريخ الباليستية جُزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجيات الدفاعية والهجومية في الحروب الحديثة، وبالنظر إلى التقدم الكبير في تكنولوجيا الصواريخ، يبقى التساؤل الأبرز هو: كيف ستواكب القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة هذه التحديات الجديدة وتطور أنظمة دفاعية فعالة ضد هذه التهديدات؟
نقلا عن المسيرة نت