سعت الحكومة الى احتواء تداعيات بيانات التحذير التي أصدرتها الدول الخليجية لرعاياها في لبنان، فشدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء، على أن «معطيات الأجهزة الأمنية لا تدل على أي وضع أمني استثنائي»، لافتاً الى أن «هناك اضطراباً في مخيم عين الحلوة، وعقدتُ اجتماعاً مطولاً مع القيادة الفلسطينية في لبنان ومسؤولين أمنيين لبنانيين واتفقنا على آلية معينة التزم بها الفلسطينيون، وصدر بيان فلسطيني بهذا الصدد».


وعقد اجتماع لمجلس الامن المركزي اعلن على اثره وزير الداخلية بسام مولوي انه "تم اتخاذ كل الاجراءات الضرورية لمنع انتقال الاشتباكات إلى خارج مخيّم عين الحلوة وللحفاظ على أمن اللبنانيين والإخوان العرب". وقال"حرصنا على الموجودين على الاراضي اللبنانية لا يقل عن حرصنا على اللبنانيين"، معتبرا ان "لا معطيات أمنية بخروج الأمور في مخيم عين الحلوة عن السيطرة وانتشارها إلى مخيمات أخرى". وشدد على ان "لا مساومة على تطبيق القانون ولن نقبل أن ننجر إلى مكان آخر ولبنان ليس صندوق بريد ولن نسمح بأن يكون مسرحاً لتوجيه رسائل". أضاف: لا نقبل التفلّت الأمني في لبنان وأي دعم لفصائل مسلحة أمرٌ مرفوض ونرفض السلاح المتفلت.هناك مجموعات مسلحة في المخيمات وهذا بعهدة الجيش الذي تصرف بدقة وحكمة وقيادة الجيش واعية وتعرف كيف تتصرف مع الظروف".

وفي اول تعليق له على التحذير الذي أصدرته بلاده قال السفير السعودي وليد البخاري أن دعوة السعوديين لمغادرة لبنان "أتت على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة وأن المملكة حريصة على مواطنيها أينما وجدوا ولا يمكن أن تفرط بهذا الموضوع"، مشيرًا إلى أن "المملكة كانت وستكون من أهم المشجعين للسياحة في لبنان وان الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصل اللبنانيون إلى حل أزمتهم".

وكتبت" الاخبار": التحذيرات التي صدرت عن دول مجلس التعاون الخليجي لرعاياها، سواء بوجوب المغادرة فوراً أو الالتزام بقرار منع السفر إلى لبنان، بقيَت مليئة بالغموض. ولليوم الرابع على التوالي، لم يكُن بالإمكان إقناع أحد من القوى السياسية بأن البيانات كما خرجت - بتوقيتها (ليلاً) وصيغتها وعلانيتها - مربوطة حصراً بمعارك مخيم عين الحلوة التي هدأت «مبدئياً» كما قال السفير السعودي وليد البخاري.
- الأولى تتعلق بسلوك المملكة. قبلَ الاتفاق الإيراني – السعودي برعاية صينية، تصرّف السعوديون بحيادية سلبية على قاعدة أنهم غير معنيين بما يجري في لبنان، وبعدَ الاتفاق، عادوا قليلاً إلى الوراء لإبداء «النوايا الحسنة» من دون إعطاء إشارة جدية للمساعدة. بعدها حصلت تطورات كثيرة في المنطقة، تبدأ باهتزاز التفاهم في اليمن ولا تنتهي عند حقل الدرة في الكويت وتراجع الحماسة للتطبيع مع سوريا وتأجيل فتح السفارة، وكان لا بدّ لهذه التطورات أن تلفح الملف اللبناني. وفي لقاء الدوحة الأخير (17 تموز الماضي) ظهرت نذر التشدّد في التعامل مع لبنان، عبر التهديد باتخاذ إجراءات ضد المعرقلين لانتخاب رئيس جديد. ويومها، تسرّب عن اللقاء الخماسي أن ممثل المملكة كانَ الأكثر عدائية وسلبية في الحديث عن الضغط وهو من اقترح منع السياح من المجيء إلى بيروت.
الثانية مرتبطة بالتناقض في التعامل مع المبادرة الفرنسية، ولا سيما في ما يتعلق بفكرة الحوار. فقد بات واضحاً أن الرياض غير متحمّسة للدور الفرنسي ولا تريد أن تكون منخرطة في أي حل، وهي لا توفّر جهداً لضرب الجهود التي يقوم بها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، خصوصاً في ما يتعلق بالدعوة إلى الحوار. وبينما تعلن السعودية أن الانتخابات الرئاسية شأن لبناني، ترفض الحوار العام «خشية استغلاله لضرب الطائف»، علماً أن لودريان حينَ أتى إلى لبنان قبل أسبوعين أكّد أنه يتكلم باسم الدول الخمس لا باريس فقط.
- الثالثة تخص الجبهة السياسية الممتدة من الرياض حتى واشنطن مروراً ببيروت والعاملة ضد حزب الله، والتي لا يُمكِن التعامل معها على أساس أنها «منفصلة» عن بعضها. فالماكينة الإعلامية - السياسية لا تتوقف عن تحميل الحزب مسؤولية كل ما يحصل في البلد، وصارَ «الموضة» أخيراً في شمل الثنائي الشيعي واتهامه وحده بتعطيل البلد وإيصاله إلى الانهيار الكامل.

وأبدت مصادر سياسية عبر «البناء» استغرابها لبيان السفارة السعودية والبيانات التي تلتها، علماً أن كل الدول العربية تدرك الأوضاع في المخيمات الفلسطينية التي تحولت الى بؤر أمنية وموئل للجماعات المتشددة والمتطرفة والارهابية بتدخل من هذه الدول تسليحاً وتمويلاً، فما الجديد الذي دفع السفارات الخليجية لإطلاق هذه التحذيرات العالية السقف والتي سمّمت الأجواء الهادئة وموسم الاصطياف المزدهر وبثت الرعب في نفوس المغتربين والسياح الذين توافدوا إلى لبنان بالملايين لقضاء فترة الصيف؟ وما الذي دفعهم لإطلاق التحذير الساعة 12 ليلاً الذي لم يكن صدفة! وبعد توقف إطلاق النار في عين الحلوة بيومين؟ وأكدت المصادر وجود خلفيات وأبعاد سياسية واقتصادية في بيان السفارات، أولاً للضغط على الملف الرئاسي بعد بيان اللقاء الخماسي.
وأكدت مصادر مطلعة على الوضع الأمني لـ»البناء» أن الأمن في لبنان مستقرّ نسبياً ولا داعي للخوف والقلق ومواقف السفارات لا تستند الى معلومات خاصة لا تعرفها الأجهزة الأمنية اللبنانية، ولذلك دعت المصادر اللبنانيين والمغتربين والسياح الى عدم الخوف والاطمئنان الى استقرار الوضع الأمني.

ووفقاً لمعلومات «اللواء» فان «التحذيرات الخليجية» تسحب المظلة العربية والخليجية عن الوضع برمته، اذا ما استمر تلاعب الطبقة السياسية على حافة الهاوية بعد مجيء لودريان في ايلول.
ويتوجه اليوم سفراء الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي الى الجنوب، حيث سيقومون بجولة برفقة اليونيفل عند الحدود اللبنانية - الاسرائيلية، لمعاينة الوضع عن كثب عشية التمديد لليونيفل لولاية جديدة.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مخیم عین الحلوة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

دريان دعا إلى مؤازرة ميقاتي في المساعي الديبلوماسية لوقف الحرب

أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أمام زواره "أن وحدة اللبنانيين الداخلية ستبقى عصية في وجه العدوان ومحصنة بتماسكهم وتلاحمهم وستبقى هي الأداة الفعالة لتفشيل وإسقاط مخططات العدو إزاء لبنان"، ودعا إلى "المزيد من التضامن الوطني لمواجهة هذه النيات الخبيثة في إطار الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية". 
 
وحذر المفتي دريان من "النيات العدوانية التي تترافق مع تهديدات العدو ضد لبنان"، وقال:"ان حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني اليوم على الشعب اللبناني في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت وسائر المناطق اللبنانية وعلى الفلسطينيين في غزة  لن تطفئ شعلة الصمود ضد عدوانه بل ستزيد الشعب اللبناني والفلسطيني قوة وعزيمة ومناعة".
 
ودعا الى "الوقوف إلى جانب الحكومة وتأييد رئيسها نجيب ميقاتي ومؤازرته في الأسس التي يعتمدها وفي المساعي الديبلوماسية التي يبذلها من أجل وقف الحرب والعدوان الصهيوني على سائر المناطق اللبنانية".
 
أضاف:"دار الفتوى تثمن المبادرات الخيرية والاجتماعية والإغاثية وتقديم كل المساعدات الإنسانية الممكنة لأهلنا النازحين من اللبنانيين والأشقاء العرب والدول الصديقة لنجدة إخوانهم المنكوبين من الإرهاب الصهيوني الوحشي".
 
وطالب القوى السياسية ب"التلاقي على كلمة سواء ضمن تسوية تاريخية تؤمن ولو الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني".
 
واستقبل دريان، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد والقنصل محمد الجوزو. وبعد اللقاء، تحدث عربيد عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، مشيرًا إلى أن الوضع يزداد صعوبة خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على البلاد. كما استقبل القنصل العام لجمهورية مصر العربية محمد المشد وبحث معه في الشؤون العامة. (الوكالة الوطنية للإعلام)

مقالات مشابهة

  • ميقاتي الى القمة العربية الاسلامية في الرياض: المرحلة تتطلب تعاون الجميع في مواجهة تداعيات العدوان
  • ماكرون: لا يجب على الدول الأوروبية تفويض قضاياها الأمنية لواشنطن إلى الأبد
  • اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء لمراجعة خطط الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية
  • في اجتماع استثنائي.. الحكومة الشرعية تناقش خطة انقاذ اقتصادي تمهيدا لإقرارها وتشدد على مواصلة ضبط المتلاعبين بالعملة
  • ميقاتي رعى توقيع مذكرة تفاهم بين الحكومة اللبنانية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي
  • ما بعد “قازان”: ما الذي يحتاجه “بريكس” ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟
  • ميقاتي: الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة والمتصاعدة ضد لبنان تحولت لجرائم ضد الإنسانية
  • دريان دعا إلى مؤازرة ميقاتي في المساعي الديبلوماسية لوقف الحرب
  • دعوة ميقاتي إلى قمة التضامن.. ووقف الحرب على لبنان على جدول الأعمال
  • “إعلان الكويت” يؤكد ضرورة تعزيز التعاون لمواجهة التحديات الأمنية الحدودية