مزمل أبو القاسم والخطاب الإعلامي المتلهف
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد
في مقال له بعنوان (مكالمة البرهان وبن زايد؛ تفاصيل ما جرى) قدم الصحفي د. مزمل ابو القاسم سرداً لحيثيات كثيرة من وجهة نظره بعضها ينطوي على مغالطات وبعضها يجب التأمل فيها تقديرا لخطورة الموضوع المطروح وانعكاسه على مجريات الحرب في السودان ودور الكاتب في تناول الموضوع بكل ما ينطوي عليه من حساسية مع بلد (الإمارات) شاءت الأقدار أن يكون لها تأثيراً ونفوذاً على مجريات الأحداث في السودان.
على عموم الأمر، ففحوى ما كتبه مزمل ابو القاسم حول المكالمة الهاتفية باختصار أن الإمارات "غدرت ببرهان" ولم تلتزم بتعهدها بعدم نشر تفاصيل المكالمة.
فقد تكفل بذلك أبو القاسم من عنده وحسب كلامه أن البرهان وجّه لوماً شديد اللهجة لإبن زايد للدرجة التي أُضطر فيها للتمهيد بقوله :(وإبتدر البرهان المكالمة بمطالبة بن زايد بأن يوسع صدره ويتقبل ما سيقوله على حدته وقسوته) ثم سرد البرهان شواهد على تدخل الإمارات في الحرب بدعم للمتمردين....إلخ
إذن ماذا كان رد فعل بن زايد على كلام البرهان حسب كلام أبو القاسم؟؟ عند سماع حديث البرهان يقول أبو القاسم :(تلقى الرئيس بن زايد حديث الرئيس البرهان بهدوء، وقال له إن تلك الإتهامات كتيرة عليهم وأنهم حريصون على أمن السودان واستقراره ورفاه شعبه وأنهم سيحققون فيما ذكره البرهان) يمكن ملاحظة أن إستخدام كلمة بهدوء تنم عن شخص تعرف على لغة جسد بن زايد وقتها أو نبرة صوته كأنه قد حضر المكالمة، إضافة الي أنه يريد القارئ أن يأخذ انطباعا بأن البرهان "قرّع" بن زايد وأن بن زايد لشدة وقع التقريع طأطأ رأسه وقال إن هذا الاتهام كتير عليهم لكنهم سيحققون فيما قاله البرهان.
وكلمة تحقيق هذه لا يمكن أن تصدر من رئيس دولة متهمة بتأجيج حرب، فالتحقيق يجرى لتأكيد البراءة أو الضلوع في أمر ما.. ولا يمكن أن تجريه دولة حول سياستها تجاه دولة أخرى. كأن ضلوعها في الحرب قد قام به " متفلتون" دون علم الرئيس. أو كأن ضلوع الدولة في الحرب يماثل عملية "شفشفة" لقرية نائية في اصقاع الجزيرة.
من جهة أخرى، فقد أكد أبو القاسم أن مكتب البرهان حرص على توثيق المكالمة وتسجيلها كاملة لإثبات الكيفية التي تم بها الإتصال والتأكيد على صحة الخبر الذي نشره الجانب السوداني وعن تفاصيل المكالمة...إلخ ذلك يعني أن أبو القاسم قد اطلع على تسجيل المكالمة الأصلي لذلك كتب بكل هذه الثقة النافية للشك.. لكن إذا كان الأمر أمر تشكيك في قضية "تنبأ" فيها الجانب السوداني أن الإمارات "ستغدر" بهم وتنشر معلومات غير سليمة، كان من الأجدر والحالة هكذا ألا يطلع عليها أبو القاسم فقط، بل يطلع عليها جميع أهل السودان بإعتبارهم أصحاب المصلحة الأساسية حتى يقفوا على حقيقة الموقف بدلاً عن أن تأتيهم الحقيقة عبر افتضاح عطر أبو القاسم... وهنا المفترض أن يبرز دور (أبي احمد - إثيوبيا) فهو إذا كان وسيطا يجب أن يكون ملم بكل تفاصيل المكالمة إن لم يكن طرفا فيها ويشهد على ما جرى فيها من تسريبات وغيره بحسم الجدل الدائر وليس أي شخص آخر..طالما انه قد هندس هذا اللقاء حسب ما أورد أبو القاسم، فقد كان يمكن أن يلجأ إليه السودان بإعتباره الوسيط بحيث يحاط علما بالخرق الإماراتي بدلاُ عن تترك هذه المهمة ليقوم مزمل أبو القاسم بتناولها كما يتناول مباريات الهلال والمريخ.
عموماً ما دوّنه قلم مزمل أبو القاسم بهذا التلهف الإخباري لا يصب في مصلحة السودان في هذا الظرف الدقيق من الحرب وتطوير العلاقة مع الإمارات إن كان هنالك ثمة مَن يطمح في تطويرها على المستوى السوداني الرسمي.
د. محمد عبد الحميد
wadrajab222@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أبو القاسم أبی أحمد بن زاید
إقرأ أيضاً:
مابعد الفيتو!!
أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول :
وطن حين تستدير نحوه
تشعر أن كل الأشياء ملكك وبين يديك
وحين تُعْرض
فكأنما فاتك كل شيء
و في سابق حديث ذكرنا أن حكومة جو بايدن تحاول حسم ملف الحرب في السودان و تقوم بتحركات متسارعة تسابق بها الوقت الذي أصبح كل يوم فيه يجعل عقارب الساعة تنبض بالأمل عند الذين ينشدون سلاما في السودان حتى وأن كان العد تنازليا
فزيارة توم بيرييلو الي بورتسودان تكشف ان الرجل جاء ليناقش أهم النقاط الحاسمة مع الفريق البرهان وان الإجتماع الذي جمع بينهما لم يتم لطرح إقتراحات ناعمة كما افصح المجلس الإنقلابي لأن القضية بكل المقاييس تجاوزت الطلب والرجاء وذلك لعلم امريكا أن البرهان غير جدير بالثقة فيما يتعلق بالعهود
ويبدو أن بيرييلو اوضح للجنرال أنهم بصدد حسم هذا الملف قبل مغادرتهم البيت الأبيض اما بالتفاوض او التدخل لذلك تحدثنا عن أن التحركات الدولية بما فيها زيارة خمسة مسئولين وسفراء الي البرهان في غضون اسبوع واحد، ربما تثمر عن نتائج قبل تلويحة بايدن الأخيرة لباحة البيت الأبيض
و معهد Quincy في واشنطن نشر تقريرا
تساءل فيه عما قد يتغير في العلاقات السياسية لواشنطن مع مختلف البلدان الأفريقية، وكيف يمكن أن تؤثر هذه التغيرات على توازن الهيمنة الأمريكية مقابل سياسات ضبط النفس ، لتأتي الإجابات من عدد من المختصين يأن الولايات المتحدة تميل الى النظر إلى القارة من خلال عدسة مكافحة الإرهاب، ومن غير المرجح أن يتغير ذلك بحلول 21 يناير 2025 ، أي لن تتغير ملامح نظرتها بمغادرة بايدن وحلول ترامب
ولكن حسب التقرير إن إدارة بايدن ربما تخشى من أن أفريقيا ستكون على الأرجح من أقل المناطق التي سيفكر بها ترامب وفريقه ، وهذا مايعني ضرورة ووجوب سعيها واهتمامها لحسم ما قد تهمله ادارة ترامب
ويتخوف التقرير ايضا من أن تحاول إدارة ترامب دعم طرف معين ( من يكسب الحرب ) في الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
لذلك تريد أن تختصر مسافات الطريق قبل العبور بمنعطافات مستقبلية ، ربما تطيل أمد الحرب ويدخل السودانيون في دوامة الأنفاق المظلمة لقطار الإنتظار، سيما أن الوضع الإنساني كارثي للحد الذي جعل المنظمات الدولية تدعم بشدة المشروع البريطاني وتسعى بتكاتف دولي للقفز فوق العقبة التي وضعتها روسيا ولكن يبقى السؤال ما هو اقصى مايمكن أن تبذله ادارة جوبايدن لتحقيق اهدافها قبل ان تدخل مرحلة مخاض الرحيل دون أن يشهد مهد الوداع ميلاد سلام في السودان!!
فما الذي يمكن أن تفعله ما بعد الفيتو الروسي !! إجابة قد نجدها في حديث السفير علي الجندي في حديثه لراديو دبنقا حول ماهية خيارات الحل
ويرى الجندي إن هناك ثلاثة خيارات الأول أن تقوم امريكابعمل إختراق في جلسة مجلس الأمن الثانية في ديسمبر القادم
والخيار الثاني يتمثل في اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح قضية السودان أمامها كنوع من الضغط لمجلس الأمن أسوة بسابقة عام 1950 خلال الحرب الكورية حيث استخدم الاتحاد السوفيتي حينها حق الفيتو لمنع ارسال قوات تحت مظلة الأمم المتحدة إلى كوريا وفي أعقاب ذلك دعت الدول الغربية الى عقد دورة استثنائية خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1950 تحت عنوان «الاتحاد من أجل السلم» تمّ فيها اتخاذ القرار رقم 377، بتصويت 52 ضدّ 5 أيّ بأغلبية الثلثين، جاء فيه أنه في حالة قيام عضو دائم في مجلس الأمن بعرقلة اتخاذ قرار يتعلق بالأمن والسلم الدوليين فإنه يحق لدورة خاصة للجمعية العامة تجاوز ذلك باتخاذ قرارات بأغلبية الثلثين تكون لها قوة قرارات مجلس الأمن
، ومن ضمنها الصلاحيات الممنوحة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وقد تمّ بموجب هذا القرار إرسال قوات للأمم المتحدة الى كوريا
اما الخيار الثالث هو أن يعقد الإتحاد الافريقي اجتماعا غير عادي للنظر في الوضع الراهن في السودان وإحالة ما يتم التوصل إليه من توصيات إلى مجلس الأمن للبت في الموضوع).
لهذا فإن الأيام القادمة حبلى بالمفاجأت على الصعيد الدولي سيما أن ثمة تحركات سياسية دولية واقليمية تجرى لمساعدة امريكا وبريطانيا لقلب الطاولة
فقد يتغير مسار الرياح فالسماء بالرغم من أنها أبرقت وأرعدت أحلاما للسلطة الإنقلابية وفلولها ولكنها قد تمطر بعيدا عن أرض الأمنيات الكذوبة.
طيف أخير :
#لا_للحرب
يونيسف: ما لا يقل عن 13 مليون طفل سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2024
ربما تكون هذه إجابة مقصودة على الجنرال الذي نفى وجود المجاعة في السودان.
وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ