خالد هاشم خلف الله
Kld.hashim@gmail.com
اصبحت المكالمة الهاتفية التي جرت الخميس بين رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان ورئيس دولة الامارات العربية محمد بن زايد محل جدل واستغراب ووضعت كثير من علامات الاستفهام ، ليس لكونها كانت مفاجئة في ظل استمرار التوتر المتواصل والمتصاعد بين البلدين على خلفية دعم الامارات المثبت لغزاة الجنجويد بشحنات السلاح عبر تشاد وتوفير الدعم الإعلامي لها ولجناحها السياسي المتمثل في قحت أو تنسيقية تقدم التي يقودها رئيس الحكومة الانتقالية السابق عبد الله حمدوك ، ولكونها جاءت بعد يومين من تصريحات الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة والتي هاجم فيها وبشكل مباشر وصريح رئيس دولة الامارات محمد بن زايد ونعته فيها بشيطان العرب والصهيوني القذر.
بادرت وكالة الأنباء الاماراتية بنشر خبر المكالمة الهاتفية بين البرهان ومحمد بن زايد مساء الخميس وصدرت الخبر بعبارة تلقى صاحب سمو الشيخ محمد بن زايد ، وهو ما يشير إلى ان الفريق البرهان هو من بادر بإجراء الاتصال وانه أي الفريق البرهان ثمن دور الأمارات في الوقوف بجانب الشعب السوداني في ظروف الحرب الحالية ، في حين انتظر اعلام المجلس السيادي اكثر من اثنتي عشر ساعة لينشر على منصاته خبر المكالمة الهاتفية براوية مناقضة تماما لتلك التي نشرتها وكالة الأنباء الإماراتية من حيث المبادر بأجراء الاتصال وهو رئيس دولة الإمارات العربية محمد بن زايد في خبر اعلام المجلس السيادي عن المكالمة الهاتفية ، ومن حيث المضمون حيث ابلغ البرهان الرئيس الإماراتي بالاتهامات التي يوجهها الشعب السوداني لدولته بدعم مليشيا الجنجويد في الحرب التي تشنها ضد الشعب السوداني منذ اكثر من عام واشار البرهان إلى أن ذلك الاتهام له أدلة وشواهد تعضده وتسانده، وطالب البرهان محمد بن زايد بالكف والتوقف عن دعم مليشيا الجنجويد في حربها ضد الشعب السوداني ، تناقض الراويتين من حيث المبادر بالاتصال ومضمون ما جرى بين الرئيسين خلالها يشير إلى ان كل طرف هدف إلى تحقيق نتيجه لصالحه من خلال إشهار خبر هذه المكالمة ، الخبر بصيغة وراوية وكالة الأنباء الإماراتية هدف إلى الإشارة إلى سعى القيادة السودانية ومبادراتها الى الاتصال بقيادة دولة الامارات رغم الاتهامات التي يطلقها أشخاص في هيئتها العليا مثل الفريق ياسر العطا ضد الامارات بدعم مليشيا الجنجويد في حربها الاجرامية ضد الشعب السوداني ، وان تلك الاتهامات المثبتة بتقارير اممية وتحقيقات صحف غربية وأفريقية اوصلها السودان إلى منضدة المجلس الأمن الدولي والذى خصص أحدى جلساته الشهر الماضي لتناول ومناقشة الاتهامات السودانية الموجهة للأمارات بدعم مليشيا الجنجويد بشحنات سلاح فاقم وصولها لأيدي المليشيا الإرهابية المجرمة من معاناة السودانيين وارتكاب مليشيا الجنجويد المزيد من الانتهاكات بحق المواطنين السودانيين في الولايات التي بلغتها تلك المليشيا الإرهابية المجرمة مثل ولاية سنار.
ورغم تباين الروايتين حول الحديث الذى تناوله الرئيسان البرهان ومحمد بن زايد في مكالمتهما الخميس ، لكن اجراء المكالمة في حد ذاته يشير إلى ان قنوات التواصل المباشر بين القيادتين اعيد فتحها وتفعيلها وربما كان ذلك نتاج مبادرة إقليمية غير معلنة والارجح ان صاحب هذه المبادرة هو رئيس وزراء اثيوبيا ابى احمد وأنه قد ربما طرحها على الرئيس البرهان فى زيارته لبورتسودان مؤخرا واجتماعه به بشكل مغلق ومنفرد، لكن تباين روايتي وكالة الأنباء الإماراتية واعلام مجلس السيادة حول من المبادر بأجراء الاتصال ومضمون ما جرى بين الرئيسين خلالها ربما يشير إلى عدم التوصل لأى نتيجة إيجابية من خلال هذه المكالمة ، وأن تباين المواقف وتباعدها بين الطرفين ظل محلك سر والشاهد على ذلك تضارب روايتي وكالة الأنباء الإماراتية واعلام المجلس السيادي فلو توصل الجانبان لنتيجة إيجابية لخرج خبر المكالمة من وكالة الأنباء الإماراتية واعلام المجلس السيادي بمضمون واحد متفق عليه لكن من الواضح ان المكالمة بين الفريق البرهان والشيخ محمد بن زايد لم تفعل شيء اكثر من انها أثارت حنق قطاع كبير من السودانيين على الفريق البرهان خاصة حين مطالعتهم خبر اجراء المكالمة برواية وكالة الأنباء الإماراتية فتسألوا كيف يبادر الرئيس البرهان بالاتصال برئيس دولة ساهمت في قتلهم وتشريدهم وهتك أعراضهم وسرقة ممتلكاتهم ومدخراتهم عبر دعمها غير المحدود لمليشيا الجنجويد الإرهابية المجرمة ، فالإمارات هي في نظر السودانيين تمثل احد اضلع مثلث الشر الذى جلب لهم الموت والدمار والتشريد واضطرهم للنزوح واللجوء والمكون منها ومن الجنجويد الأداة العسكرية لهذا المثلث الشرير، بجانب قحت او تنسيقية تقدم الواجهة السياسية لحرب الإبادة الجنجويدية المستهدفة للسودانيين منذ اكثر من عام.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المکالمة الهاتفیة ملیشیا الجنجوید الفریق البرهان الشعب السودانی المجلس السیادی محمد بن زاید رئیس دولة یشیر إلى اکثر من
إقرأ أيضاً:
كيف يحاول البرهان أحياء الوثيقة الدستورية وهي رميم؟
كيف يحاول البرهان أحياء الوثيقة الدستورية وهي رميم؟
تاج السر عثمان بابو
1يواصل البرهان المزيد من التعقيد للمشهد السياسي والعسكري بمحاولة إحياء الوثيقة الدستورية وهي رميم من خلال إدخال تعديلات غير دستورية على الوثيقة الدستورية “المعيبة” التي تم خرقها وشبعت موتا، وقضى عليها بانقلابه في 25 أكتوبر الذي قاد الحرب الراهنة.
فقد تم في تسريبات التعديلات حذف أي إشارة إلى المكون المدني أو قوات الدعم السريع، وتم تعزيز صلاحيات المؤسسة العسكرية والموالين لها، مما ينسف مطلب ثورة ديسمبر في الحكم المدني الديمقراطي، فضلا عن رفض المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي اللذان دعيا إلى انتقال ديمقراطي مدني في السودان كشرط لإعادة السودان لحضنه.
جاء ذلك في الوجهة التي قدمها البرهان لتشكيل حكومة في ظل استمرار الحرب.
كما تأتي هذه التعديلات أيضا في ظروف تطرح فيها قوات الدعم السريع قيام حكومة موازية أخرى غير شرعية كما حكومة الأمر الواقع غير الشرعية في بورتسودان، تهدد وحدة الوطن في محادثات العاصمة الكينية نيروبي قبل التوقيع على ميثاق سياسي من شأنه أن يمهد الطريق أمام تشكيل “حكومة السلام والوحدة”، مما يؤدي للمزيد من تصعيد الصراع والحرب، وتعطيل جهود وقف الحرب والحل التفاوضي السلمي.
2مضت حوالي ست سنوات على توقيع الوثيقة الدستورية في 17 أغسطس 2019 بين اللجنة الأمنية وقوى “الهبوط الناعم” في (قحت) التي كرّست هيمنة المكون العسكري في الشراكة، كما هو الحال في اتفاق تقاسم السلطة الذي أعطى العسكر:
– 21 شهرا الأولى.
– تعيين وزيري الداخلية والدفاع.
– الإبقاء على الدعم السريع والقوات المسلحة والشرطة في يد المجلس السيادي.
– الإبقاء على الدعم السريع وغض الطرف عن مليشيات النظام البائد (كتائب الظل، الدفاع الشعبي، الوحدات الجهادية الطلابية. الخ).
– تعيين المجلس السيادي لمفوضيات مهمة مثل: الانتخابات- الدستور- المؤتمر الدستوري.
– الإبقاء على المراسيم الدستورية من 11 أبريل 2019 إلى بداية سريان الاتفاق.
3الاتفاق لم يأت نتاجا لتطور باطني سوداني، بل تمّ تجاوز ميثاق قوى الحرية والتغيير، وتدخل خارجي إقليمي وعالمي بات معلوما تفاصيله للجميع بهدف فرض “الهبوط الناعم” الذي يعيد سياسات النظام السابق الاقتصادية والقمعية وتحالفاته العسكرية التي تفرط في سيادة البلاد ونهب ثرواتها الزراعية والمعدنية والحيوانية وأراضيها الخصبة ومياهها الجوفية، والاستمرار في الاتفاقات الجزئية التي تعمق الصراعات القبلية والإثنية وتهدد وحدة البلاد، وضمان الحفاظ على مصالح تلك القوى (قواعد عسكرية، موانئ، الخ).
كما أبقى الاتفاق على المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية المدنية والعسكرية ومصادر التراكم الرأسمالي الطفيلي (العائد من حرب اليمن، نهب وتهريب الذهب، وعدم ضم شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والمحاصيل النقدية، والماشية والاتصالات. الخ للدولة).
كان الهدف من الاتفاق كما هو جار الآن إجهاض الثورة وأهدافها وقيام شراكة بين العسكر والمدنيين يكون المهيمن فيها المكون العسكري، بدلا من قيام الدولة المدنية الديمقراطية، إضافة لقطع الطريق أمام قيام نظام ديمقراطي يكون منارة في المنطقة.
4ومنذ التوقيع على الوثيقة الدستورية كان الحصاد هشيما، كما أكدت تجربة العامين الماضيين صحة التوقعات بإجهاض الثورة والسير في “الهبوط الناعم” تحت هيمنة المكون العسكري كما في حالة:
– عدم الرضا والخرق المستمر للوثيقة الدستورية، وعدم تنفيذ جداولها الزمنية مثل مضي أكثر من ثلاثة أشهر على لجنة التقصي في مجزرة فض الاعتصام ولم يحدث شئ.
– عدم تكوين المجلس التشريعي.
– تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية بدلا من تحسينها ودعم الدولة للتعليم والصحة، وتمكين الشباب والمرأة. الخ، كما جاء في الوثيقة.
-البطء في تفكيك النظام البائد واسترداد الأموال المنهوبة.
– عدم إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإصدار قوانين ديمقراطية للنقابات والاتحادات. الخ.
– لا عودة لجميع المفصولين العسكريين والمدنيين.
– لم يتم تكوين المحكمة الدستورية وإصلاح النظام العدلي والقانوني.
– خرق المكون العسكري للوثيقة الدستورية بهمينته على ملف السلام والسياسة الخارجية من مجلس الوزراء، والالتفاف علي “الوثيقة الدستورية”، وإفراغها من مضمونها، وتوقيع اتفاق جوبا الذي كان انقلابا “على الوثيقة الدستورية”، تعلو بنوده عليها، والتطبيع مع إسرائيل بلقاء البرهان- نتنياهو، والسماح بالقواعد العسكرية لأمريكا على البحر الأحمر. الخ.
– مصادرة حق الحياة الذي كفلته الوثيقة الدستورية، بالقمع وإطلاق النار على المواكب والتجمعات السلمية مما أدى إلى استشهاد البعض وجرحى، والاعتداء على الصحفيين والنساء من بعض المتفلتين من القوات النظامية، وقيام بيوت أشباح للدعم السريع، والتهاون مع مواكب الفلول، واستمرار الصراعات القبلية والإثنية في دارفور والشرق وجنوب وغرب كردفان. الخ.
– وصل الانحراف عن الوثيقة وأهداف الثورة بالدعوات للمصالحة مع الإسلاميين.
– الدعوات للانتخابات المبكرة بدون تحقيق أهداف الفترة الانتقالية واستحقاقاتها التي تؤدي لانتخابات حرة نزيهة بعد المؤتمر الدستوري ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يتوافق عليه الجميع.
كل ذلك، يؤكد ما ظللنا نشير إليه منذ التوقيع على الوثيقة الدستورية (المعيبة) أنها أصبحت حبرا على ورق، ومعبرا لإجهاض الثورة، وامتدادا لسياسات النظام البائد في خرق العهود والمواثيق.
5استمر خرق الوثيقة الدستورية حتى تم القضاء عليها بانقلاب 25 أكتوبر الذي قاد الحرب اللعينة الجارية حاليا، فضلا عن انه لا يحق للبرهان تعديل الوثيقة الدستورية.
عليه يصبح، لا بديل غير مواصلة التحالف القاعدي الجماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة، والدفاع عن وحدة الوطن ووقف مهازل البرهان في تعديلات الوثيقة الدستورية لفرض حكم عسكري ديكتاتوري، ونقض العهود والمواثيق كما في عدم تسليم السلطة للمدنيين بنهاية فترة العسكر، مما يودي للمزيد من التصعيد للحرب بتكوين الحكومة الموازية، ومقاومة إعادة إنتاج الأزمة والحرب مرة بالشراكة مع العسكر والدعم السريع، والعودة لأوضاع ما قبل الحرب، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.
الوسومالبرهان الدعم السريع السودان الشرطة النظام البائد الوثيقة الدستورية تاج السر عثمان بابو تفكيك التمكين جهاز الأمن