(دائماً ما يلوم الناس الظروف ولكنني لن أؤمن بالظروف. الناجحون في هذه الدنيا هم أناس يستيقظون في الصباح ويبحثون عن ظروف مواتية، وإذا لم يجدوها.. صنعوها.) - جورج برنارد شو

لا شك ان تعليم المرأة يعتبر من أهم عوامل تقدم المجتمعات ورقيها، وله تأثير كبير على جميع جوانب الحياة. ولاهمية هذا الموضوع خصصنا مقال اليوم لأهمية تعليم المرأة.

.

تعدّ قضية تعليم المرأة من أهم القضايا التي يجب الاهتمام بها لتحقيق اسس التنمية في المجتمع. فتعليم المرأة لا يقتصر فقط على منحها الحق في التعلم واكتساب المعرفة، بل يتعدى ذلك ليشمل تمكينها في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن الإيجابيات التي يمكن أن تحققها المرأة المتعلمة الآتي:
أولاً، يساهم تعليم المرأة في تحسين الأوضاع الاقتصادية للأسر والمجتمعات، فالمرأة المتعلمة لديها فرص أكبر للحصول على وظائف أفضل وأعلى أجرًا، مما يسهم في رفع مستوى المعيشة وتقليل معدلات الفقر. كما أن المرأة المتعلمة تكون أكثر قدرة على إدارة موارد الأسرة بشكل فعال، مما يؤدي إلى تحسين الوضع المالي للأسرة بأكملها.

ثانياً، يلعب تعليم المرأة دوراً كبيراً في تحسين صحة الأسرة والمجتمع. والمرأة المتعلمة تكون أكثر وعياً بأهمية الرعاية الصحية والتغذية السليمة، مما ينعكس إيجاباً على صحة أطفالها وعائلتها. كما أن التعليم يساهم في زيادة الوعي بأهمية الوقاية من الأمراض والحفاظ على الصحة العامة.

ثالثاً، يساهم تعليم المرأة في تعزيز المساواة بين الجنسين والحد من التمييز. من جهة اخرى، المرأة المتعلمة تكون أكثر قدرة على الدفاع عن حقوقها والمطالبة بالمساواة في الفرص والواجبات، وكل ذلك يساهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً واستقراراً، حيث يتمكن الجميع من تحقيق إمكاناتهم بغض النظر عن جنسهم.

رابعاً، يعد تعليم المرأة من أهم العوامل التي تساهم في نشر الثقافة والوعي في المجتمع. المرأة المتعلمة تكون قادرة على تربية أبنائها تربية جيدة قائمة على المعرفة والقيم الأخلاقية. هذا يساهم في تنشئة أجيال مثقفة وواعية، قادرة على المساهمة في بناء المجتمع وتطويره.

قديماً يا سادتي ، قيل إن المرأة نصف المجتمع، من المعروف أنه لن يكون هناك أي مجتمع كامل إذا كانت المرأة جاهلة. فالمرأة هي المربية، وهي الراعية لأبنائها. وكما قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبًا طيب الأعراق

في زمن الحرب، تبرز أهمية تعليم المرأة بشكل خاص، حيث تواجه النساء والفتيات تحديات إضافية تعيق وصولهن إلى التعليم. إلا أن الأمل في المستقبل يبقى قائمًا بفضل الجهود المستمرة لتقديم التعليم للجميع.

المرأة المتعلمة تكون أكثر قدرة على التأقلم مع الظروف الصعبة التي تفرضها الحروب والنزاعات. فهي تمتلك المهارات والمعرفة التي تمكنها من حماية أسرتها وتقديم الدعم اللازم لأفرادها في الأوقات العصيبة. كما أن التعليم يسهم في تعزيز قدرات المرأة على المشاركة في إعادة بناء المجتمع بعد انتهاء النزاعات، حيث تكون قادرة على المساهمة بفعالية في الجهود الرامية لإعادة الإعمار وتحقيق السلام.

في ظل الظروف الراهنة، يجب على المجتمع الدولي تكثيف جهوده لدعم تعليم المرأة في مناطق النزاع والحروب. هذا الدعم لا يشمل فقط توفير الموارد المالية والمادية، بل أيضًا بناء بيئة تعليمية آمنة ومشجعة تمكن الفتيات من الاستمرار في التعليم حتى في أصعب الظروف. الاستثمار في تعليم المرأة هو استثمار في مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا للجميع.

عليه يمكن القول إن تعليم المرأة هو حجر الأساس لتقدم المجتمعات ورقيها. فهو ليس مجرد حق من حقوق الإنسان الأساسية، بل هو استثمار يعود بالفائدة على المجتمع بأسره. لذلك، يجب على جميع الدول والمجتمعات دعم تعليم المرأة وتعزيز فرصها التعليمية لضمان مستقبل أفضل للجميع.

ختامًا، يجب أن نتذكر دائمًا أن التعليم هو السلاح الأقوى لمواجهة الجهل والفقر والظلم. تعليم المرأة هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمع متكامل ومتوازن، حيث يكون كل فرد فيه قادرًا على المساهمة في نهضة الأمة وتقدمها، بغض النظر عن الظروف التي يواجهها.

مع كامل احترامي وتقديري

 

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تعلیم المرأة فی

إقرأ أيضاً:

مع تكرار قصفها.. كيف يعيد نازحو غزة بناء خيامهم؟

غزة- يعزو عزات سلطان نجاته وأبناءه وأحفاده، بأعجوبة من موت محقق إلى العناية الإلهية، بخروجهم سالمين من لهيب النيران التي التهمت خيامهم داخل مخيم يؤوي نازحين غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

في إحدى ليالي شهر رمضان الماضي، استيقظ سلطان (75 عاما) والنازحون على دوي انفجار ضخم جراء غارة جوية إسرائيلية، استهدفت إحدى الخيام فأدت إلى اشتعال النيران في عدد كبير من الخيام المتهالكة المصنوعة من الأخشاب والبلاستيك.

مرّت به وأسرته كثيرٌ من الأحداث المؤلمة منذ اندلاع الحرب على غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "لكن هذه المرة كان الموت أقرب لنا من أي وقت مضى، كان المشهد مرعبا، انتفضنا فزعين من النوم وقد انهارت الخيام فوق رؤوسنا واشتعلت بها النيران"، كما يقول للجزيرة نت.

أطفال نازحون يلهون داخل خيمة من القماش المهترئ في غرب مدينة خان يونس (الجزيرة) صمود في خيمة

قضى سلطان وعائلته (19 فردا) تلك الليلة في العراء، على أنقاض خيامهم، وشغله تفكيره وقلقه، ماذا سيفعل وقد خسر كل شيء، ولسعات البرد تتسلل بقسوة إلى جسده النحيل الذي لا يوحي أنه كان يوما مدرسا للتربية الرياضية، وبات اليوم يخطو متثاقلا متكئا على عكاز، يقول إنه اضطر إليه خلال الحرب، وكان قبلها يتمتع بصحة جيدة.

عمل سلطان لـ27 عاما مدرسا في السعودية، وعاد في العام 1999 ليستقر في مسقط رأسه بمدينة رفح والتحق بالعمل في مدرسة حكومية وتقاضى راتبا تقاعديا، يقول، إنه كان بالكاد يكفيه في تدبير شؤون أسرته قبل اندلاع الحرب.

"كنت طوال الليل أفكر من أين نوفر خياما بديلة من المدمرة والمحترقة، وأسعارها خيالية في الأسواق وارتفعت أضعافا بعد إغلاق المعابر". ويشير سلطان بذلك إلى أثر إغلاق الاحتلال المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي، ومنعه إدخال المساعدات الإنسانية بما فيها الخيام.

إعلان

وشهدت أسعار الخيام القليلة في الأسواق ارتفاعا هائلا في ظل زيادة الطلب عليها، إثر أوامر وإنذارات النزوح الإسرائيلية التي شهدت كثافة كبيرة، منذ استئناف الاحتلال الحرب على القطاع في 18 مارس/آذار الماضي.

انتشار خيام متهالكة وعشوائية في الشوارع لنازحين لم يجدوا مكانا يؤويهم (الجزيرة)

انتصف نهار ذلك اليوم وسلطان وعائلته يجلسون صياما بلا مأوى ولا خيارات، حتى تبرعت لهم هيئة خيرية بخيام أصر على إقامتها في المخيم ذاته، بدافع عدم بث الخوف في قلوب النازحين إن غادره وعائلته، ولأنه "لا مكان آمن في قطاع غزة، والعثور على مساحة لإقامة 3 خيام متجاورة ليس أمرا سهلا".

ترسم قسمات سلطان رحلة طويلة قادته إلى كثير من دول العالم، قبل أن يقرر العودة ليقضي بقية حياته في مدينة رفح، التي تتعرض لإبادة شاملة تطال الشجر والحجر، وقد أجبر الاحتلال نحو 300 ألف من سكانها على النزوح وإخلائها كليا، وخسر فيها منزله المكون من 4 طوابق، ويدلل على عظيم خسارته بالقول "وضعت في هذا المنزل تحويشة العمر وشقاء السنين".

نال تدمير المنزل من صحته النفسية والجسدية، وهو يتحدر من عائلة لاجئة من قرية بربرة إبان نكبة 1948، غير أن قناعاته ظلت ثابتة ولم تهتز، وبإصرار يؤكد هذا الأب الذي فقد ابنه ياسر شهيدا في العام 2004 "لن يفلحوا في تهجيرنا وتكرار نكبتنا مهما قتلوا ودمروا".

في مايو/أيار الماضي، كانت تجربة النزوح الأولى لسلطان على وقع اجتياح رفح، ومنذ ذلك الحين تنقل وعائلته بخيامهم 5 مرات، بعد إنذارات إسرائيلية وخشية مخاطر التوغل. ويقول "تمزقت خيامنا من كثرة النزوح ولم تتمزق إرادتنا وقدرتنا على الحياة، وعودتنا قريبة إلى رفح وليست بعيدة إلى بربرة".

أبو دان ضرب خيمة من الأغطية والقماش البالي ليقيم فيها وأسرته غرب خان يونس (الجزيرة) نزوح متكرر

أمام خيمة مهترئة تعبث بها الريح، جلس النازح رائد أبو دان وإلى جانبه طفله المصاب بإعاقة ذهنية، واضعا يده على وجهه، وقد أثقلته الهموم من النزوح المتكرر وضيق الحالة الاقتصادية.

إعلان

للمرة السادسة منذ اندلاع الحرب اضطر أبو دان (46 عاما) إلى النزوح بأسرته (7 أفراد) من منطقة "قيزان النجار"، على وقع تهديدات إسرائيلية وتوغل عسكري كبير في هذه المنطقة ومناطق أخرى على خط التماس بين مدينتي رفح وخان يونس المتجاورتين، ويفصلهما منذ نحو 3 أسابيع "محور موراغ" (ممر صوفا).

لا يمتلك هذا الرجل العاطل عن عمله في مطعم اضطر صاحبه إلى إغلاقه بعد اندلاع الحرب، مبلغ ألف شيكل (الدولار يعادل 3.7 شواكل) أجرة سيارة نقل تقله وأسرته وأمتعته، وقد اضطروا إلى الخروج خفافا بالملابس التي يرتدونها والقليل من الأغطية حملوها على الأكتاف.

أوامر النزوح الإسرائيلية المتكررة تفرض على الغزيين ظروف حياة قاسية (الجزيرة)

ويقول للجزيرة نت، "لم نعلم أين سنذهب وليس معنا خيمة، ووجدت هذا المكان لصناعة خيمة من لا شيء، باستخدام القليل من الأخشاب وشادر قديم حصلت عليه من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".

لو أتيحت لك فرصة السفر والهجرة، هل تقبل؟ لم يطل تفكيره وكانت إجابته حاضرة وكأنه يتوقع السؤال، ولم يكتف بقول لا، واستخدم تعبيرا شعبيا "والله لو يقطعوا راسي ما بهاجر"، وهو تعبير يستخدمه الغزي ليؤكد تمسكه بموقف يعتبره أثمن من حياته نفسها.

ويرجح أبو دان أن يكون منزله مدمرا، ولا يمتلك دخلا ثابتا يعتاش منه وأسرته، ويضيف "أعيش في خيمة أو كوخ، وبكرى نعمر البلد من جديد، وما بتركها لأغراب يستوطنونها".

حصار ونزوح

يُعتبر عدم توفر الخيام للنازحين واحدة من أكثر الأزمات تعقيدا، وقد بات الاحتلال يستخدم التشريد وإجبار الغزيين على النزوح وهجر منازلهم ومناطق سكنهم، وهي سياسة ممنهجة لزيادة الضغط عليهم.

وكان يُفترض أن تدخل 200 ألف خيمة و60 ألف بيت متنقل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي امتد من 19 مارس/آذار الماضي وحتى انهياره بخرق إسرائيل له وتشديد الحصار واستئناف الحرب.

إعلان

وتشير بيانات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إلى أن الاحتلال لم يُدخل أي بيت متنقل في تلك المرحلة، وأدخل فقط زهاء 10% فقط من مجموع الخيام المطلوبة.

الاحتلال تنصل من التزاماته للسماح بإدخال الخيام بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المنهار (الجزيرة)

وفي بيان نشرته على منصاتها، تقول أونروا، إن الحصار الحالي "يُعد أطول بثلاث مرات من الحصار الذي فُرض في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عند اندلاع الحرب".

وتقدر الوكالة الأممية أن نحو 69% من مساحة القطاع الإجمالية (360 كيلومترا مربعا) باتت خاضعة لأوامر نزوح نشطة أو ضمن "المنطقة المحظورة" أو كليهما، مع إصدار ما لا يقل عن 20 أمرَ نزوح من الجيش الإسرائيلي في الفترة بين 18 مارس/آذار الماضي و14 أبريل/نيسان الجاري.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن نحو 420 ألف شخص نزحوا مرة أخرى منذ انهيار وقف إطلاق النار. وتقول أونروا إن "استئناف القصف واستمرار منع دخول المساعدات الإنسانية يؤثران كثيرا على قدرة الجهات الإنسانية على تلبية احتياجات السكان من الغذاء والمياه والصرف الصحي والمأوى وغيرها من الضروريات".

مقالات مشابهة

  • تحليل لـCNN: لماذا قد تكون الجولة المقبلة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية أكثر صعوبة؟
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء
  • مفوضية الانتخابات تناقش التحديات التي واجهت ترشح المرأة بانتخابات البلديات
  • خالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع
  • رئيس جامعة حلوان: لا يتحقق أي بناء لمجتمعات مستدامة بدون تمكين المرأة
  • نسيمة سهيم… نموذج المرأة المناضلة التي وضعت الإنسانية فوق كل اعتبار
  • مع تكرار قصفها.. كيف يعيد نازحو غزة بناء خيامهم؟
  • معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
  • وكيل الأزهر: المرأة أكثر حظا في الإسلام ولكن لمن يفهم الأحكام التشريعية
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ