كشفت ورقة بحثية حديثة عن مخطط خطير كانت تسعى ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، لتنفيذه لولا قرارات وإجراءات البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن التي أحبطت هذا المخطط.

الورقة التي أعدها الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي وفيق صالح ونشرها مركز اليمن والخليج للدراسات، استعرضت أوضاع القطاع المصرفي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي والأزمة التي تعانيها جراء السياسات المدمرة التي تنتهجها الميليشيات منذ التسع السنوات الماضية، لتصبح هذه الأزمة مع مرور الوقت عصيةُّ على المعالجات.

خلق أزمة للبنوك:

ووفق الورقة فإن أزمة البنوك بدأت مع عدم حصولها على عوائد استثمارات أذون الخزانة لدى البنك المركزي بصنعاء، منذ العام 2016، ما تسبب بأزمة سيولة حادة جعلها عاجزة عن دفع ودائع المودعين والعملاء، لتتضاعف مع شروع مركزي صنعاء الخاضع للحوثيين تحويل استثمارات البنوك في أذون الخزانة إلى أرصدة حسابات جارية لديه غير قابلة للسحب حتى لا يحتسب لهم أي فوائد عليها، ما أدى إلى تراجع الثقة في النظام المصرفي لدى التجار اليمنيين ورجال الأعمال.

في مارس من العام الماضي، أقرّ برلمان صنعاء فاقد النصاب الموالي لجماعة الحوثي قانوناً يقضي بإلغاء جميع الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها، ومصادرة جميع فوائد المودعين في البنوك، وكذلك مصادرة كل أرباح البنوك من أذون الخزانة والصكوك ومصادرة ديونها، تحت مبرر مكافحة الربا.

هذه الممارسات بحسب الورقة، دفعت بالعديد من البنوك والمصارف إلى حافة الإفلاس، حيث بادر عملاء إلى سحب ودائعهم من البنوك، إلا أن هذه البنوك عجزت عن الإيفاء بالتزاماتها المالية، نتيجة الاستيلاء عليها من قبل البنك المركزي بصنعاء.

استهداف متعمد لتوجهات خاصة:

الورقة كشفت تعمد الميليشيات الحوثية تدمير البنوك التجارية والمصارف الإسلامية بهذه الإجراءات لوجود مساعٍ وتوجهات لإعادة تشكيل القطاع البنكي الذي يعمل منذ عقود وإنشاء قطاع مصرفي جديد ينتمي للطبقة الطفيلية التي أثرت من الحرب وراكمت أموالها من خلال تجارة الحرب وأدواتها والتي تستخدم بعيداً عن الأطر القانونية والقواعد الحاكمة للقطاع المصرفي الدولي.

وبينت الورقة أن هذه المساعي تمثلت بإنشاء العشرات من منشآت الصرافة والتي باتت تهيمن على سوق الصرف في المناطق التي تديرها جماعة الحوثي، ويجري حالياً العمل على تحولها لبنوك للتمويل الأصغر، كما ظهرت بوادر تحركات لإعادة تشغيل البنوك الحكومية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، مثل كاك بنك الذي نقل مقره الرئيسي في وقت مبكر إلى العاصمة عدن والبنك اليمني للإنشاء والتعمير، حيث تحتفظ الجماعة بإيراداتها وأرصدتها، وعينت لها أعضاء مجالس للإدارة.

وأكدت الورقة أن استهداف البنوك القائمة، ظل هدفاً لجماعة الحوثي منذ سيطرتها على صنعاء، حيث تسعى الجماعة لإنشاء كيان مالي بديل، من خلال قيامها بالدفع بمنشآت الصرافة التابعة لها إلى التحول إلى بنوك للتمويل الأصغر، والاستحواذ على النشاط المالي، التي كانت تشغله البنوك والمصارف المعروفة.

وترى أن ما يحدث من تقويض مستمر للقطاع البنكي بصنعاء، لن يخرج عن سياق التضييق الشامل الذي يتعرض له القطاع الخاص بشكل عام، من خلال استهداف البيوت التجارية، وإنهاك رأس المال الوطني، ودفعه للمغادرة خارج البلد، وإحلال تجار تابعين لها بهدف إحكام سيطرة جماعة الحوثي على الاقتصاد اليمني، وبالقلب منه القطاع المصرفي.

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

الحزب الشيوعي السوداني مخترق أم مختطف؟

عاطف عبدالله

يوليو 2024

إهداء
إلى روح الفقيد محمد عمر فضل (الكابتن) آخر المؤسسين النوارس...

هذه الدراسة من 11 جزء سأنشرها هنا تباعا كل خميس وأحد من كل أسبوع ...
(1)
جدلية الصراع في ... الحزب الشيوعي السوداني

العديد من أصدقاء الحزب، والمراقبين والمهتمين بالشأن السوداني، يتساءلون، مشفقين أو شامتين، عما جرى ويجري في الحزب الشيوعي السوداني خلال السنوات الأخيرة؟ ولماذا تراجع بهذه الصورة المخيفة! وتقلص دوره السياسي في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها البلاد نتيجة الحرب المدمرة التي قضت على الأخضر واليابس. وهل الحزب شاخ وفات فيه الفوات كما يدعي البعض، أم هي كبوة جواد، وأنه قادر على تضميد جراحه وتصويب أخطاءه والنهوض مثل عنقاء الرماد من الدمار، والقيام بدوره المناط به في مجريات الثورة السودانية؟.
لا شك في أن الحزب الشيوعي السوداني، مثله مثل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني السودانية كافة، يعاني ويقاسي كلّما يقاسيه السودان من أوجاع التخلف والفقر، وضعف الإمكانات، بالإضافة إلى مصادرة الحقوق، وتشتت عضويته في أصقاع الأرض بحثاً عن الحياة الكريمة وانشغال من بالداخل في البحث عن الأمان ولقمة العيش. وجاءت الحرب العبثية لتضاعف معاناته التي هي أصلا مزدوجة. معاناة كونه حزبا سياسياً سودانياً متأثراُ بالدمار والقهر الذي حاق بالبلاد بعد عقود من الحروب الأهلية وحكم الأنظمة الشمولية والدكتاتورية، ومعاناة كونه حزباً شيوعياً يتأثر بالأزمة التي تمر بها الشيوعية فكراً وتطبيقاً بعد تصدع وانهيار المعسكر الشرقي.
لكن هل تنتهي معاناته عند هذا الحد؟ الإجابة - يا للأسف – لا. فهناك المزيد، فهو في داخله يعاني التفكك والتشظي التنظيمي، وضعف على مستوى القيادة انعكس سلباً على أدبه وإعلامه ومخاطباته العامة والخاصة، وعلاقته بالجماهير. وفوق هذا وذاك أصيب بداء الشللية والتكتلات الفتاك، مما أفقده تلك الصلابة التي تميز بها، والوحدة الفكرية، والروح الرفاقية التي حمته وحافظت على وجوده في أحلك الظروف.
كان من المفترض أن أقدم هذه الورقة، كمساهمة فكرية، داخل قنوات الحزب، ليطلع عليها أعضاء الحزب وهيئاته، كشأن داخلي لإثراء الصراع الفكري، هذا الأمر كان حتى وقت قريب هو الخيار الوحيد والطبيعي، لكن الآن نحن أمام حالة غاية في التعقيد. العديد من الشيوعيين حاولوا وكتبوا ولم تر كتاباتهم النور ولم تحدث أي صدى لعدم نشرها. وقد أشار لذلك المرحوم عبد الماجد بوب في استقالته الشهيرة. وكذلك كتب العديد من الشيوعيين الحادبين، لكن لا حياة لمن تنادي. لذا قررت نشرها لاستثارة الصراع الفكري داخل الحزب وخارجه. دافعي، الأسئلة العدّيدة التي تدور في الأذهان، والحالة الآنية للحزب من تصدع وضعف وتخبط، وعدم وضوح. كما أرى أن ما يحدث في الحزب يخص كل السودانيين، وهو أكبر من أن تعالجه المجموعة التي تديره الآن منفردة في ظل غياب الشفافية واجتماعات اللجنة المركزية. لذا رأيت أن أنشر هذه الورقة على الملأ، وأشرك فيها كل الناس تحقيقاً لشعار الحزب الخالد "من الجماهير وإليها يعلم ويتعلم منها".
من دواعي نشري لهذه الورقة كذلك على الملأ، أن ما أطرحه فيها لا يهم فقط قيادة الحزب، أو عضويته، أو حلفائه الاستراتيجيين في الجبهة الوطنية الديمقراطية (الاتحاد النسائي – أتحاد الشباب – الجبهات المهنية ديمقراطية)، أو حتى حلفائه التكتيكيين في التحالف الجذري، الأمر صار أكبر ويهم رجل الشارع العادي، الذي يتساءل في حيرة ماذا جرى للحزب الشيوعي؟ ومحتار أمام مواقفه المعلنة التي لا تخدم جهود وقف الحرب، بل تخدم مواقف من يقف وراء الحرب ويؤجج نارها، فلول الإنقاذ وأحزاب الموز وأعضاء اللجنة الأمنية. إن مواقف الحزب المعلنة، وسياسته على أرض الواقع، تصبان في مصلحة أعداء الثورة، خصوم الأمس أصدقاء اليوم، باعتبار أن عدو عدوي صديقي The enemy of my enemy is my friend وكلا الجانبين، الفلول والحزب، على الرغم من أنهما يقفان على طرفي نقيض أيديولوجياً، إلا أن المصلحة المشتركة جمعتهما في محاربة تنسيقية القوى المدنية (تقدم) الساعية لوقف الحرب، لقد أجلا كل خلافاتهما وتفرغا لمحاربة حكومة حمدوك حتى تم اسقاطها ولآن كل جهودهما تنصب في إضعاف تنسيقية تقدم، ذلك الموقف من الحزب الشيوعي، أدهش العدو قبل الصديق، مما أوجب طرح السؤال، الذي يبدو ملحاً على أذهان الجميع، وتصعب الإجابة عليه: هل الحزب الشيوعي مخترق أم مختطف؟
أسئلة كثيرة مشروعة تدور حول الحالة التي يمر بها الحزب الشيوعي السوداني، أسبابها ونتائجها والأهم كيفية معالجتها. وهو ما تصدت له هذه الورقة في محاولة لاختراق حاجز الصمت. ولم تكتف الورقة بتسليط الضوء على السلبيات، بل اجتهدت في استنباط الحلول للمشكلات والعقبات التي تعوق مسيرته. وهي تحتوي في خاتمها على مقترحات، تمثل نواة للانطلاق منها، بجهد جماعي، للعمل على استعادة تماسك الحزب في الداخل وإخراجه من عزلته الراهنة في الداخل والخارج.
لذا فهذه الورقة تسلط الضوء على المشكلة أو المشاكل التي يعانيها الحزب، راجياً أن ينطلق منها عمل وجهد جماعي كي يعود الحزب شامخاً منارة للفكر والتنوير والتوعية ومنبراً للديمقراطية والحرية والرأي، وساحة للنضال والكفاح من أجل إعلاء راية الحقّ والصواب ونصرة الكادحين ومن أجل وطن حر خير ديمقراطي.
وكما قال الشاعر حميد (إذا ما آخر العلاج الكي ... مراويدك حمر يا أمي)، سيكون العلاج مؤلم للبعض، لكنه بلسما وشفاء للأغلبية وللحزب ... أكتب هذه الورقة وأنشرها بعد هردت لهاتى وجف مدادي، أنا وآخرين، بالنصح والكلمات.
وللحديث بقية ...
في اللقاء القادم (2) الصراع الفكري والشخصي داخل الحزب

atifgassim@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • البنتاغون: ناقلة النفط سونيون التي هاجمتها مليشيا الحوثي ما زالت تحترق بالبحر الأحمر
  • “الكبير” يقدم إحاطة حول تداعيات قرارات المجلس الرئاسي على القطاع المصرفي
  • أكاديمية مهد الرياضية تفتتح أولى المدارس التعليمية التي يشهدها القطاع الرياضي ‏
  • الحزب الشيوعي السوداني مخترق أم مختطف؟
  • مسؤول حكومي يعري الاعترافات المُفبركة التي تنشرها مليشيا الحوثي لنخبة المجتمع في صنعاء
  • مخاوف من حكم عسكري أو احتلال.. ماذا وراء أوامر نتانياهو؟
  • ندوة علمية بمحافظة مارب تناقش تحسين مخرجات التعليم العام في اليمن والتحديات التي تواجهه.
  • ICT Misr تعلن عن قطاع شامل لتطبيقات البنوك نوفمبر المقبل
  • خطير للغاية: ماذا يعني إصدار جماعة الحوثي قرارا بإنشاءـ”المكتب القانوني للدولة” وإلغاء وزارة الشؤون القانونية؟
  • وفاة 129 شخصاً في محاولة هروب من سجن مركزي بالكونغو الديمقراطية