بدأت اللجنة التي شكّلها الكونغرس الأميركي لإجراء مراجعة مستقلة للحرب الأميركية، التي دامت 20 عاما في أفغانستان، أول جلسة استماع علنية لها أمس الجمعة، فيما انتقدت عائلات أفراد الخدمة الذين قُتلوا أثناء الانسحاب من أفغانستان الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر الحزب الجمهوري، الذي يوظف قرار الانسحاب في حملته الانتخابية.

وتعهدت اللجنة "بعدم التردد" في دراسة الطريقة التي كان يتم بها اتخاذ القرارات الرئيسية خلال الحرب، وأسباب اتخاذها ومن الذين اتخذوها.

ومن المقرر أن تقدم اللجنة، المكونة من 16 عضوا، تقريرها بحلول أغسطس/آب 2026، وتشكّلت اللجنة قبل أكثر من عامين، لكنها بدأت العمل قبل أقل من عام.

وقال كولن جاكسون، الرئيس المشارك للجنة، إن المساءلة رغم أن "لها أهمية كبرى، فإن تركيزنا لا ينصب على إسناد الفضل أو إلقاء اللوم بقدر ما ينصب على استخلاص الدروس وتطبيقها في المستقبل".

وأشار جاكسون، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وكان يعمل مستشارا مدنيا للجيش الأميركي في أفغانستان، إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها الكونغرس "إلى إجراء دراسة شاملة ومتعمقة لحرب أميركية".

وتأتي أولى جلسات استماع علنية للجنة قبل ما يزيد قليلا على شهر من الذكرى الثالثة لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، والذي أنهى أطول حرب أميركية مع سيطرة حركة طالبان على كابل.

توظيف انتخابي

وكان أقارب بعض أفراد الخدمة الأميركية الـ13، الذين قُتلوا خلال الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، قد صعدوا خشبة المسرح خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، في لحظة عاطفية أعادت إحياء إحدى نقاط الضعف في رئاسة بايدن.

وقد انتقد العديد من الأسر الرئيس بايدن لأنه لم يذكر أسماء أحبائهم علنا، وقام أحد أبناء تلك الأسر بتسمية كل فرد من أفراد الخدمة الـ13، وردد الجمهور كل اسم أثناء قراءته بصوت عالٍ.

وقالت كريستي شامبلين من أهالي الضحايا "لقد رفض جو بايدن الاعتراف بتضحياتهم". في حين قالت أخرى تدعى نيكول جي للجمهور "كان دونالد ترامب يعرف جميع أسماء أبنائنا. كما يعرف كل قصصهم"، وهتف الحشد "لا تنسى أبدا " و"الولايات المتحدة الأميركية " كما وقف ترامب وقاعة المؤتمر بأكملها.

ويعد ما ذكره أهالي الضحايا في اليوم الثالث للجنة الوطنية للحزب الجمهوري ردا ضمنيا على توبيخ بايدن المتكرر لترامب، وادعاءاته بأن الرئيس السابق لا يحترم المحاربين القدامى.

وكثيرا ما يذكر بايدن ادعاء الجنرال المتقاعد جون كيلي، الذي كان رئيسا لموظفي ترامب، بأن ترامب وصف جنود الحرب العالمية الثانية المقتولين بالخاسرين والحمقى.

وقُتل أفراد الخدمة الأميركية الـ13 إضافة إلى 60 أفغانيا في تفجير انتحاري بمطار كابل في أغسطس/آب 2021، في حين كانت الولايات المتحدة تعمل بشكل محموم لإجلاء الأميركيين والأفغان الذين ساعدوا الغرب خلال عقدين من الحرب.

وزعم الجمهوريون أن قرار بايدن بسحب الجنود الأميركيين بعد الحرب، التي استمرت عقدين في أفغانستان، كان خطوة سياسية بحتة. لكن اتفاقية انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان تم التوقيع عليها من قِبل إدارة ترامب في فبراير/شباط 2020.

ودعا الاتفاق إلى خروج القوات الأميركية بحلول مايو/أيار 2021، لكن ترامب ترك منصبه في يناير/كانون الأول من ذلك العام دون ترك خطة للانسحاب الفعلي للقوات.

وقبل عدة أشهر من توقيع اتفاق السلام مع طالبان في العاصمة القطرية الدوحة، كان ترامب يفكر في دعوة قيادة طالبان إلى كامب ديفيد للتوقيع على اتفاق، وتم تعليق هذه الخطط، التي اعترض عليها بشدة مسؤولون عسكريون كبار، بعد هجوم لطالبان أدى إلى مقتل جندي أميركي.

وتلقى الانتقادات الموجهة للانسحاب الأميركي من أفغانستان صدى لدى الناخبين عبر الخطوط الحزبية، وأشار أنصار بايدن السابقون، مثل رئيس مجلس النواب السابق في نيو هامبشاير ستيف شورتليف، إلى "الانسحاب الفاشل كأحد أسباب رغبته في تنحي بايدن".

يذكر أن نحو 800 ألف جندي أميركي شاركوا في الحرب بأفغانستان، وذلك في أعقاب أحداث سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة.

وقُتل 2238 جنديا أميركيا خلال الحرب، وأصيب ما يقرب من 21 ألفا آخرين، وتشير تقديرات مستقلة إلى أن عدد القتلى من قوات الأمن الأفغانية والمدنيين يتجاوز 100 ألف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات دونالد ترامب الولایات المتحدة أفراد الخدمة من أفغانستان

إقرأ أيضاً:

ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)

سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.

لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.

بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.

بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.

نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.

في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.

وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.

لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.

لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.

اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.

ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.

وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.

لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.

هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ترامب وطالبان ومعضلة الأسلحة الأميركية في أفغانستان
  • ترامب يُهاجم إدارة بايدن بورقة إيران
  • سموتريتش: دعم إدارة بايدن لإسرائيل تراجع وتحول إلى ضغوط متزايدة
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • فيديو.. ترامب لصحفية أفغانية: لا أفهم كلمة مما تقولين
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • الأرجنتين تنسحب من منظمة الصحة العالمية
  • خلال لقائه ترامب.. نتنياهو يشير إلى التوتر مع إدارة بايدن
  • هل تقلل الأسواق المالية من خطورة الحرب التجارية التي أشعلها ترامب؟
  • أكسيوس: بايدن يبدي تعاطفًا مع الفلسطينيين ويُظهر عدم ثقة كبيرة بنتنياهو