عمّان- في خطوة اعتبرت الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أعلن حلف شمال الأطلسي "الناتو" أنه سيفتتح أول مكتب اتصال له في العاصمة الأردنية عمّان، بهدف تعزيز "الشراكة الثنائية الإستراتيجية" بين الحلف والمملكة، وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، من خلال تعزيز الحوار السياسي والتعاون العملي بين الحلف والأردن.

ويأتي قرار "الناتو" على وقع التوترات الإقليمية المتلاحقة في المنطقة، واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو ما أثار جملة من التساؤلات بشأن الدور الذي سيلعبه الحلف من خلال إنشاء أول مكتب في العالم العربي.

وأوضح بيان أصدرته وزارة الخارجية الأردنية، أن القرار يمثل علامة فارقة في الشراكة الإستراتيجية العميقة بين الأردن والحلف، مما يعتبر إقرارا منه بدور الأردن المحوري في تحقيق الاستقرار إقليميا ودوليا، وإشادة بإنجازاته الممتدة في مكافحة التهديدات العابرة للحدود "كالإرهاب والتطرف العنيف".

وجاء في وصف البيان أن إنشاء مكتب اتصال للناتو في عمّان، يبني على ما يقارب 3 عقود من العلاقات الثنائية العميقة، لا سيما من خلال الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي، وهو تطور طبيعي في العلاقة المتنامية بين الأردن والحلف، الممتدة منذ عام 1996.

ممدوح العبادي اعتبر أن قرار الناتو يأتي سعيا لتقارب الحلف بقيادة أميركا مع دول المنطقة عبر البوابة الأردنية (الجزيرة) موطئ قدم

اعتبر نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور ممدوح العبادي خطوة "الناتو" بأنها محاولة من الولايات المتحدة الأميركية -التي تقود الحلف- لإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة، بعدما تراجعت مكانتها في قارة آسيا.

وأضاف العبادي في حديثه للجزيرة نت أن "القرار لدى الناتو وواشنطن تحديدا بالاقتراب أكثر من منطقة الشرق الأوسط عبر البوابة الأردنية"، لافتا إلى التراجع الملحوظ للوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج العربي لأن قسما كبيرا منها انتقل إلى الأردن.

وأشار إلى أن الوقت قد حان "ليضع الأردن الرسمي النقاط على الحروف لجهة المصالح الأردنية من خلال هكذا خطوات"، وأضاف مستدركا أن المملكة اليوم تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، في حين أن قسما كبيرا من المساعدات الأميركية للمملكة تذهب إلى مؤسسات مجتمعية معينة، وليس إلى خزينة الدولة بصورةٍ مباشرة.

وردا على سؤال الجزيرة نت، حول توقيت الخطوة التي أعلنها الناتو، أكد العبادي أن التطورات التي تشهدها المنطقة والإقليم نتيجة ما حصل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان له تداعيات على العالم أجمع، بما فيه حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما أن الأوضاع في قطاع غزة مرشحة للمزيد من التصعيد والتطورات العسكرية والإنسانية.

ومع تصاعد هجمات حزب الله المنطلقة من جنوب لبنان، وكذلك ضربات الحوثيين من اليمن، وما جرى من إطلاق إيران للمسيرات قبل أشهر ردا على استهداف سفارتها في دمشق، كل ذلك دفع حلف الناتو للتفكير في إيجاد مكان إستراتيجي له، ويكون قريبا من الجانب الإسرائيلي، فوقع الاختيار على الأردن، حسب ما يرى العبادي.

محاولة وقف التصعيد

بدوره رأى الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد، الدكتور مأمون أبو نوار، أن الإعلان عن فتح مكتب للناتو في الأردن يأتي كمحاولة من الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو والمجتمع الدولي لتقليص فرص توسع الحرب في قطاع غزة إلى حرب إقليمية، من خلال العمل على تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف.

ووضح في تصريحٍ للجزيرة نت أن افتتاح المكتب سيعزز الوصول إلى حل للحرب في قطاع غزة، كما من شأنه أن يلعب دورا محوريا في هذا الصدد، فضلا عن مساهمته في إرسال المساعدات الإنسانية الجوية والبرية إلى قطاع غزة، في ظل المجاعة التي يعانيها سكان القطاع.

وبحسب أبو نوار فإن وجود مكتب للناتو في عمّان سيعزز من المساعدات العسكرية التي يقدمها الحلف والولايات المتحدة الأميركية للأردن، مشيرا إلى أن اختيار الأردن من بين مختلف دول المنطقة يأتي للأهمية الإستراتيجية والجغرافية للمملكة الملاصقة تماما للأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك لأن الأردن يمتلك مكانة هامة على المستوى الجيوسياسي.

وزارة الخارجية تعلن عن إنشاء مكتب اتصال لـ #حلف #شمال #الأطلسي في #الأردن، ليكون الأول في المنطقة.

متى عُرض مشروع وجود مركز للناتو في #البرلمان الأردني؟ هذا لأنّ وجود مكتب اتصال للحلف ليس صفقة بندورة، إنّما تحالف عسكري، يتكون من ٣٢ دولة، وموافقة مجلس النواب عليه ضرورة ديمقراطية… pic.twitter.com/6Gq3zupBZA

— أحمد سليمان العُمري Ahmad Al Omari (@ahmadomariy) July 11, 2024

سياسة الأحلاف

أما القيادي في حزب الوحدة الشعبية عبد المجيد دنديس فأكد أن انخراط الأردن في سياسة الأحلاف العسكرية "لا يخدم المصلحة الوطنية، ويتعارض مع الدستور الذي أكد على هوية الأردن العربية وعلى التزامه بقضايا أمته"، على حد قوله.

مضيفا في حديثه للجزيرة نت أن حلف الناتو العسكري تقوده الولايات المتحدة الأميركية، التي تقود بدورها حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، معتبرا أن الحلف شريك للإدارة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة، من خلال تزويد الجيش الإسرائيلي بكل أصناف الأسلحة والصواريخ والقنابل التي تستهدف أطفال ونساء غزة.

ودعا دنديس "الأردن الرسمي" للعمل على تمتين الجبهة الداخلية، كبديل عن افتتاح مكتب تنسيق للناتو، "لأن هذا الحلف يضم قوى الشر والعدوان في العالم، وتاريخه أسود في العداء للشعوب التي تخلصت من نير الاستعمار".

ويُذكر أن التعاون بين الأردن وحلف شمال الأطلس بدأ منذ عام 2005، حيث يعتبر تدريب "الأسد المتأهب" العسكري الذي يشارك به الأردن عاما بعد آخر جزءا من هذا التعاون، كما يمتلك الناتو والولايات المتحدة العديد من القواعد العسكرية في المنطقة.

وباعتبار أن الولايات المتحدة تشكل 70% من قوة الحلف وإمكاناته، فإن الأردن سيستفيد من ذلك، حيث تقدم الولايات المتحدة حوالي 1.5 مليار دولار سنويا مساعدات للأردن، ويذهب جزء كبير منها كمساعدات عسكرية.

وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد بحث في ديسمبر/كانون الأول الماضي مع أعضاء مجلس حلف شمال الأطلسي سبل توسيع التعاون المشترك في المجالات العسكرية والأمنية والتدريب ومكافحة الإرهاب، والمستجدات في منطقة الشرق الأوسط.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة الأمیرکیة حلف شمال الأطلسی فی قطاع غزة فی المنطقة مکتب اتصال للناتو فی من خلال

إقرأ أيضاً:

لماذا يسعى «ترامب» لاستعادة السيطرة على قناة بنما؟

هدد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بإعادة السيطرة الأمريكية على قناة بنما خلال ولايته الثانية، حيث صرح بأن الولايات المتحدة «تتعرض للخداع» متهمًا الحكومة البنمية بفرض رسوم مرتفعة على السفن، مما آثار ردة فعل من الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو.

وأضاف ترامب أن بلاده لن تسمح «للقناة بالوقوع في الأيدي الخاطئة»، في إشارة إلى النفوذ الصيني المحتمل على القناة، وفقًا لوكالة «رويترز».

تصريحات ترامب

في خطاب له أمام حشد من أنصاره في أريزونا، انتقد ترامب إدارة قناة بنما وذلك خلال حدث في ولاية أريزونا، قائلاً: «هل سمع أحد من قبل عن قناة بنما؟ لأننا نتعرض للخداع فيها كما نتعرض للخداع في كل مكان آخر».

وأضاف أن الولايات المتحدة تنازلت عن القناة «بغباء» عندما سلمت الحكم إلى دولة بنما، واتهم شركات الشحن والحكومة البنمية بفرض رسوم وصفها بـ«السخيفة»، على السفن المارة عبر القناة التي تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، بحسب وكالة «أسوشيتد برس».

وهدد أنه بمجرد بدء ولايته الثانية: «إذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية.. فسنطالب بإعادة قناة بنما إلى الولايات المتحدة الأمريكية بالكامل، وبسرعة ودون سؤال».

وفي خطوة مثيرة للجدل، نشر ترامب صورة على منصة «Truth Social» لعلم أمريكي مرفوع على منطقة ضيقة من المياه، معلقًا عليها «مرحبًا بكم في قناة الولايات المتحدة».

رد الفعل البنمي

بعد وقت قصير من تهديدات ترامب، نشر الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، مقطع فيديو يعلن فيه أن «كل متر مربع من القناة ينتمي إلى بنما وسيظل ينتمي» إلى بلاده.

وبدون ذكر اسم ترامب، تحدث «مولينو» بشأن الرسوم المفروضة على السفن العابرة للقناة، قائلاً إنها يحددها خبراء يأخذون في الاعتبار التكاليف التشغيلية وعوامل العرض والطلب، كما أشار إلى أن بنما وسعت القناة على مر السنين لزيادة حركة السفن، مضيفًا أن زيادات الرسوم الشحن جاءت في إطار تحسينات للقناة.

وشدد «مولينو» على سيادة الدولة علي القناة، قائلًا: «عندما يتعلق الأمر بقناتنا وسيادتنا، فسوف نتحد جميعًا تحت علمنا البنمي».

ما أثار انتباه ترامب ودفعه للرد علي حديث الرئيس، قائلاً: «سنرى ذلك».

أهمية قناة بنما

تعتبر قناة بنما من أهم الممرات المائية في العالم، حيث تسمح بمرور ما يصل إلى 14 ألف سفينة سنويًا، وتمثل حوالي 2.5% من التجارة البحرية العالمية، ما تمثل أهمية كبيرة لواردات الولايات المتحدة من السيارات والسلع التجارية، عن طريق السفن القادمة من أسيا، بجانب الصادرات الأمريكية من السلع الأساسية منها الغاز الطبيعي المسال.

قامت الولايات المتحدة ببناء القناة في أوائل القرن العشرين وذلك لتسهيل عبور السفن التجارية والعسكرية بين المحيطين.

وعلى مدار سنوات، كانت القناة تحت إدارة مشتركة بين الولايات المتحدة وبنما حتى عام 1999، تخلت واشنطن عنها بشكل كامل لصالح بنما بموجب معاهدة وقعها الرئيس  الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر.

مقالات مشابهة

  • البنتاغون تعلن زيادة عدد القوات الأمريكية في سوريا.. لماذا قد يثير ذلك قلق العراق؟
  • مدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز يكشف طرق العدوى
  • لماذا يسعى «ترامب» لاستعادة السيطرة على قناة بنما؟
  • إيران: لا اتصال مباشر مع القيادة الجديدة في سوريا
  • زيلينسكي: عضوية أوكرانيا في الناتو قابلة للتحقق
  • زيلينسكي متفائل بإمكانية انضمام أوكرانيا إلى الناتو
  • زيلينسكي: عضوية الناتو تحتاج إلى "معركة"
  • ترامب يعيّن مارك بورنيت مبعوثاً خاصاً لإدارته إلى بريطانيا
  • ترامب يعين منتجا تلفزيونيا في منصب المبعوث الخاص إلى المملكة المتحدة
  • ترامب يهدد أوروبا بعقوبات ورسوم جمركية ويطالب بزيادة إنفاق الناتو إلى 5%