لم يكن في بيروت 1982 حركة مقاومة اسمها حماس، ولا حركة الجهاد، ولم يكن في لبنان في ذلك الوقت قائداً اسمه محمد الضيف أو يحيى السنوار أو زياد النخالة، كان في بيروت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ومجموعة من قادة التنظيمات الفلسطينية، أخذت على عاتقها محاربة “إسرائيل”، والعمل على إنهاء الاحتلال “الإسرائيلي”، وعودة اللاجئين، واتخذوا المقاومة طريقاً لتحقيق أهدافهم الوطنية والإنسانية.
ومع ذلك، تعرضت بيروت إلى الحصار والدمار، وأهالت الطائرات الإسرائيلية على المدنيين في بيروت مئات أطنان الصواريخ والقنابل الأمريكية، وظل الموت يطارد المدنيين، وظلت عمارات بيروت الجميلة تتهاوى تحت القصف الصهيوني لأكثر من شهرين، تعذب خلالها الشعب الفلسطيني واللبناني، وعانا المدنيون خلالها ويلات الإرهاب الصهيوني، حتى وصل الإرهاب حد ذبح المئات في مخيمات صبرا وشاتيلا.
وفي سنة 1986، لم يكن في الساحة الفلسطينية لا محمد الضيف ولا يحيى السنوار ولا هنية حين هاجم العدو الإسرائيلي العاصمة تونس، وانقض على المناضل صلاح خلف والعمري، ولم يكن زياد النخالة سنة 1988حين تسلل الصهاينة إلى قلب العاصمة التونسية، واغتالوا البطل أبو جهاد، وغيره من القادة الذين لاحقتهم القذائف الإسرائيلية والصواريخ في المدن الأوروبية.
ولم يكن في الساحة الفلسطينية محمد الضيف ولا خالد مشعل، حين اقترف الصهاينة المجازر في دير ياسين وقبية، وتسببوا في نكبة 48، ولم يكن يحيى السنوار قائداً، حين هاجمت الطائرات الإسرائيلية مدرسة بحر البقر في مصر، وذبحت مئات الطلاب على مقاعد الدرس، ولم يكن على رأس القيادة الفلسطينية إسماعيل هنية حين قتل الصهاينة آلاف الجنود المصريين في سيناء، بعد أن وقعوا أسرى في قبضة الجيش الإسرائيلي 1967، ولم يكن خالد مشعل مسؤولاً حين هاجمت الطائرات الإسرائيلية بلدة قانا في الجنوب اللبناني، وقتلت وجرحت المئات من اللبنانيين، ولم يكن محمد الهندي في العراق حين هاجمت الطائرات الإسرائيلية المفاعل النووي العراقي.
حرب الإبادة ضد أهل غزة ليست حديثة العهد بالإرهاب الصهيوني، ولا هي قرينة بوجود حركة حماس، ولم يكن السنوار هو السبب في تحريك شرطة بن غفير لذبح الأسرى في السجون، وتعذيب سكان الضفة الغربية، ولم يكن محمد الضيف هو السبب في جرجرة الجيش الصهيوني للاعتداء على مدن الضفة الغربية، وإقامة مئات الحواجز، وضم الكتل الاستيطانية، كما لم يكن المفتي الحاج أمين الحسيني هو السبب في تدمير يافا وحيفا والسبع واللد والرملة واسدود وبيت دراس وحمامة سنة 1948، ولم يكن محمد الضيف هو السبب في خطة الحسم للصراع الذي صاغها الإرهابي سموتريتش.
كانت الأطماع الإسرائيلية وما زالت هي المحرك للسياسة الإسرائيلية التي تقوم على ذبح الفلسطيني، بغض النظر عن اسمه، وبغض النظر عن انتمائه، ودون الالتفات لوظيفته، ودون تحديد جنسه ذكراً كان أم أنثى، فالهدف الصهيوني الأسمى هو القضاء على كل من يمت بصلة إلى فلسطين، سواء كان الحاج أمين الحسيني قبل نكبة 48، أو كان أبو عمار بعد ذلك، أو كان السنوار ومحمد الضيف في هذه الأيام، وذلك لأن المعركة بين العرب الفلسطينيين والصهاينة تجري على الأرض، وهذا ما ترجمته السياسة الإسرائيلية التي اعتمدت حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، وهذا ما ترجمه الإعلام الإسرائيلي ومن يدور في فلكه من مرتزقة وعملاء، وهو يحملون قيادة الشعب الفلسطيني مسؤولية التدمير والخراب، ولهذا أدعى العدو الإسرائيلي أنه يحارب المفتي الحاج أمين الحسيني، ولا يحارب الشعب الفلسطيني، وادعى العدو أنه يحارب المخربين بقيادة أبو عمار، حرصاً منه على سلامة الشعب الفلسطيني، ويدعي العدو أنه يحارب السنوار والضيف ورجال حماس حرصاً من الصهاينة على مصلحة الشعب الفلسطيني!
ولما كانت حرب الإبادة ضد الشعب اللبناني والفلسطيني في بيروت تستهدف البندقية الفلسطينية، فإن حرب الإبادة ضد أهل غزة تستهدف البندقية الفلسطينية، وتشليح الفلسطيني من مقومات الوجود، وجعله كومة من الخرق البالية لا تصلح طعاماً للبهائم، وهذا ما لم يتحقق في غزة، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
غزة صامدة حتى ولو دمرها العدو على رأس ساكنيها، يكفي أن يظل فلسطيني واحد، وبيدٍ واحدة ليرفع علم فلسطين، ويعلن الانتصار.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حسن هجرس: كلمة الرئيس السيسي عكست مسئولية مصر التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني
أكد الدكتور حسن هجرس، مساعد رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الإسلامية بالرياض كانت حاسمة في التأكيد على المواقف الثابتة لمصر تجاه القضايا العربية والإسلامية، وخاصة القضية الفلسطينية، موضحًا أن الرئيس السيسي قد عبر بوضوح عن التزام مصر الكامل والراسخ في مواجهة جميع المحاولات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسريًا أو تحويل قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة ستكون مرفوضة بشكل قاطع من جانب مصر، وهو موقف يعكس مسؤولية مصر التاريخية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وأشار هجرس في تصريحات صحفية له اليوم، إلى أن الرئيس السيسي قد ركز في كلمته على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدًا أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، موضحًا أن هذه الرسالة جاءت لتوضح بشكل جلي أن مصر لن تساوم في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وأنها ستقف دائمًا ضد أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية تحت أي مسمى أو ظروف.
وفيما يخص الوضع في لبنان، أوضح هجرس أن كلمة الرئيس السيسي أظهرت بوضوح التزام مصر الثابت في دعم استقرار لبنان، مشيرًا إلى أن مصر لن تدّخر جهدًا في تقديم الدعم للأشقاء اللبنانيين، وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان بسبب العدوان المستمر على الأراضي اللبنانية والفلسطينية. كما أكد الرئيس السيسي في كلمته على أهمية تكثيف الجهود لإيقاف العدوان على لبنان وفلسطين، داعيًا إلى تنفيذ فوري وغير انتقائي لقرار مجلس الأمن 1701، كأمر حاسم في إيقاف التصعيد العسكري الذي يهدد استقرار المنطقة.
وثمن هجرس تأكيد الرئيس على مواقف مصر القوية ووضوح الرؤية التي طرحها بأنها ستكون داعمة في تحفيز الدول العربية والإسلامية على تبني مواقف موحدة للحد من التصعيد في المنطقة، وفتح الباب أمام إمكانية الوصول إلى حلول سياسية شاملة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة