استهداف يمني مسيّر وصادم لعمق «تل أبيب».. هل يكون فاصلًا لوقف حرب نتنياهو؟
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
فجر الجمعة (19 تموز 2024)، استهدفت مسيّرة انقضاضية يمنية مبنىً سكنيًا في شارع «شالوم عليكم» في منطقة يهودا داخل العمق الحيوي لـ»تل أبيب»، ليكون هذا الاستهداف فرصة جدية لإحداث تغيير استثنائي فوق العادة على مستوى الاشتباك بين «إسرائيل» ومحور المقاومة.
في الواقع، من الضروري حتمًا أن يفرض هذا الاستهداف على الاحتلال بمختلف مستوياته السياسية والعسكرية والأمنية، بأن يُعيد كامل حساباته في متابعة حربه وعدوانه الإجرامي على غزة وعلى الشعب الفلسطيني بشكل عام.
عمليًا، هناك أكثر من مصدر يمكن له أن يستهدف «تل أبيب» بمسيّرة انقضاضية، حيث القرار موجود والالتزام واضح بالذهاب بعيدًا في دعم وإسناد غزة، وحيث قدرة الأسلحة النوعية للمقاومة العراقية وللمقاومة الإسلامية في لبنان وللوحدات اليمنية ثابتة ومؤكدة في إنجاح هذا الاستهداف، ومع تأكيد أغلب المعطيات أن اليمن هو مصدر المسيّرة «الاستثنائية» – وقبل صدور بيان رسمي من المتحدث العسكري اليمني العميد يحيى سريع بتفصيل كامل مسار العملية، يمكن أن يفتح هذا الاستهداف اليمني باب الدراسة والتحليل على مروحة واسعة من النقاط التالية:
حتى الآن، يمكن القول إن مناورة استهدافات الوحدات اليمنية لكيان الاحتلال، إن كان لمصالحه في البحار المحيطة أو لمرافئه الأساسية في إيلات جنوبًا أو في حيفا، قد توّجت اليوم باستهداف تل أبيب، بما تمثله بالنسبة للعدو معنويًا وعسكريًا وسياسيًا وإستراتيجيًا، وهذا التتويج لمناورة أبطال اليمن، أثبت قدرة صادمة من الناحية العسكرية، بايصال مسيّرة بمدى يتراوح بين ٢٠٠٠ و٢٣٠٠ كلم، تبعًا لنقطة إطلاقها من شمال اليمن أو من وسطها أو من غربها، مع ما يعنيه الأمر على مستوى وضع كامل جغرافيَّة فلسطين المحتلة في المتناول السهل والمتوفر للأسلحة اليمنية، والتي تفاجأت كل الأطراف إقليميًا ودوليًا بمستوى غير متوقع من التطور ومن الفعالية.
من جهة ثانية، وبالإضافة لمسافة الرمي البعيدة، تأتي قدرة المسيّرة الانقضاضية اليمنية على تجاوز مناورة الدفاع الجوي للعدو، والتي هي مستنفرة بأعلى مستوى من الجهوزية الكاملة على اتجاهات حدود فلسطين المحتلة كافة، الأمر الذي يفتح الباب على شكل ومستوى الاستهداف الواسع لعمق الكيان وكيف يمكن أن يكون عليه عند أي مواجهة واسعة، فيما لو فُتحت أبواب جحيم مسيّرات وصواريخ محور المقاومة على العدو، وخاصة من لبنان، حيث معاينة أغلب نماذج استهدافات حزب الله التي نفّذها الآن ضد الكيان – والتي ما زالت بعيدة كثيرًا عن المستوى المتقدم الذي هي عليه جغرافيًا وتقنيًا وعسكريًا، أثبتت تفوقًا واضحًا ونجاحًا أكيدًا.
انطلاقًا من هذا الحدث فوق العادة، والمتمثل بنجاح مسيّرة انطلقت من اليمن باستهداف العمق الحيوي لـ»تل أبيب»، والمُسخّرة لحمايتها أهم قدرات العدو في الدفاع الجوي، وانطلاقًا من أن مستوى المواجهة ضد الكيان قد ارتفع لدرجة حساسة ومؤثرة وفاعلة لا يمكن أن تنخفض عن ذلك بعد اليوم، وانطلاقًا من العجز والفشل الغربي والأميركي- البريطاني تحديداً، في وقف أو إضعاف مناورة الإسناد اليمنية، يمكن القول إن «إسرائيل» لن تنجح في مواجهة هذا المسار الذي بدأ يفرض نفسه عليها، وبالتالي، أصبح من شبه المؤكد أنها سوف تبحث جديًا عن حل ما، يُخرجها من ورطة الحرب المجرمة التي تمارسها بحق الشعب الفلسطيني.
* كاتب لبناني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العراق أمام مفترق طرق.. تفكيك الفصائل المسلحة أو مواجهة الاستهداف - عاجل
بغداد اليوم - خاص
أصبح العراق اليوم في مواجهة تحدٍ مصيري يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة بشأن التعامل مع الفصائل المسلحة، هذا ما أكده الخبير الأمني والاستراتيجي مخلد حازم، الذي حذر من أن العراق يواجه أحد خيارين لا ثالث لهما: إما حل الفصائل وتفكيك سلاحها أو مواجهة استهداف قد يتجاوز قدرة العراق على التصدي له.
رسائل أمريكية مباشرة وواضحة
يشير الخبير مخلد حازم في تصريحات متلفزة، إلى أن الرسائل الأمريكية المتعلقة بملف الفصائل المسلحة وصلت إلى العراق بوضوح، بل وبالأسماء، وتُظهر أن الوضع الحالي بات يشكل مصدر قلق كبير للولايات المتحدة، التي ترى في بعض الفصائل المسلحة تهديدًا لاستقرار العراق ومصالحها في المنطقة.
وأوضح حازم أن أي محاولة للعمل بعكس هذه التوجيهات الأمريكية ستقابل باستهداف مباشر، خاصة مع المتغيرات الكبيرة التي طرأت على المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، وعودة أجواء التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بما يتضمن مصالح متشابكة ومعقدة.
أصل المشكلة
يعاني العراق منذ سنوات طويلة من وجود فصائل مسلحة تعمل خارج إطار الدولة، وتملك أسلحة ثقيلة وخفيفة تمنحها نفوذًا عسكريًا وسياسيًا كبيرًا.
وقد تعزز وجود هذه الفصائل بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، حيث نشأت العديد من المجموعات المسلحة كرد فعل على الاحتلال، ومع الوقت تطورت لتصبح قوى مؤثرة داخليًا وخارجيًا.
بعد القضاء على تنظيم "داعش"، برزت هذه الفصائل كجزء من قوات الحشد الشعبي، الذي اعترف به رسميًا كجزء من المؤسسة الأمنية العراقية.
ضغط أمريكي متزايد وتصعيد محتمل
تصاعدت الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية في السنوات الأخيرة، حيث دعت واشنطن إلى تحجيم دور الفصائل المسلحة، وخصوصًا تلك التي تصنفها "إرهابية" أو ترى أنها تشكل تهديدًا لمصالحها.
وقد نفذت الولايات المتحدة عدة ضربات جوية ضد مواقع الفصائل، كما اغتالت قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في أوائل عام 2020، وهو ما أثار توترات كبرى بين الجانبين.
وفي ظل المتغيرات الإقليمية، ترى الولايات المتحدة أن وجود هذه الفصائل يعرقل جهود تحقيق الاستقرار في العراق، ويعقد دور بغداد كطرف محايد في الصراعات الإقليمية، خاصة بين واشنطن وطهران.
تحديات تواجه الحكومة العراقية
الحكومة العراقية تجد نفسها اليوم في موقف حرج، من جهة، يمثل حل الفصائل المسلحة وتفكيك سلاحها تحديًا سياسيًا وأمنيًا هائلًا، إذ تتمتع هذه الفصائل بقاعدة دعم شعبية وسياسية، وقد يؤدي أي تحرك ضدها إلى ردود فعل عنيفة.
ومن جهة أخرى، فإن تجاهل الضغوط الدولية، وخاصة الأمريكية، قد يعرض العراق لعقوبات واستهداف عسكري مباشر، بالإضافة إلى تقويض مكانته الدولية.
بالإضافة، الى أن العراق يعاني من وضع اقتصادي هش وبنية تحتية متدهورة، ما يجعل أي تصعيد جديد عبئًا إضافيًا يصعب تحمله.
خيارات محدودة وآفاق غير واضحة
أمام هذه المعطيات، يبدو أن العراق أمام خيارين كلاهما صعب، الأول، هو محاولة حل الفصائل تدريجيًا من خلال دمج عناصرها في المؤسسات الأمنية أو نزع سلاحها بشكل سلمي، وهي مهمة تحتاج إلى توافق سياسي ودعم دولي واسع.
أما الخيار الثاني، وهو المواجهة المباشرة مع هذه الفصائل، فقد يؤدي إلى انزلاق البلاد نحو صراع داخلي جديد.
ويبقى العراق في مفترق طرق حاسم يتطلب اتخاذ قرارات جريئة ومتكاملة، فالتحديات التي تواجه البلاد ليست أمنية فحسب، بل تمتد إلى الجوانب السياسية والاجتماعية، حيث يجب على الحكومة العراقية أن تعمل على تحقيق توازن دقيق بين متطلبات الأمن الوطني والضغوط الدولية، مع الحفاظ على سيادة الدولة واستقرارها الداخلي.
السؤال الأهم الآن: هل يمتلك العراق الإرادة السياسية والقدرة العملية لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب؟ أم أن الجمود سيبقي البلاد في دائرة التوترات المستمرة؟، الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
إعداد: قسم الشؤون السياسية في "بغداد اليوم"