خالد فضل

تقرير: خالد فضل

أسرة واحدة سحنات مختلفة

أحمد، شاب جامعي، ومعلوم حال طلاب الجامعات منذ 15 أبريل 2023م، بينا هو في طريقه من قريته في ريفي الحوش بجنوب الجزيرة صوب مدينة المناقل بغربي الولاية، عند أول نقطة ارتكاز تتبع للقوات المسلحة تمّ التشكيك في انتمائه  لقوات الدعم السريع، السبب بسيط، سحنته ولون بشرته الفاتح وشعره الناعم، مواصفات مثالية لدمغه بالانتماء لمحاربي تلك القوات أو على الأقل من مناصريها، بعد لأي شديد وقسم مغلّظ من سائق عربة الشحن (الدفار)  الذي كان يمتطيه سُمح له بالمرور.

ابن عمته  مباشرة (م. ع)، شاب مثله وطالب جامعي كذلك، استطاع النفاد من مصفاة نقطة الارتكاز تلك، بيد أنّ ذات المفهوم المرتبط بالسحنة والشعر ولون البشرة قد ظل يلازمه لعدة شهور قضاها في المدينة نفسها، يحاول كسب العيش بعمل بسيط في قلب السوق، مما جعله عرضة لاستجوابات وتحريات وتحقيقات بل احتجاز في الحراسات، بتهمة انتمائه لقوات الدعم السريع وبحيثيات متوهمة عن شكل الذين يفترض انتماؤهم لتلك القوة.

الطريف أن الشاب الثاني متهم بحيثيات سحنته ولون بشرته  وشعر رأسه (القرقدي) عكس تماماً لابن عمته ذاك، هنا دخل عنصر الجهة ربما، المهم أن كلا الشابين اللذين ينتميان لأسرة واحدة متهمان لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية والكتائبية الرسمية والمستنفرة بانتمائهما لما يرونه عدوهم اللدود، فقط بعنصر السحنة التي من عجب متقابلة وفي الأسرة الواحدة.

الفلول والاستخبارات نغمة الدعامة

الشاب (ش. ه) قضى حتى الآن أكثر من 6 أشهر وهو في حالة  الاختفاء القسري منذ أن وردت الأخبار عن طريق أحد أصدقائه، بأن قوة من الدعم السريع في ارتكاز على طريق مدني الخرطوم قد اقتادتهما معا من الحافلة، أطلقت سراحه هو لوجود أوراق ثبوتية بحوزته بينما ما يزال صديقه مختفيا، رغم محاولات والده وأفراد من أسرته التواصل لمعرفة مكان اختفائه بيد ألا نتيجة حتى الآن.

الاتهام الموجه للشاب بحسب صديقه ذاك هو، فلول من عناصر الاستخبارات العسكرية؛ وكالعادة لا يحتاج الاتهام إلى حيثيات معقولة يكفي الشكل الخارجي للحكم على الفرد في بلد سمته الأبرز هي التعددية ومع ذلك تعتبر هذه التعددية في ذات الوقت هي أوسع مدخل للشكوك في حرب الجميع ضد الجميع على ما يبدو.

في حين أشار أحدث تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تلقيها (900) طلب بحث و(445) اشتباه اعتقال، وبحسب  راديو دبنقا 17/ 7، فإنّ اللجنة على لسان الناطق الرسمي عدنان حزام، ساعدت في إعادة الاتصال عبر الهاتف لنحو 20.000 من الأسر المشتتة خلال النصف الأول من هذا العام. ووفرت نحو 2500 مكالمة عبر الخط الساخن.

جغرافية الانتشار والسيطرة شمول الاتهام

باستعراض موجز للمساحات الجغرافية التي ينتشر فيها عناصر القوات المتحاربة، يمكن الجزم بأن جميع الناس في داخل السودان هم محل اتهام من هذا الطرف أو ذاك، فالدعم السريع ينتشر في معظم مساحة ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار وشمال كردفان  وشمال دارفور، ومساحات أقل في غرب كردفان وجنوبها والنيل الأبيض والنيل الأزرق، بينما يسيطر على كل ولايات شرق وغرب ووسط وجنوب دارفور، والجيش في المقابل يبسط سيطرته على ولايات نهر النيل والشمالية والقضارف وكسلا والبحر الأحمر وبقية المساحات التي لا يسيطر فيها الدعم السريع، ونسبة لتداخل الولايات وارتباط الطرق بعضها ببعض نجد أن حركة المواطنين بين الولايات أو داخل الولاية الواحدة تضطر للمرور في مناطق سيطرة هذا الطرف أو ذاك مما يعقد من الحركة جراء شمول الاتهامات بموالاة  أيّ من الجانبين، وقد ظل بعض مواطني قرى جنوب الجزيرة يتعرضون لاتهامات واستجوابات واستفزازات مستمرة من عناصر الجيش والمليشيات المحلية المتحالفة معه عندما يمرون عبر هذه الارتكازات للوصول إلى مدينة المناقل، وهو ما حدث بالفعل للشابين (ي. أ) و (م. م) من سكان احدى القرى عند ارتكاز في مدخل جسر حيوي على الترعة الرئيسة يربط جنوب الجزيرة بغربها، والتهمة هي تعاونهما مع الدعم السريع، والقيام بعمليات نهب للمحاصيل الزراعية أو ما يعرف بـ(الشفشفة) حيث تمت مصادرة أموالهما، وضربهما، وتعطيل (عربات الكارو) التي يستخدمانها كوسيلة لكسب العيش.

في الواقع كانت عناصر الدعم السريع ومجموعات النهابة تحت راياتها قد استولت على كل مقتنياتهما بما فيها المحاصيل الزراعية والمواشي وحتى الأواني المنزلية بتهمة أنهما من الفلول ومتعاونين مع الجيش!!

وضع مرعب لحقوق الإنسان

في ختام زيارته لبورتسودان والتي استغرقت خمسة أيام، رسم الخبير الأممي لحقوق الإنسان السيد رضوان نويصر، صورة مرعبة لأوضاع حقوق الإنسان في السودان، وقال في بيانه: (منذ بداية هذا الصراع غير المبرر في العام الماضي تعرض المدنيون في السودان إلى مستويات غير مسبوقة من العنف والمعاناة. كما هو الحال دائما في أوقات الحرب، فإنّ  المدنيين هم أول من يتأثر بالمعاناة، إن حجم ومستوى انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في السودان مرعبة، مضيفا أنه بحث مع المسؤولين وعلى رأسهم نائب رئيس المجلس السيادي ووزراء مؤقتين أساسيين أربعة مجالات أساسية منها، الامتناع عن الاعتقال والاحتجاز التعسفي للأشخاص بما في ذلك نشطاء المجتمع المدني)- الأمم المتحدة 12 يوليو 2024م.

فيما كانت هيئة محامي دارفور قد أعلنت عبر بيان أنها تلقت إفادة من ذوي منسق النازحين عبد الرحمن آدم أحمد تفيد باقتياده من وسط سوق بورتسودان في 4/ 7/ 2024م رفقة شخص آخر بوساطة الأجهزة الأمنية، تم الإفراج عنه وهو من المنتمين لحركة (مناوي)، بينما نقل عبد الرحمن إلى مكان غير معلوم وحرم تماما من محيطه الخارجي أو مقابلة محاميه.

وأشارت الهيئة إلى وجود أكثر من 150 شابا في سجون الأجهزة الأمنية ببورتسودان وعطبرة تم القبض عليهم من الشوارع والمحال التجارية والأكشاك، وتدوين بلاغات ضد بعضهم  تحت المواد 50 و51 من القانون الجنائي لسنة 1991م؛ تقويض النظام الدستوري والتعاون مع الدعم السريع، وتصل عقوبة الجرائم المدعاة للإعدام.

وفي بيان سابق لها نشره موقع (التغيير) مطلع يوليو الجاري، أفادت الهيئة وشركاؤها، بالقبض على ابني الأستاذ الطاهر ضو البيت (عادل والصادق) بقرية الحرة وحدة الكتياب الادارية بولاية نهر النيل- شمال السودان- بوساطة شرطة المنطقة والاستخبارات وتفتيش مسكنهما وهواتف أسرتهما وقيد دعاوى جنائية في مواجهتهما تحت المواد المشار إليها عاليه، وبحسب إفادة والدهما أن الأخوين ضو البيت تم القبض عليهما رفقة زملائهما من أبناء المنطقة الذين أفرج عنهم جميعاً بعد ابراز الأوراق الثبوتية، بينما اعتقل الشابان المولودان في دارفور (الفاشر ونيالا)، وهو ما أشار إليه بيان الهيئة بممارسة التمييز الاجتماعي والجهوي.

اذهبوا أنتم الطلقاء

مختصر الخبر على وسائط الإعلام السودانية، أصدرت محكمة الاستئناف في عطبرة يوم 16 يوليو الجاري قرارا بتبرئة آية مصطفى المحكومة بالإعدام شنقا بتهمة التعاون مع الدعم السريع، وصدر الحكم ضدها في 9 يونيو الفائت تحت المادة 51 أ بتهمة التعاون مع جهة معادية تحت مواد الجرائم الموجهة ضد الدولة، وقال محاميها محمد هاشم إن المحكمة استندت على مقطع فيديو يظهر آية وهي ترتدي زي الدعم السريع.

في وقت سابق من هذا الشهر كان الجيش قد نشر فيديوهات وأعلن عن تحرير 20 محتجزا لدى الدعم السريع في منطقة أمبدة غربي أم درمان، كلهم من النساء والأطفال. بينما أفاد  مصدر موثوق  في ولاية سنار- فضل حجب اسمه لدواع أمنية- أنّ قوات الدعم السريع أطلقت سراح مجموعة من المحتجزين السياسيين عند اجتياحها لمعسكر القوات المسلحة في مدينة سنجة كان قد جرى اعتقالهم قبل أكثر من شهر دون أن توجه لهم أي اتهامات أو يقدموا للمحاكمة.

ومن المعلوم أن الاستخبارات والأجهزة الأمنية درجت على احتجاز الناشطين المجتمعيين والسياسيين الذين يتخذون مواقف مناهضة للحرب بتهمة تأييدهم وتعاونهم وانحيازهم للدعم السريع، وهو الأمر الذي لم يثبت عند اجتياح تلك القوات لولاية سنار ومناطقها المختلفة، مما يعزز الشكوك حول دوافع تلك الحملات التي تندرج تحت قائمة الكيد السياسي- حسبما أفاد المصدر.

وفي مدينة سنار ما يزال عشرات المدنيين محتجزين لدى الأجهزة الأمنية، بذات المزاعم دون تقديمهم لمحاكمة أو السماح لمحاميهم بمقابلتهم.

جرائم الحرب والإفلات من العقاب

من جانبه يقول الأستاذ أمير محمد سليمان المحامي، مدير البرنامج القانوني في المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام بكمبالا في إفادته لـ(التغيير)، إنّ وضعية المدنيين أثناء الحروب الأهلية أو الدولية تحكمها اتفاقيات جنيف الأربع والبروتكولات الملحقة بها وهي المكون الأساسي للقانون الدولي الإنساني، لجهة عدم المساس بهم، أو قصف وتدمير الأعيان المدنية؛ والتي تشمل المنازل ومراكز الخدمات التعليمية والطبية ودور العبادة…. إلخ.

وأشار إلى أنّ ما حدث ويحدث الآن في السودان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من جانب الطرفين، والمدنيون هم الضحايا الأكثر في أعداد القتلى، والنازحين واللاجئين، وما قادت إليه الحرب من توقف الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري حتى صار أكثر من 25 مليون شخص معرضين لخطر المجاعة بحسب التقارير الدولية.

أما فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، يرى الأستاذ أمير أن فرض قانون الطوارئ في مناطق سيطرة الجيش قد أدى لانتهاكات ممنهجة ضد المدنيين مثل الحرمان من التنقل، والاعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة غير الإنسانية مما أدى لحالات وفيات كما وثقت لذلك بعض التقارير وتم نشره عبر وسائط الإعلام، كما تم عقد محاكمات لبعض الأشخاص بتهم التعاون مع الدعم السريع وصدرت بحقهم أحكام بالإعدام وكل هذه الإجراءات تتعارض مع التزامات حكومة السودان بموجب قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ضف لذلك عمليات القصف التي راح ضحيتها أعداد كبيرة من المدنيين في مناطق مختلفة مما هو مشهور ومنشور.

أما في مناطق سيطرة الدعم السريع فهناك انتهاكات خطيرة وكثيرة مثل حالات القتل، الاغتصاب، التهجير، الاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة والزنازين حتى في داخل المنازل التي تسيطر عليها في بعض الأحياء وغيرها من الانتهاكات الصارخة التي تم كشف بعضها في المناطق التي تم اخراجهم منها مؤخراً.

ويمضي المحامي أمير للقول إن كل هذه الانتهاكات تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مما يستوجب محاسبة مرتكبيها ليس على مستوى القواعد فحسب بل يجب أن تطال المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب حتى القيادات من الطرفين، منوها إلى أن الإفلات من العقاب ظل هو السمة الأبرز في كل حروبات السودان مما قاد إلى العنف وتناسل وتكرار ذات الممارسات في كل حرب، وأي عملية سياسية سلمية قادمة يجب أن يكون بند المحاسبة من البنود الأساسية ضمنها حتى يتم وضع حد للانتهاكات.

وفي منحى ذي صلة، أشار الأستاذ أمير إلى صدور قرارات في بعض الولايات تتعلق بوجود الأجانب، منوها إلى أن المدنيين منهم يجب أن يعاملوا مثل المواطنين المدنيين من توفير الحماية لهم وعدم تعريضهم للانتهاكات، لأنهم يقعون بين نارين كما في وصفه الجيش من جهة والدعم السريع من جهة ثانية، والطرفان عاجزان عن توفير الحماية للسودانيين ناهيك عن الأجانب، وفي هذه الحالة على وكالات الأمم المتحدة التدخل لصالح توفير الحماية لهؤلاء بفتح مسارات آمنة لحين خروجهم من الولايات التي ترفض وجودهم فيها، وأي انتهاك يتعرضون له أو معاملة غير إنسانية يعتبر جرائم ضد الإنسانية ويمكن أن تكون جرائم حرب.

الوسومالأمم المتحدة الجزيرة الجيش الدعم السريع السودان الشمالية حقوق الإنسان دارفور سنار كردفان نهر النيل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة الجزيرة الجيش الدعم السريع السودان الشمالية حقوق الإنسان دارفور سنار كردفان نهر النيل الأجهزة الأمنیة مع الدعم السریع حقوق الإنسان فی السودان فی مناطق أکثر من

إقرأ أيضاً:

كيف يغذّي إيلون ماسك الحرب في السودان عبر منصة إكس؟

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، مقالا، لمرام مهدي، وكايل هيربرت، قالا فيه إن موقع التواصل الاجتماعي "إكس" التي يملكها إيلون ماسك، تسهمُ في تغذية النزاع في السودان. 

وأوضح المقال، أن الحرب في هذا البلد، غطّت عليها الحرب في أوكرانيا وغزة، مع أنها أدّت لتدمير معظم السودان منذ نيسان/ أبريل 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وخلّفت عشرات الآلاف وشرّدت  الملايين وانتهكت فيها حقوق الإنسان ودمرت المستشفيات والمدارس والطرق. 

وتابع: "وسط هذا النزاع القاتل، استخدم الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الدّعاية الرقمية، وهما يشتركان في الرغبة لتبييض صورتهما في الخارج، وفي الوقت نفسه إقناع السودانيين بأنهما الخيار المفضل.

لكنّ نهج عدم التدخل الذي يتبعه إيلون ماسك، تجاه موقع "إكس" (تويتر سابقا) هو الذي مكّن قوات الدعم السريع التي يقودها أمير الحرب محمد حمدان "حميدتي" دقلو، من بناء واجهة إلكترونية من التعاطف، وإخفاء الفظائع الشنيعة التي ارتكبتها مجموعته. 

وباعتباره رئيس الدولة الفعلي في السودان، يتمتّع قائد القوات المسلحة السودانية، الجنرال عبد الفتاح البرهان، بفرصة للوصول إلى قنوات الإعلام الحكومية والمنافذ الإخبارية المتعاطفة. 

وعلى النقيض من ذلك، استخدمت قوات الدعم السريع بمهارة وسائل التواصل الاجتماعي لمحاولة تسويق نفسها باعتبارها داعما للديمقراطية. وفي حين تمتد هذه القضايا إلى منصات مختلفة، إلا أن "إكس" كانت إشكالية وبشكل خاص. 

وأبرز المقال نفسه، أنّه "بعيدا عما حققته قوات الدعم السريع على الأرض إلا أن مقاتليها روعوا المدنيين ونهبوا البيوت وسرقوا تحفا وقطعا لا تقدر بثمن ومحت مجتمعات بالكامل. فبعد فترة قصيرة من اندلاع الحرب، وبعد وقت قصير من اندلاع القتال الأولي في الخرطوم، أنشأت قوات الدعم السريع في أيار/ مايو 2023 ما يسمى بـ"الخط الساخن" على تطبيق واتساب، لربط السكان في المناطق المحتلة بالمساعدات الإنسانية والمساعدة في عمليات الإجلاء". 


كذلك، تم إنشاء قوة مهام متخصصة تشبه دورية الشرطة المحلية، مع تفويض معلن بحماية المدنيين من الجريمة مع انهيار القانون والنظام. فيما سلّطت المنشورات على المنصة في الأشهر الأخيرة، الضوء، على لجنة جديدة للمصالحة والسلام توزع الطعام والإمدادات، وتزور الفصول الدراسية للأطفال ومخيمات النازحين. 

"أظهرت مقاطع فيديو أخرى، المجموعة وهي تزعم أنها تقوم بتركيب مضخات مياه أو إعادة الممتلكات المسروقة. وفي 12 آب/ أغسطس وضع حميدتي فيديو من 8 دقائق على "إكس" وهو يعلن عن إنشاء قوة حماية مدنية. وهذه القوة الجديدة تشكل في الأساس تعزيزا لجهود السلام والإنسانية المزعومة التي قامت به المجموعة في وقت سابق" وفق المقال.

وأضاف: "وأعلن حميدتي عن بدء المجموعة عملها عملها  فورا والتوسع في المدن التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في مختلف أنحاء البلاد، مع تفويض بحماية أرواح وممتلكات المدنيين وتسهيل العمليات الإنسانية وضمان سلامة العاملين في مجال الإغاثة".

وأبرز المقال نفسه، أن المجموعة كلفت كذلك بتسهيل العودة الطوعية للنازحين إلى مجتمعاتهم الأصلية، وأكثر من ذلك. وحصل فيديو حميدتي على صفحته الرسمية لـ800,000 مشاهدة، وصور الفيديو حميدتي بالرجل الحريص والقائد الملتزم بحماية الناس وخدمتهم. فيما تتوافق مجالات مسؤولية القوّة الجديدة المعلن عنها والموضحة في الفيديو، بالفعل مع مخاوف المواطنين، مع أن  قلة من الناس تتوقع نتيجة منها.

ومع ذلك، فإن نيّة قوات الدعم السريع، وفق المقال، هي مخاطبة المجتمع الدولي واضحة، فإن الفيديو يوضّح أنها تسعى إلى تأكيد نفسها كجهة فاعلة شبه دولة مسؤولة داخل السودان في محاولة لجعل أنشطتها المسلحة منسية بطريقة أو بأخرى. وكما هو متوقع، لم يتم ذكر أي شيء عن كيفية تشكيل هذه القوة الجديدة ولا كيفية عملها. 

وبينما تصوّر قوات الدعم السريع نفسها بأنها تسهل المساعدات الإنسانية والخدمات الاجتماعية وغير ذلك من التسهيلات، كشفت وكالات الأمم المتحدة أن المجموعة قد أعاقت الإغاثة الإنسانية وأوقفت تسليم المساعدات الغذائية المحمّلة على شاحنات الإغاثة. 


ويجد المراقبون بشكل روتيني صعوبة في الثقة أو تصديق المعلومات الواردة على وسائل التواصل الاجتماعي لقوات الدعم السريع . 

وفي الوقت نفسه، يقول المقال إن رجال حميدتي ممّن جّندهم من القبائل العربية في الغرب السوداني، تتّهم بالتطهير العرقي والانتهاكات الجنسية ضد غير العرب في دار فور. وما يزيد الأمر سوءا هو أن قوات الدعم السريع تستغلّ خدمات الإنترنت من "ستارلينك" للالتفاف على انقطاع الإنترنت والعمل كآلة قتالية أكثر كفاءة. 

وتحصل قوات الدعم السريع على خطوط تابعة لشركة ستارلينك، وهي شركة أخرى يسيطر عليها ماسك، عبر طرق تهريب غير مشروعة تربط السودان بتشاد وجنوب السودان الدولتين القريبتين من السودان.


وحتى في سياق قواعد موقع التواصل الاجتماعي "إكس" الجوفاء، والتي تمنع الكيانات الداعية للعنف والكراهية، فهذه أدلة كافية لوقف الحسابات التابعة لقوات الدعم السريع على المنصة، والتي يبلغ مجموع متابعيها ما يقرب من نصف مليون متابع. وفي النهاية فإن الحرب في السودان ستظل قائمة، بحسب المقال.

وأردف٬ "ستظلّ الحرب الأهلية في السودان طويلة الأمد، طالما ظلّت جهود السلام دون نتيجة، كما أنّ فرض القيود لوقف الحرب في المجال الرقمي هي ثمرة سهلة المنال يمكن أن تترك أثرها في الوقت الحالي على حرب المعلومات".

مقالات مشابهة

  • توم بيريلو: هل ستلتزم قوات الدعم السريع بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين؟
  • إلغاء حفلات عالمية في دبي.. هل يقاطع النجوم الإمارات؟
  • السودان.. تجدد المعارك بين الجيش والدعم السريع
  • هذه هي المؤامرة الخفية على وحدة السودان
  • هيومن رايتس ووتش: “أدلة مرئية” عن انتهاكات وتجاهل “صادم” للكرامة في السودان
  • مقاطع مصورة توثق الجرائم.. رايتس ووتش تطالب بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في السودان
  • السودان.. مقتل 20 مدنيا في سنار وزالنجي بمعارك الجيش والدعم السريع
  • الخارجية السودانية: التعاون الإسلامي صنف الدعم السريع كقوة متمردة
  • كيف يغذّي إيلون ماسك الحرب في السودان عبر منصة إكس؟
  • موقع بريطاني: هكذا تعمل منصة إكس على تأجيج الحرب في السودان