أثار الاتجاه لتقديم المساعدات الإنسانية في هيئة دعم نقدي بدلاً عن العيني، الاستفهامات حول ما إذا كان ذلك لحاجة المستفيدين أم عدم ثقة في الحكومة السودانية؟

تقرير: التغيير

فسر البعض التغيير “الجزئي” الذي حدث في طريقة توزيع المساعدات الإنسانية للنازحين بالسودان بواسطة المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية من مساعدات عينية إلى نقدية مالية مباشرة، بأنه يعكس عدم ثقة المجتمع الدولي في الحكومة المحلية بالسودان خاصةً بعد انتشار قضايا الفساد المتعلقة بتوزيع المساعدات للنازحين وتحويل وجهتها بتسريبها للأسواق المحلية.

بيد أن بعض المهتمين أشاروا إلى أن تجربة الدعم النقدي محدودة وجاءت بعد دراسات لحاجة النازحين إلى المال أكثر من الدعم العيني، ونوهوا إلى أن طريقة توزيع المساعدات عينية نقدية تعتمد على عدد من المحددات.

وأدت الحرب المندلعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 ابريل 2023م إلى نزوح عدد كبير من السكان جراء الانفلات الأمني والتردي الاقتصادي والصحي.

إحصائيات دولية

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة الدولية، في وقت سابقٍ، أن (20%) من سكان السودان نزحوا جراء القتال إلى داخل وخارج البلاد منذ اندلاع الحرب.

وأفادت المنظمة في بيان، أن مصفوفة تتبع النزوح في السودان تشير إلى أن 10 ملايين و594 ألف و576 شخصا نزحوا داخلياً وخارجياً حتى 3 يوليو الحالي، بينهم 7 ملايين و794 ألفا و480 شخصا نزحوا داخليا منذ 15 أبريل 2023م.

وأضافت أن 2 مليون و238 ألفا و671 شخصا عبروا إلى البلدان المجاورة منذ 15 أبريل 2023م.

تجارب وترتيبات

الدعم النقدي للنازحين ليس مقتصرا على الولاية الشمالية- شمالي البلاد، حيث سبق وتم تدشين برنامج توزيع الدعم النقدي للنازحين بمراكز الإيواء في الفاشر بشمال دارفور، وأيضاً لبعض الفئات الضعيفة من ذوي الاحتياجات الخاصة بولاية كسلا وإقليم النيل الأزرق.

وبحسب حكومة الولاية الشمالية، يبلغ عدد النازحين (1.5) مليون موزعين على محليات الولاية السبع.

وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، بجانب عدد من المنظمات الإقليمية عن دعم نقدي للنازحين بالشمالية.

فيما شرعت بعض المنظمات الدولية بالولاية كالهلال الأحمر في عمل عينات عشوائية لكشوفات النازحين المسجلين للتأكد من صحة المعلومات المسجلة تمهيداً للتوزيع النقدي للنازحين بوحدة دنقلا وشرق النيل والحفير.

شكاوى ولا مجيب

وقال الناشط في مجال حقوق الإنسان بالولاية الشمالية عمر انقراوي، إنه إلى الآن لم يتم تصنيف النازحين من حيث الخدمات والاحتياجات ولا توجد قاعدة بيانات حقيقية توضح الأرقام والاحتياجات الحقيقية.

وأضاف لـ(التغيير): من خلال نشاطنا الميداني وردود الأفعال في المجتمع نستطيع أن نقول إن السواد الأعظم من النازحين بالشمالية (98%) لم تصلهم أي مساعدات سواء كانت عينية أو نقدية وكل ما أثير عن تقديم دعم نقدي للنازحين بالولاية لا يتعدى (2%) فقط.

وأوضح انقرواي أن هنالك شكاوى كثيرة للنازحين ولا أحد يستجيب لهم في ظل الغلاء الحالي الذي أثر سلباً حتى على الأسر المستضيفة ناهيك عن الموجودين في دور الإيواء.

وأكد أن الحوجة للمساعدات كبيرة ومتزايدة في ظل استمرار الحرب.

حسب الحاجة

من جانبه، أوضح الخبير في مجال العمل الإنساني والمنظمات إبراهيم أنصاري، أنه من خلال التجارب والخبرة التراكمية للمنظمات بجانب الدراسات الميدانية يمكن للمنظمات أن تدرك الطريقة الأنسب لتوزيع الإغاثة عينية ومادية.

وقال لـ(التغيير): دائماً ما تلجأ المنظمات لتغيير نمط الإغاثة من عيني إلى مادي مالي في المجتمعات النازحة التي حدث فيها نوع من الاستقرار كمثال نازحي الشمالية الذين اندمجوا في المجتمع، وأيضاً النازحين بالمعسكرات القديمة في دارفور أصبحوا يشكلون مجتمعات منفصلة وقائمة بذاتها.

وأضاف أنصاري أن الدعم للمجتمعات النازحة يتغيير بحسب الحوجة وطبيعة الأوضاع الأمنية والسياسية والبئية.

وتابع: “لا يمكن أن نستبدل طريقة تقديم المساعدات التقليدية من العينية للنقدية لعدة أسباب متعلقة بحوجة المجتمعات نفسها وقوانين وطرق التوزيع للمنظمات بجانب تحفظ بعض المنظمات على توزيع نقد مباشر فضلاً عن مخاطر التوزيع النقدي نفسه في بلد تعاني من مهددات أمنية واقتصادية وصعوبة تحديد القيمة نتيجة تذبذب سعر العملة المحلي بجانب انتشار الفساد الذي يهدد التوزيع النقدي.

عدم الثقة

وأكد أنصاري أن الحديث عن عدم ثقة المنظمات الدولية في الحكومة المحلية بالسودان أمر طبيعي يحدث في كل دول العالم الثالث لكنه من الأمور المسكوت عنها ولكن في النهاية لا تستطيع هذه المنظمات العمل بمفردها في الدولة وهي لا تستطيع أن تعمل لوحدها دون الحكومة المحلية حتى لو كانت هذه الحكومة فاسدة.

وأشار إلى أن سجل الحكومة السودانية في مجال الإغاثة سيئ منذ العهد السابق لحكومة الإنقاذ، كما أن العلاقة مع المنظمات الدولية والإقليمية كانت ومازالت محل ريبة وشك بسبب سلوك النظام السابق تجاه المنظمات وتخوينها وتحويل الملف الإنساني إلى ملف أمني.

واختتم إبراهيم حديثة قائلا: “طرفي النزاع لا يريدون إيقاف المعارك ولا حتى السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمتضررين والنتيجة مزيد من الضحايا المدنيين الذين يعانون من الفقر والمرض”.

الوسومالجيش الدعم السريع السودان الفاشر المنظمات الإنسانية المنظمة الدولية للهجرة الولاية الشمالية حرب 15 ابريل حقوق الإنسان دارفور

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان الفاشر المنظمات الإنسانية المنظمة الدولية للهجرة الولاية الشمالية حرب 15 ابريل حقوق الإنسان دارفور المنظمات الدولیة الولایة الشمالیة عدم ثقة إلى أن

إقرأ أيضاً:

عودة بعض الأساتذة الأجانب للجامعة الدولية الخاصة الوحيدة في كوريا الشمالية

في أحدث خطوة على فتح كوريا الشمالية لحدودها بشكل أكبر، قال مسؤول كوري جنوبي اليوم الاثنين الموافق 2 سبتمبر، إن بعض الأساتذة الأجانب العاملين في جامعة بيونج يانج للعلوم والتكنولوجيا عادوا إلى كوريا الشمالية بعد توقف دام أربع سنوات بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19).


ووفق لوكالة يونهاب للأنباء، صرح "تيه يونج-هو"، الأمين العام للمجلس الاستشاري للتوحيد السلمي، أنه في أواخر الشهر الماضي، دخل كوريا الشمالية عدد غير محدد من الأساتذة الأجانب في الجامعة الدولية الخاصة الوحيدة بالشمال، بعدما أصدر النظام لهم التأشيرات.
وتابع تيه: "إصدار السلطات الكورية الشمالية التأشيرات يعني أن السلطات ستضمن سلامة الأساتذة الأجانب".


يشار إلى أنه في أوائل عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، اضطر جميع الأساتذة في الجامعة إلى مغادرة بيونج يانج بعد أن أغلقت كوريا الشمالية حدودها، ومنذ ذلك الحين، تقدم جميع المحاضرات الجامعية عبر الإنترنت.

كوريا الشمالية توافق على دخول الأجانب بشكل جزئي 

الجدير بالذكر أنه منذ أن بدأت كوريا الشمالية في إعادة فتح حدودها في أغسطس من العام الماضي، وافقت جزئيًا على دخول الأجانب، بما في ذلك دبلوماسيون من الدول التي تشارك كوريا الشمالية قيمها الاشتراكية أو السياح الروس، أما بالنسبة للأساتذة الأجانب، فعلى ما يبدو أصدرت كوريا الشمالية تأشيرات إقامة لحاملي الجنسيات الغربية لأول مرة منذ إعادة فتح حدودها.

ولكن لم يُسمح بعد بعودة دبلوماسي الدول التي لديها تمثيل دبلوماسي في كوريا الشمالية والعاملين الميدانيين من المنظمات الدولية، بعدما غادروا بسبب تفشي كورونا. وكان في وقت سابق من هذا العام، زار بعض الدبلوماسيين الأوروبيين، بما في ذلك دبلوماسيون من ألمانيا والسويد، بيونج يانج ، لكنها كانت زيارة لمرة واحدة بهدف التحقق من إمكانية الاستئناف المحتمل لبعثاتهم الدبلوماسية.

مقالات مشابهة

  • مجازر ونزوح بالسودان.. لوبس: أسوأ أزمة إنسانية في العالم لا تهم أحدا
  • وزير الزراعة السوداني: لاتوجد مؤشرات مجاعة بالسودان
  • الدعم النقدي في مصر: معايير التوزيع وتحديات التحول من الدعم العيني
  • مقرر بالحوار الوطني: إجماع للتحول للدعم النقدي و"غربلة" بطاقات التموين(فيديو)
  • متحدث الصليب الأحمر: نعمل على تخفيف معاناة متضررى السيول في السودان
  • الأحزاب: الدعم النقدي خطوة ضرورية.. ولكن بشروط
  • الملف يتصدر الجلسات المقبلة لـ«الحوار الوطني».. هل يتحول الدعم «العيني» إلى «نقدي» مطلع العام المقبل؟
  • عودة بعض الأساتذة الأجانب للجامعة الدولية الخاصة الوحيدة في كوريا الشمالية
  • «لجنة الطوارئ» في مهاجرية تناقش دعم النازحين وتوفير المساعدات الإنسانية
  • جمود الحل السياسي يضع دارفور في بؤرة الصراع بالسودان ، سيطرة الدعم السريع على الفاشر تنهي تحالف الجيش والحركات المسلحة