لجريدة عمان:
2025-01-18@13:00:37 GMT

صناعة الخوف .. لماذا؟

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

هل الخوف صناعة فطرية؟ بمعنى: هل الخوف من الفطرة أم أننا نبالغ في إبداء المشاعر السلبية الجانبية «صناعة مخاوف»، حتى تتجسد على أشكال من القلق، فينقلنا إلى حاضنة الخوف؟ ولماذا نخاف في الأصل؟ وكم من الوقت الذي تستهلكه المخاوف منا، فتشغلنا عن إنجاز ما قد يبدد هذه المخاوف؟ وهل لذلك علاقة بدرجة الإيمان؟ مع أن الإيمان علاقة عضوية مرتبطة بين العبد وخالقه، وليس يسيرا إطلاقا تقييمها، مع أنها في تقدير آخر - علاقة كمية، بمعنى يمكن مقارنتها من خلال ما يقوم به الأشخاص من تفاعلات سواء مع أنفسهم حيث ينزلونها المنزلة المباركة من الأعمال الخيرة الحسنة، أو ينزلونها منازل الهلاك والردى، أو سواء مع الآخرين من حولهم، حيث تسمو العلاقة بينهم، أو تسوء إلى درجة الاقتتال.

هل صناعة الخوف أو حقيقة الخوف نفسه أمر معقد، يصعب تفتيته أو الدخول بين جزيئاته؟ قد تتوفر الإجابة أكثر عند المتخصصين في الطب السلوكي أكثر من غيرهم، ولكن لا يمنع غيرهم من جس نبض هذه الصناعة، والتفريق بين أن تكون صناعة فطرية، أو صناعة متعمدة «مع سبق الإصرار والترصد» والصناعة المتعمدة للخوف هذه نعيشها بأنفسنا كل يوم وفق مجريات حياتنا اليومية، فمن منا لا يقلق أو يساوره القلق طوال يومه فينقله إلى درجة الخوف، حيث يكفي أن ترى أحد أفراد أسرتك مريضا، ليرتفع عندك سهم القلق على حياته إلى مؤشرات قد تصبح خطيرة، إذا لازمك، مع أن المرض وأنت تدرك ذلك لا يعطيك الحق في أن تقول فيه كلمة الفصل في أنه سوف يستمر أو يغادر جسم هذه المريض الذي تراه أمام عينيك، ولا تقدر أن تعينه على تجاوز محنته، ويرتفع هذا المؤشر أكثر عندما يكون هذا المريض طفلا لا يملك حيلة نفسه، وما ينطبق على المرض، ينطبق على كثير مما تمارسه من سلوكيات، وما يحيطك من تفاعلات البيئة التي تعيش فيها، ففي بيئة العمل يحدث أن يترقى زميلك الذي يشاركك المكتب، وتتقاسم معه عمل المؤسسة اليومي، ما الذي دفع مسؤولك الأعلى لأن يميزه عنك، فيترقى، أو يكافأ، أو ينتدب لدورة تدريبية «دولية» أو ينقل عن مزاملتك إلى إدارة تخصصية أكثر أهمية، في كل هذه هل عليك أن تلبس نفسك بشيء من المخاوف، وما الذي يخيفك في الأساس هل سينقطع راتبك؟ هل ستحرم من ترقيتك؟ هل ستصلك ورقة إقالتك من وظيفتك؟ هل ستنقل إلى وظيفة أدنى مما أنت عليه الآن؟ يقينا أن كل ذلك لن يحصل، وتبقى درجة إيمانك في علاقتك مع ربك حيث الرضى بالقدر - وبتأكيد قدراتك المادية والمعنوية، وبمعرفتك لنفسك، وبتنقية حالتك من الزلات، كل ذلك سوف ينقلك من حالة المخاوف إلى الاطمئنان، ومن الصدام إلى الرضى، ومن تعظيم ما تمتلكه من قدرات وتوظيفها في ذوبان مجمل الشعور السلبي الذي كبلك في حالة ضعف من غير لا تدري.

لا أحد يمكنه أن يسلب حق أحد، ولا أحد يستطيع أن ينهي أجل أحد، ولا أحد يتمكن من الحيلولة دون وصول الآخر إلى مستوى معين من الحياة، ولا أحد تكون لديه القدرة القاهرة لتكون له كلمة الفصل في أمر قد قدره الله على أحد آخر، ومتى أدرك كل منا هذه الحقيقة المتخفية بين ستائر الضعف عند كل منا استطاع أن يتسامى على كل المخاوف التي نحسبها أنها مصدر قلقنا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا أحد

إقرأ أيضاً:

عمر أبو رصاع يكتب .. ما الذي يعنيه سالم الفلاحات ؟

#سواليف

كتب .. #عمر_أبو_رصاع

#سالم_الفلاحات لا يمثل شخص ولا كما قد يتوهم البعض ايقونة أو مشروع زعيم ما، فحتى الأيقونة والزعيم زينة تتمييز عن محيط، وفكرة متجاوزة نضالياً بالضرورة، فنحن لينا بحاجة زعامات ولا ايقونات، بل بحاجة لمن يشمر عن يواعده ويشتبك معنا في وحل الواقع الأليم.
الاستاذ سالم هو تعبير عميق عن معطيات لا يمكن المرور عليها هكذا ببساطة، لا أقول هذا بمناسبة صدور #حكم_السجن بحقه وإن كنت اغتنم هذه الفرصة لوضع الصورة كما اراها أمام الناس، وأرى أن من واجبي أن أفعل ذلك.


ما الذي يعنيه سالم الفلاحات إذن؟
أليس سالم الذي كان يوماً مراقب عاماً لجماعة الإخوان المسلمين؟ فأي صورة تريد إذن؟
نعم هو، وأستخدم هذه الصفة بالذات، لأن العديدين يتمركزون في قراءتهم لما يمثله سالم خلف هذه السمة، أكان بوعي وقصد سيء أو بحسن نية وبساطة، ليوضع الرجل بما يعنيه في برواز محدد لتصورات نمطية حول التوجه العام السياسي والمجتمعي الذي إلتصقت بالجماعة تاريخياً.
لا ينكر سالم منبعه الذي صدر منه وعنه بل وصل فيه تنظيماً إلى أرفع المواقع “مراقب عام”، لكنه بنهجه الصعب المعقد يدعوك وتلك الحال إلى إمعان النظر في خياراته العملية قبل أن تحكم على ما يعنيه ويمثله، وهنا تكمن القصة الأبرز والأهم.

مقالات ذات صلة تنفيذ حكم القتل تعزيراً بحق اردني في السعودية 2025/01/15


هل ندرك عملياً مدى تعقيد وصعوبة التحولات والانعطافات التي اتخذها سالم الفلاحات؟
ليس لأنك انقلبت ولا لأنك انسقت خلف اهداف خاصة وشخصية، بل لأنك قمت بمراجعات حقيقية ووصلت لقناعات بأن المقاربة نفسها يجب أن تختلف، وأن التغيير المراد لا يمكن تحقيقه بذات الأداة والأسلوب، لم يكن غريباً إذن أن تجد سالم الفلاحات الأشد حماساً لتجربة الحراك الشعبي، يجلس وسط تلك الحالة العفوية ويخلع عنه بُردُه ولا يجد غضاضة في أن يشتبك حوارياً مع عمر أبو رصاع الذي ما أنفك يستعمل وصف إسلاموي سياسي بدلاً من إسلامي مثلاً لا حصراً، ويقدم تصوراً متقدماً جداً لما تعنيه الدولة المدنية عنده لعموم الحراكيين في دارة المرحوم جميل الهلسة (أبو عمر) في رد واضح لا لبس فيه على من غمزوا في قناته من زاوية خلفيته السياسية.
هنا حيث وضع رهاناته واتخذ قراراً حاسماً بأن ما نريده هو دولة دستورية الشعب فيها هو المرجعية، دولة مستقلة القضاء، تدار فيها الأمور بنزاهة وشفافية وكفاءة، تبنى فيها الدولة بناء صحيحاً سليماً وتحترم الحقوق والحريات الخاصة والعامة، دولة عدل وإنتاج ورفاه قادرة قوية تحمل مشروعاً للانسانية، الكل فيها شريك حاضر له حقوق مكفولة، لهذا الأمر كان العنوان الذي اختمر ذو الدلالات العميقة “الشراكة”.
لا زعم ولا زعمنا أننا بتنا قادرين تماماً على تمثله تماماً، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، والكمال لله وحده، وما زال جدلنا محتدماً هادئ حيناً وحاداً أحياناً، لكنه عملي وعميق ومنتج، يبنى ويراكم عليه، طالما بقينا متمسكين بلحمة الشراكة الوطنية.
نعم هذا ما عناه ويعنيه سالم الفلاحات، عنوان للشراكة الحقيقية في مشروع نضالي تحرري جامع، من أجل استقلال القرار الوطني والسيادة والتقدم والعدالة والرفاه، تلك هي الدلالة الأبرز والأهم في مسيرة الرجل، وعنوان خطورته في الوقت عينه.
خطورته على من وماذا؟
على الذين يريدون الاحتفاظ بمكتسبات الوضع الراهن، ومنع البلد من أن يتقدم نحو خيار المستقبل بعنوانه الأهم عقلنة وعَملَنة (أي جعله عملي) الخطاب الأيديولوجي، سحب الفتيل من قنبلة اليأس والفشل، لحساب البديل الممكن العملي القابل للتطبيق والحياة والإنتاج.
دائماً تأتي طروحات سالم الفلاحات تحت عنوان مهم “ما الذي نختلف عليه فعلا؟” من زاوية محاصرة رقعة الاختلاف لحساب التوافقات المنتجة.
هذا مستقبل العمل السياسي، زمن الأحزاب الأيديولوجية ولَّى وانتهى، ليس لأن الأيديولوجيا ماتت بالضرورة، بل لأنها مشرب يمكن النهل من معينه لحساب فهم عملي واقعي أقدامه على الأرض ورأسه في السماء، فهم عصري ممكن وقابل للحياة.
ليست هناك خيانة إذن للايديولوجيا، بل محاولة صادقة لإنقاذها من براثن الانتحار على مذبح الجمود والتصورات المتعصبة المغلقة، ورفض الآخر و/ أو إلغائه.
سالم الفلاحات عنوان لهذا المشروع الطموح ولهذا قلت ليس فرداً إنما معنى مهم لمستقبل مختلف، ولهذا هو خطر جداً على الذين يريدون منع ميلاد البديل الممكن والعملي والتوافقي، البديل عصري بكل معنى الكلمة، وفي ذات الوقت تحضر أناه وهويته وأرثه في تشكيله وصياغته.
هكذا أرى الأستاذ سالم وأفهمه واتشرف بمشاركته والعمل معه، وهكذا اشتبك معه خلافاً وتوافقاً في ضوء هذا الفهم، ليس مطلوب منك أن تحب أو تكره سالم، بل أن تتقبله بصفته شريكك الجاد في مشروع التحرر الوطني، المستعد لأن يبذل أقصى الطاقة ليتوافق معك عليه، هذا إذا وفقط إذا كنت تؤمن بأن هذا المشروع ضرورة خلاص.
لم أكتب هذه الكلمات لكي ادافع عن الرجل ولا حتى لأنصفه، بل كتبتها لقناعتي بأن الكثير ممن لازالوا يقفون في المنطقة الرمادية، بحاجة إلى النظر من هذه الزاوية تحديداً.
الشراكة أو المنتظم السياسي الذي سيحتضن هذا المعنى ويعبر عنه مستقبلاً، هو خلاصة نضالتنا على مدى عقد ونصف في اشتباك عملي مضن جداً، هو مخاض نتطلع إليه بصفته الثمرة الناضجة للربيع العربي، بعد أن استفاد جدياً ونقدياً من تجربته، وطور نفسه كبديل وحل وأمل بمستقبل مشرق لشعبنا وبلادنا والأمة والإنسانية جمعاء.

مقالات مشابهة

  • أمريكا ليست الوحيدة.. أستاذ قانون دولي عن حظر تيك توك: حق أصيل لحماية الأمن القومي
  • ترامب يحسم الجدل حول حظر تيك توك في أمريكا: القرار بيدي
  • كيف علّق برّي على اللقاء الذي جمعه بنواف سلام؟
  • القوات المسلحة السودانية تستنكر القرار الجائر الذي صدر ضد البرهان
  • أبرزها تمارين التنفس.. أفضل 5 قواعد لتحسين النفسية
  • خبير أمني: الخوف يسيطر على عناصر الجماعة الإرهابية من التسليم لمصر
  • أسعار النفط ترتفع مع تزايد المخاوف بشأن الإمدادات
  • عناقيد الخوف .. مجموعة قصصية نُوقشت بمكتبة القاهرة
  • محمد عبد الجليل ينتقد مجلس الزمالك: ورط نفسه في ملف زيزو بسبب الخوف من الجمهور
  • عمر أبو رصاع يكتب .. ما الذي يعنيه سالم الفلاحات ؟