موقع النيلين:
2025-04-28@21:25:47 GMT

شوية تقعر في تفسير الحرب

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

شوية تقعر في تفسير الحرب:
ربما تكون هذه الحرب السودانية بروفة لاندلاعها في دول أفريقية أخرى، من القرن الأفريقي إلى وسط أفريقيا إلى دول الساحل/السهل.

القصة بسيطة للغاية، هذا الجزء من أفريقيا يعاني من فشل التنمية الاقتصادية ونتج عن ذلك عشرات الملايين من الشباب العاطلين عن العمل، الذين ليس لديهم أمل في حياة شبه كريمة.

اعتاد الكثير من هؤلاء الشباب على محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أوروبا على متن قوارب متهالكة محفوفة بالمخاطر. لكن هذا المنفذ أصبح صعباً على نحو متزايد لأن أوروبا شددت سيطرتها على حدودها بطرق مختلفة. ولهذا السبب أنتهي الأمر بجل هؤلاء الملايين حبيسين داخل فقرهم الأفريقي في بلدانهم ومنطقتهم.

وبعد عقود من التوجه الاقتصادي النيوليبرالي الفاشل، انتهى الأمر بالمنطقة بأكملها كبؤرة متشبعة بملايين الرجال العاطلين عن العمل الذين ليس لديهم ولا شبه أمل في حياة معقولة. تشكل هذه المجموعة من الشباب اليائسين احتياطيًا جاهزا للفوضى والدمار في انتظار قيام قوة داخلية أو خارجية بتجنيدهم لتنفيذ أجندا اقتصادية أو سياسية شائنة.

وبما أن المنطقة ذات أهمية سياسية وغنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك الموارد النادرة، فإن ما حدث في السودان سيحدث في بلدان أخرى، لأسباب مختلفة في كل بلد، ولكن القصة الأساسية ستبقى كما هي: ملايين الشباب الفقراء العاطلين عن العمل في انتظار قوة ما، خارجية أو داخلية، لتنظيمهم وتسليحهم واستخدامهم في تنفيذ أجندات شريرة معادية لمصالح أفريقيا وتهدف لنهب ثرواتها الغنية. ولا يهم دفع مرتبات لمثل هذا الجيش ويمكن أن يكون المرتب هو ما ينهبونه من أموال غيرهم والنساء السبايا والمغتصبات.

يمكن لهؤلاء الرجال اليائسين الذين استأجرهم الأجانب لتدمير قارتهم أن يتخيلوا أنفسهم كمقاتلين شجعان ويشفشفوا شعارات ثورية ، في حين أنهم في الحقيقة مجرد فلنقايات وسلالة مثيرة للشفقة تخدم أسيادًا أجانب يطعمونهم ويسلحونهم ويسيطرون عليهم بالكامل.
ونفس المنطق الذي وفر الخلفية الإقتصادية لتجنيد المقاتلين يوفر نفس الظرف لتجنيد جيوش من المتعلمين والمثقفين والكتاب والناشطين الذين ينضمون لخدمة الحلف الشيطاني بحكم الحاجة واحيانا بفقه البحر ما بيابا الزيادة.

كما أن الشق المثقف الذي يتم تعيينه بفضل نفس الحاجة الاقتصادية سيحاولتصوير الأشاوس كمقاتلين شجعان ويخترع أسباب معقدة لنشوب الحرب تعطيها مسحة من الشرعية وتحجب جوهرها الحقيقي، في حين أن المقاتلين والأقلام المستأجرة كلاهما فلنقاليالت مرتزقة مثيرون للشفقة فقدوا كرامتهم وحياءهم.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي العربي في زمن التحولات الكبرى

 

 

 

 

مرتضى بن حسن علي

 

في عصر تتغير فيه الخرائط المعرفية بوتيرة جنونية، وتتحول الجامعات حول العالم إلى مختبرات للأفكار واختراع الغد، وتسوده الثورة التكنولوجية الكاسحة والذكاء الصناعي، لا تزال مُعظم مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي محاصرة في قوالب الماضي، وتواجه تحديات جذرية تُعيقها عن أداء أدوارها كقاطرة للتقدم وابتكار المستقبل لأنها مُثقلة بكثير من المُعوِّقات التي تبعدها عن أداء رسالتها الحقيقية.

الجامعات هي مصادر للفكر والعلم ومراكز للأبحاث، مهمتها التعايش مع الحياة العملية والعلمية وأن تجعل الأجيال الجديدة على دراية بالواقع وتطوراته ودراسة همومه والتعرف على مشاكله الفعلية، وتطوير الطلبة علمياً وفكرياً وبكل ما تملك من قدرة على البحث والتشخيص والتحليل، وتكون على صلة وثيقة بينها وبين دنيا العمل والتكنولوجيا. وحتى تتحول من مجرد مانحة للشهادات إلى حاضنات للإبداع والخريجين قادة للتغير، فهي بحاجة إلى بيئة أكاديمية ورؤساء وعمداء ذوي رؤية واضحة وأكفاء يواكبون الاتجاهات الحديثة في التعليم على المستوى الدولي واختيار الموارد البشرية المؤهلة، واتباع مناهج حديثة، والاهتمام بالبحث العلمي.

والوظيفة الأساسية لمؤسسات التعليم العالي هي تأهيل الشباب علميا وسلوكيا وفكريا وأن تبتكر مع مرور الوقت، مسارات للتقدم ونقل المعرفة إلى مجتمعاتها وأن تكون مشاعل للتقدم. غير أن الأنظمة التي تخضع لها تحد من قدراتها على مواكبة التقدم العلمي الذي يحصل في مثيلاتها من البلدان المتقدمة.

 ولعلَّ قدرًا كبيرًا وملحوظًا لذلك يتصل بضعف مرحلة التعليم الأساسي، وافتقار المجتمعات العربية لمؤسسات إنتاج حقيقية من معامل ومصانع ومراكز للأبحاث الجادة. لقد اختزلت أدوار التعليم العالي في مجرد المانح للشهادات التي هي في أغلبها خالية من المحتوى وتعلق داخل البيوت والمكاتب كجزء من الديكور الداخلي الذي يستر عيوبا عديدة في البناء الداخلي، لا تنتج فكرا ولا تبني أُمَّة. وفي ظل هذا الوضع لم يكن غريباً أن يقوم كل من التعليم والعمل بنفي الآخر ومحاصرة أدواره.

التحديات التي تعيق التعليم العربي كثيرة منها:

المناهج البعيدة عن التقدم التكنولوجي:

لا تزال العديد من الجامعات العربية تعتمد مناهج قديمة في زمن جديد، نظرية تركز على الحفظ والتلقين، بدلًا من تنمية مهارات التحليل والتفكير النقدي. فمثلا في مجال الهندسة، يفتقد الطلبة إلى مختبرات متطورة أو التدريب العملي في الميدان، وينهون دراستهم دون أن يلمسوا مختبرا متقدما، أو يشاركوا في مشروع عملي واحد تهيئهم لسوق العمل، مما يخلق فجوة بين المعرفة الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل، ولا يزال الطالب يدرس نظريات القرن العشرين أو قبله، بينما العالم يتسابق في تطبيقات الذكاء الصناعي وعلوم البيانات.

بيروقراطية بدون أفق وتمويل بدون رؤية وضعف التمويل وطريقة صرفه:

تعاني الجامعات من هياكل إدارية معقدة وترهل إداري وقرارات متضاربة، ولا سيما الحكومية منها، تعيق تبني مشاريع بحثية مبتكرة؛ حيث تُهدر أشهر على إجراءات الموافقة على بحوث طلاب الدكتوراه، بينما تُوجه ميزانيات محدودة إلى فعاليات شكلية بدلًا من دعم الابتكار، أو تبني الأفكار الخلّاقة وموتها في مهدها، كما تفتقد إلى الأموال الأهلية "الوقف والخمس".

الانفصال عن قطاع الإنتاج وسوق العمل:

قلة المشاريع الإنتاجية وغياب الشراكة بين الجامعات والقطاع الصناعي الموجود يجعل الأبحاث الأكاديمية حبيسة الأوراق، في الوقت الذي نجحت ماليزيا مثلا في تحويل أبحاث جامعاتها إلى منتجات تجارية وصناعية عبر إنشاء "مدن التكنولوجيا" التي تربط بين الباحثين والمستثمرين.

في بيئة واحدة تُحول الأفكار إلى منتجات.

البطالة المُقنَّعة:

في مصر- على سبيل المثال- يُشكِّل خريجو الجامعات نحو 30% من الباحثين عن عمل، وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بسبب عدم مواءمة المهارات مع احتياجات سوق العمل المتغير. وأيضًا بسبب عدم وجود المؤسسات الإنتاجية الكافية.

البطالة والتطرُّف:

وجود خريجين عديدين ولمدة طويلة بدون عمل، يدفعهم للهروب إلى العالم الافتراضي. ولجوئهم إلى الجماعات المتطرفة أو الغرق في وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية هربًا من واقعهم، كما حدث مع عدد كبير من الشباب في عدد من الدول العربية الذين تحولوا إلى التنظيمات المُتطرِّفة بعد فشلهم في ايجاد فرص عمل. وهكذا فإن الشهادة الجامعية أصبحت عبئا بدلا من أن تكون جواز مرور إلى العمل.

نماذج نجاح تُلهم الحلول

جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في السعودية استثمرت في بناء شراكات دولية وإنشاء مراكز متطورة في الطاقة المتجددة، مما جعلها تحتل مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية في مجالات الطاقة والمياه والتقنية الحيوية. مبادرة "مليون مبرمج عربي" في الإمارات، والتي ربطت بين التعليم التقني واحتياجات سوق العمل المتبدلة عبر تدريب الشباب على مهارات البرمجة، مما خلق فرص العمل عن بُعد مع شركات عالمية. إنها تجربة ناجحة في ردم الفجوة بين التعليم التقليدي واحتياجات العصر الرقمي. تجربة الجامعة الأمريكية في بيروت؛ فرغم التحديات نجحت الجامعة في دمج البحث العلمي مع قضايا المجتمع، مثل تطوير حلول لمشكلة النفايات في لبنان وتحويلها إلى طاقة.

وفيما يلي نوضِّح كيفية الخروج من النفق واعادة بناء التعليم العربي العالي كمنصة للابتكار واعادة الاعتبار للجامعة:

تجديد الدماء في الإدارات الجامعية وتعيين قيادات شابة ذات رؤية استشرافية، كما فعلت جامعة زايد في الامارات بتعيين أكاديميين من خريجي جامعات مرموقة مثل هارفارد وستانفورد، لتطوير برامجها. ربط التمويل بالنتائج، من خلال منح الجامعات ميزانيات وفقا لجودة الأبحاث المنشورة وعدد براءات الاختراع المسجلة، كما يحدث في سنغافورة مثلًا. خلق مسارات مهنية مرنة، عبر متابعة ما يجري في العالم من تطورات علمية وتكنولوجية وادخال التخصصات الضرورية المتعلقة بتلك التطورات مثل "الذكاء الاصطناعي" و"الاقتصاد الرقمي" أو إدخال تخصصات مستقبلية، وتدريسها بمناهج قابلة للتحديث السنوي، كما تفعلها بعض الجامعات في العالم مثل جامعة "CODE" في المانيا مثلًا.

التعليم كاستثناء استراتيجي

لا يمكن لمجتمعاتنا أن تبني مستقبلًا دون تعليم عالٍ يُحرر طاقات الشباب ويحوّل أحلامهم إلى مشاريع ملموسة. آن الأوان لنتوقف عن التعامل مع الجامعة كمجرد مبنى أو عنوان على ورقة الشهادة، والتعامل معها كجبهة فكر، ومصنع للقيادات، ومحرك للتنمية. فكما قال نيلسون مانديلا: "التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكنك استخدامه لتغيير العالم".

لقد آن الأوان لنجعل من جامعاتنا منارات للفكر، لا مجرد جدران تُعلَق عليها الشهادات!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • بدء العمل على أرض الواقع باستاد دمياط الرياضي
  • أنا ساكن صالحة.. بعرف كثير من الشهداء الذين تم تصفيتهم بواسطة الجنجويد
  • التعليم العالي العربي في زمن التحولات الكبرى
  • إيطاليا تزيد مساهمتها للمؤسسة الدولية للتنمية لأجل أفريقيا
  • تفسير حلم رؤية الأميرة رجوة في المنام
  • وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عاما بالفوز على جنوب أفريقيا
  • تعرف على الأسرى الإسرائيليين الذين قتلوا خلال الحرب
  • منتخب الشباب يختتم تدريباته استعدادا لمواجهة جنوب أفريقيا
  • أسامة نبيه قبل مواجهة جنوب أفريقيا : نثق فى لاعبينا..والمستويات متقاربة
  • كاباكا: سنقاتل من أجل الفوز على جنوب أفريقيا