بغداد اليوم-بغداد

كشف أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، اليوم الجمعة (19 تموز 2024)، عن سبب عدم قدرة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على اجراء التعديل الوزاري لغاية الان، بالرغم من مرور اكثر من عام ونصف على عمر الحكومة الحالية التي وعدت باجراء تعديل وزاري خلال عام.

وقال الفيلي، لـ"بغداد اليوم"، ان "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كانت لديه نية حقيقية في اجراء تعديل وزاري على كابينته الحكومية، خاصة وأن هناك مؤشرات وملاحظات على عمل وأداء بعض الوزراء"، مشيرا إلى ان "هذا الامر مؤشر بالتأكيد حتى لدى السوداني نفسه".

وبين أن "السوداني لم يستطيع اجراء تعديل وزاري لغاية الان بسبب عدم وجود نية وإرادة سياسية تدعم بشكل حقيقي توجه رئيس الوزراء، فالارادات والضغوطات السياسية مازالت هي الأقوى، وبالتأكيد أن هناك ضغوطات مورست على السوداني لمنعه من هكذا تعديل، كما ان السوداني لا يريد فتح أي جبهة مع أي قوة سياسية، حتى لا يكون هناك أي تهديد للاستقرار السياسي والحكومي".

وختم أستاذ العلوم السياسية انه "لا نتوقع خلال المرحلة المقبلة سيكون هناك اي تعديل وزاري مرتقب، وذلك بسبب رفض الكتل والأحزاب لتغيير الوزراء التابعين لها، وهذا هو السبب الرئيسي لمنع السوداني من تطبيق وعده بهذا الصدد".

ومر أكثر من عام ونصف على حكومة محمد شياع السوداني، بالرغم من كونه اعطى مهلة لمدة عام كامل للوزراء قبل اعادة تقييمهم واعفاء واستبدال من فشل منهم، فيما أكد في لقاء تلفزيوني العام الماضي انه ماضٍ باجراء الاستبدال ولايخشى "لومة لائم"، إلا أن الحديث عن الاستبدال الوزاري تم السكوت عنه، وللأبد كما يبدو، بحسب مراقبين.

ويرى مراقبون أن السوداني يعيش حالة "استقطاب سياسي"، بين كتل سياسية مضادة له وأخرى تعمل على مساندته، مايعني أن الاقدام على اعفاء أي وزير من الوزراء الذين يعتبرون حصص الكتل السياسية المختلفة، سيؤدي إلى تبعات سياسية، فاعفاء وزير من الكتل السياسية المضادة له سيعتبر "استهداف سياسي"، واعفاء وزير من الكتل السياسية المؤيدة له، سيعتبر فتح جبهة جديدة وفقدان يد مساندة له وسط حالة الاستقطاب السياسي الحالية.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: تعدیل وزاری

إقرأ أيضاً:

تدخلات الإسلاميين والقوى المدنية في القوات المسلحة السودانية- الأضرار والتداعيات

زهير عثمان

التداخل الحزبي في الجيش السوداني له تاريخ طويل ومعقد يعود إلى فترة ما بعد الاستقلال في عام 1956. الجيش السوداني، كمؤسسة وطنية، كان دائمًا في قلب الصراع السياسي في البلاد. فيما يلي سرد لأهم المحطات التاريخية التي شهدت تداخلاً بين الأحزاب السياسية والجيش السوداني:
الفترة من الاستقلال إلى انقلاب عبود (1956-1958)
الاستقلال والحكم المدني بعد استقلال السودان في 1956، كانت الحكومة المنتخبة ذات طابع مدني، ولكن الصراعات الحزبية والتنافس بين القوى السياسية، مثل حزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي، أضعف قدرة الدولة على الحكم.
الانقلاب الأول (1958) بسبب الفشل في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية، قام الفريق إبراهيم عبود بانقلاب عسكري في 17 نوفمبر 1958، مما أدى إلى استيلاء الجيش على السلطة لأول مرة في تاريخ السودان.
حكم عبود والانتفاضة الشعبية (1958-1964)
حكم عسكري صارم: حكم الفريق عبود السودان بقبضة حديدية مع قمع واسع للمعارضة السياسية. ومع ذلك، كان الجيش يتأثر بالتيارات الحزبية، خاصة بعد أن بدأ يظهر تأثير القوى اليسارية والقومية داخل الجيش.
الانتفاضة الشعبية (1964) انتهى حكم عبود نتيجة لانتفاضة شعبية مدعومة من القوى السياسية والمدنية، مما أدى إلى استقالة عبود وتشكيل حكومة انتقالية مدنية.
الفترة الديمقراطية الثانية (1964-1969)
حكومة ديمقراطية وحزبية: شهدت هذه الفترة عودة الحكم المدني، حيث كانت الأحزاب السياسية، مثل الحزب الشيوعي السوداني وحزب الأمة، تلعب دورًا رئيسيًا في الحياة السياسية. ومع ذلك، ظل الجيش يحتفظ بنفوذه، خاصة مع تعاظم دور التيارات اليسارية داخل القوات المسلحة.
انقلاب النميري (1969): في 25 مايو 1969، قام مجموعة من الضباط، بقيادة جعفر نميري وبدعم من القوى اليسارية، بانقلاب عسكري مدعوم من الحزب الشيوعي السوداني وبعض التيارات القومية. كان هذا الانقلاب بمثابة بداية فترة جديدة من التداخل العميق بين الجيش والأحزاب السياسية.
حكم النميري وتقلباته الأيديولوجية (1969-1985)
الفترة الاشتراكية في البداية، تحالف النميري مع القوى اليسارية والشيوعية، مما أدى إلى تكوين مجلس قيادة الثورة الذي كان له تأثير كبير على الجيش. ومع ذلك، في عام 1971، بعد محاولة انقلابية فاشلة من الحزب الشيوعي، انقلب النميري على اليساريين وقام بتصفية النفوذ الشيوعي داخل الجيش.
التحول نحو الإسلاميين في أوائل الثمانينات، بدأ النميري في التحالف مع الإسلاميين، بما في ذلك حسن الترابي وجماعة الإخوان المسلمين. هذا التحالف أدى إلى إدخال عناصر إسلامية داخل الجيش، وهو ما أثر على مسار الأحداث السياسية فيما بعد.
انقلاب الإنقاذ وحكم البشير (1989-2019)
انقلاب 1989 في 30 يونيو 1989، قاد العميد عمر البشير، بدعم من الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي، انقلابًا عسكريًا ضد الحكومة الديمقراطية المنتخبة. منذ ذلك الحين، أصبح الجيش أداة بيد الحركة الإسلامية، التي سعت للسيطرة على الدولة بكافة مفاصلها، بما في ذلك الجيش.
الدمج بين الجيش والأمن خلال فترة حكم البشير، تم دمج القوات المسلحة السودانية مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، حيث أصبحت تلك الأجهزة مسيسة بالكامل وتحت تأثير الإسلاميين. أدى ذلك إلى تدهور الجيش كمؤسسة وطنية مستقلة.
الفترة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر (2019-2021)
الانتقال الديمقراطي بعد الإطاحة بالبشير في أبريل 2019، دخل السودان فترة انتقالية تهدف إلى التحول الديمقراطي. ومع ذلك، كان الجيش، بقيادة المجلس السيادي، لا يزال يسيطر على الكثير من مفاصل الدولة. واجهت الحكومة الانتقالية صعوبات جمة بسبب النفوذ المتزايد لبعض القوى السياسية، بما في ذلك الإسلاميين داخل الجيش.
انقلاب البرهان (2021): في 25 أكتوبر 2021، قاد الفريق عبد الفتاح البرهان انقلابًا عسكريًا ضد الحكومة الانتقالية، مما أدى إلى تعليق العملية الانتقالية والعودة إلى الحكم العسكري المباشر.
الحرب الأهلية والصراع الداخلي (2023)
التصعيد الداخلي في أبريل 2023، اندلع الصراع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهي ميليشيا مسلحة نشأت في ظل النظام السابق وكانت لها صلات وثيقة بالإسلاميين. كان هذا الصراع نتيجة لتفكك الدولة والنفوذ العميق للأحزاب السياسية داخل الجيش، بما في ذلك الإسلاميين والقوى المدنية الأخرى.
ولا أنسي لواء البراء تداخل المليشيات الإسلامية مثل "اللواء البراء" في أعمال الجيش السوداني والتحالف معه في الحرب يعكس تعقيدات عميقة في المشهد العسكري والسياسي في السودان. هذا التداخل ليس مجرد تعاون عسكري، بل يعكس تأثير الأيديولوجيات السياسية والدينية في قرارات الجيش السوداني وفي تشكيل مواقفه العسكرية.
نقاط التحليل هي , التداخل الأيديولوجي: تاريخيًا، لعب الإسلاميون دورًا محوريًا في الجيش السوداني منذ انقلاب البشير في 1989. خلال فترة حكمه، تم تمكين الإسلاميين في المؤسسة العسكرية بشكل منهجي، وتم تحويل الجيش إلى أداة لخدمة الأجندة الإسلامية. هذا التداخل الأيديولوجي استمر حتى بعد سقوط البشير، حيث ظلت المليشيات الإسلامية مثل "اللواء البراء" تعمل كذراع عسكري لمجموعات إسلامية متطرفة، مستفيدة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي.
التأثير على العمليات العسكرية: وجود هذه المليشيات ضمن العمليات العسكرية للجيش يؤثر على طبيعة الصراع وعلى استراتيجيات القتال. هذه المليشيات، التي غالبًا ما تكون أقل انضباطًا وأكثر تطرفًا، قد تتبع تكتيكات أكثر عنفًا وبدون مراعاة للقوانين الدولية أو حقوق الإنسان. هذا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في مناطق النزاع وزيادة معاناة المدنيين.
الشرعية والمصداقية تحالف الجيش السوداني مع مليشيات إسلامية مثل "اللواء البراء" قد يضر بمصداقية الجيش على الساحة الدولية، ويضعف من شرعية الحكومة السودانية في عيون المجتمع الدولي. هذا يمكن أن يؤثر سلبًا على الجهود الدبلوماسية والدعم الدولي للسودان، خاصة في ظل الانتقادات المستمرة للانتهاكات التي ترتكبها مثل هذه المليشيات.
خطر انقسام الجيش هذا التداخل قد يؤدي أيضًا إلى انقسامات داخل الجيش نفسه. فوجود مليشيات ذات أيديولوجيات محددة تعمل جنبًا إلى جنب مع وحدات الجيش يمكن أن يؤدي إلى توترات داخلية، حيث قد يرفض بعض القادة العسكريين غير المتحالفين مع الإسلاميين هذه الشراكة، مما يزيد من خطر الانقسام داخل الجيش.
تداخل المليشيات الإسلامية في أعمال الجيش السوداني وتحالفها معه في الحرب يشكل خطورة كبيرة على الاستقرار الداخلي، ويزيد من تعقيد الصراع في السودان. كما أنه يضر بسمعة الجيش ويزيد من احتمالات انقسامه، مما يجعل الوضع في البلاد أكثر اضطرابًا ويصعب من جهود الوصول إلى حل سلمي ومستدام.
التداخل الحزبي في الجيش السوداني أدى إلى إضعاف المؤسسة العسكرية، وتحويلها من جيش وطني إلى أداة سياسية بيد القوى المختلفة. هذا التداخل كان له تأثير كارثي على استقرار السودان وساهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمات السياسية والأمنية التي يعاني منها البلاد حتى اليوم.
تدخل الإسلاميين والقوى المدنية في القوات المسلحة السودانية الأضرار والتداعيات
تسيس الجيش وفقدان الاحترافية
الاستقطاب السياسي تدخل الإسلاميين والقوى المدنية في القوات المسلحة السودانية أدى إلى تسيس الجيش، حيث تم إدخال عناصر ذات ولاءات سياسية داخل المؤسسة العسكرية. هذا الاستقطاب أدى إلى إضعاف الاحترافية داخل الجيش، حيث أصبحت القرارات العسكرية تتأثر بالاعتبارات السياسية بدلًا من المصالح الوطنية.
تقويض الانضباط العسكري: مع تزايد النفوذ السياسي داخل الجيش، تراجعت معايير الانضباط العسكري. كان ذلك واضحًا خلال فترة حكم عمر البشير، حيث أصبحت القوات المسلحة بمثابة ذراع سياسي للحركة الإسلامية الحاكمة، مما أدى إلى فقدان الثقة داخل المؤسسة وبين الشعب.
. تفتيت الوحدة داخل الجيش
الصراعات الداخلية: تدخل القوى السياسية أدى إلى تفتيت الوحدة داخل القوات المسلحة. فكل طرف كان يسعى لتجنيد ودعم ضباط وجنود موالين له، مما خلق انقسامات داخلية عميقة. هذه الانقسامات جعلت من الصعب على الجيش التحرك كوحدة متماسكة في الأوقات الحرجة، خاصة خلال الأزمات الوطنية مثل الحروب أو الانقلابات.
ضعف الجيش أمام التحديات الأمنية: بسبب هذه الانقسامات، أصبح الجيش السوداني أضعف في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، سواء كانت تلك التحديات داخلية مثل النزاعات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان، أو خارجية مثل التهديدات من دول الجوار.
دور الإسلاميين في تعزيز نفوذ الميليشيات
تشجيع إنشاء ميليشيات مسلحة: خلال حكم البشير، ساهم الإسلاميون في إنشاء ودعم ميليشيات شبه عسكرية مثل قوات الدعم السريع (التي تطورت من ميليشيات الجنجويد). هذه القوات أصبحت تعمل بشكل شبه مستقل عن الجيش النظامي، مما زاد من تعقيد الأوضاع الأمنية والسياسية في السودان.
تهديد السيادة الوطنية: تعزيز نفوذ هذه الميليشيات أدى إلى تقويض سيادة الدولة، حيث أصبحت قرارات مهمة تتخذ من قبل قادة الميليشيات وليس من قبل القيادة العسكرية العليا، مما جعل السودان عرضة للابتزاز والضغوط من قوى خارجية وداخلية.
الأضرار الاقتصادية
تضخم الإنفاق العسكري بسبب التسيس وتدخل القوى المدنية والإسلامية، ارتفع الإنفاق العسكري بشكل غير مبرر، حيث كانت الحكومة تستثمر في الولاءات السياسية داخل الجيش والميليشيات على حساب الاحتياجات الأساسية للشعب، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد السوداني بشكل كبير.
استنزاف الموارد و كذلك، استنزف الدعم المالي والسياسي للميليشيات موارد الدولة، حيث تم توجيه جزء كبير من الموارد لدعم هذه القوات بدلاً من استخدامها في التنمية الاقتصادية والبنية التحتية.
تداعيات على الانتقال الديمقراطي
إفشال الانتقال السلمي و تدخل الإسلاميين في الجيش جعل من الصعب على السودان تحقيق انتقال سلمي إلى الديمقراطية بعد ثورة ديسمبر 2018. حيث أصبح الجيش مدججًا بالعناصر الموالية للنظام القديم، مما عرقل جهود القوى المدنية في بناء نظام ديمقراطي مستقر.
استمرار النفوذ العسكري: بالرغم من المحاولات لتقليص نفوذ الجيش في السياسة، إلا أن التدخلات السابقة للإسلاميين والقوى المدنية جعلت من الصعب تحقيق ذلك، حيث استمر النفوذ العسكري والسياسي في تشكيل المشهد السياسي السوداني بعد الثورة.
أن تدخل الإسلاميين والقوى المدنية في القوات المسلحة السودانية أدى إلى تدهور الجيش كمؤسسة وطنية مستقلة، وزيادة الانقسامات الداخلية، وتعزيز نفوذ الميليشيات المسلحة. هذه التدخلات كانت لها آثار كارثية على الاستقرار السياسي والأمني في السودان، وأعاقت جهود الانتقال الديمقراطي، مما جعل السودان عرضة لأزمات مستمرة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • استقالة 3 وزراء أوكرانيين ضمن تعديل وزاري كبير
  • «الباعور» يلتقي نظيره السوداني على هامش اجتماع وزاري في بكين
  • الفساد المحمي: كيف يحول الفاسدون العراق إلى دولة داخل دولة؟
  • تدخلات الإسلاميين والقوى المدنية في القوات المسلحة السودانية- الأضرار والتداعيات
  • الضَلال الإول
  • الفساد في العراق بـحماية سياسية.. كتلة نيابية: نشخص الفاسدين ولا نستطيع محاسبتهم
  • البرلمان العراقي في أزمة: صراع على منصب رئيس المجلس وتعقيدات المفاوضات
  • الفساد في العراق بـحماية سياسية.. كتلة نيابية: نشخص الفاسدين ولا نستطيع محاسبتهم - عاجل
  • أستاذ علوم سياسية: محاولة إسرائيل الوصول لأسراها في غزة أشبه بالانتحار
  • ناجي مختار: خطوة الرئاسي بشأن المصرف المركزي فاجأت الجميع