في زمن الحرب هل ما زالت القراءة أولوية لدى السوريين..؟

ما بين الكتابين الإلكتروني والورقي جدل كبير يدور لدى القرّاء حول الرغبة في القراءة واقتناء أي منهما، ويحتار الكاتب أيضا كثيرا في الموضوع نفسه فهل سينشر كتابه ورقيا ويتكبد مصاريف الطباعة والنشر أم سيكتفي بتقديمه إلكترونيا ويصبح مُشاعا بين الناس..؟

في سوريا تأخذ المعاناة أشكالا شتى، تزيد منها موجة الغلاء، ونتائج الحرب الكارثية التي «شئنا أم أبينا» أبعدت غالبية الناس عن القراءة، حيث يصبح البحث عن لقمة العيش أكثر جدوى من اقتناء كتاب، في رأي السواد الأعظم من الجماهير.

حاولنا جاهدين سبر هذا الموضوع عبر عدة محاور مع أصحاب الشأن، ومع شريحة واسعة من القراء لمعرفة أيهما يفضلون في القراءة؟ وهل لا تزال لديهم الرغبة في القراءة..؟

الكثير من القراء تغريه ملامسة الورق عندما يتصفّح الكتاب، ولكن عجلة التكنولوجيا تكاد تُطيح بهذا الشغف والإغراء، فبات الكتاب الإلكتروني موجودا بقوة، وأصبح متاحا عبر الشبكة العنكبوتية والمتاجر الخاصة بها.

وفي ظل غلاء الطباعة وركود سوق القراءة في سوريا، بات النشر الإلكتروني بديلا عن الطباعة ولو بنسبة ما، وأصبح ما يُطبع من كتب ربما لا يتعدى المائة أو المائتين، وغالبا ما يوزّع على الأصدقاء والمهتمين، أو لغرض حفلات التوقيع فقط.

ضيوفنا في هذا التحقيق هم: د.هيثم حافظ رئيس اتحاد الناشرين في سوريا، ود.عصام التكروري كاتب وباحث، والكاتب والإعلامي علي الراعي، والشاعرة طهران صارم، والكاتبة فاتن ديركي، بجانب عدد من القراء المهتمين في هذا الشأن.

هل يغني النشر الإلكتروني عن الطباعة في ظل هذا الغلاء وعدم الإقبال على الطباعة والشراء؟ وهل يكون الكتاب الإلكتروني بديلا عن الورقي..؟

مكلّف جدا

يقول د.هيثم حافظ: «يعتبر النشر الإلكتروني أحد أنواع النشر، وليس بديلا عن الورقي، الذي يبقى المحرك الأساسي لعملية النشر في العالم حتى الآن، وتختلف أدوات القراءة الإلكترونية من مجتمع لآخر، وهذا السبب هو ما يجعل النشر الورقي الحاجة الأولى في المجتمعات، ليس العربية فحسب، بل حتى الأوروبية والآسيوية. وتختلف مجتمعات العالم في وسيلة ووسيط القراءة، وأقصد هنا «الحاسوب أو الهاتف أو الآيباد»؛ فالقراءة الإلكترونية تحتاج إلى تلك الوسائل، وغالبا ما يكون سعرها مرتفعا باختلاف ماركة وموديل ذلك الوسيط، وهذا جعل من القراءة الإلكترونية أقل شيوعا وانتشارا من القراءة الورقية، وهذا الحال لا يقتصر على الوطن العربي أو الدول الفقيرة، بل هو واقع اقتصادي عالمي، كما أن آلية استخدام الإنترنت وعدم وجوده في بعض الأماكن يجعل الحاجة إلى الكتاب الورقي أكبر، ولهذا فإن القراءة الورقية هي الأكثر شيوعا في العالم».

ويتابع د.هيثم قائلا: «والنسبة للسوق السوري والعربي فلدينا مشكلة، وهي أن قيمة إنتاج الكتاب الإلكتروني الجيد مكلف جدا، فهو ليس بصيغة الـ pdf فقط، ولا هو كتاب تفتحه عبر تطبيق ما، بل هناك كتاب إلكتروني صوتي وتفاعلي عبر الفيديو، وهذا كله يجعل تكلفته الإنتاجية مرتفعة جدا، ولهذه الأسباب لن يكون هناك سوق جيد للكتاب الإلكتروني، كما أن عدم وجود شركات كبرى لإنتاج الكتاب الإلكتروني - رغم ما يمكن أن تتضمنه من أمهات الكتب من المصادر والمراجع في اللغة العربية والتراث الإسلامي - إلا أنه لا يمكن أن يسجل حضورا قويا لا في سوريا ولا في غيرها، ولا يمكن أن يكون منافسا للكتاب الورقي ولا أن يأخذ دوره في السنوات العشر القادمة في رأيي. وعليه فالتطور الإلكتروني لا يكون بالكتاب بل بأمرين، هما: التطور باستخدامه من قبل القارئ، والتطور في آلية الاتصالات عندما تصبح أقوى وأفضل، فحينها يصبح للكتاب الإلكتروني حضور أكثر أهمية أكبر».

يتكامل مع الورقي

ويقول د.عصام التكروري: «بالنسبة لي فأنا أؤمن أن المعرفة لا يُسعى بها بل يُسعى إليها، وفي المقابل أعتقد أنه من الضروري إتاحة المجال أمام الساعين للمعرفة من أن يجدوا إليها سبيلا، وضمن رؤيتي هذه اعتقد أن النشر الإلكتروني للمُنتج المعرفي يتكامل (ولا يُكمّل) الطباعة الورقية، فاليوم باتت لدينا شريحة واسعة من القرّاء تتلقى المعرفة والمعلومات (فرق كبير بين الاثنين) من خلال وسائل التواصل الإلكتروني، وفي الوقت نفسه هناك نسبة من هؤلاء لا تزال تجد متعة في قراءة الكتب المطبوعة، فلكل ذائقته بانتقاء ما يشاء مع أنني أؤمن وبعمق أن القراءة هي نقيض التسلية، فمن يقرأ لينام سيجد نفسه عارفا بالمنام سواء كان ما يقرأه كتاب إلكتروني أم كتاب مطبوع».

يصل بنا للقارئ

وتقول طهران صارم: «لا يمكن للنشر الإلكتروني على أهميته أن يُغني عن الطباعة الورقية، فالكتاب الورقي له سحر خاص، وغالبا ما تنشأ بينه وبين الكاتب علاقة متبادلة هي مزيج من المتعة والفائدة، وبالنسبة لي أجد أنه حاليا لا مانع من الاتكاء على النشر الإلكتروني كمساعد للكاتب على الوصول إلى جمهور أوسع نتيجة السهولة في التعامل مع هذه الوسائل، ولكنه لا يُغني أبدا عن الكتاب الورقي.

حامل جديد للكتاب

ويشرح علي الراعي رأيه بالقول: «ربما اختلف مع الكثيرين، عن أسباب الاتجاه صوب النشر الإلكتروني، فليست تكاليف الطباعة، ولا ركود سوق القراءة هما الأساس خلف هذا الاتجاه..

وأعتقد أن من أهم أسباب هذا الاتجاه، هو توفر حامل جديد للكتاب، تمثل في هذا العالم الرقمي، ونذكر إنه سبق وعرف الكتاب أشكالا كثيرة من الحوامل ابتداء من (صخرة كُليب) حتى اختراع يوحنا جوتنبرج آلة الطباعة، وظهور الكتاب الورقي بنسخ عديدة، وهنا أقول: إنّ سوق القراءة ليس راكدا، بل على العكس هو اليوم أفضل من أيام سابقة، كما لا أظن أنّ هناك منافسة بين حاملي الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني، بل أرى أنهما متساويان، بمعنى أن الكتاب الورقي هو نفسه قد يكون إلكترونيا، ومن النادر أن يكتفي كاتب ما، أو دار نشر بالنشر الإلكتروني الصرف، بل ربما يكون الحصول على الكتاب الإلكتروني أسهل لأسباب كثيرة، منها حالة الرقابة على الكتب الورقية العابرة للحدود في العالم العربي، أو لعدم توفر المكتبات في كل مكان.

لم تعد القراءة أولوية

وتؤكد فاتن ديركي رأيها بالقول: «أستطيع أن أقول وللأسف الشديد أن القراءة لا تأخذ حيّزا كافيا في حياتنا، ربما بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة وخاصة بعد الأزمة والحرب الأخيرة على سوريا، ولهاث المواطن السوري نحو تأمين لقمة العيش واعتبارها في الدرجة الأولى من الأولويات.

أما بالنسبة للطباعة فعلى الرغم من النشاط الثقافي الذي نلحظه سواء في المراكز الثقافية المختلفة أو في وسائل الإعلام، إلا أن هناك معاناة بالنسبة للكتاب وصعوبات تتعلق بمعوقات الطباعة؛ كونها أصبحت مكلّفة جدا، وفي المقابل لا تحقق للكاتب ربحا ماديا بسبب عدم الإقبال على القراءة الورقية، وبالتالي أصبح الأمر بالنسبة للكاتب الذي يطبع منتوجا أدبيا هو مكسب معنوي فقط، لا يتجاوز الشغف في الكتابة أو تبني رسالة اجتماعية وثقافية لا غنى له عنهما».

خيارات النشر ومعاناته

غالبا ما يعاني الكاتب من مسألة النشر، ويفكّر بالطريقة التي سينشر فيها منجزه، وكيف سيدبر أمر تكاليفه، وتسويقه، أتحدث هنا عن السواد الأعظم من الأدباء، وليس عن فئة معينة مشهورة جدا ولا تمر بهذه المعادلة الصعبة.

طرحت المحور الثاني على الضيوف ومفاده، هل ستطبع كتابك الجديد أم ستنشره إلكترونيا؟

الورقي أولا

يقول علي الراعي: «في حال أردت طباعة كتاب، فبالتأكيد لن أفكر بنشره إلكترونيا قبل طباعته ورقيا، صحيح أن هناك خيبة في دور النشر الخاصة لاسيما في سوريا التي هي أشبه بالدكاكين، ولم ترق لتكون مؤسسات تتعهد بالطباعة والتسويق، لكن لا يخلو الأمر من بعضها كدار دلمون الجديدة بدمشق - على سبيل المثال - فهي اليوم تعاني من الحصار المفروض على سوريا فيما يخص توفر الورق والأحبار وقطع الغيار لآلات الطباعة، ومن زيادة في تكاليف إصدار الكتاب».

لجوء مشروع

توضح فاتن ديركي فكرتها: «أمام كل هذه المعوقات أصبح معظم الكتّاب يلجؤون إلى النشر الإلكتروني، وبالنسبة لي لا أرى أن الكتاب الإلكتروني يغني عن الطباعة الورقية؛ لأن للورق نكهة خاصة لا يدركها إلا من عشق القراءة، فعلاقة الكاتب مع الكتاب الورقي علاقة وثيقة فيها ألفة وتناغم خاص لا يجده في الكتاب الإلكتروني.

وعن نفسي أفضل الطباعة الورقية ففي كل مرة أطبع فيها كتابا جديدا أشعر بسعادة ورضى، وأحتفظ في مكتبتي بعدة نسخ منها كأرشيف لكتبي ومنتوجاتي الأدبية، وأعترف أنني كنت أطبع في الماضي وتحديدا قبل الأزمة بسهولة أكبر قد تصل إلى حوالي ألف نسخة، أما الآن فأصبحت أكتفي بمائتي نسخة أو مائة فقط أحتفي بها مع الأصدقاء والصديقات من أصحاب الفكر والأدب الحريصين على اقتناء كتاب جديد يحقق لهم المتعة والفائدة في القراءة، وأعترف أيضا وللأسف أن القراءة ربما أضحت قاصرة على النخبة من أرباب الفكر والأدب، وفي نطاق ضيق لا يتوافق مع الشريحة الواسعة في المجتمع».

المسألة متعلقة بدور النشر

تقول طهران صارم: «أصبحت تكاليف الطباعة باهظة جدا، ونحن نعلم أن الكتّاب والمبدعين غالبا هم من الطبقة التي تعاني من الدخل المنخفض؛ لأن الكتابة لا تؤمّن للكاتب دخلا عاليا، وهنا يأتي الدور على دور النشر في تبني الأعمال الإبداعية، ولكن المشكلة تكمن في سمعة الكاتب وشهرته، فهناك كاتب يحقق اسمه أرباحا كبيرة لدور النشر، وهناك كُتّاب شهرتهم محدودة، وبالتالي تطلب منهم دور النشر دفع تكاليف الطباعة، إما كاملة أو بشكل تشاركي مع الدار.

بالنسبة لسوق الكتاب إذا صح التعبير فأنا أعتقد أنه يعاني حاليا من الركود، لأن الدخل المنخفض يحرم القارئ المتابع من اقتناء الكتاب، وبالتالي يلجأ للاستعارة وزيارة المكتبات العامة علّه يجد ضالته.

وهناك أقبال من الجيل الجديد الذي يتعامل مع الكتاب الإلكتروني بشكل كبير خاصة أنه متاح دون دفع تكاليف مادية، وأخص هنا فئة الدارسين والطلبة».

لا مشكلة لدي

ويكشف عصام التكروري رأيه بالقول: «بالنسبة لي لم أجد صعوبة في طباعة أعمالي الشعرية (كلام يعنيني ـ شهوة تجرني إلى حتفي) أو نصوصي النثرية (أوطان بطعم السفرجل) فقد تكفلت دار النشر المرموقة (التكوين) بالتكاليف كاملة، وفي المقابل تتوفر كتبي بنسخة إلكترونية، وهي أيضا منتشرة على الإنترنت، وتُباع في مواقع لا أعرف القائمين عليها، علما أنها محميّة لجهة حقوق الملكية الفكرية، ومع ذلك لا أجد أني سألاحق أحدا قضائيا حتى ولو كنت محاميا وأستاذا في القانون، فليقرأ الجميع، فعندما تُضيء المعرفة قلوبهم وعقولهم سيدركون أنه ليس من العدل الاستيلاء على المنتج الفكري للآخرين دون مقابل، لأن ذلك يُساهم في تجفيف منابع الجمال والكلمة الحرة بطريقة لا تختلف عن تلك التي تمارسها أنظمة (1984) من خلال مقص الرقيب».

ملامسة الوجع

كيف تتدبر تكاليف الطباعة في حال أردت أن تطبع؟ وكم نسخة ستطبع؟ وهل يوجد سوق للكتب وإقبال على القراءة برأيك..؟

هل تطبع على نفقتك؟ أم ستتقاسم التكاليف مع الناشر؟ وكيف ستؤمن تكاليف النشر؟ وهل ستعاني مع دور النشر؟ وما شكل هذه المعاناة..؟

على نفقتي

تتحدث طهران صارم عن تجربتها بالقول: «بالنسبة لتجربتي في النشر فأنا طبعت بعضا من كتبي في دور نشر خاصة على نفقتي الشخصية بالكامل، وعندما ارتفعت التكاليف لجأتُ للطباعة في الهيئة العامة السورية للكتاب، وهي مؤسسة محترمة تتحمل كامل التكاليف وتروّج للكتاب بشكل جيد، ولا أنسى هنا دور اتحاد الكتاب العرب في سورية في تبني الأعمال الإبداعية والترويج لها من خلال معارض الكتب وغيرها، وهذا يخدم المبدع السوري ويقدم له فرصة ممتازة كي يطبع إنتاجه.

لا رهان على حصان أعرج

وبواقعية يقول د.عصام تكروري رأيه في هذا الشأن: «لا شك أن تكاليف الطباعة باتت باهظة اليوم، وتحديدا في بلد ما زال يكتوي بنار الحرب مثل بلادي سوريا، ومع ذلك إذا كان المنتج الفكري يتمتع بالجودة المناسبة فإن العديد من دور النشر لا تتوانى عن طباعته على نفقتها مع تخصيص نسبة معينة من عائد المبيعات للكاتب، أما بالنسبة للكتب التي لا تثير شهية دور النشر تلك فنفقات الطباعة تكون على عاتق الكاتب إذ لا ترغب بالمراهنة على حصان أعرج. وما ألاحظه أن الكتَّاب الجيدين غالبا ما يعجزون عن طباعة منتجهم على نفقتهم الشخصية، لذا تراهم يسعون إلى إيجاد دور نشر راعية أو ينتظرون أن يفوزوا بجائزة أدبية عن منتجهم الفكري بحيث يتكفل أصحاب الجائزة بنشر ذلك المنتج».

أطبع في الجهات الرسمية

ويشير علي الراعي إلى هذه المسألة بكل صراحة: «من جهتي أتدبر طباعة كتبي من خلال مؤسسات الثقافة الرسمية لاسيما الهيئة العامة السورية للكتاب، التابعة لوزارة الثقافة، وكذلك اتحاد الكتاب العرب، ومؤخرا دار دلمون الجديدة، وسبق لدار بعل أن أصدرت لي أكثر من كتاب، وكذلك دار الينابيع، ولنعترف فإنّ أهم كاتب في العالم العربي اليوم لا يطبع أكثر من ألف نسخة من كتابه، ولا علاقة للزمن الإلكتروني في الأمر، وإنما على مدى سنين بعيدة إلى اليوم، فالعرب مع الأسف لا يقرؤون ، أو على الأقل القراءة ليست من أولوياتهم».

أطبع من تعبي

ودون مواربة تقول فاتن ديركي: «أطبع على نفقتي الخاصة من وارد عملي في مهنة المحاماة وأحاول اختيار دور النشر التي تحترم نفسها، وتطبع كتبا ذات سمعة عالية من حيث الورق والغلاف والإخراج، أما التسويق فلا أعوّل عليه كثيرا للأسباب التي ذكرتها في بداية حديثي».

رأي صريح

يعقب د.هيثم حافظ رئيس اتحاد الناشرين بالقول: «سبل النشر متاحة للجميع، ولا يوجد لدينا أي إقصاء لأي كاتب، لكن يجب على الكاتب أن يبحث عن سبل في الكتابة تؤدي للعمل على حلحلة مشاكل المجتمع من خلال الكتاب؛ فعندما يقال عنه خير جليس فلأنه يحقق إصلاح كامل للمجتمع.

المشكلة اليوم في كثرة عدد الكتّاب، فعندنا في سوريا عدد من الكتّاب غير المحترفين، فهل كتاباتهم مقروءة من الجمهور؟ وهل يجب أن تكون كتابات جميع الكتّاب ذات منفعة مالية...؟

لذلك يجب أن يكون هناك تصنيف للكتّاب، فكثير منهم بلا جمهور، والكتب الرائجة للكتّاب المهمين قليلة جدا؛ لذلك فالكاتب الذي يقول أنا أدفع لأنشر، فمن المنطقي أن يدفع، لأنه ليس كاتبا محترفا، فمثلا نحن كدار نشر لم نطبع كتب شعر لأنه لا يوجد شعر يُقرأ، وهو يريد أن يطبع ليهديه لأصدقائه وأحبابه، لذا يجب أن يطبعه على حسابه، وهناك من الكتّاب من لا يزالون يتعلمون الكتابة.

تطوير المحتوى والأسلوب

يطرح د.عصام التكروري فكرة جديدة بقوله: «نقطة أود الإشارة إليها، وهي أنَّ انتشار المعرفة لم يعد فقط من خلال الطباعة والنشر الإلكتروني، بل أيضا من خلال تحويل المحتوى الأدبي إلى محتوى سمعي ـ بصري على غرار الفيديوهات المنتشرة للكتب المسموعة مثلا - وهذه التجربة تشهد اليوم انتشارا واسعا طغى أو كاد على الكتاب المطبوع ورقيا أو إلكترونيا، وسيكون من المفيد للكتّاب الذين تتوفر لديهم الإمكانات المادية أو الدعم المناسب من دور النشر أو سواها خوض غمار هذه التجربة التي استعد للشروع بها قريبا مع كتابي «أوطان بطعم السفرجل».

وفي الحقيقة فإن النهضة العلمية مكّنت كتّاب العصر من ترويج إنتاجهم الإبداعي من خلال الكثير من الوسائل لم تكن موجودة من قبل، ولكن إذا سألتني عن جودة المحتوى فسأخبرك أنّه متفاوت ويراوح بين الغث والثمين، شخصيا أنا أؤمن أن للفكر قدرة ذاتية خلاقة على استبعاد الغث وتمكين الثمين، وإن بدا في لحظة من اللحظات أنَّ الغث هو الطاغي، انظر اليوم فما زالت إشعار المتنبي ودرويش وأدونيس وبودلير ورامبو تلقى رواجا لافتا على مواقع النت والنشر الإلكتروني وهذا أمر مُبشر لحد كبير.

رأي المتابعين والقراء

طرحنا الأسئلة على الجمهور حول ماذا يفضلون هل الكتاب الإلكتروني أم الكتاب الورقي؟ وهل ما زالت القراءة ضمن اهتماماتهم؟

60 بالمائة يفضلون الورقي، ولا يزالون يحرصون على القراءة حتى لو بالمجان.

و20 بالمائة يفضل الإلكتروني لأنه مجاني.

قيما أظهرت البقية عدم المبالاة بالقراءة أصلا، فهناك ما هو أهم.

يقول باسم بكر ولؤي بدور وعابد نجار: «الاطلاع أو البحث عن المعرفة أصبح متاحا ومتوفرا بالمواقع الإلكترونية.. لكن تبقى القراءة الورقية شغف ولها وقع خاص».

ويفضّل خليل شريط ويامن الكلش وعمار الشريعي وشيخو النبهان ومحمد الشهابي ومازن نفاع «الكتاب المطبوع؛ لأنه متعة في حد ذاتها ولا يضاهيها الكتاب الإلكتروني مهما بلغ من الحذاقة والجمال».

ويقول خليل أبو نوار: «ما زال شراء الكتاب الورقي لدى عادة، وهو أهم من المصاريف الأخرى».

وترى ريم ياسر أن القراءة من الكتب الورقية أمتع وأشهى، بينما الكتب الإلكترونية بصيغه المختلفة ما هي إلا البديل الوحيد في ظل هذا الوضع الراهن.

فيما يرى طارق أبو جديع أن الشراء حسب الاستطاعة.

ويقول هيثم المغربي: «ما زال الكتاب الورقي من المعشوقات التي لم نعد نستطع إليها سبيلا، وأما الرقمية فحالها حال كل ما طالته «الدجتلة» من سهولة وتوفر ورخص، ولكن يوجد تواصل حقيقي بينه وبين الحواس، بالتالي لا ارتباط بينك كقارئ وبينه».

ويقول أيمن عثمان: «أحب الكتاب الورقي؛ لأني أشعر بنوع من العاطفة بيني وبينه عاطفة غريبة، فلا يزال الإنترنت فاشلا في تقليدها أو تعويضها، وما زلت أحب القراءة من الكتاب الورقي والعودة إليه وقتما أريد، وأحيانا النوم بجانبه؛ فالمتعة في ملامسته وتقليب صفحاته وخربشات قلمي ورائحة الورق والحبر يفشل الكتاب الإلكتروني أن يعوّضها. ورغم أن التكنولوجيا غيرّت الكثير، فلا أتخيل أن يحل الكتاب الرقمي محل الورقي. لذّة القراءة هي عملية نفسية بحتة، وعلاقة وجدانية قبل أن تكون مجرد حاجة أو مطالعة، إضافة إلى أن الكتاب الورقي لا يفصل شحنه ولا تقطعه مكالمة واردة أو رسائل مزعجة.

وترى أميرة كمال أنه لا وقت للقراءة في ظل هذا الوضع الاقتصادي، ويقاسمها الرأي جمال عبد الغني بقوله: «عن أي قراءة تتحدث».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکتاب الإلکترونی النشر الإلکترونی القراءة الورقیة الکتاب الورقی فی القراءة عن الطباعة علی الراعی أن القراءة بالنسبة لی دور النشر فی العالم أن الکتاب فی سوریا من الکت من خلال د عصام فی هذا د هیثم

إقرأ أيضاً:

حكم قراءة القرآن من المصحف في الصلاة

قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يجوز القراءة من المصحف في الصلاة؛ سواء أكانت فرضًا أم نفلًا، وقد روى البخاري في "صحيحه": "أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كان يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ المُصْحَفِ".

حكم مشاركة الكورسات التعليمية.. الإفتاء تجيب حقيقة الابتلاء بالغنى والفقر.. الإفتاء توضح  حكم قراءة القرآن من المصحف في الصلاة

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن قراءة بعض آيات القرآن بعد الفاتحة سُنَّة في الركعتين الأُولَيَيْن من الصلاة، وذلك للإمام، قال الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل:20]، ولو تُرِكَتِ القراءة بعد سورة الفاتحة فالصلاة صحيحة.

وأوضح المركز عبر موقعه الرسمي، أن الأصل في الصَّلاةِ أن تكون قراءةُ القرآن فيها عن ظَهْرِ قَلبٍ وليست من المصحف؛ لذا جعل النبي ﷺ معيار التفضيل في الإمامة الحفظ والإتقان للقرآن؛ لظاهر قوله ﷺ: «لِيَؤُمّكُمْ أَكْثَركُمْ قُرْآنًا» رواه البخاري.

وأضاف: أما قراءةُ المُصَلِّي من المصحف، فقد اختلف الفقهاء فيها؛ فذهب الشافعية، والحنابلة - في المعتمد- إلى جواز القراءة من المصحف في الصلاة سواء كانت الصلاة فرضًا أم نفلًا، وقد استدلُّوا بما ورد أن أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها: «كان يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِن المُصْحَفِ» رواه البخاريُّ مُعَلَّقًا بصيغة الجَزم.

وفرَّق المالكية بين الفرض والنفل، فَرَأَوا كراهةَ قراءة المصلِّي في المصحف في صلاة الفرض مطلقًا، وكذلك يكره في النافلة إذا بدأ في أثنائها؛ لاشتغاله غالبًا، ويجوز ذلك في النافلة إذا ابتدأ

القراءة من المصحف من غير كراهةٍ؛ لأنه يُغتفَرُ فيها ما لا يُغتفَرُ في الفرض.

بينما يرى الحنفية أنَّ القراءةَ من المصحف في الصلاة تفسدها، وهو مذهب ابن حزم من الظاهرية؛ لأنَّ حمل المصحف، والنظر فيه، وتقليب الأوراق، عملٌ كثير.

وبناءً على ما سبق: فإن الأفضل والأَولى للمصلي أن يقرأ القرآن من حفظه؛ فقد امتدح الله ﷻ المؤمنين بحفظهم لكتابه الكريم، فقال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ... } [العنكبوت:49]، ولأن السُّنة المحفوظة عن النبي ﷺ وأصحابه القراءة عن ظهر قلب.

وتابع: فإن عجز عن ذلك، وكانت القراءةُ طويلة كما في صلاة القيام؛ فعندئذٍ يجوز له القراءةُ من المصحف، ولا حرج عليه في ذلك.

 

مقالات مشابهة

  • القراءة فهم ونقد
  • لماذا تتباين القراءة: هامش عن رد حزب الله
  • حكم قراءة القرآن من المصحف في الصلاة
  • تعرف على تفاصيل أغنية" الباب يفوت جمل "لـ نيكول سابا
  • روسيا تخطط لتطوير تكنولوجيا الطباعة الحيوية للأعضاء البشرية المعقدة
  • رئيس اتحاد الكتاب: مصر تستطيع أن تقود العالم حضاريًا
  • نيكول سابا تشارك جمهورها «الباب يفوت جمل» قبل طرحها
  • استجابة لـ«الصحفيين».. مجلس النواب يحذف مادة النشر من قانون الإجراءات الجنائية
  • «كل الحب».. نيكول سابا توجه رسالة لجمهور حفلها بـ كفر الشيخ | فيديو
  • البرلمان العراقي على موعد مع القراءة الثانية لقانون مثير للجدل