تونس- تزداد الأمور قتامة أمام بعض المترشحين للانتخابات الرئاسية التونسية المعارضين للرئيس قيس سعيد، لا سيما المسجونين منهم، فقد بات حصولهم على ورقة جمع التزكيات من هيئة الانتخابات أمرا مستحيلا، وهو ما يقلل فرص استمرارهم في سباق الانتخابات المقرر تنظيمها بعد 3 أشهر.

فقد أعلن الحزب الجمهوري المعارض، الخميس، عن سحب ترشح أمينه العام عصام الشابي، وهو المسجون منذ نحو عام ونصف بتهمة التآمر على أمن الدولة، رفضا لما اعتبره تضييقا خانقا على منافسي الرئيس سعيد، بعد رفض هيئة الانتخابات منحه وثيقة جمع التزكيات.

كما لم يتمكن الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، الذي أعلن ترشحه من داخل السجن، من الحصول على ورقة جمع التزكيات من هيئة الانتخابات، رغم أنه أوكل إلى أحد أبنائه قبل سجنه لتمثيله أمام جميع الإدارات والهيئات، لكن الهيئة رفضت منحه الوثيقة بحجة أنه لم يقدم توكيلا خاصا ينص بصريح العبارة على أنه يوكل ابنه بالحصول عليها.

وتشابه الحال أيضا مع رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، التي سبق أن أعلنت ترشحها أيضا من داخل السجن، لكنها لم تتمكن من الحصول على الوثيقة ذاتها من مقر هيئة الانتخابات بواسطة محاميها الذي ينوب عنها للسبب نفسه، أي لأنها لم توقّع توكيلا خاصا يوكله بالحصول على الوثيقة، وهو ما سيزيحها بلا شك من السباق الانتخابي.

شرط تعجيزي

يقول الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي نبيل حجي للجزيرة نت إن هيئة الانتخابات وتحت غطاء حرصها على ضمان عدم تزوير تزكيات الناخبين، أجبرت المرشحين على الحضور شخصيا لمقرها للحصول على نموذج التزكيات، أو تقديم توكيل خاص لمن ينوب عن المرشح.

ويضيف أن اشتراط هيئة الانتخابات تقديم توكيل خاص من قبل المرشحين، لاسيما ممن هم داخل السجن، هو بمثابة "شرط تعجيزي" لأن إدارة السجن لن تسمح بدخول عدل إشهاد للسجين لتحرير توكيل خاص، لذلك فإن "غاية هذا الشرط هي إقصاء خصوم الرئيس" كما يقول.

ويعتبر حجي أن المناخ العام وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل تدل على أن الانتخابات ستكون بمثابة مبايعة للرئيس قيس سعيد لولاية ثانية، خارج قواعد التنافس الانتخابي النزيه وتكافؤ الفرص، والوقوف على قدم المساواة مع الجميع.

ويرى حجي أن الضمانات القضائية أيضا غير متوفرة لحماية حقوق المرشحين في الترشح، إذ يعتقد أن الشكاوى التي تقدم بها بعض المرشحين من داخل السجن للطعن في شرط التوكيل الخاص لن تبت فيها المحكمة الإدارية إلا بعد انتهاء وغلق باب تقديم الترشحات للرئاسة.

من جهته استغرب المحامي نافع العريبي عضو هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي من رفض هيئة الانتخابات منح موكلته وثيقة جمع التزكيات، مع أن القانون المنظم للمحاماة التونسية يخول للمحامي أن ينوب عن موكله.

وقال إن الحزب قرر الطعن لدى المحكمة الإدارية بقرار هيئة الانتخابات إلزام المرشح تقديم توكيل خاص للحصول على نموذج التزكيات، مؤكدا أن هيئة الانتخابات لم تنصص في قرارها الأخير المتعلق بشروط الترشح للرئاسية على هذا الشرط.

ولم يستبعد العريبي أن يصدر في حق رئيسة الحزب الدستوري الحر حكما بالسجن لمدة عشر سنوات، على خلفية إحدى القضايا التي رفعتها ضدها هيئة الانتخابات، بتهمة نسب أمور غير صحيحة لها، بحسب المرسوم 54 الذي تعتبره المعارضة سيفا مسلطا على كل معارض للنظام.

المعارضة التونسية طالبت في احتجاجات سابقة بتوفير الضمانات لإجراء انتخابات نزيهة (الجزيرة) إجراءات صعبة

من جانبه، يقول بسام معطر رئيس منظمة عتيد الناشطة في مراقبة الانتخابات، إنه كان على هيئة الانتخابات أن تعمل على توفير كل التسهيلات اللازمة لضمان حق المرشحين، مؤكدا للجزيرة نت أن الإجراءات المنظمة للانتخابات الرئاسية المقبلة أصعب بكثير من سابقتها.

ويرى أن الشروط الحالية للحصول على نموذج التزكيات تصعب الأمر على بعض المرشحين، وهو عكس ما كان عليه الأمر في الانتخابات السابقة، حيث كان المرشحون يجمعون عشرات التزكيات من الناخبين على أوراق عادية، بينما تفرض هيئة الانتخابات حاليا على المرشحين تقديم طلب للحصول على نموذج التزكيات لطباعته بالألوان، وتقديم تزكية وحيدة لكل ناخب في النموذج.

كما يشترط على المرشحين جمع 10 تزكيات من البرلمان، أو مثلها من مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة الثانية)، أو 40 تزكية من رؤساء المجالس المحلية أو الجهوية أو البلدية، أو 10 آلاف تزكية في 10 دوائر انتخابية، على أن لا يقل عددهم عن 500 ناخب بكل دائرة.

وبما أنه تم الترفيع في عدد الدوائر الانتخابية من 27 دائرة إلى 161 دائرة ذات رقعة جغرافية وكثافة سكانية أقل بكثير، فإن تجميع العدد اللازم من التزكيات في 10 دوائر انتخابية مع شرط تزكية 500 ناخب بكل دائرة تصبح مهمة شاقة وصعبة للمرشحين، حسب معطر.

ويزيد ضيق الوقت أمام المرشحين في صعوبة تجميع العدد المطلوب من التزكيات، نتيجة تأخر الرئيس قيس سعيد في إعلان موعد الانتخابات قبل 3 أشهر فقط من الاقتراع، إضافة إلى المصاعب التي تواجهها الأحزاب، بعدما كانت تلعب دورا هاما في دعم المرشحين.

شروط قديمة

وحول جدل التزكيات، قال عضو هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصوري إن اشتراط الحصول على ورقة التزكيات من مقر هيئة الانتخابات واعتماد نموذج خاص بجمع التزكيات من قبل الناخبين هدفه منع تزوير تزكيات الناخبين، وهو ما تم اكتشافه في الانتخابات الرئاسية السابقة.

وأكد أن الهيئة تعمل لتوفير كل الضمانات الضرورية لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، موضحا أن القانون الانتخابي يتضمن شروطا وقواعد قانونية عامة تتجه لعموم المواطنين، ولا يخصص شروطا خاصة لفئات معينة على غرار الموقوفين في السجون، وفق ما أفاد به.

وأضاف أن الهيئة قامت بتعديل 3 شروط فقط في قواعد الترشح حتى تتلاءم مع ما جاء به الدستور الذي صاغه الرئيس سعيد عام 2022، وتتعلق برفع سن الترشح إلى 40 عاما، ومنع حاملي الجنسية المزدوجة من الترشح، وشرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، مؤكدا أن ما عدا هذه الشروط الثلاثة تعد شروطا قديمة لم يقع تعديل عليها، وهي موجودة في القانون الانتخابي لسنة 2014.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هیئة الانتخابات داخل السجن

إقرأ أيضاً:

زلزال سياسي في شرق ألمانيا.. فما القصة؟

"زلزال سياسي" هذا هو الوصف الذي استخدمته وكالات أنباء عالمية ووسائل إعلام ألمانية لوصف نتيجة الانتخابات الإقليمية التي جرت في ألمانيا أمس الأحد، والتي شهدت تقدما لافتا لأقصى اليمين، إذ حقق انتصارا بارزا زاد من إضعاف ائتلاف يسار الوسط الحاكم قبل عام من الانتخابات البرلمانية.

فقد تصدر حزب "البديل من أجل ألمانيا" نتائج الانتخابات في ولاية تورينغن الواقعة في شرق ألمانيا لتصبح هذه هي أول مرة يحسم فيها انتخابات محلية لصالحه منذ تأسيسه قبل 11 عاما.

وحسب وكالة الأنباء الألمانية، فقد حصد البديل ما بين 31 و33% من أصوات الناخبين، مقارنة بنحو 23% حصل عليها في الانتخابات السابقة عام 2019.

وحصل الحزب المسيحي على نحو 24% من الأصوات يليه تحالف السياسية سارا فاغنكنشت الذي انشق عن تحالف اليسار، الذي اكتفى -بدوره- بنسبة 12% من الأصوات، في تراجع كبير عن الانتخابات السابقة التي حصد فيها 31% من أصوات الناخبين.

وجدير بالذكر أن مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) يصنف حزب البديل على أنه "حالة مؤكدة لمنظمة يمينية متطرفة"، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.

نكسة للائتلاف الحاكم

وتعكس نتائج ولاية تورينغن تراجعا كبيرا لأحزاب الائتلاف الحاكم، وهي الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يقوده المستشار أولاف شولتس، وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (ليبرالي)، إذ حصل الأول على نحو 6.5% والثاني على نحو 3.8% والثالث على 1.2% فقط، علما أن الدخول إلى البرلمان الإقليمي يقتضي حصول الحزب على 5% من الأصوات.

ولم تختلف الحال كثيرا في ولاية سكسونيا، وهي الأخرى من ولايات ما كانت تعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية أو ألمانيا الشرقية، فرغم أن اليمين المتطرف لم يتصدر كما فعل في تورينغن، فإنه حل ثانيا بفارق ضئيل عن الحزب المسيحي الديمقراطي، بينما جاء تحالف سارا فاغنكنشت حديث التأسيس في المركز الثالث.

وحصل الحزب المسيحي، الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة المحلية في الولاية ميشائيل كريتشمر، على نحو 31.7% مقابل نحو 31.3% للبديل، ونحو 11.8% لتحالف سارا فاغنكنشت، في حين اكتفى حزب المستشار شولتس بنحو 8.1% والخضر بنحو 5.3%.

من جهتها، علقت وكالة الصحافة الفرنسية على نتائج الانتخابات، معتبرة أن أقصى اليمين برز بوصفه لاعبا رئيسيا، مقابل مزيد من الضعف لائتلاف يسار الوسط بزعامة أولاف شولتس قبل عام من الانتخابات البرلمانية.

أما مراسل الجزيرة، فلفت إلى أن التراجع الملحوظ في شعبية الائتلاف الحاكم يعود إلى الخلافات الداخلية والاتهامات الموجهة له بسوء إدارة ملف اللجوء، فضلا عن الدعم المتواصل لأوكرانيا.

فقدت شرعيتها

وفي ردود الأفعال على النتائج، قال الرئيس المشارك لحزب البديل تينو كروبالا، إنه "لن تكون هناك سياسة من دون حزب البديل من أجل ألمانيا".

من جانبه، قال بيورن هوكه، زعيم الحزب في تورينغن وهو أحد أكثر شخصيات الحزب تطرفا، على حد وصف وكالة الصحافة الفرنسية، إنه "مستعد للتعاون"، لكن ليس هناك حزب آخر يريد التحالف معه.

ولفتت الوكالة ذاتها إلى أن الانتخابات لم تشهد تقدم حزب البديل وحده، وإنما أيضا حزب "بي إس دبليو" الذي أسسته شخصية يسارية راديكالية هي سارا فاغنكنشت، والذي يعارض الهجرة، كما أنه يطالب بوقف إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا.

في المقابل، تعرضت أحزاب الائتلاف الحاكم لانتكاسة ثانية، بعدما تراجعت أيضا في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت يونيو/حزيران الماضي أمام المعارضة المحافظة وأقصى اليمين.

وكان لافتا التعليق الذي أدلى به فولفغانغ كوبيكي، نائب زعيم الحزب الديمقراطي الحر، العضو بالائتلاف الحاكم، إذ اعتبر أن حكومة المستشار أولاف شولتس قد فقدت شرعيتها في ضوء النتائج السيئة في اثنتين من الولايات خلال الانتخابات التي جرت الأحد.

وحسب النتائج الأولية، فلن يكون بمقدور الحزب الديمقراطي الحر الحصول على أي مقاعد في برلمانَي تورينغن وساكسونيا بالنظر إلى أنه لم يحصل إلا على نحو 1% من الأصوات.

مقالات مشابهة

  • محامي العياشي الزمال ليورونيوز: اعتقال المرشح هدفه ترهيبه وإجباره على الانسحاب من الرئاسية في تونس
  • تونس تعلن عن القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة
  • هيئة الانتخابات التونسية: المرشحون المقبولون نهائيا للانتخابات الرئاسية 2024 هم العياشي الزمال وزهير المغزاوي وقيس سعيد
  • هيئة الانتخابات التونسية ترفض قرارات المحكمة.. أقرت ترشح 3 فقط للرئاسة
  • ‏الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس ترفض قرارات المحكمة الإدارية بإعادة مرشحين وتبقي الرئيس الحالي ومرشحين اثنين آخرين فقط
  • العليا للانتخابات بتونس ترفض إعادة 3 مرشحين للسباق الرئاسي
  • مفوضية الانتخابات: 12 سبتمبر أخر موعد لتقديم طلبات الترشح لانتخابات المجالس البلدية
  • بالإنفوجراف.. حملة «100 يوم صحة» تواصل نجاحاتها للعام الثاني على التوالي
  • زلزال سياسي في شرق ألمانيا.. فما القصة؟
  • جورج كلوني يشيد بالرئيس جو بايدن بسبب انسحابه من الانتخابات الرئاسية