جهود دبلوماسية دولية لحل أزمة السودان.. فرص كبيرة تستدعي الجدية
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
توالت الجهود الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي، لدفع طرفي الصراع في السودان، رئيس مجلس القيادة عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو للجلوس على طاولة المفاوضات لحل الأزمة وإنهاء الصراع الدموي.
وبدأت 3 دول هي، مصر، أثيوبيا، والسعودية، هذا الحراك الدبلوماسي لإنهاء الحرب المندلعة منذ نيسان/ أبريل 2023، وانضم لهذا الحراك أيضا الاتحاد الأفريقي والذي رعى اجتماعا في أثيوبيا، بمشاركة 14 كيانا وحزبا سودانيا، أبرزها "الحرية والتغيير ـ الكتلة الديمقراطية" وأحزاب سياسية وحركات مسلحة أخرى، والتي دعت لوقف الحرب وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتشكيل حكومة تصريف أعمال مؤقتة وغير حزبية.
سعوديا، بحث نائب وزير الخارجية، وليد الخريجي مع البرهان استئناف "مفاوضات جدة" خلال زيارة له لبورتسودان.
وفي ذات الوقت تُعقد مباحثات غير مباشرة بين طرفي الصراع السوداني- السوداني، في مدينة جنيف السويسرية، بشأن إيصال المساعدات الإنسانية ولا تزال هذه المباحثات مستمرة، برعاية الأمم المتحدة.
"فرص التوافق كبيرة"
وكانت محاولات دولية وإقليمية قد جرت سابقا لإنهاء هذا الصراع الدموي الذي خلف آلاف القتلى والنازحين، لكنها فشلت في إقناع طرفي الصراع بالجلوس والاتفاق على وقف إطلاق النار، فهل يكون مصير الحراك الدبلوماسي الحالي كسابقه؟
رئيس تحرير صحيفة "التيار السوداني" الدكتور عثمان ميرغني، قال، إن "هناك ضغوط من قوى دولية وإقليمية لدفع الأطراف للعودة إلى منبر جدة، كما أن المبعوث الخاص الأمريكي التقى بمجموعات سياسية ومجتمعية سودانية وتواصل مع الطرفين العسكريين، وأعلن ثلاث مرات موعدا لبداية مباحثات في جدة، لكن في كل مرة كان الموعد يتأجل في اللحظات الأخيرة".
وأكد ميرغني خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "فرص الوصول إلى توافق عبر المفاوضات وتوقيع اتفاق سلام لا تزال كبيرة، حيث أدركت الأطراف العسكرية استحالة حسم الصراع عسكريا إلا بتكلفة بشرية و مادية باهظة".
ويرى أن "المسافة بين الطرفين سببها الخروقات والانتهاكات الهائلة التي تورطت فيها الدعم السريع مما يتطلب بِناء أسس العدالة في إنصاف الضحايا ومنع الإفلات من العقاب".
"إنقاذ الدعم السريع"
وكأي صراع يجري في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم، لم يسلم السودان من التدخلات الخارجية، حيث تتهم الحكومة السودانية دولا عدة بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح، ومنها دولة الإمارات العربية.
إلا أن أبو ظبي دائما ما كانت تنفي هذه الاتهامات على لسان مسؤوليها، وخلال سجال بين سياسيين في البلدين في حزيران/ يونيو الماضي أوضح أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، بأن "بلاده مهتمة بوقف الحرب في السودان والعودة إلى المسار السياسي".
وفي تطور جديد، قالت وكالة وام الإماراتية الجمعة، إن "رئيس الإمارات محمد بن زايد، تلقى اتصالاً هاتفياً من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في جمهورية السودان".
وأوضحت الوكالة "أن ابن زايد والبرهان بحثا العلاقات بين البلدين الشقيقين وشعبيهما، إضافة إلى تطورات الأوضاع على الساحة السودانية وسبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها".
ولفتت إلى أن الرئيس الإماراتي أكد "حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان الشقيق بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء".
وشدد ابن زايد وفقا لوام على "ضرورة تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء مصالح السودان العليا والحفاظ على أمنه واستقراره"، معربا عن "التزام دولة الإمارات بمواصلة دعمها للجهود الإنسانية لرفع معاناة الشعب السوداني الشقيق".
#رئيس_الدولة يؤكد خلال اتصال هاتفي تلقاه من عبدالفتاح البرهان دعم #الإمارات جميع المبادرات الرامية إلى إنهاء الأزمة في #السودان وتحقيق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء#وام pic.twitter.com/boyj3CvyWd — وكالة أنباء الإمارات (@wamnews) July 18, 2024
في المقابل، أصدر مجلس السيادة الانتقالي السوداني بيانا ناقض بيان الإمارات، حيث جاء فيه أن الذي اتصل بالآخر هو ابن زايد وليس البرهان.
وكان التناقض الأهم بين صيغة البيانين وفقا لما نشرته صفحة المجلس الانتقالي على فيسبوك، هو أن "البرهان أبلغ ابن زايد بأن دولة الإمارات متهمة من السودانيين وبأدلة وشواهد كثيرة تثبت دعم الإمارات للمتمردين، ودعمها لمن يقتل السودانيين ويدمر بلدهم ويشردهم، وعلى الإمارات التوقف عن ذلك".
ويثير حديث طرفي الصراع عن وجود دعم وتدخل خارجي تساؤلات عن تأثير هذا الدعم إن وجد على مسار الحراك الدبلوماسي الدولي؟
الكاتب والصحفي السوداني، ياسر محجوب الحسين يرى أن "الحراك الدبلوماسي الدولي والاقليمي الحالي ما هو إلا محاولة لإنقاذ مليشيا الدعم السريع من هزيمة ساحقة، فهذه الأطراف لا ترغب في انتصار كبير للجيش السوداني باعتبار أن ذلك يعني انتصار وعودة للإسلاميين لتصدر المشهد السياسي السوداني".
وتابع محجوب خلال حديثه لـ"عربي21"، "لا أعتقد أن هناك فرصة لمثل هذا الحوار المفترض بين الطرفين لعدة أسباب، أولا الجرائم التي ارتكبتها الميليشيا ولا زالت ترتكبها، والتي سحبت منها أي غطاء أخلاقي وبالضرورة أي غطاء سياسي، وخلقت بجرائمها رأي عام سوداني شديد المقاومة لأي دور سياسي لها".
كما يعتقد أنه "حتى لو أراد قادة الجيش الدخول في مثل هذا الحوار؛ فإن ذلك سيكون فيه مخاطرة على مستقبل قيادتهم، بيد أن آخر تصريحاتهم تشير الى رفض تام للحوار مع المليشيا لا سيما وهم قاب قوسين أو ادنى من الانتصار على التمرد".
وخلص الكاتب السوداني إلى القول: "لعل الدول الداعمة للمليشيا هي من تسعى وتدفع في اتجاه الحوار لإنقاذ حليفهم، لكن لا يبدو أن لدى القيادة السودانية ما تخسره، وبالتالي فإن استجابتها لأي ضغوط أمر غير وارد، وفي ذات الوقت هناك تحركات من دول الجوار التي ظلت داعمة للتمرد في اتجاه تحسين العلاقات مع القيادة السودانية ربما لقناعة بان المليشيا لم تعد لها أي فرصة للقيام بدور في مستقبل البلاد".
من جهته قال الكاتب والصحفي السوداني خالد الأعيسر، إن "هدف هذا الحراك الدبلوماسي والذي يقوده المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، دفع الحكومة السودانية وميليشيا الدعم السريع المتمردة، إلى محادثات غير مباشرة، لإيجاد حلول لقضايا محددة، وهي إيصال المساعدات الإنسانية وفتح ممرات آمنة".
وأوضح الأعيسر خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا ما يدفع وفد الحكومة السودانية للتمسك بموقفه الواضح والمسنود بالحقائق التي تعبر عن رؤية الشعب السوداني والمتضررين من جرائم قوات التمرد، ولهذا اختار الوفد المشاركة في هذه المساعي من دون الجلوس مباشرة مع وفد التمرد".
وأكد أن "هذه المساعي الدولية والاقليمية لن تصل لأي نتيجة على الصعيد السياسي".
وتابع: "في الواقع هناك اتفاق جاهز تم توقيعه في جدة في 11 أيار/ مايو 2023م، ولكن ميليشيا الدعم السريع تنصلت من تنفيذه لأنها ومن يقفون خلفها يريدون تمرير أجندات سياسية بربط اتفاق جدة بعودة ظهيرها السياسي، وهذا الشيء نفسه أفسد مبادرة الإيغاد وكل الجهود السابقة لإيقاف الحرب".
وأوضح أنه "من الخطأ محاولة ربط النقاش في جنيف بقضايا سياسية لأن القضايا السياسية يجب حلها داخل السودان بين المكونات السياسية السودانية "في حوار سوداني - سوداني جامع لكل الأطراف".
وحول قضية دعم بعض الدول لأطراف الصراع قال الأعيسر: "الدول المتورطة في دعم ميليشيا التمرد ليس من السهل أن تلعب دوراً دبلوماسياً كوسيط نزيه، لأنها متورطة بصورة أو بأخرى في هذه الحرب وجرائم الميليشيا، ولهذا ترفض الحكومة السودانية مشاركتها كوسطاء ميسرين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الصراع السودان البرهان محاولات السودان إتفاق الصراع البرهان محاولات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة السودانیة الحراک الدبلوماسی دولة الإمارات الدعم السریع طرفی الصراع فی السودان ابن زاید فی هذه
إقرأ أيضاً:
السودان يستنكر استضافة كينيا اجتماعا لقيادات الدعم السريع
استنكرت الحكومة السودانية أمس الثلاثاء استضافة كينيا اجتماعا ضم قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف تشكيل حكومة موازية، واعتبرت ذلك "تشجيعا لتقسيم الدول الأفريقية وخروجا عن قواعد حسن الجوار".
وجاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية السودانية بعد ساعات من انعقاد الجلسة الافتتاحية لمؤتمر بعنوان "تحالف السودان التأسيسي" في العاصمة الكينية نيروبي.
وشارك في الاجتماع عدد من قادة الحركات المسلحة وقوى سياسية معارضة، بينهم رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة، وعبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع، ورئيس "الحركة الشعبية-شمال" عبد العزيز الحلو.
ويهدف المؤتمر إلى تشكيل حكومة موازية في السودان، وهو ما اعتبرته الحكومة السودانية مخالفا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
انتهاك للقانون الدوليوأعربت الخارجية السودانية في بيانها عن أسفها لاستضافة كينيا هذا الاجتماع، واصفة ذلك بأنه "تنكّر لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي".
وأضافت الوزارة أن الهدف المعلن من الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه خلال الاجتماع هو "إقامة حكومة موازية في جزء من أراضي السودان"، مما يشجع على "تقسيم الدول الأفريقية وانتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها الداخلية".
إعلانكما انتقدت الوزارة السماح لقيادات قوات الدعم السريع بممارسة النشاط السياسي والدعائي العلني في كينيا، في وقت تُتهم فيه هذه القوات بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في السودان.
وذكر البيان أن قوات الدعم السريع ارتكبت "مجزرة بشعة" خلال الأيام الماضية في قرى مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض جنوبي السودان، راح ضحيتها 433 مدنيا.
وأشارت الخارجية السودانية إلى أن استضافة كينيا قوات الدعم السريع "تشجيع لاستمرار هذه الفظائع والمشاركة فيها". وشددت على أن "خطوة الحكومة الكينية لا تتعارض فقط مع قواعد حسن الجوار، بل تناقض أيضا التعهدات التي قدمتها كينيا على أعلى مستوى بعدم السماح بقيام أنشطة عدائية ضد السودان على أراضيها".
واعتبرت أن هذه الخطوة "إعلان عداء لكل الشعب السوداني"، داعية المجتمع الدولي إلى "إدانة هذا المسلك من الحكومة الكينية".
وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه السودان حربا طاحنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وفي سياق متصل، أشارت الخارجية السودانية إلى أن "هذه التظاهرة الدعائية (اجتماعات نيروبي) لن يكون لها أي أثر على أرض الواقع"، مؤكدة أن القوات المسلحة السودانية، بدعم من الشعب، تواصل تقدمها لتحرير الأراضي التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع.
انقسامات سياسيةمن جهة أخرى، انقسمت القوى السياسية في السودان بين مؤيدين ومعارضين لتشكيل حكومة موازية. فبينما تدعم قوى سياسية قوات الدعم السريع، ترفض أخرى هذا التوجه بما في ذلك "تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية"، التي كانت تمثل أكبر تحالف مدني معارض بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.
وأعلنت التنسيقية في فبراير/شباط الماضي رفضها فكرة الحكومة الموازية، مما أدى إلى انقسامها إلى مجموعتين، إحداهما تدعم مؤتمر نيروبي.
إعلانوتزامنت اجتماعات المعارضة في كينيا مع تراجع سيطرة قوات الدعم السريع في عدة مناطق لصالح الجيش السوداني، خاصة في ولايات الوسط (الخرطوم والجزيرة) والجنوب (النيل الأبيض وشمال كردفان).
وفي ولاية الخرطوم، التي تضم 3 مدن رئيسية، تمكن الجيش من السيطرة على 90% من مدينة بحري شمالا، ومعظم أنحاء مدينة أم درمان غربا، و60% من مدينة الخرطوم، في حين لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على أحياء شرقي وجنوبي العاصمة.
وحتى الساعة 18:00 بتوقيت غرينتش، لم تصدر السلطات الكينية أي تعليق على اجتماعات نيروبي أو على بيان الخارجية السودانية.