بوابة الوفد:
2025-02-01@19:57:02 GMT

64ﺳـﻨــﺔ ﺗﻠـﻴﻔﺰﻳـــﻮن

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

يحل غداً العيد الرابع والستون للتليفزيون المصرى، هذا الكيان العريق الذى كان ومازال الجامعة التى تخرج فيها كبار الإعلاميين الذين كانت لهم الريادة فى نشأة وتطوير الإعلام المرئى فى مصر والعالم العربى.

مهما حدث له من عثرات ونكبات، يبقى التليفزيون المصرى جبلاً شامخاً فى سماء الإعلام المرئى ومهما تعددت الفضائيات يبقى عشق هذا الكيان فى قلوب الملايين عبر الأجيال.

التليفزيون عندما تم إنشاؤه وافتتاحه عام 1960، كان بمثابة مركز إشعاع ثقافى وفنى واجتماعى ورياضى وسياسى، وأداة قوية للغاية لنشر الثقافة العامة فى المجتمع المصرى بجانب الإذاعة المصرية العريقة.

نستعرض فى هذا التقرير المطول أهم البرامج فى تاريخ التليفزيون المصرى ومقدمى تلك البرامج الذين كُتبت أسماؤهم بحروف من نور فى تاريخ الإعلام العربى المرئى.

برنامج «النادى الدولى» واحد من أهم البرامج فى تاريخ التليفزيون المصرى، استمر عرضه على الشاشة 8 سنوات متصلة من عام 1970 حتى 1987، من تقديم الإعلامى الراحل سمير صبرى، «توك شو» عصرى كان يتابع الأحداث التى تهم المجتمع أسبوعياً سواء سياسة أو فن أو رياضة، ويستضيف أبرز الشخصيات المرموقة، مثل: محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ ويوسف وهبى وأحمد رامى، حتى الجاسوسة «انشراح»، صُنف هذا البرنامج كأفضل برنامج فى تاريخ التليفزيون.

«أوتوجراف» تقديم الإعلامى الراحل طارق حبيب، نموذج رائع للبرنامج الحوارى الهادف، استمر عرضه على الشاشة عدة سنوات استضاف أبرز الشخصيات فى المجتمع المصرى فى حقبة السبعينيات منهم: جيهان السادات، محمد عبدالوهاب، يوسف السباعى، عبدالحليم حافظ، يوسف وهبى، محمود المليجى، يوسف إدريس وغيرهم. كما قدم طارق حبيب العديد من البرامج الناجحة منها: «أهلاً وسهلاً، اتنين ع الهوا، دورى النجوم» ولقاءات خاصة مع أبرز الشخصيات فى العالم فى الفن والرياضة.

«عالم الحيوان» إعداد وتقديم الإعلامى الراحل محمود سلطان، كان يذاع ظهر الجمعة من كل أسبوع، وكان يتجول بين كافة حدائق الحيوان فى العالم، مادة رائعة تعلق بها ملايين المشاهدين. الراحل محمود سلطان كان مذيع نشرة من طراز رفيع، قدم العديد من البرامج السياسية، مذيع وإعلامى قل أن يجود به الزمان.. رحمه الله.

«نادى السينما» تقديم الدكتورة درية شرف الدين، استمر عرضه على الشاشة أكثر من عشرين عاماً، كان يعرض فى سهرة السبت على القناة الأولى وكان يقدم جواهر السينما العالمية قديماً وحديثاً، وعلى نفس المستوى برنامج «أوسكار» تقديم الإعلامية سناء منصور، وكان يقدم فى سهرة الخميس، برامج رائعة لم تتكرر على شاشة التليفزيون.

«كاميرا 9» تقديم الإعلامية الراحلة أمانى ناشد، برنامج رائع للغاية لا يقل عن «النادى الدولى» من أبرز حلقات هذا البرنامج استضافة عبدالحليم حافظ بعد يومين فقط من حفل «قارئة الفنجان» ليتحدث عن الأزمة التى حدثت مع الجمهور أثناء الحفل. أمانى ناشد كانت مثلاً حياً للمذيعة المتكاملة.

«نور على نور» إعداد وتقديم الإعلامى الكبير أحمد فراج، من أشهر البرامج الدينية فى تاريخ التليفزيون المصرى، كان يعكس بوضوح الإسلام الوسطى من خلال الحوارات مع كبار علماء الأزهر على رأسهم الشيخ الشعراوى وكان بحق برنامجاً دينياً موجهاً لكافة طبقات المجتمع، وما زال خالداً فى وجدان الملايين.

«عصافير الجنة» تقديم رائدة برامج الأطفال الراحلة سلوى حجازى وسارت على نفس الدرب المذيعة الرائعة نجوى إبراهيم التى قدمت العديد من برامج الأطفال الناجحة وكانت أول رئيس لقناة «الأسرة والطفل» عام 1998، ولا نسى برنامج «سينما الأطفال» تقديم عفاف الهلاوى.

«الكاميرا فى الملعب» كان يذاع على شاشة القناة الثالثة تقديم الراحل قطب عبدالسلام، وبعده الكابتن مصطفى عبده، برنامج رائع أخذت تلك الفكرة الرائدة جميع القنوات الفضائية الرياضية فيما بعد، تلك كانت عظمة وقيمة التليفزيون المصرى فى عصره الذهبى، البرنامج بدأ إذاعة فى منتصف الثمانينيات واستمر لسنوات طويلة.

«حديث المدينة» تقديم الراحل مفيد فوزى، برنامج على أعلى مستوى سياسياً واجتماعياً، كان يعد بمثابة تحقيق تليفزيونى كما يجب أن يكون.

«زووم» تقديم الإعلامية الكبيرة سلمى الشماع، أحد أفضل البرامج التى عبرت عن السينما فى عصرها الذهبى، استضافت كبار الفنانين، سلمى الشماع كانت أول رئيس لقناة النيل للمنوعات.

«لو كنت المسئول» تقديم الراحلة سهير الإتربى، برنامج سياسى على أعلى مستوى، يستضيف المسئولين وكبار الصحفيين، حوارات هادفة «توك شو» قبل 40 عاماً أو يزيد، الحوارات كما يجب أن تكون، تولت سهير الإتربى منصب رئيس التليفزيون لعدة سنوات وساهمت فى تطويره بقوة فى حقبة التسعينيات من القرن الماضى.

لم يكن التليفزيون مجرد برامج فقط بل متابعة حية لكل ما يحدث فى المجتمع ونقل كافة الأحداث المهمة، مثل نقل حىّ لجنازة الرؤساء عبدالناصر وأنور السادات، كما نقل الاستقبال التاريخى للرئيس السادات فى القدس فى نوفمبر 1977 على الهواء بالقمر الصناعى، ثم الاستقبال التاريخى حين عودته إلى القاهرة وحوارات همت مصطفى مع الرئيس السادات فى ميت أبوالكوم، ونقل جميع حفلات عمالقة الطرب على الهواء فى الزمن الجميل أم كلثوم وعبدالحليم وفريد الأطرش ووردة وفايزة أحمد، الحفلات كانت تذاع كاملة حتى وقت الفجر.

أضف إلى ذلك دور التليفزيون فى نشر الرياضة خاصة كرة القدم وإذاعة مباريات الدورى العام منذ عام 1960، بل ونقل مباريات كأس العالم على الهواء فى السبعينيات حتى بداية هذا القرن، ومباريات كأس الأمم الأوروبية كل هذا فى الزمن الجميل، ولا ننسى دور التليفزيون المصرى منذ عام 1960 فى عرض الأفلام السينمائية والدراما التليفزيونية، وهذه تحتاج لملف كامل، للعصر الذهبى للدراما، ومسرح التليفزيون الذى كان الجامعة التى تخرج فيها عمالقة التمثيل فى القرن الماضى.

ونستعرض أخيراً لوحة شرف أهم مذيعى ومذيعات التليفزيون عبر الـ64 عاماً على رأسهم الراحل العظيم الدكتور عبدالقادر حاتم مؤسس التليفزيون فى عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وسعد لبيب وهمت مصطفى وسامية صادق وسمير صبرى وأحمد فراج ومحمود سلطان وأحمد سمير وسهير الإتربى وسهير شلبى وطارق حبيب ومحمد لطيف أشهر معلق رياضى فى تاريخ ماسبيرو، وميمى الشربينى وعفاف عبدالرازق وفاطمة الكسبانى ومفيد فوزى ودرية شرف الدين وفريال صالح وسناء منصور ونجوى إبراهيم وسامية شرابى ومفيدة شمس الدين وسلوى حجازى وعفاف عبدالرازق وعفاف الهلاوى ويوسف شريف رزق الله وزينب سويدان ونادية حليم ونهال كمال وفاطمة وعبدالمنعم غالى وفايز الزمر وحسام الدين فرحات وعبدالفتاح حسن وسلمى الشماع وهشام رشاد ومحسن نوح.

كل هؤلاء عل سبيل المثال وليس الحصر، ولا ننسى فى النهاية القيادات التى ساهمت كثيراً فى تطوير ماسبيرو، على رأسهم الراحل صفوت الشريف وزير الإعلام على مدى أكثر من 20 عاماً، وأنس الفقى واللواء أحمد أنيس ورؤساء الاتحادات فى سنوات مختلفة وحسين عنان وحسن حامد وعبدالرحمن حافظ وممدوح الليثى وأمين بسيونى لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، ولكن هذا تاريخ لا يستطيع أحد أن ينكره، تلك شهادة للتاريخ الجميع أدى دوره وهم بشر فى النهاية معرضون للصواب والخطأ.

فى النهاية نتمنى أن يعود ماسبيرو إلى سابق عهده ولو بشكل محدود لأنه تاريخ يفخر به المصريون على مدى 64 عاما.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: 64ﺳـﻨــﺔ ﺗﻠـﻴﻔﺰﻳـــﻮن فيها كبار التلیفزیون المصرى

إقرأ أيضاً:

الروائية القطرية هدى النعيمي: الكتابة النسوية تجاوزت الدفاع عن المرأة إلى تقديم رؤى أعمق

تعد الروائية القطرية الكبيرة الدكتورة هدى النعيمى واحدة من أبرز الأصوات الأدبية فى الخليج، من خلال أعمالها الأدبية، لا سيما روايتها الأخيرة «زعفرانة»، التى تغوص فى رحلة استكشافية لصراع المرأة بين التقاليد والتحرر، بينما تنقل لنا صورة حية للتحولات الاجتماعية والسياسية التى شهدتها منطقة الخليج على مر العصور. وتحدثت «النعيمى»، فى حوار لـ«الوطن»، على هامش مشاركتها فى معرض الكتاب، عن تفاصيل روايتها «زعفرانة» المرأة الخليجية، التى ولدت فى عشرينات القرن الماضى وشهدت الكثير من التحولات الكبرى فى المنطقة الخليجية على مدار عقود طويلة، وبخاصة مع ظهور النفط وتغير الحياة الاجتماعية، لافتة إلى أن المعرض كان بمثابة فرصة فريدة للتفاعل مع الأدباء والجمهور، ولعرض رؤاها حول قضايا المرأة والمجتمع فى الخليج.

هدى النعيمي: أردت إيصال رسالة بأن المعاناة مهما طالت سيأتي الفرج

 أردت إيصال رسالة بأن المعاناة مهما طالت سيأتى الفرج.. والرواية تتناول التأثيرات العميقة لـ«حرب ظفار» فى عُمان التى تتخطى الصراع المحلى لارتباطها بتيارات أيديولوجية ماذا عن العلاقات الثقافية بين مصر وقطر؟

- العلاقات الثقافية بين مصر وقطر ليست حديثة أو عابرة، بل هى متجذرة وقديمة، فقد نشأنا على معرفة عميقة بالثقافة المصرية، سواء عبر التعليم، إذ درسنا على أيدى أساتذة مصريين، أو من خلال الفنون، حيث كانت الأغانى والأفلام المصرية تصل إلينا وتمنحنا إحساساً بالثقافة المصرية، فى المجال الأدبى، قرأنا لنجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس، ويحيى حقى وغيرهم، مما خلق لدينا شغفاً بالأدب، أما على المستوى الرسمى، فهناك تعاون فى مجالات مثل الآثار والمتاحف، بالإضافة إلى المعارض الثقافية المتبادلة، ومن الجميل أن تكون قطر ضيف شرف فى معرض القاهرة للكتاب عام 2027، وهو حدث نعتز به كثيراً.

وكيف ترى مشاركتك الشخصية فى المعرض؟

- تجربة رائعة جداً، فهو حدث ثقافى مهم، المعرض يمثل منصة مهمة للأدباء والمفكرين لعرض أعمالهم والتفاعل مع القراء والكتاب من مختلف أنحاء العالم، بالنسبة لى فرصة رائعة للتواصل مع جمهور واسع، ولتعريفهم بروايتى وأفكارى حول قضايا المرأة والتاريخ والتحولات الاجتماعية فى الخليج، كما أنه فرصة مهمة للاحتكاك بالثقافات الأخرى وتبادل الخبرات الأدبية، هو بمثابة احتفاء بالأدب العربى بشكل عام.

تبدو «زعفرانة» وكأنها تصور شخصية متأرجحة بين الخضوع والتمرد.. فكيف عكست الرواية هذه الازدواجية؟ وهل كانت هناك شخصيات مضادة تمثل القوى التقليدية التى تصطدم بها؟

- زعفرانة شخصية امرأة من الخليج، عاشت فى المنطقة العربية بين عشرينات القرن العشرين وما يقرب من مائة عام، فكيف يمكننا أن نتخيل وضع المرأة فى الخليج خلال تلك العقود الطويلة؟ بالطبع، كان دورها تقليدياً إلى حد بعيد، لكن زعفرانة تمردت على هذا المجتمع، حتى فى مسألة اختيار الزوج، فقد قررت الارتباط بالرجل الذى أرادت أن تكون معه، متخلية عن كل شىء وراءها: المال، الجاه، الإرث من والدها، واسم العائلة. ذهبت مع هذا الزوج إلى عُمان، إلى منطقة مجهولة بالنسبة لها، وهى ابنة الحسب والنسب التى كانت مخدومة فى كل شىء، تحولت حياتها من الترف إلى الكفاح؛ أصبحت هى من تشعل النار، وتجمع الحطب، وتطبخ الطعام، وترعى الأغنام، لكن هذه الحياة لم تكن خضوعاً للواقع، ولا مجرد انسيابية مع الظروف، بل كانت نتيجة اختيار واعٍ لحياة أرادت أن تعيشها بإرادتها، لذلك، فإن زعفرانة ليست شخصية ضعيفة أو مستسلمة، بل شخصية قوية فى الأساس، وحتى أبناؤها ورثوا عنها هذه القوة.

ماذا عن تعدد الأصوات السردية فى الرواية؟

- تعتمد الرواية على تعدد الأصوات السردية، فلا تقتصر على صوت زعفرانة فقط، بل تمنح مساحة لثلاث شخصيات رئيسية، بالإضافة إلى شخصيات أخرى، من بين هذه الأصوات، هناك شخصية تحمل تأثيرات إيجابية على من حولها، كما يظهر الصوت الذكورى من خلال شخصيات بعض الرجال، مثل أبناء زعفرانة، الذين استلهموا قوتهم من والدتهم أو جدتهم الكبيرة، واستمروا فى مواجهة الحياة بصلابة.

هل هناك دلالة رمزية لاختيار حرب ظفار؟.. وماذا عن البعد التاريخى فى الرواية؟

- الرواية تسلط الضوء على مرحلة خاصة جداً من تاريخ الخليج، وتحديداً حرب ظفار فى سلطنة عُمان، هذه الحرب أو الثورة امتدت لأكثر من عقد من الزمان، منذ أواخر الخمسينات وحتى أوائل السبعينات، لكن بعد انتهائها، ومع دخول الحداثة إلى منطقة الخليج أُغلق الباب أمام الحديث عنها تماماً، رغم أنها كانت حدثاً ضخماً وذات تأثير بالغ على المنطقة بأكملها.

الرواية تتناول التأثيرات العميقة لـ«حرب ظفار» في عُمان التي تتخطى الصراع المحلي لارتباطها بتيارات

هذه الحرب لم تكن مجرد صراع محلى بل كانت جزءاً من تيارات أيديولوجية عالمية، حيث شارك فيها أشخاص ليس فقط من عُمان، بل أيضاً من قطر، البحرين، الكويت، وحتى العراق، لذلك، فإن تناول الرواية لهذا الحدث يعكس محاولة لفتح ملف مسكوت عنه، وإعادة تسليط الضوء على تأثيره العميق.

برأيك.. نستطيع القول إن زعفرانة تمثل حالة خاصة أم أنها نموذج عام يمكن أن تعيشه النساء فى مختلف المجتمعات؟

- بشكل عام، لا يمكن القول إنها حالة فريدة تماماً، بل يمكن العثور على نماذج مشابهة لها فى أماكن أخرى من العالم العربى، خاصة فى الفترات التى شهدت تحولات فكرية وأيديولوجية كبرى. فقد قاومت زعفرانة الجهل بالعلم، ليس فقط من خلال التعليم التقليدى، بل عبر تعلم الطب الشعبى والبديل، وحفظ القرآن والحديث، والانفتاح على مختلف أشكال المعرفة، من خلال هذا المزيج، استطاعت أن تبنى شخصية قوية ومؤثرة فى مجتمعها.

إلى أى مدى يتقاطع الأدب مع السياسة فى أعمالك؟ وهل يمكن للرواية أن تكون أداة نضالية؟

- لا تُقدَم السياسة بشكل مباشر فى الرواية، لكنها تتداخل مع كل شىء، فقراءة التاريخ تمنح وعياً بالواقع، ومن يريد فهم الحاضر، عليه أن يعرف ماذا حدث فى الماضى، وبالتالى، يمكن اعتبار الرواية أداة لقراءة التاريخ والتفاعل معه، وليست مجرد عمل أدبى منفصل عن الواقع السياسى والاجتماعى.

ماذا عن تطور الكتابة النسوية فى العالم العربى؟ وهل تجاوزت مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة إلى تقديم رؤى أعمق؟

- تجاوزت الكتابة النسوية مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة، وانتقلت إلى تقديم رؤى أعمق وأكثر نضجاً، فى الماضى عندما ظهر مصطلح الكتابة النسوية، كان هناك من يقلل من شأنه، كما فعل عباس العقاد حين وصفه بأنه أدب دون المستوى، لكن اليوم، لم يعد هذا التصور موجوداً، بل أصبح احترام كتابات المرأة أمراً مفروغاً منه فى الأوساط الأدبية والثقافية.

ولم تعد المرأة بحاجة إلى إثبات نفسها ككاتبة، بل أصبح التركيز على جودة الكتابة نفسها، سواء كانت بقلم رجل أو امرأة، فالأدب الجيد يفرض نفسه بغض النظر عن جنس كاتبه.

ما الذى كان يشغلك أكثر أثناء كتابة الرواية.. إبراز المأساة أم تقديم الأمل؟

- ما كان يشغلنى أثناء كتابة الرواية هو تقديم التاريخ بكل ما فيه من مآسٍ، لكن دون أن أفقد الأمل، فكلما اشتدت الظلمة لا بد أن يأتى الفجر، هذه المرحلة التى تتناولها الرواية كانت شديدة القسوة، لكن فى النهاية، جاء التغيير، ونالت الشعوب حريتها، ما أريد أن أقوله دائماً هو أن المعاناة، مهما طالت، ستنتهى يوماً ما، وسيأتى الفرج لا محالة.تغيرات جذريةرئيس قسم الإخراج:

أميرة فريدلا يمكن أن نغفل الفترة الزمنية التى تدور فيها أحداث الرواية، فهى تمتد منذ بدايات القرن العشرين حتى نهاياته، وربما حتى بدايات القرن الحادى والعشرين، كانت هذه مرحلة مليئة بالتغيرات الجذرية، سواء على مستوى المرأة أو الرجل، فقد شهدت المنطقة الخليجية تحولات كبرى، بدءاً من ظهور النفط، مروراً بالحروب التى أثرت على المجتمعات، وانتهاء بانتشار التعليم، وفتح المدارس والجامعات، ودخول المرأة إلى سوق العمل، كل هذه التغيرات انعكست على حياة زعفرانة، وكذلك على النساء والرجال المحيطين بها. الرواية ترصد هذه التحولات من خلال تنقلات زعفرانة بين أماكن مختلفة، من بيئة بحرية فى قرية الذخيرة بقطر إلى بيئة جبلية فى منطقة ظفار بسلطنة عُمان، ثم إلى المدينة فى القاهرة، هذا التنقل الجغرافى يعكس أيضاً تنقلاً فكرياً وثقافياً، حيث تواجه زعفرانة تحديات جديدة فى كل مرحلة.

 

 

«أبوطالب»: أعمار عضوات الفرقة لم تتجاوز الـ10 أعوام.. ويتمتعن بموهبة كبيرة«السيد»: آتى إلى المعرض كل عام بصحبة أولادىطفلات فرقة «نجم» يجذبن الجمهور بأغانٍ هندية«العائلة» تتصدر المشهد.. صور تذكارية وأجواء مبهجةفتيات بعمر الزهور يتمايلن على الأغانى الهندية، بطريقة أبهرت زوار معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذين ارتفعت هواتفهم لتوثيق تلك اللحظات الجميلة ومشاهدة مدى براعتهن فى تنسيق الحركات الهندية التى تعد الأصعب فى تنفيذها، وبات الجميع يهتف لهن، فى جو يسوده البهجة والحماس، على بعد خطوات من قاعة 2، تجد مجموعة من فتيات مدرسة «سمارت سيتى»، يرتدين الزى الهندى بألوانه المختلفة، ويقدمن عرضاً هندياً متناسقاً. رد فعل زوار معرض الكتاب فاجأ الفتيات كثيراً، «رد الفعل كان جميل قوى على العرض الهندى والبنات كانوا مبسوطين جداً إنهم قدروا ينفذوا الحركات بسهولة من غير توتر وسط الكم الهائل من الناس ده» على حد تعبير نهلة أبوطالب، المشرفة المسئولة عن العرض الهندى، خلال حديثها لـ«الوطن».

يعد السبب الرئيسى لاختيار العرض الهندى، وتقديمه فى معرض الكتاب، هو التعريف بحضارات البلاد وثقافتهم: «رغبتنا الأساسية التعرف للحضارات وثقافات البلاد والحركات الهندية صعبة» حسب «نهلة»، مشيرة إلى أن فرقة «نجم» تتمتع بموهبة كبيرة، مكَّنتها من حفظ وتناسق الحركات بشكل جماعى دون أى أخطاء. ما يقرب من 15 يوماً، قضتها فرقة «نجم» أو كما أطلق عليها «نجم سمارت سيتى» فى التحضير للعرض الهندى، الذى بدا متناسقاً رغم صغر سن بطلاته اللائى لم يتجاوز أعمارهن الـ10 سنوات: «الأول عملنا العرض على مستوى الإدارة ووصل للجمهورية وطلع المركز الأول، فقررنا المشاركة به فى العرض» على حد تعبير «نهلة»، التى أكدت أن هذا العرض لن يكون الأخير فى التعرف على ثقافات البلاد المختلفة. فى تمام التاسعة صباحاً أمس، اصطف المئات من الزوار أمام بوابات معرض القاهرة الدولى للكتاب، وفى مشهد لافت للأنظار اصطف أطفال يجرون خطواتهم بحماس برفقة آبائهم، بعد أن اتخذوا المعرض رحلة عائلية ممتعة، وليس مجرد زيارة لحدث ثقافى، خارج أروقة المعرض كانت الأجواء تنبض بالحياة، حيث تسمع ضحكات الأطفال متلهفين لرؤية دور النشر التى تعرض كتبها بألوان زاهية، والشباب يلتقطون صوراً تذكارية مع أصدقائهم، بعد أن قرروا قضاء نهاية الأسبوع فى تجربة ممتعة ومختلفة ينتظرونها كل عام. كان محمد السيد، ٤٣ عاماً، ينتظر أمام المعرض على كرسى متحرك لحين وقت الدخول، بعد أن جاء منذ الصباح مع أطفاله وزوجته التى أحضرت مأكولات ومشروبات حتى يستمتعوا باليوم وفى ساحات المعرض، وقول «السيد» لـ«الوطن»: «كل سنة آتى إلى هنا بصحبة أولادى لأن الثقافة مهمة لنا، وفى نفس الوقت يتعلمون إشغال وقت فراغهم بالأشياء المفيدة التى يحتاجونها ونحن ننتظر المعرض من العام للعام»، وقالت زوجته منى أحمد، إن أطفالهم الـ٣ منذ صغرهم شغوفون بالقراءة بفضل المعرض.

فى داخل المعرض، اتخذت بعض الأسر زوايا هادئة لتصفح الكتب واقتناء ما يناسب اهتمامات أفرادها، بينما تجمعت مجموعات أخرى حول الفعاليات والورش الفنية التى خصصها المنظمون للأطفال. فى إحدى الزوايا، وقف أب وأبناؤه يحملون كتباً قديمة، وعلى وجوههم ابتسامة تعكس شغف القراءة الذى لم ينطفئ، فى الركن الذى يعج بضحكات الأطفال والألعاب، فى مناخ يبعث على البهجة ويطلعون على الكتب التى تملؤها رسومات الحيوانات. العائلات تتصدر المشهد من أمام معرض الكتابأطفال فرقة «نجم» فى معرض الكتاب

 

 

أردت إيصال رسالة بأن المعاناة مهما طالت سيأتى الفرج.. والرواية تتناول التأثيرات العميقة لـ«حرب ظفار» فى عُمان التى تتخطى الصراع المحلى لارتباطها بتيارات أيديولوجية

ماذا عن العلاقات الثقافية بين مصر وقطر؟

- العلاقات الثقافية بين مصر وقطر ليست حديثة أو عابرة، بل هى متجذرة وقديمة، فقد نشأنا على معرفة عميقة بالثقافة المصرية، سواء عبر التعليم، إذ درسنا على أيدى أساتذة مصريين، أو من خلال الفنون، حيث كانت الأغانى والأفلام المصرية تصل إلينا وتمنحنا إحساساً بالثقافة المصرية، فى المجال الأدبى، قرأنا لنجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس، ويحيى حقى وغيرهم، مما خلق لدينا شغفاً بالأدب، أما على المستوى الرسمى، فهناك تعاون فى مجالات مثل الآثار والمتاحف، بالإضافة إلى المعارض الثقافية المتبادلة، ومن الجميل أن تكون قطر ضيف شرف فى معرض القاهرة للكتاب عام 2027، وهو حدث نعتز به كثيراً.

وكيف ترى مشاركتك الشخصية فى المعرض؟

- تجربة رائعة جداً، فهو حدث ثقافى مهم، المعرض يمثل منصة مهمة للأدباء والمفكرين لعرض أعمالهم والتفاعل مع القراء والكتاب من مختلف أنحاء العالم، بالنسبة لى فرصة رائعة للتواصل مع جمهور واسع، ولتعريفهم بروايتى وأفكارى حول قضايا المرأة والتاريخ والتحولات الاجتماعية فى الخليج، كما أنه فرصة مهمة للاحتكاك بالثقافات الأخرى وتبادل الخبرات الأدبية، هو بمثابة احتفاء بالأدب العربى بشكل عام.

تبدو «زعفرانة» وكأنها تصور شخصية متأرجحة بين الخضوع والتمرد.. فكيف عكست الرواية هذه الازدواجية؟ وهل كانت هناك شخصيات مضادة تمثل القوى التقليدية التى تصطدم بها؟

- زعفرانة شخصية امرأة من الخليج، عاشت فى المنطقة العربية بين عشرينات القرن العشرين وما يقرب من مائة عام، فكيف يمكننا أن نتخيل وضع المرأة فى الخليج خلال تلك العقود الطويلة؟ بالطبع، كان دورها تقليدياً إلى حد بعيد، لكن زعفرانة تمردت على هذا المجتمع، حتى فى مسألة اختيار الزوج، فقد قررت الارتباط بالرجل الذى أرادت أن تكون معه، متخلية عن كل شىء وراءها: المال، الجاه، الإرث من والدها، واسم العائلة. ذهبت مع هذا الزوج إلى عُمان، إلى منطقة مجهولة بالنسبة لها، وهى ابنة الحسب والنسب التى كانت مخدومة فى كل شىء، تحولت حياتها من الترف إلى الكفاح؛ أصبحت هى من تشعل النار، وتجمع الحطب، وتطبخ الطعام، وترعى الأغنام، لكن هذه الحياة لم تكن خضوعاً للواقع، ولا مجرد انسيابية مع الظروف، بل كانت نتيجة اختيار واعٍ لحياة أرادت أن تعيشها بإرادتها، لذلك، فإن زعفرانة ليست شخصية ضعيفة أو مستسلمة، بل شخصية قوية فى الأساس، وحتى أبناؤها ورثوا عنها هذه القوة.

ماذا عن تعدد الأصوات السردية فى الرواية؟

- تعتمد الرواية على تعدد الأصوات السردية، فلا تقتصر على صوت زعفرانة فقط، بل تمنح مساحة لثلاث شخصيات رئيسية، بالإضافة إلى شخصيات أخرى، من بين هذه الأصوات، هناك شخصية تحمل تأثيرات إيجابية على من حولها، كما يظهر الصوت الذكورى من خلال شخصيات بعض الرجال، مثل أبناء زعفرانة، الذين استلهموا قوتهم من والدتهم أو جدتهم الكبيرة، واستمروا فى مواجهة الحياة بصلابة.

هل هناك دلالة رمزية لاختيار حرب ظفار؟.. وماذا عن البعد التاريخى فى الرواية؟

- الرواية تسلط الضوء على مرحلة خاصة جداً من تاريخ الخليج، وتحديداً حرب ظفار فى سلطنة عُمان، هذه الحرب أو الثورة امتدت لأكثر من عقد من الزمان، منذ أواخر الخمسينات وحتى أوائل السبعينات، لكن بعد انتهائها، ومع دخول الحداثة إلى منطقة الخليج أُغلق الباب أمام الحديث عنها تماماً، رغم أنها كانت حدثاً ضخماً وذات تأثير بالغ على المنطقة بأكملها.

هذه الحرب لم تكن مجرد صراع محلى بل كانت جزءاً من تيارات أيديولوجية عالمية، حيث شارك فيها أشخاص ليس فقط من عُمان، بل أيضاً من قطر، البحرين، الكويت، وحتى العراق، لذلك، فإن تناول الرواية لهذا الحدث يعكس محاولة لفتح ملف مسكوت عنه، وإعادة تسليط الضوء على تأثيره العميق.

برأيك.. نستطيع القول إن زعفرانة تمثل حالة خاصة أم أنها نموذج عام يمكن أن تعيشه النساء فى مختلف المجتمعات؟

- بشكل عام، لا يمكن القول إنها حالة فريدة تماماً، بل يمكن العثور على نماذج مشابهة لها فى أماكن أخرى من العالم العربى، خاصة فى الفترات التى شهدت تحولات فكرية وأيديولوجية كبرى. فقد قاومت زعفرانة الجهل بالعلم، ليس فقط من خلال التعليم التقليدى، بل عبر تعلم الطب الشعبى والبديل، وحفظ القرآن والحديث، والانفتاح على مختلف أشكال المعرفة، من خلال هذا المزيج، استطاعت أن تبنى شخصية قوية ومؤثرة فى مجتمعها.

إلى أى مدى يتقاطع الأدب مع السياسة فى أعمالك؟ وهل يمكن للرواية أن تكون أداة نضالية؟

- لا تُقدَم السياسة بشكل مباشر فى الرواية، لكنها تتداخل مع كل شىء، فقراءة التاريخ تمنح وعياً بالواقع، ومن يريد فهم الحاضر، عليه أن يعرف ماذا حدث فى الماضى، وبالتالى، يمكن اعتبار الرواية أداة لقراءة التاريخ والتفاعل معه، وليست مجرد عمل أدبى منفصل عن الواقع السياسى والاجتماعى.

ماذا عن تطور الكتابة النسوية فى العالم العربى؟ وهل تجاوزت مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة إلى تقديم رؤى أعمق؟

- تجاوزت الكتابة النسوية مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة، وانتقلت إلى تقديم رؤى أعمق وأكثر نضجاً، فى الماضى عندما ظهر مصطلح الكتابة النسوية، كان هناك من يقلل من شأنه، كما فعل عباس العقاد حين وصفه بأنه أدب دون المستوى، لكن اليوم، لم يعد هذا التصور موجوداً، بل أصبح احترام كتابات المرأة أمراً مفروغاً منه فى الأوساط الأدبية والثقافية.

ولم تعد المرأة بحاجة إلى إثبات نفسها ككاتبة، بل أصبح التركيز على جودة الكتابة نفسها، سواء كانت بقلم رجل أو امرأة، فالأدب الجيد يفرض نفسه بغض النظر عن جنس كاتبه.

ما الذى كان يشغلك أكثر أثناء كتابة الرواية.. إبراز المأساة أم تقديم الأمل؟

- ما كان يشغلنى أثناء كتابة الرواية هو تقديم التاريخ بكل ما فيه من مآسٍ، لكن دون أن أفقد الأمل، فكلما اشتدت الظلمة لا بد أن يأتى الفجر، هذه المرحلة التى تتناولها الرواية كانت شديدة القسوة، لكن فى النهاية، جاء التغيير، ونالت الشعوب حريتها، ما أريد أن أقوله دائماً هو أن المعاناة، مهما طالت، ستنتهى يوماً ما، وسيأتى الفرج لا محالة.

تغيرات جذرية

لا يمكن أن نغفل الفترة الزمنية التى تدور فيها أحداث الرواية، فهى تمتد منذ بدايات القرن العشرين حتى نهاياته، وربما حتى بدايات القرن الحادى والعشرين، كانت هذه مرحلة مليئة بالتغيرات الجذرية، سواء على مستوى المرأة أو الرجل، فقد شهدت المنطقة الخليجية تحولات كبرى، بدءاً من ظهور النفط، مروراً بالحروب التى أثرت على المجتمعات، وانتهاء بانتشار التعليم، وفتح المدارس والجامعات، ودخول المرأة إلى سوق العمل، كل هذه التغيرات انعكست على حياة زعفرانة، وكذلك على النساء والرجال المحيطين بها. الرواية ترصد هذه التحولات من خلال تنقلات زعفرانة بين أماكن مختلفة، من بيئة بحرية فى قرية الذخيرة بقطر إلى بيئة جبلية فى منطقة ظفار بسلطنة عُمان، ثم إلى المدينة فى القاهرة، هذا التنقل الجغرافى يعكس أيضاً تنقلاً فكرياً وثقافياً، حيث تواجه زعفرانة تحديات جديدة فى كل مرحلة

مقالات مشابهة

  • الطيران المدنى المصرى تاريخ تتحدث عنه التحديات والإنجازات
  • شعب مصر.. قال كلمته
  • دفتر أحوال وطن «٣٠٨»
  • مواصلة مشاركة المواطنين الإحتفال بالذكرى الـ73 لعيد الشرطة (صور)
  • زيارات للمستشفيات ودور المسنين.. الداخلية تشارك المواطنين احتفالات عيد الشرطة| صور
  • الروائية القطرية هدى النعيمي: الكتابة النسوية تجاوزت الدفاع عن المرأة إلى تقديم رؤى أعمق
  • تماسك الجبهة الداخلية حائط الصد فى مواجهة مخططات التهجير
  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • مكمن صلابة مصر
  • جاليري المشهد يفتتح معرض الفنان الراحل محمد رياض سعيد أيقونة السيريالية المصرية (صور)